كَرَاهيَّةُ الاعْتِدَاءِ

حامد بن أحمد الرفاعي

الاعْتِدَاءُ والعِدْوانُ أمْرَانٌ مَذْمُومَانٌ مَقْبُوحَانٌ .. حَتَّى أنَّ رَدَ العِدْوانِ وَالاعْتِدَاءِ عَنِ النَفْسِ.. يُسَمْيِه القُرْآنُ اعتِداءً لِقوله تَعالى:" فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ". وَلَكِنْ لِمَ كَرَاهِيَةُ الاعْتِدَاءِ ..؟ لأنَّ الاعْتِدَاءَ عَلَى الإنْسَانِ وانْتِهَاكَ قُدْسِيَّةِ حَيَاتِه وكَرَامتِه وحُريَّتِه ومَصَالِحِه.. جَرَائمٌ كُبْرَى مُحَرَّمَةٌ بِشِرْعَةِ الإسْلَامِ.. فَعَلَى الإنْسَانِ أنْ يَتَحَاشى ويَحْرِصَ ألاَّ يَقْتَرِفَ جَرِيِمَةَ الاعْتِدَاءِ عَلَى حَيَاةِ أخِيِه الإنْسِانِ.. والقِتَالُ لا يَكُونُ إلاَّ مَعَ مَنْ يُقاتِلُ ويَعْتَدي لِقولِه تَعالى: " وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ". أجَلْ إنَّ حَيَاةَ الإنْسَانِ مُقَّدْسَةٌ ومُكَّرَمَةٌ مِنْ لَدُنْ خَالِقِهَا ورَبِّهَا جَلَّ شَأنُه.. فَالاعْتِدَاءُ عَلِيِها وَانْتِهَكُ قُدْسِيَتِها, هُو اعْتِداءٌ وانْتِهَاكٌ لإرَادَةِ اللهِ وَمَشِيئَتِهِ جَلَّ جَلاَلُه.. لِذَا كَانَت عُقُوبَةُ هَذَا الاعْتِداءِ عَظِيِمَةً عِنْدَ الله تَعَالى لِقولِه سُبْحَانَهُ: "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا". وَبِشَكلٍ عَامٍ فإنَّ قُدْسِيَّةَ حَيَاةِ الإنْسَانِ مُطلَقَةٌ بِصْرفِ النَظَرِ عَنْ نَوْعِ هُويَّةِ انْتِمَائِها الدْيِنيِّ أو القُوْميِّ أو الجِنْسيِّ .. وذَاتَ مَرةٍ مَرَّت بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَنَازَةٌ فَقَامَ لَهَا إجْلَالاً وتَكْرِيِمًا.. فَقِيلَ لَه: إنَّهَا جَنَازَةُ يَهُوِدِيٍّ ..فقال صلى الله عليه وسلم: ألَيْسَت نَفْسًا..؟! وَبَعْدُ.. ألَا أدْرَكَ العَابِثُونَ القَاتِلُونَ المُنْتَهِكُونَ لِحُرْمَةِ قُدْسِيَّةِ حَيَاةِ الإنْسَانِ, بَشَاَعَة صُنْعِهِم فِي مَوازِيِنِ اللهِ جَلَّ جَلاَلَهُ..؟؟؟

وسوم: العدد 889