ما حُكْمُ التَّهْوِيدِ ومُوَالاةِ الكُفَّارِ والتَّطْبِيعِ مَعَهُمْ في شَرْعِنا الإسلامِيِّ الخَالِدِ؟

تَوْطِئَةٌ

*إخوتي الأعزة الأكارم:

*كُلُّنَا أو جُلنا سمعنا ورأينا ما جرى يوم الخميس 13/8/2020م وفي وَضَحِ النهار وبأعيُنِ التصوير ووسائل الإعلام شتى؛ من عقد "اتفاقية أبراهام"؛ اتفاقية الذل والعار والشنار بين دولة الإمارات "العربية المسلمة" وبين الكيان الصهيوني الغاشم, ثم توقيع هذه الاتفاقية وتأكيدها مرة أخرى في واشنطن بأمريكا مع عروس شوهاء أخرى ألا وهي دويلة البحرين "العربية المسلمة" أيضا, وما كان لهما من صدى واسع وتأييد كثير من أعداء أمتنا الإسلامية وأذنابهم وأوخامهم, ومن هم على شاكلة أولئك المطبعين المهزومين المأزومين وقابلي الاحتلال و"الاستعمار"من الوصوليين من منافقين العرب والمسلمين.

*ثم رأينا مؤخرا - مع الأسى والأسف- انضمام دويلة السودان إلى ركب الخيانة المُطبِّع؛ السودان صاحب اللاءات الثلاث في قمة الخرطوم العربية بالأمس:"لا صلح, لا تفاوض, لا اعتراف"؛ تحول شعارها اليوم إلى: "النعمات الثلاث للصهاينة المحتلين المجرمين؛ نعم للصلح, نعم للتفاوض, نعم لدويلة الكيان الصهيوني؟!!".

*كما سمعنا ورأينا بفضل الله تعالى صدى الأكثرية من أحرار وشرفاء المسلمين والعرب الرافضين لهذه الاتفاقية الشنعاء النكراء, ومعارضتهم لها قولا وفعلا ومقاطعة البعض منهم لأربابها في نشاطاتهم وتعاملاتهم؛ مما أثلج صدورنا وصدور قوم مؤمنين.

*وما أشبه الليلة بالبارحة يوم أن كان اليهود يصولون ويجولون في مصر زمن الدويلة العبيدية اليهودية"الفاطمية" التي قربت اليهود واحتضنتهم وجعلت منهم الوزراء والأمراء والمستشارين, وقربت الأثرياء منهم حتى قال الشاعر عبد الواحد بن الفرج الشَّوَّاء ابن النوت المعري؛ قال في بعض وزراء اليهود وقتَئذٍ شعرا مؤثرا بليغا:

يَهُودُ هذا الزمانِ قد بَلغُوا               غايةَ آمالِهِمْ , و قد مَلَكُوا

العِزُّ  فِيهمْ , والمالُ عِنْدَهُمُ                 و مِنهُمُ المُستشارُ و المَلِكُ

يا أهلَ مصرٍ إنِّي نَصَحتُ لكم             تَهَوَّدُوا ؛ فقد تَهَوَّدَ الفَلَكُ(*)

(*ر:"تاريخ دمشق لابن عساكر ج 71/ ص 92"؛ وهو الذي سمعها من ابن الشواء - أحمد بن الحسين بن المؤمل- ونسبها لابن النوت المعري, و"بغية الطلب لابن العديم 2/ 696- 697" ؛ الذي نسبها لابن النوت المعري - كابن عساكر- و:"الفاطميون في مصر"د. حسن إبراهيم حسن الذي نسبها للرضى البواب ص 211- 212).

-------------------------------------------------------------------

(*) فائدة بملاحظة:

لم تصح نسبة هذه الأبيات للحسن بن خاقان التي انتشرت كثيرا جدا و تناقلها   بعض الكتاب في كتبهم و في كثير من مواقع التواصل الاجتماعي؟! ونُقلت عن"حسن المحاضرة للسيوطي" خطأ؛ فالسيوطي لم ينسبها للحسن بن خاقان, وإنما لبعض الشعراء ؟! *رَ: "حسن المحاضرة" للسيوطي 2/201.

