حضارتنا ربانية إنسانية

نعم  حضارتنا ربانية إنسانية ، كما يعرفها الناس منذ أقدم العصور ، وحضارتهم كما نراهـا اليوم !!! حضارة إبليسية يصوغها المكر والخداع ، ويتبناها الإعلام المجرم الرخيص المخادع ، وفي ظلمات هذه الغمم الثقيلة تتراءى لنا وجوهٌ مشرقةٌ بالوفاءِ وبالأمل ، وقلوبٌ تنبضُ بالمودةِ والإخاء ، وهذه الملايين التي تحتشدَ لصلاة مفروضة أو لمناسبة تاريخية مشهودة ، لاشك أن أفئدتهم تزخر بقيم مجد سابغ  أنعمَ اللهُ به عليهم ، فخيرِهم وريفِ ، وعطاياهم عظيمة تحققت بفضل اللهِ تعالى لصالح البشرية التي ينتاب عقلاءَها حنين إلى تلك الأيام ! أتفاءل بكل جدية ويقين أن أبناء أمتنا سيعيدون ماكان لأمتهم من مجد ومكانة  ،وسيكونون  السندَ الأمين ، والساعدَ القوي  في مسيرة صحوة واعية تملأ الدنيا أمنا وسعادة ورفاهية . وحبث تتجددُ فيها الهممُ ، وتتحفَّزُ العزائمُ لتتابعَ تجديد صرح الإرث النفيس ، الذي بناه الأجداد بأياديهم المباركة  .

الأعباءُ في الطريق جسيمةً ، والمكابدةُ أمام بيئة التغيير قاسيةً ، والراحة لن تجدَ لها مكانا في حياة أبناء الذين حباهم اللهُ تعالى بقوة الإيمان واليقين ، و بالحكمة والوعيِ بطبيعة صناعة المستقبل الزاهر الآمن . لهم ومن حقهم أن يعيدوا المنوال الذي نسج به أجدادهم الكرامُ أثواب العزة والكرامة ، وعلى منهج النبوة ساروا ، وبمقتضاه عملوا ، فاستجاب لهم ربُّهم بالتوفيق والسداد ،  فنهضوا بدورهم الرائد ، ورسَّخوا أسباب حياة  مباركة ، معتمدين في ذلك على الله جلَّ وعلا ، وعلى سواعد أبناء الأمة الذين استشعروا أهمية المسؤولية الملقاة على كواهلهم .

تتقدم الشعوب وترتقي الأمم على طريقتهم الخاصة ، وشتان شتان بين تقدم أمتنا ورقي حضارتها في غابر العصور وبين تقدم هذه الأمم ، لقد جاء تقدمها نارا ودمارا وبغضاء على العالم أجمع ، ومشاهد الدمار لاتخفى ، ولهيب نار الأسلحة الفتاكة ... تلوح ألسنته كلَّ آن ، والبغضاء المركبة من الحقد والغل والحسد تغشى أجواء المعمورة . فقد كانت هذه المعمورة تعيش أجمل أيام الرخاءَ والأمن والرفعة والتطور والعمران ، وما ذاك إلا بتوفيق الله تعالى ، جاءت أمتنا للخلق رحمة في مصداقية نادرة نابعة من قيم ديننا الإسلامي الحنيف ، ومن عاداتنا الأصيلة المحمودة . نظامها عالمي رشيد و حضارتها إنسانية ، تتبنَّى ما للأمن والخير والسلام من مناهج  لأهل الأرض جميعا لافرق بين الناس ، وما برحت دعوتها المجيدة ذات  حضور فاعل ممميز تكتنفه أسمى ماجاء في صحف القيم ، وسِير المصلحين . فحضارتنا وأعني قيمنا شيمنا سيرتنا بل أقصد تماما ديننا الإسلامي الحنيف الذي بلور ها وصاغها ، غير حضارتهم المقيتة  المنبوذة ، حضارة الحروب العالمية الدامية ، وإهلاك الناس بالملايين ، كما حدث في الحربين العالمتين الماضيتين ، حضارة الغزو الوحشي وكأننا في جاهلية بل هي الجاهلية التي تتكرر في الحقب والعصور بعينها ، جاءت حضارة أمتنا لحفظ البشر وإسعادهم في الدنيا والآخرة ، وجاءت حضارتهم المشؤومة لإهلاك البشر ، ولا أدل على ذلك من فضائح ينشرها اليوم بعض أطبائهم ومفكريهم ( من المنصفين ... ) أن الأوبئة التي تجتاح العالم اليوم هي مصنَّعة ، اخترعوها لهلاك الناس ولإخضاعهم لشرذمة قليلة من الأفاكين تريد حكم العالم بأسره ، وليكن هذا العالم بعشرات الآلاف لا بمئات الملايين . أجل هذه حضارتهم الشيطانية التي تخالف فطرة الله التي فطر الناس عليها .

