الحُبُ ..وَ الْبِرُّ

حامد بن أحمد الرفاعي

الحُبُ بَيْنَ النَّاسِ نُوعَان : حُبٌ فِي اللهِ تَعَالى ,وحُبٌ فِي الإنْسَانِيَّةِ. الحُبُ فِي اللهِ تَعَالى: هُو الحُبُ القَائِمُ علِى الإيِمَانِ بِاللهِ تَعَالى, وتَوْحِيِدِهِ وعَدَمِ الشِرْكِ بِه سُبْحَانَهُ لِقَولِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " يَا أيُّهَا النَّاسُ إنَّ رَبَّكُم واحِدٌ". ولِقَوْلِه تَعَالى" وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ". وهَذَا الحُبُ هُو أجَلُ وأقْدَسُ أنْواعِ الحُبِ بَيْنَ النَّاسِ, يُحَقِقُ لَهُم حُبَ اللهِ ومَرْضَاتِهِ لَقَولِه صلى الله عليه وسلم :"المُتَحَابَون فِي اللهِ يُحِبُهُم اللهُ". أمَّا الحُبُ فِي الإنْسَانِيَّةِ : فَهُو الحُبُ القَائِمُ علَى الإيِمَانِ بِالأُخُوةِ الإنْسَانِيَّةِ لِقَوْلِه صلى الله عليه وسلم : "يَا أيُّها النَّاسُ إنَّ أبَاكُم واحِدٌ". ولِقَوْلِه تَعالى: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ". وهَذَا النُوعُ مِنَ الحُبِ ,هُو حُبُ مَنْفَعَةٍ ومَصْلَحَةٍ وبِرٍ ومَودَةٍ وتَرَاحُمٍ لِقَوْلِه تَعَالى :"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً". والزَوْجَةُ هُنَا علَى الإطْلَاقِ (المُسْلِمَةُ وغَيْرُ المُسْلِمَةِ). ولِقَوْلِه صلى الله عليه وسلم:" الخَلْقُ كلُّهُم عِيَالُ اللَّهِ ، وأحَبُّ الخَلْقِ إلى اللَّهِ أنْفَعُهُم لِعِيَالِهِ". والقُرآنُ الكَرِيمُ عَبَّرَ عَنْ الحُبِ فِي الإنْسَانِيَّةِ باسْتِخْدَام عِبَارِاتِ ( الْبِرُّ والْقِسْطُ) لقوله تعالى: " لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ". والْبِرُّ هُو مَرْتَبَةٌ جَليِلَةٌ مِنْ مَرَاتِبِ الحُبِ الْمُفْعَمِ بالْحَنَانِ والإحْسَانِ, يُوجِبُها اللهُ تَعَالى لِلْوَالِدينِ. أمَّا مَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ حُبِ الكَافِرِ ، فَبِكُلِّ تَأكيِدٍ فَالكَافِرُ لا يُحَبُ لِكُفرِهِ أبَدًا ، ولَكِنْ يُحَبُ لِمَا يَصْدُرُ عَنْهُ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ , وخَيْرٍ, ومَعْرُوفٍ لِقَوْلِه تَعَالى :"وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ".ولِقَوْلِه صلى الله عليه وسلم:" الرَاحِمُونَ يَرْحَمُهُم الرَحَمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِي الأرْضِ يَرْحَمُكُم مَنْ فِي السْمَاءِ".أجل الْكَافِرُ يُحَبُ لِأفْعَالِهِ ولَا يُحَبُ لِاعْتِقَادِهِ. واللهُ أعْلَمُ وَ هُو سُبْحَانَهُ الْهًادي إلى سَواءِ السَبِيلِ.