*ولم أجد - أيها الإخوة- في"حكم التطبيع مع أعداء الإسلام, ولا سيما مع "اليهود الصهاينة المغتصبين" كلاما أوضح تعبيرا , ولا أبلغ تأثيرا, ولا أعجب ولا أجمل ولا أكمل من هذه الآيات الكريمات البينات من كلام الله - تعالى - أصدق القائلين خالقنا وبارينا ؛ والأعجب أنها كلها من سورة واحدة؛ إنها سورة المائدة, بل لن أكون مبالغا إن قلت لكم: إن من يقرؤها يحس كأنها نزلت في هذه الأيام للرد على هذه الاتفاقية المذلة المهينة الشنيعة الخانزة العفنة؟!!

- قال اللهُ تعالى وهو أصدقُ القائلين:

 

أعوذُ بِاللهِ السَّميعِ العليمِ مِنَ الشيطانِ الرَّجِيمِ

 

*(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ*). (51 - 52) المائدة.

*(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ* إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ* وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ*

*يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ* قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ* قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ*). (54 - 60) المائدة.

*(وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ*

وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ*). (62 - 64) المائدة.

*(لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ*) (82) المائدة.

*تفسير هذه الآيات الكريمة:

قال شيخنا الأستاذ الفقيه المفسر الدكتور وهبة بن مصطفى الزحيلي ت 2015م - رحمه الله تعالى- في تفسيره الوجيز:

*الآية 51: يا أيها المؤمنون لا تتخذوا اليهود والنصارى أصدقاء تطلعونهم على أسراركم؛ فإنهم أعداء لكم, بعضهم أنصار بعض, تخوفا من قوتكم واتحادكم, ومن يتخذهم أنصارا فقد صار منهم؛ لرضاه بموالاة أعداء الله, إن الله لا يوفق الظالمين لأنفسهم بموالاة أعدائه.

نزلت في: عبد الله بن أبَيِّ بن سلول –"رئيس المنافقين"- حينما قال: إني رجل أخاف الدوائر, ولا أبرأ من ولاية اليهود, وأما عبادة بن الصامت رضي الله عنه فقد تبرأ من ولاية اليهود, وآوى إلى الله ورسوله؛ فنزلت فيهما الآية.

*52: فترى الذين في قلوبهم مرض الشك والنفاق في الدين, يسارعون في مودة اليهود والنصارى؛ يقولون: نخشى أن تصيبنا مصيبة, بأن تظفر الكفار بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم فتكون الدولة لهم, ولا تنتصر دعوته, فنخسر ولاءهم ويصيبنا مكروه. فرَدَّ الله عليهم بأنه ربما يجيء النصر من الله لرسوله والمؤمنين على أعدائهم, أو يأتي أمر من الله بقتل أعداء الإسلام وفضيحة المنافقين وكسر شوكة اليهود؛ فيصبح المنافقون على ما أسَرُّوا من النفاق الباعث على الموالاة نادمين على ذلك.

*54: ثم شرع الله في بيان أحكام المرتدين بعد بيان حكم موالاة الكفار, فيا أيها المؤمنون من يرجع منكم عن دينه الإسلام إلى الكفر؛ فسوف يأتي الله بقوم آخرين هم خير منكم يرضى عنهم, ويخلصون لله العمل ويطيعونه في كل أمر ونهي, متواضعين لإخوانهم المؤمنين, أشِدَّاءَ على الكفار, يقاتلون لإعلاء كلمة الله, ولا يخافون لومة لائم في نصرة دينهم؛ بل هم في غاية الصلابة, ذلك فضل الله يعطيه من يشاء من عباده, والله واسع الفضل, عليم بمن يستحق الإنعام.

*55: لا ناصر لكم أيها المؤمنون إلا الله ورسوله وأهل الإيمان الذين يؤدون الصلاة كاملة الأوصاف في أوقاتها, ويؤتون الزكاة المفروضة لمستحقيها, وهم خاضعون لأمر ربهم؛ فلا يترفعون على فقير.

والولي من تجب موالاته, والركوع هنا: الخشوع والخضوع.

نزلت هاتان الآيتان والتي بعدهما: فيمن ارتدَّ من القبائل في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم: بنو مدلج وبنو حنيفة وبنو أسد. وقال جابر: نزلت في عبد الله بن سلام وأصحابه الذين شكوا إلى النبي هَجْرَ بني قُرَيْظَةَ والنَّضِيْرِ لهم. وأقسموا: ألَّا يُجَالِسُوْهُمْ, فقال عبدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ: رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين أولياءَ.

*56: ومن يستنصر بالله ورسوله والمؤمنين الصادقين القائمين بنصر شرع الله؛ فإن أنصار دين الله هم الغالبون؛ لتأييد الله لهم بنصره.

*57: يا أيها المؤمنون لا توالوا المتخذين للدين هزوا ولعبا – من المشركين والكتابيين- فلا تتخذوهم أنصارا تودونهم, وإن أظهروا لكم الود والمحبة, وخافوا عذاب الله بموالاتهم, إن كنتم مؤمنين؛ فالمؤمن يخاف الله, ولا يوالي أعداءَ الله.

*نزلت هذه الآية: في رجال من المسلمين كانوا يُوَادُّونَ رَجُلَينِ أظْهَرَا الإسلامَ ثُمَّ نافقا.

*58: وإذا أذَّنَ مُؤَذِّنُكُمْ لِلصَّلاةِ, سَخِرُوا واستهزؤوا مِن دعوتكم؛ بسبب أنهم قوم جاهلون طائشون, لا يعقلون حقيقة العبادة.

*سبب نزولها: كان بعض اليهود إذا سمعوا الأذان سخروا به, وقالوا: لعن الله الكاذب, فإذا صلى المسلمون ضحكوا منهم وسخروا بهم, وقالوا: قوموا صلوا, اركعوا على طريق الاستهزاء والضحك؛ فنزلت هذه الآية.

*59: قل أيها النبي: يا معشر اليهود والنصارى, هل تكرهون منا وتعيبون علينا إلا إيماننا بالله وبالقرآن والكتب المنزلة عل جميع الأنبياء, وأن أكثركم خارجون عن طاعة الله؛ بترك الإيمان وامتثال أوامر الله تعالى؟!

*60: قل أيها الرسول: هل أخبركم بما هو أولى من العيب بما هو أولى من العيب الذي عبتمونا به بالإيمان, وهو ما أنتم عليه من الكفر الموجب للعنة الله وغضبه, جزاء ثابتا عند الله؛ إنه عمل من طرده الله من رحمته, وغضب عليه؛ فأخزاه في الدنيا وهم اليهود قتلة الأنبياء وعبدة العجل, ومسخ بعضهم قردة, وبعضهم خنازير, وهم اليهود أصحاب السبت, ومسخ من النصارى خنازير كفار مائدة عيسى, وعبد الطاغوت: الشيطان أو الكهنة, والمراد: الخضوع لكل طاغية جبار؛ أولئك الموصوفون بما ذُكِرَ شَرٌّ مَنْزِلَةٌ يَومض القِيامةِ من غيرهم, وأبعد عن طريق الرشاد.

*نزلت: في نفر من اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم عَمَّنْ يُؤمِنُ به من الرُّسُلِ؛ فأجاب بالمذكور في الآية (136) من البقرة: (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم ...).

ولما ذُكِرَ عيسى جحدوا نبوته, وقالوا: والله ما نعلم أهلَ دَينٍ أقَلَّ حَظًّا في الدنيا والآخرة منكم, ولا دينًا شرًّا مِنْ دِينِكُم؛ فنزلت هذه الآية.

*62: وترى أيها الرسول كثيرا من هؤلاء اليهود يُسَارِعُونَ في الوُقُوعِ في الإثم: وهو الكَذِبُ, والِاعْتِدَاءُ على أموال الناس, والظُّلْمُ, وأكْلُهُمُ المالَ الحَرَامَ كالرِّبَا والرِّشْوَةِ, لَبِئْسَ ما يعملون من القبائح.

*63: هَلَّا يَنْهَاهُم الرَّبَّانِيُّونَ "أهلُ الوَرَعِ مِن اليهود" والأحبارُ "عُلَماءُ اليهود" عن قَوْلِ الكذب, وأكل المالِ الحرامِ, لبئس ما يصنعون من السُّكُوتِ عن إنكار المنكر, وترك الأمر بالمعروف.

*64: وقالت اليهود إذا حصل جَدْبٌ وطُلِبَ مِنهمُ الإنفاقَ في الخَيْرِ: يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ عن الإمداد بالرزق؛ أي: أن الله بخيل, قُيِّدَتْ أيديهم بالأغلال عن فهل الخير, وهو دُعاءٌ عليهم بالبُخل, وطُرِدُوا من رحمة الله بسبب قولهم هذا: "يد الله مغلولة"؛ بل يدا الله مبسوطتان: كناية عن العطاء الواسع الكثير؛ فهو في غاية الجود, يُنفِقُ كيف يشاءُ بحسب علمه وحِكْمَتِه,

وليزيدنَّ المُنْزَلَ إليكَ من القرآن عن أحوالهم وأخبارهم وشرع الله كثيرا من اليهود والنصارى طغيانا وكفرا"أي: تغاليًا في التكذيب وإمعانًا في الجُحُودِ" على كفرهم وغُلُوِّهِمْ؛ بسبب الحسد والكفر بالقرآن, وألقينا بين اليهود والنصارى العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة, كلما أشعلوا نار الحرب والفتنة والكيد على النبي والمؤمنين, ردهم الله خائبين, فلم يحققوا فائدة, ويجتهدون في الإفساد, وإثارة الفتن والكيد للمسلمين, والله يُجازي المُفسدين في الأرض.

*قال ابن عباس: قال رجل من اليهود – يقال له النباش بن قيس- : إن ربك بخيل لا ينفق؛ فأنزل الله: (وقالت اليهود يد الله مغلولة ...).

*82: لتجدن أيها الرسول – وكل من يصلح للخطاب- أشد جميع الناس معاداة للمؤمنين برسالتك: اليهود والمشركين في مكة, ولتجدن النصارى أتباع عيسى أقرب الناس مودة للمؤمنين؛ لأن في النصارى قسسا (علماء) في التوراة والإنجيل ورهبانا (زهادا وعبادا) في الصوامع يعلمون الناس التواضع لله, ونفع الناس والتماس الحق, ولا يستكبرون عن قول الحق واتباعه, خلافا لليهود.

*نزلت في وفد النجاشي: -"كانوا ثلاثة وثلاثين رجلا"- الذين قدموا من الحبشة على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وآمنوا به, وبكوا لما قرأ عليهم سورة يس, وقالوا: ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى عليه السلام. وقال آخرون: *نزلت في وفد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من المهاجرين الذين حملوا كتابا من النبي للنجاشي, فلما قرؤوا عليهم سورة مريم, آمنوا بالقرآن, وفاضت أعينهم من الدمع.

*ينظر: "التفسير الوجيز" لأستاذنا الشيخ الدكتور وهبة الزحيلي رحمه الله تعالى ضمن "الموسوعة القرآنية الميسرة" ص 117 – 119, 122, منه بتصرف يسير جدا.

والآن فما حكم موالاة الكفار والتطبيع معهم في الإسلام؟

*كل مسلم صادق بل كل عاقل حر شريف سليم الفطرة؛ يعلم بطلانها بل نتن رائحتها والخسران المبين فيها.

*هذا فضلا عما جاء في الكتاب والسنة وأقوال السلف في النهي عن موالاة أعداء المسلمين في كل زمان ومكان والتطبيع هوعين الموالاة, أو هو نوع منها على أقل تقدير؛ ويكفي أن نعلم ونذكر من أدلة تحريمها الكثيرة:

1- قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء ... ومن يتولهم منكم فإنه منهم).

2- قول نبينا وحبيبنا وقائدنا إلى الأبد سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله, والحب في الله والبغض في الله". رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما.

3- قول الشيخين الدكتور مصطفى سعيد الخن رحمه الله تعالى والدكتور محيي الدين مستو في كتابهما الرائع الماتع الجامع "العقيدة الإسلامية؛ أركانها, حقائقها, مفسداتها ص: 585 - 586" قولهما فيه:

تحريم مولاة الكفار:

(وقد ثبت هذا التحريم صريحا في كتاب الله عزوجل, فقال تعالى: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير*). آل عمران 28.

إن الواجب موالاة المؤمنين بعضهم بعضا , والاعتماد على بعضهم في شؤونهم العامة والخاصة.

والنهي عن موالاة الكفار, و تحريم الإسرار إليهم بالمودة , والاستنصار بهم, والاستعانة بهم لقرابتهم أو محبتهم.

وأخطر ما في الموالاة للكفار: أن يرضى بكفرهم, أو أن يصبح خادما لهم ينفذ أوامرهم, أو جاسوسا يتسقط لهم الأخبار ويزودهم بها , والذي يفعل ذلك يصبح كافرا مثلهم , و يخرج من دين الله وحزبه و ولايته. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَ النَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين*). المائدة 51.

و الموالاة المستثناة من هذا النهي: هي موالاة الكفار في بعض البلدان والأوقات خوفا من شرهم, فللمسلم أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته, قال صلى الله عليه وآله وسلم: "إنا لَنَكْشِرُ في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم". رواه البخاري في الأدب, ومعنى لنكشر: لنضحك.

و التقية الجائزة في موالاة الكفار تشتمل على حالة اتقاء الضرر, وعلى حالة تحقيق مصلحة عامة للإسلام والمسلمين, مع مراعاة قول ابن عباس في جميع الحالات: ليس التقية بالعمل, إنما التقية باللسان). ا.هـ .

مراجع لمعرفة المزيد عن اليهود واليهودية والصهيونية

"اعرف عدوك أيها المؤمن"

1- مكايد يهودية عبر التاريخ. للأستاذ عبد الرحمن حبنكة الميداني.

2- اليهود نشأة وتاريخا. للشيخ صفوة الشوادفي.

3- موجز تاريخ اليهود والرد على بعض مزاعمهم الباطلة. د. محمود عبد الرحمن قدح.               4- اليهود تاريخ وعقيدة. د. كامل سعفان.

5- أحجار على رقعة الشطرنج. وليم غاي كار, تعريب سعيد جزائرلي.

6- الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية. د. رجاء "روجيه" جارودي رحمه الله.                     7- جذور البلاء. للأستاذ عبد الله التل.

8- موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية. د. عبد الوهاب المسيري.

9- الكنز المرصود في قواعد التلمود. تعريب: يوسف نصر الله.

10- حقيقة يهود الدونمة في تركيا (وثائق جديدة). د. هدى درويش.

الصهيونية ... حذار. يوري إيفانوف, تعريب: ماهر عسل.

11- اليهود في القرآن الكريم. للأستاذ محمد عزة دروزة.

12- اليهود في القرآن. عفيف عبد الفتاح طبارة.

13- اليهود في القرآن والسنة؛ "بعض من خلائقهم". د. محمد أديب الصالح.

14- إسرائيل بين اليهودية والصهيونية. رجاء "روجيه"غارودي, رحمه الله. ترجمة: حسين حيدر.         15- اليهود عبر التاريخ. سليمان ناجي.

16- اليهود واليهودية: بحث في ديانة اليهود وتاريخهم ونظامهم الاجتماعي والاقتصادي. د. علي عبد الواحد وافي.

17- الدنيا لعبة إسرائيل. وليم غاي كار, ترجمة: لوسيان دي شريميه.

18- التاريخ الحقيقي لليهود منذ نشأتهم حتى الآن. نجيب زبيب.

