أيّها أصعب على الفرد : كونه بلا دولة ولا حكّام ، أم كون حكّامه أعداء له !؟

مواطن دون وطن ( ممّن يُدعون البدون) !  

مَن لفظتهم قبائلهم ، قديماً ، بسبب تصرّفاتهم المؤذية للقبائل .. كثر! وكانوا يُسمّون الصعاليك ! وقد اتّخذوا من الصعلكة ، منهج حياة ، فكان أحدهم يُغير على القبائل ، فينهب ويسلب ، دون أن تتحمّل قبيلته أوزار أفعاله ، لأنها خلعته من بين أفرادها ، وتبرّأت منه ! وكان بعضهم يعتزّ بصعلكته ، وبصفاته المناسبة للصعلكة ، مثل : الشجاعة ، والسرعة في الجري .. ونحو ذلك ! وقد كان من الصعاليك شعراء مجيدون ، وكان بعضهم مثالاً للكرم ، حتى روي عن بعض الخلفاء ، أنه قال : مَن زعم أن حاتماً الطائيّ أكرمُ الناس ، فقد ظلم عُروة بن الورد ! وكان عروة من أبرز الصاليك ، ومن أجود الناس ؛ إذ كان يغير على القبائل ، فيسلب بعض مواشيها وإبلها ، ليطعم المساكين ، وقد سمّي أبا المساكين ! ومن أبرز الشعراء المنبوذين من قبائلهم ، الفاقدين الانتماء إليها، أمثال البدون في العصر الحالي، مع فارق التشبيه : الشنفرى ، وتأبّط شرّاّ ، والسُليك بن السُلكة .. وغيرهم ! 

وثمّة فروق ، بالطبع ، بين منبوذي الأمس من قبائلهم ، ومنبوذي اليوم من أوطانهم !     

مواطن حكّامه ظلمة ، ليسوا أعداء له ! 

أمّا المواطن الذي يعيش في وطن ، حكّامه ظلمة ، فربّما كان أسعد حالاً ، من منبوذي الأمس ( الصعاليك ) ! وبعضُ المواطنين ، اليوم ،  ربّما كانوا أسوأ حالاً ، من أولئك .. ولكلّ حالة لبوسها : 

فقد يدافع الحكّام الظلمة ، عن مواطن بلادهم ، إن ناله ضيم في دولة أخرى ، أو إن سلبت حقوقه ، في مكان ما من العالم ! 

مواطن حكّامه أعداء له 1 

أمّا المواطن الذي يَعدّه حكّامه عدوّاً لهم ، فهو الأسوأ حالاً بين المنبوذين ؛ إذ يظلمه حكّامه ويضطهدونه ، ويحبسونه ، وربّما يقتلونه .. ويحرّضون عليه أجهزة الأمن ، في الدول الأخرى ، لتحبسه ، أو تهجّره ، أو تسلمه إليهم ، كي يقتلوه ، أو يعذّبوه ، أو يحبسوه .. وغالبا مايطال الأذى ، أسرته وأهل بيته ! 

وسوم: العدد 907