شالوم عليكم: يوسف العتيبة وركاكة الصهيونية العربية

إضافة إلى مواهبه الدبلوماسية العديدة، يبدو أن السفير الإماراتي لدى واشنطن، يوسف العتيبة، يسعى لإضافة موهبة أخرى إلى سيرته الذاتية بالعمل ككاتب صحافي بالعبرية، وفي الصحف الإسرائيلية، فقد نشر صباح الجمعة الماضي، مقاله الثاني في جريدة «يديعوت أحرونوت» المعنون «شالوم عليكم» مع ترجمتها بـ«السلام عليكم» في تقصد للإشارة إلى العناصر المشتركة بين اليهودية والإسلام، والعبرية والعربية.

خصص العتيبة مقاله للترويج لـ«اتفاق الشالوم» الإماراتي (وللتأكيد، على ما يبدو، على دوره المهم في إخراجه) حيث عدد الفوائد التي سيجنيها الإسرائيليون في مجالات السياحة والعمل والتعليم، و«مواجهة كورونا» والتعاون في الرحلات الجوية والطيران والاتصالات والنقل والصحة والأمن والتكنولوجيا والطاقة والتبادل الثقافي الخ.

غير أن كعب أخيل في مقالة العتيبة جاء في سياق حديثه عن «الحي العربي» الذي «يمر بزلزال كبير» ويعاني من «تدخل على مستوى الإقليم» وتمثل في قوله إن «التوسع الإسلامي يشجع التطرف ويهدد الاستقرار» وهو قول لا يُعفي الإمارات من كونها أحد أسباب «الزلزال الكبير» وأكبر المساهمين في «التدخل على مستوى الإقليم» بل يُخرجها أيضا من معادلة «الإسلامي» وهو أمر عجيب حقاً عندما نقارنه مع موقف إسرائيل التي تسعى كثير من أحزابها الكبيرة والصغيرة جاهدة لإعطائها صفة «الدولة اليهودية» بالتعريف.

يُفقد إخراج الإمارات من الحيز الجغرافي والديني الإسلامي معنى التصريحات البليغة والاستعارات الشائقة بين الشالوم والسلام، كما يفقد معادلة التحالف المفترض بين إسرائيل والإمارات أسها باعتبارها اتفاقا بين طرفين سياسيين، ويجعلها، عمليا، التحاقا إماراتيا معلنا ومفتوحا بمعسكر إسرائيل للقتال معا ضد «التوسع الإسلامي»!

لا ضرورة بعد هذا التصريح الصريح من الزخرفات الشكلية اللاحقة فالمعادلة باختصار مفتوحة باتجاه إسرائيل ومصالح سلطتها الحاكمة وسكانها فحسب، وبالتالي فالحديث اللاحق عن «التطبيع الديني» ودعوة الإسرائيليين لزيارة مركز أبراهام للصلاة فيه، هي عناصر تأكيد على يهودية إسرائيل، أما الدعوات المقابلة التي أطلقت لحث «سكان الإمارات المحليين والأجانب» على زيارة القدس، تحت يافطة «التطبيع الديني» فليست غير إقرار إماراتي بسيادة إسرائيل على أراض فلسطينية وعربية محتلة، ناهيك عن كونه لا يستقيم مع الاستخذاء أمام يهودية إسرائيل وإنكار إسلامية الإمارات.

لا يفعل العتيبة، وأولياء أمره في أبو ظبي، غير العمل على إنشاء فرع عربي للصهيونية، وليست الأحاديث عن التسامح الديني والصلاة في مركز أبراهام وزيارة الإماراتيين للقدس سوى زخرف ركيك لعلاقة تبعية هدفها الاستقواء بإسرائيل على العرب والمسلمين.