سفينة الفطرة وأهل الشر !!!

الفطرة السليمة تقول نعم إذا نادتها شريعة الله لتحكم في حياة البشرية ، وتكون المأساة لو أن هذه الفطرة دنَّستها الأوزار والأقذار فرفضت الحكم بشريعة الله سبحانه وتعالى . ومن لايرضى بحكم الله فهو كافر بلا ريب ، مهما كان نوع أهل هذا الشر من البشر عربيا أم أعجميا أم افرنجيًّا ، ومهما حمل من فكر أو مذهب أو اتجاه أو حزب ، ومهما كانت قوته و جبروته ، ومهما استعدى الناس على حرب الإسلام وأهل الإسلام ، وجاء محملا بالأذى المادي والمعنوي بكل مايملك من حيل وكيد ، ومن مؤازرة المرجفين أعداء هذه الأمة التي تنتظر يوم النصر الموعود ــ بإذن الله تعالى ــ وعساكر هذا الشر هم الذين يشيعون الضلال والفساد بين أبناء الأمة ، ولقد حذَّرنا الله تعالى منهم ، ووعدهم بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة ، يقول سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) 19 / النور ، فإعلامهم وقد قلب الحقائق ، وأقلامهم وقد كتبت للباطل ، وأفلامهم الهابطة وقد دمرتْ حيوية الشباب وهم يتطلعون إلى مستقبل أفضل ، وتصريحاتهم التي تنبئ عما تخبئه نفوسهم من شر على هذه الأمة ، وما بسمونه بعالم الجنس هو محيطهم الفاسد اللعين ، بكل إباحيته وانحلاله وارتكاسه ، وصلى الله وسلم على نبيِّنا حيث قال : (العينان تزني وزناهما النظر ، واليدان تزني وزناهما اللمس ، والأذنان تزني وزناهما السمع ، والفرج يصدّق كل ذلك أو يكذّبه ) رواه البخاري .

فالشَّر حيثما وُجد ، فإنه يحشد عساكره ، ويلبسهم الثوب المناسب للمناسبة التي جاؤوا من أجلها ، نرى هذا في عصرنا هذا جليا ، ولا تهمنا رؤيته كثيرا في عالم الغرب والدول الأخرى فتلك لها شأن آخر ، أقول هذا وأنا أقرأ خبرا تناقلته وسائل الإعلام أن أحد القضاة حكم على أحد المشايخ الأبرار بالسجن والغرامة ، لأنه أنكر المنكر في أفعالٍ شنيعةٍ ارتكبتها إحدى المسميات بفنانةٍ ، وهي معروفة بعُريها ومعاشرتها المحرمة للرجال ــ باسم الفن الرخيص ــ ممن يسمَّون بفنانين أيضا ، والعجيب أن هذه الشريحة التي لوَّثت أخلاق شباب الأمة وشاباتها يقولون بأعلى أصواتهم إنهم يخشون من الإسلاميين على هذا الفن الهابط الذي يستوجب إقامة الحدود على مرتكبيه . أين غض الأبصار وحفظ الفروج ؟ أين القيم العربية الأصيلة ؟ وأين الشرف والكرامة ؟ والله سبحانه وتعالى يقول : ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُم ْذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ ) 30 / النور ، إن أهل الشر علموا بهذه الآية وغيرها من آيات القرآن الكريم ، وهم لايجهلون الهَدْيَ النبوي في مثل هذا الشأن ، ولكنه استهزاؤُهم واستخفافهم بالدين والقيم ، وبتطلعات الأمة نحو السمو الإنساني الذي به تنتصر الأمة ويعلو شأنها ، ولكنه كما قال تعالى : ( مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ) 33 / سبأ ، وجنود هذا الشر هم الذين أعانوا بعض الناس على تضييع أبنائهم وبناتهم و ( كفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يعول ) رواه أبو داود والنسائي !!!

هذا وجه من وجوه محاربة الإسلام الحنيف ، وهو وجه قبيح ، ولكنه برَّاق وجذَّاب وهو من أهم البنود التي تبنَّتها الماسونية الصهيونية للنيل من الأمة المسلمة على مدى الأيام ، وحين شعر المرجفون أن أبناء الأمة صحت ضمائرهم ، وانتبهت مداركهم لِما يُكاد لهم باسم الفن الهابط والتقدم الزائف ، وغيرهما من فنون التضليل والتزييف ، عمدوا وبكل وقاحة وصلافة إلى اتخاذ منهج ( البلطجة ) لإيقاف هذا الوعي الشعبي ، إن مايحدث الآن في بعض البلاد ماهو إلا عنفوان الخيبة والخسران لتلك الفلول ولتلك النخب المترهلة التي فاتها قطار المسؤولية أمام الله جلَّت قدرته ، ثم أمام الشعوب الإسلامية التي لم تعد تستمرئ السجود للطغاة ، ولم تعد تقبل بفجورهم وفسادهم الذي أنهك قواها ، وشلَّ حركة مجدها الذي هدم صروحه الشامخات طغاة عتاة في حملات شرسة خبيثة لئيمة .... وكان الأجدر بهم أن يجلسوا في بيوتهم ، ويؤنبوا أنفسهم على مافرَّطوا في جنب الله ، وعلى ماقصَّروا تجاه أمتهم ، ويتركوا قوافل الإصلاح تعيد للأمة عزَّها ومكانتها التي بوَّأها الله على وجه الأرض ، والذين باتوا يمكرون ويتآمرون مع أعداء الأمة لإيقاف حركة التغيير الذي أوقد محركاتها الإيمان بالله والفطرة السليمة المباركة لشعوبنا العربية والإسلامية . ولخلق الأزمات ، وافتعال المشاكل التي تدل على الاستهتار بقيم الأمة ومشاعرها . وربما تناسوا أن أعمالهم وتصرفاتهم غير المحسوبة ستؤدي إلى ردة فعل لايعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى . لأن حربهم هذه إنما هي حرب وقحة معلنة على الشريعة الإسلامية التي فازت بمحبة الأمة لها . في زمن أبطال القومية والاشتراكية والصرعات الشيطانية التي هيمنت على الناس لأكثر من قرن من الزمان ، ثم باءت بالفشل والانهيار المريع على كل الأصعدة !!! .

كما أن هؤلاء نسوا أو تناسوا بأن الأمة على موعد مع الفتح بمشيئة الله تبارك وتعالى ، يقول الله عزَّ وجلَّ : ( وَعَدَ اللهُ الذينَ آمنُوا منْكُم وعَمِلُوا الصالحاتِ لَيَسْتَخلفنَّهُم في الأرضِ كَمَا استخلفَ الذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ولَيُمكننّ لهُمْ دينَهُمُ الذي ارْتضَى لَهُمْ وليبدلنّهم منْ بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ) 55 /النور ، فالنصر قادم لامحالة بفضل من الله ورحمة ، وما أصاب الأمة من وهن وذلة وتأخر إلا بما كسبت أيادي المسلمين ويعفو الله عن كثير ، وهذه الأوزار والمخالفات والمنكرات إنما هي من صنع هذه الفلول الموتورة التي جثم طغاتها على صدر الأمة حقبا عديدة ، واليوم نرى وميض بوادر هذا الفتح في الأفق الجديد ، إن معنى يعبدونني لايشركون بي شيئا هو أن لايقبلوا الحكم بغير ما أنزل الله ، ولم يرتضوا بجاهلية فاجرة وثنية تملك على الناس كل حياتهم ، ولا أن يخافوا بعد اليوم من سيف الطغاة الجناة ولا من سجونهم ، ومن نتائج هذه العبودية لله انبلاج العاقبة المحمودة للمتقين ، وتمَكُّن الغلية لأهل الإيمان بالله رب العالمين . ( وإن جندنا لهم الغالبون ) 173/ الصافات . ثم لايوجد بشارة أبلغ من تأكيد المولى سبحانه : ( وكان حقا علينا نصر المؤمنين ) 47 /الروم . هذا الكلام لايعجب أعداء الإسلام فإنهم يقولون : ( متى هو ؟ ) ، ويقول الله عزَّ وجلَّ : ( عَسَى أنْ يَكُونَ قَرِيبًا ).