أُجدِّدُ القولَ بأننا في ذكرى اليوم الوطني نجددُ الهممَ ، ونوقدُ جُذَى العزائمِ ، ليحافظُ كلُّ مواطنٍ على دوره في الإنتاج والإعمار ، ويهبُ مالديه من قدراتٍ وطاقاتٍ ومواهبَ وأبداعاتٍ ، لتظلَّ المملكةُ في أٌفقِ الريادة العالمية ، وليبقى صرحُ مجدِها عاليا شامخا بالنهضة وبالتطور الإيجابي المنشود ، تُفيدُ وتستفيدُ من الفتوحات العلمية في العصر الحديث ، وتعمل على ترسيخ مبادئ السلام والوئام والخير بين الشعوب .

وأمام هذه النوازل ، وهذا التهديد الذي يستهدف أمتنا بالدرجة الأولى ، لابد من أن نعد العدة ،  ونفتح صفحة تاريخنا لنحدد  قيمةَ الضوابط الأثيرة التي غذَّتْ مسيرةَ حضارتنا في كل مجالات الحياة ،  فهي التي قوَّتْ شوكةَ ملحمةِ العملِ والبحثِ والإنجاز ، وهي التي أغنت الناس برصدٍ من المعرفة ، وسعيٍ حثيثٍ لتلبية متطلبات الناس لحياة ملؤُهـا الطمأنينة والسكينة  ، وإيجاد منظومة الخدمات الاجتماعية المتنوعة والمتجددة في حياتنا ، والمتمثلة في مشاريع تنموية في مجالات التعليم والصحة والطرق ،وسائر الخدمات الأخرى ... وحسبنا أنها هي عنوانُ حضارة باركتها يــدُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم منذ مايزيد على أربعة عشر قرنا من عمر الحياة الدنيا . ، ولتكون هي الهدف الذي نسعى للوصول إليه ، و في ذلك استجابة لأهل الأرض جميعا  ، وسعادتهم في ليلهم ونهارهم ، وفي حلهم وترحالهم . أمتنا مقبلة على خير ــ إن شاء الله ــ وهذا وعد نبيِّنا صلى الله عليه وسلم ، وبشارته  التي تحيي الأمل  بعد تفاعل إيجابي مثمر  ــ بإذن الله تعالى ــ الا فلنطرح الخوف ونطرد عن حيويتنا الكلل والملل والتواكل ، ونُشَمِّرِ عن سواعد لجيلس . تَّوَّاقس للأسمى والأفضل في كل شؤون الحياة .

علماؤُنا الأبرار ، ومفكرو أمتنا الأطهار ، ورجال الخبرة والحكمة علَّمونا منذ صغرنا أن أمتنا أمة الخير ، ولها الصدارة في قيادة النهضة الحضارية العالمية الجديدة  ، وعلى أن  المستقبل ــ بمشيئة الله ــ لهذه الأمة ، لرصيدها من الخير والإخاء والسلام ، ولدينها القويم   ذي الرصيد الوفير من الطمأنينة والسعادة . فالقرآن الكريم محفوظ إلى يوم القيامة ، يقول الله تعالى : ﴿ إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) وهذه بشارة ، ويقول المولى تبارك وتعالى عن نهاية يهود  : ﴿ فَإذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً ﴾ ، وهذه بشارة ، ويقول أحد المفكرين : ( المبشرات على سيادة الإسلام وعودته وظهوره، فاليهود اليوم يستوطنون في بيت المقدس، ويعيثون فيها فساداً، واستيطانهم وتجمعهم هذا هو نهايتهم بإذن الله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلَهُمْ المسْلِمُونَ، حَتى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَو الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللهِ، هَذَا يَهُودِي خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ ) . وهذه بشارة ، ولقد سُئل حاخام يهودي عن سبب دخوله في الإسلام وهو بهذه المكانة لدى يهود فأجاب : بأنه فتش الأديان جميعاً وأمعن فيها ملياً فلم يجد مثل الإسلام دين رحمة وسلام ووئام، ولم يجد ديناً مثله شمل الناس جميعاً، ويقول: لقد سئمت دين اليهودية، فلم أجد فيه من الغذاء الروحاني ما ينقذني من الاضطراب النفسي الذي علق بي لفترة طويلة، ولم أجد ذلك إلاَّ في الإسلام ، فأسلمت وأعلنت إسلامي أنا وعائلتي .

مرحبا بمَن وجد الحق والهدى ، مرحبا به له مالنا وعليه ماعلينا ، رب اهدِ قومي إلى صراطك المستقيم ، واجمع خلقك جميعا على راية التوحيد ، راية النجاة في الدنيا والآخرة . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .