عملية إعادة انتشار قوات الدعم السريع… «أخوكم مزنوق»!

لا نحتاج إلى مزيد من الأدلة للوقوف على أن «أهل الحكم» في مصر «مزنوقون» من «الزنقة» وأعتقد أن المفردة لم تعد تحتاج للانتقال بها من التمصير إلى التعريب، فقد صاح الأخ العقيد معمر القذافي ذات ليلة من ليالي الثورة الليبية: «دار دار.. زنقة زنقة» وظني أن «زنقة» و«مزنوق» وجمعها «مزنوقين» يعرفها الناس في عدد من العواصم العربية، فليست قاصرة على مصر فقط!

وأول دليل على هذه «الزنقة» أن السيسي أقر بفشل سياسته الإعلامية، واستدعى «قوات الدعم السريع» فعاد إبراهيم عيسى ببرنامج ضد الإخوان الحلفاء السابقين له اسمه «أصل الجماعة» وهو كالشعراء الذين هم في كل واد يهيمون، وقرأت قبل كتابة هذه السطور خبراً يقول بعودة لميس الحديدي قريباً، وفي الصورة ممثل عن شركة إعلام المصريين، القائم بأعمال المالك للإعلام المصري، أو المالك بالإنابة. وكانت لميس قد عادت باهتة، ميتة، على قناة «الحدث» ولم تنجح محاولاتها الدؤوبة للتأكيد على أنها على قيد الحياة، وسوف يعود آخرون على التوالي، ورغم العودة الفاشلة لتوفيق عكاشة عبر قناة «الحياة» فإن هذا الفشل، سواء هناك أو في «الحدث» لم يؤكد لأهل الحكم نهاية العمر الافتراضي لهؤلاء الإعلاميين، لكن ما الحيلة وأخوكم مزنوق، كما قال عادل إمام في احدى مسرحياته. و»المزنوق» يركب الصعب، وقد ركبه فتراجع عن سياسته، التي بدت واضحة، منذ أن خطط لتكون من تحاوره في البرنامج الوحيد الخاص بالدعاية الانتخابية له في سنة 2018 هي مخرجة وليست مذيعة، على العكس في الانتخابات السابقة له حيث حاوره أكثر من برنامج، وقد حاورته لميس الحديدي وإبراهيم عيسى معا!

وفي البرنامج الدعائي الوحيد، عرج السيسي بدون مناسبة للحديث عن مقدمي البرامج، وقال إنه لا يفهم كيف لواحد أن يظهر على الشاشة ويتحدث ساعتين وثلاث ساعات. «كل يوم». قالها مرتين أو ثلاث: «كل يوم.. كل يوم» ولأننا علمنا منطق السيسي، فساعتها هتفت أنه سيسرح المقدمين التلفزيونيين هؤلاء، وبعد قليل كانت قد بدأت خطة التسريح.

وكان يمني نفسه بخلق جيل جديد، يفتقد للنجومية، ليكون هو النجم الأوحد، لكن المهمة فشلت، ثم إنه «مزنوق» فعاد للاستعانة بخيل الحكومة الذي أحيل للتقاعد، مع أن من عاد منه، لم يترك بصمة، فما هي البصمة التي تركها إبراهيم عيسى في «الحرة» أو لميس في «الحدث» أو توفيق عكاشة في «الحياة»؟ لكن «أخوكم مزنوق»!

وقد تمددت قنوات تركيا حتى أصبحت هي القنوات المعتمدة لدى المصريين، لا سيما مع تزايد مساحة الغضب، لتشمل «حزب الكنبة» بل ومعسكر السيسي نفسه، مع أنهما قناتان لا أكثر «مكملين» و«الشرق» وقديماً قيل: «عد غنمك يا جحا» فقال غير مكترث: «واحدة نايمة وواحدة قايمة» فالحقيقة أن هناك ثلاث قنوات في إسطنبول للمعارضة المصرية، الثالثة وهي قناة «وطن» لسان حال الإخوان المسلمين، لا تسمع لها ركزا، ونتمنى أن تكون التغييرات في قيادة الجماعة في الأسبوع الماضي بداية لإحياء هذه القناة المتوفاة!