أجل عسى أن يكون قريبا ... ونرى أبناء الأمة وهم يقبلون على بيوت الله لأداء الصلوات ، ونراهم وهم يغضون أبصارهم عن المحرمات والمنكرات وأسباب الفساد ، ونراهم وقد انصرفوا عن دعوات الأحزاب الضالة بكل أنواعها ومنطلقاتها ، واستنكروا تصرفات أهل الملل والنحل الضالة النائية نأيا بعيدا عن جوهر الإسلام ، ونراهم وقد أشرقت وجوههم بأنوار النبوة التي ارتقت بالجيل الأول من أصحاب نبيِّنا صلى الله عليه وسلم فكانوا خير أمة أُخرجت للناس . وعندئذ تعود مواكبهم وكتائبهم تملأ آفاق الدنيا بالسلام والسعادة والخير ، روى الإمام أحمد في مسنده أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : (

ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعزّ عزيز، أو بذلّ ذليل، عزّا يعز الله به الإسلام، وذُلاّ يذلّ الله به الكفر ) .

        لاشك في أن لباطل هؤلاء السفهاء والطغاة زينة وتفاخر واستكبار وعساكر ، وأن لهم غرورهم فيفعلون مايشاؤون من بطش وتدمير وإزهاق لأرواح الناس ، ولكن ذلك ماهو إلا جولة منكرة ، لها وقت معلوم عند الله ، يحق الله الحق ويبطل الباطل إذا جاء الأوان يقول المولى عزَّ وجلَّ : ( حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ) 24 /يونس . ولقد يوهن هذا الزخرف أبناء الأمة لبعض الوقت ، فتذعن نفوسهم وتستكين ، وتأخذهم نومة ثقيلة ولكن لابد لليل مهما طال من فجر وليد ، وعندئذ يستيقظ الأبطال الأبرار من شباب الأمة ويتوبون إلى الله ، وعندئذ لاينقصهم كما قال المستشرق جف: ( إن المسلمين لا ينقصهم إلا ظهور صلاح الدين من جديد ). وأما الثاني ممن يرصدون حياة أمتنا ويخشون إسلامنا وهو البيرسولدور فيقول : ( إن المسلم الذي نام نوم عميقاً مئات السنين قد استيقظ وأخذ ينادي هذا أنا لم أمت أنا أعود للحياة لا لأكون أداة طيعة تسيرها العواصم الكبرى ربما يعود اليوم الذي تصبح بلاد الفرنج مهددة بالمسلمين يهبطون إليها من السماء لغزو العالم مرة ثانية في الوقت المناسب لست بمتنبئ لكن الأمارات الدالة على هذه كثيرة ولا تقوى الذرة ولا الصواريخ على وقفها ) ، وما أكثر هؤلاء المستشرقين ، وما أكثر أقوالهم واعترافاتهم ، لقد ملأت صيحاتهم الكتب في القرون الماضية وفي العصر الحديث ، وهذه أيضا من بشارات الفتح والنصر إن شاء الله . ولن ينفع الطغاة ولا أعداء الإسلام كيدهم ولا مكرهم ، فالله من ورائهم محيط ، يقول تبارك وتعالى : ( إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) 15/16/17/الطارق ،  ويقول مَن بيده الأمر سبحانه : (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) 30/ لأنفال . فالفتح قادم ــ بإذن الله ــ وعسى أن يكون قريبا .