تفجير m4: الأبعاد والدلالات

في الوقت الذي كان متوقعًا فيه أن تنتقل موسكو وأنقرة إلى البندين: الثالث والرابع، اللذين ينصَّان على انسحاب قوات النظام إلى حدود أستانا، وعودة النازحين، يأتي تفجير يوم الثلاثاء: 14/ 7- الجاري، لإحدى المدرعات الروسية، في أثناء قيامها بدورية مشتركة مع الجانب التركي، قرب قرية نصيبين/ شمال أريحا، عن طريق فان أبيض اعترض طريقها، وقام سائقه بتفجيره.

هذا التفجير الذي لم يأتِ من غير مقدمات وإرهاصات سبقته، يُذكر منها:

1-   قرار مجلس الأمن الذي حدّد منفذًا واحدًا لدخول المساعدات الأممية إلى سورية، من غير موافقة النظام، ولمدة عام، وتمّ تحديد معبر باب الهوا لهذا الغرض، وهو الأمر الذي لن تدعه روسيا يمرّ من غير تفاهمات عليه، بحيث يقتطع جزءٌ كبيرٌ منها لصالح النظام، وبالتالي تريد الجلوس مع الأتراك للتفاهم حول ذلك.

2-     تصريحات وزير الخارجية التركي بخصوص اكتمال الاستعدادات لخوض معركة الجفرة وسرت، وهو الأمر الذي يبدو أنه تمّ بعيدًا عن التنسيق مع الروس، وذلك من خلال التفاهم التركي ـ الأمريكي، و تحديدًا مع أفريكوم، أي مع البنتاغون، وليس مع الخارجية الأمريكية، وهو الأمر الذي يعني أنّ الخطوط الحمر في ليبيا لها أهمية تفوق نظيرتها التي في سورية، كونها في الأخيرة من وضع وزارة الخارجية، وشتان بين درجة السطوع فيهما، على الرغم من أهمية سورية في الحسابات الأمريكية. وكان من نتائج هذا التنسيق وضع مرتزقة فاغنر على لوائح الإرهاب، وتجميد S400 في المدى المنظور، وعرض أمريكا على الأتراك شراءها منهم.

3-     إعلان روسيا عن تعرّض قاعدة حميميم لهجوم بالطائرات المسيرة، ليلة الثلاثاء: 14/7- الجاري، وهو ما أعطى مؤشرات قوية، عن نوايا روسيا للقيام بعمل ما في إدلب، وهي بصدد البحث عن ذريعة له، وهو الأمر الذي طالما اعتادت روسيا على القيام به، في كل حين تعلن فيه عن تعرّض حميميم لهجمات عن طريق طائرات الدرون.

4- وغير بعيد عمّا سبق سعي روسيا لخلط الأوراق في الملف السوريّ، بعد دخول تعهدها للأمريكان في البحث في الحلول السياسية، استنادًا إلى المرجعية الأممية، وفق القرار 2254، وبعد جملة التسريبات التي قامت بها دوائر إعلامية روسية، عن استعدادها للتفاهم مع الجانب الأمريكي حول المرحلة القادمة في سورية، وسيكون الرئيس الأسد أحد البنود الرئيسة، وهو الأمر الذي على ما يبدو لم يُثر اهتمام الأمريكان، ولم يقدموا لبوتين ذاك العرض الذي كان يمنِّي نفسَه به.

كلّ تلك المقدمات حملت الروس، كما يرى عددٌ من المراقبين، على افتعال هذا التفجير، الذي سيحمل الأتراك بالدرجة الأولى، على البحث عن الجهات التي تواطأت معهم على تنفيذه.

وغير بعيد أن يكون وراءه عناصر ما تزال تتلطّى بهيئة تحرير الشام، ولاسيّما بعدما تسرّبت معلومات تقول إنّ تركيا اشتكت إلى الشيخ الجولاني من وجودهم ضمن كوادر الهيئة، وهم لا يخفون سعيهم لعرقلة الرؤية التركية في إدلب، وتحديدًا بعد الذي تسرّب أيضًا عن موضوع دمج عناصر الهيئة مع الجبهة الوطنية، وهو ما لم يرق لتلك العناصر، التي ما تزال ترى المضي قدمًا في مشروعها، بعيدًا عن سياسة التوازن والتنسيق مع تركيا، التي ينتهجها الشيخ الجولاني.

وسوم: العدد 885