ومهما يكن، فهذا التوتر الذي تسببه «مكملين» و»الشرق» هو السبب في عودة «قوات الدعم السريع» للوقوف على الجبهة، فمجبر أخاك لا بطل، والحاجة أم الاختراع، ولأن العقول المرتبكة لا تخرج إلا نكدا، فكانت عملية إعادة التدوير، كما لو كان وضع لميس الحديدي على سير المصنع، سيخرج من الناحية الثانية «قفص طماطم»!

استدعاء عمرو أديب

الدليل الجديد على أن «أخوكم مزنوق» هو هذا الاستدعاء لعمرو أديب في الأسبوع الماضي، ليمارس الهجوم مرة على «الجزيرة» وأخرى ضد «قنوات تركيا» ولا يهرع أهل الحكم في مصر إلى «عمرو» إلا عندما يستشعرون الأزمة، فهو «تمامه» لدى أهل الحكم في السعودية، ومن خلال الموفد الدائم لهم في القاهرة «تركي آل الشيخ» والنظام العسكري كالفريك لا يحب شريكاً، لكن «أخوكم مزنوق» وأحمد موسى لم يعد قادراً على أن يصد أو يرد، ولا يُشاهد إلا من باب الترويح عن النفس، فإن القلوب تمل، فساعة وساعة!

واحتشد عمرو أديب، وترك برامج الطبخ، حيث شهيته المفتوحة عليه دائما، فكان ككل على مولاه، إلى درجة أن تضبطه وحدة التحقق في قناة «الجزيرة» مباشر متلبساً بالتلفيق والتزوير، وعمرو ليس أحمد موسى، فهو يهتم بأن يبدو مهنياً لاسيما في عرض الأحداث، لكنه يمارس مهمته في التعليق، لكن هذه المرة لعب في الحدث، لكي يمرر رسالته، فتم اصطياده فجاء في اليوم التالي هائجاً وصارخاً، لعله بالصراخ يستر العورات التي تبدت للناظرين!

الذي يسمع بوحدة التحقق في «الجزيرة» مباشر، وما تكشفه من العورات، يظن أنها فيلق إعلامي يضم العشرات، الذين يستعينون بالجان ويحضرون العفاريت الزرق، وليسوا ثلاثة من شباب الإعلاميين، لكن وكما ورد في الأثر: «الشاطرة تغزل برجل حمار» ولأني من جيل عمرو فإنه ليعز علي انحيازاً لجيلنا، أن يكشفه شباب في سن أبنائنا، فما الذي وضعه في هذه التجربة الأليمة إلا أن «أخوكم مزنوق» ولإخراجه من «زنقته» حضر عمرو أديب، فعرض عملية هدم مساجد يقوم بها أردوغان في تركيا لتبرير قيام السيسي بهدم المساجد، وهو أمر غير مسبوق في مصر، التي كانت خططها في شق الطرق قديماً، لا تعمل حساباً فقط للمساجد ولكن للأضرحة أيضاً.

ووزارة الأوقاف نفت رسمياً ما تبثه «قنوات الفتنة وجماعات أهل الشر. هدم المساجد أخبار مفبركة لا صحة لها وتفتقد درجات المصداقية»!

والأوقاف هنا تنفي أمراً معلوما للكافة ويتم تصويره بالصوت والصورة، لكنها تلصقه بمن تسميهم جماعات أهل الشر، وقنوات الفتنة، وهذا لعمري أمر عجيب، فقنوات الفتنة ليس لها مراسلون، والفيديوهات المنتشرة عن الهدم عبر منصات التواصل، فليس لهذه القنوات مراسلون في مصر!

وما قالته وزارة الأوقاف ونقلته «سي إن إن» في تقرير لها، يتنافى مع ما قالته دار الإفتاء، التي جعلت رسالتها في القول بعدم جواز الصلاة على أرض مغتصبة، تماشياً مع كلام قاله السيسي عن المساجد المبنية على أرض مغتصبة!

ولا نعرف مغتصبة ممن؟ فهل القصد أنها بنيت على أراضي الدولة؟ وماذا في هذا؟ فمن هي الدولة؟!

أوقاف المساجد

الحقيقة إن الدولة هي التي اغتصبت أوقاف المساجد التي أوقفها أهل الخير في مرحلة ما قبل الانقلاب العسكري الأول، واغتصبت كذلك عموم الأوقاف ومنها أوقاف الأزهر، هذا فضلاً عن أن كثيراً من المساجد التي هدمت بجرافات السلطة العسكرية، بنيت على أراض مملوكة لأصحابها، وبأموال آحاد الناس، ولم يمنع هذا من هدمها!

ومع اتساع رقعة المعارضة للسلطة العسكرية، وقد استفز هدم المساجد أهل مصر، فدخل عمرو أديب ليقول إن الهدم يتم أيضاً في تركيا على يد أردوغان. فالقوم من داخلهم يؤمنون بأن الرجل هو النموذج المقبول في بلاد المسلمين، الذي يعبر عن الإسلام وقيمه، فأرادوا القول وأردوغان أيضاً يفعل، لكن «الجزيرة» لم تقل هذا!

لقد أذاع عمرو أديب عمليات هدم لثلاث مساجد في تركيا، وهو يصيح صيحة المؤمن الورع: «لا حول ولا قوة إلا بالله…» فهل في الهدم ما يثير غضب المسلم؟ إذن لماذا لم يغضب المسلم لعمليات الهدم الكثيرة في فترة زمنية محدودة في مصر؟!

لقد توصلت وحدة التحقق في الجزيرة مباشر إلى أن الهدم كان لتضررها من الزلزال أو لعدم مطابقة عملية البناء لمواصفات مقاومة الزلازل بما يشكل خطورة على المصلين، وهذا معلن ومذاع، لكن عمرو عبث في الفيديوهات المنشورة، تماما كما عبث في فيديو خاص في تقرير لـ»الجزيرة» عن عملية هدم لمنازل في إسطنبول في سنة 2014 وذلك ليبرر عمليات الهدم في مصر، لكن التقرير الحقيقي يمثل ضربة لسلطة العسكر في مقتل، ولفت انتباه الرأي العام في مصر اليه، لتكون المقارنة لصالح أردوغان، فقد أخلى المساكن مع توفير مساكن بديلة حتى انتهاء البناء وإعادة السكان، بل إن رفض عدد من السكان لذلك كانت سبباً في تعطيل عمليات الهدم لمساكنهم ليتم اقناعهم على عكس ما يحدث في مصر فالهدم يتم بدون انذار، ومع عدم توفير مساكن بديلة للسكان الذين يعيشون في الهواء الطلق. ولم يكتف أديب المستدعى لمهمة قومية بذلك، وإنما بث وثيقة مزورة قطعا، عن رواتب الإعلاميين في قناتي «الشرق» و«مكملين» (استثنى العاملين في وطن) فاذا براتب إعلامي واحد كمحمد ناصر أو معتز مطر، أكبر من ميزانية كل قناة، لإدراك السلطة أنه لضرب أي إعلامي تحدث عن راتبه الضخم، تماماً كما فعلها الفريق أحمد شفيق، ووزير الإعلام أنس الفقي، مع محمود سعد، بعد الثورة، ومن يومها لم يستطع أن يصلب طوله!

ما الذي يجبر عمرو أديب، على التلفيق والفبركة والاجتزاء والقص واللصق والاستعانة بمحرر مزور؟ وهو ليس أحمد موسى، فتمامه بالمفهوم العسكري ليس لدى شركة إعلام المصريين؟ ثم إنه يمكنه بسهولة أن يبيع السيسي في حال سقوطه، كما باع والاستاذة لميس الرئيس مبارك؟!

إن الدافع، ولا شك أنه مستدعى لمهمة، فأخوهم مزنوق، فكان التحرك الأهوج غير المدروس، حيث كان عمرو أديب كالدبة التي قتلت صاحبها، فقد عرف الناس الفرق بين ما يقوم به السيسي والنموذج التركي، وأحيا بما فعل تقرير «الجزيرة» الذي لم أشاهده في وقت عرضه.

وقبل هذا قتل نفسه، لأنه أصبح صيداً ثميناً لشباب حديثي التخرج، دعك من ضخامة الاسم «وحدة التحقق».

أقول إيه لجيلي؟! على وزن أقول إيه لشعبي للرئيس السادات؟!

وسوم: العدد 895