19- رسالتان في الرد على اليهود. لعبد الحق الاسلامي "يهودي أسلم", والسلطان سليمان بن محمد العلوي. دراسة وتحقيق عبد المجيد خيالي.

20- حكومة العالم الخفية. شيريب سبيريدوفيتش, ترجمة: مأمون سعيد.

21- دور اليهود في إسقاط الدولة العثمانية. (رسالة علمية عالية "ماجستير" للباحثة هيلة بنت سعد بن محمد السليمي, كلية الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة أم القرى, مكة المكرمة, 1422هـ - 2001م) في 467 ص.

22- فلسطين إليكم الحقيقة. ج. ل. ن. جفريز. تعريب: أحمد خليل الحاج. 4 أجزاء.

23- تيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية. ديزموند ستيوارت, تعريب: فوزي وفاء وإبراهيم منصور.

24- التلمود وأثره في صياغة الشخصية اليهودية. رسالة للأستاذ عودة عبد عودة عبد الله.

25- العنصرية اليهودية وآثارها في المجتمع الإسلامي والموقف منها. د. أحمد بن عبد الله بن إبراهيم بن إبراهيم الزغيبي.

26- الشخصية اليهودية من خلال القرآن؛ تاريخ وسمات ومصير. د. صلاح عبد الفتاح الخالدي.

27- منهج اليهود في تزييف التاريخ. محمد عبد الواحد حجازي.

28- أخطاء يجب أن تصحح في التاريخ: ليس لليهود حق في فلسطين. د. جمال عبد الهادي مسعود, د. وفاء محمد رفعة جمعة.

29- حقيقة اليهود. فؤاد بن سيد عبد الرحمن الرفاعي.

30- زوال إسرائيل 2022م نبوءة قرآنية أم صدف رقمية. بسام نهاد جرار.

31- أسطورة الوطن اليهودي. د. سعد المرصفي.

المراجع

1- الموسوعة القرآنية الميسرة, ومعها التفسير الوجيزللشيخ د. وهبة الزحيلي, وآخرون. ط 10, دار الفكر- دمشق, 1432هـ - 2001م.

2- العقيدة الإسلامية: أركانها حقائقها مفسداتها. د. مصطفى سعيد الخن, د. محيي الدين ديب مستو, ط 3, دار ابن كثير- دار الكلم الطيب, دمشق - بيروت, 2011م.

3- من مفاهيم عقيدة السلف الصالح الولاء والبراء في الإسلام. رسالة عالية "ماجستير لمحمد بن سعيد القحطاني قدمت إلى "قسم العقيدة - جامعة أم القرى بمكة المكرمة" ونوقشت وحاز صاحبها شهادة الماجستير بتقدير ممتاز عليها, وذلك في ليلة السبت 4/8/1401هـ , ط 6, دار طيبة, مكة.

4- دور اليهود في إسقاط الدولة العثمانية. (رسالة علمية عالية "ماجستير" للباحثة هيلة بنت سعد بن محمد السليمي, كلية الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة أم القرى, مكة المكرمة, 1422هـ - 2001م) في 467 ص.

5- تاريخ مدينة دمشق. للإمام الحافظ المؤرخ أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي؛ ابن عساكر ت 571هـ , دراسة وتحقيق عمر بن غرامة العمروي ط ؟ دار الفكر- بيروت, 1421هـ - 2001م.

6- بغية الطلب في تاريخ حلب. للصاحب كمال الدين ابن العديم؛ عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العقيلي الحلبي ت 660هـ , تحقيق د. سهيل زكار, ط 1, دار الفكر - بيروت, 1408هـ - 1988م.

7- الفاطميون في مصر وأعمالهم السياسية والدينية بوجه خاص. وضعه بالإنجليزية وترجمه إلى العربية د. حسن إبراهيم حسن, ط المطبعة الأميرية - القاهرة, 1932م. 8- حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة. للحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ت 911هـ , تحقيق الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم, ط1, دار إحياء الكتب العربية؛ عيسى البابي الحلبي وشركاه - مصر, 1387هـ - 1967م.

وسوم: العدد 900