حصوننا مهددة من داخلها، بما تجنيه بعض عقولنا ..

وأتذكر من القرن الماضي كتاب الأديب الحر الغيور محمد محمد حسين " حصوننا مهددة من داخلها في أوكار الهدامين " وهو كتاب ما يزال يستحق القراءة بما اشتمل عليه من حديث عن مشاريع الهدامين على مستويات المجتمع واللغة والفن والدين والسياسة .

وإنما الظاهرة التي تستحق ان نشير إليها اليوم هي هذا التهديد الداخلي لحصوننا على طريقة الذين يُخربون بيوتهم بأيديهم . وإذا كنت منصفا فلا يجوز ان أزعم ان عقلي وحده الذي يعجبني جدا ، والكلام موجه لكل شخص فينا ، هو الممثل الأوفي للإسلام والمسلمين . عقلنا الجمعي بكل نتوءاته وتقلباته وأشكال تطرفه هو الذي شئنا او أبينا يمثلنا ، وهو الذي يهدد حصوننا من داخلها أكثر مما تفعل المشروعات الخارجية التي تحدث الدكتور  محمد محمد حسين عنها ..

العقل الداعشي مهما قلنا عن داعش ، ومهما أعلنا براءتنا منها ، ومهما كنّا صادقين في نبذها ؛ هو تهديد مباشر لنا ولحصوننا من داخلها .

وعلى يمين وشمال هذا العقل على مسطرة من ١٨٠ درجة تتموضع عقول جمهور عريض ؛  كل واحد من أصحابها يقول : لا أحسن من عقلي .

وتكون الطامة الكبرى حين يدعي اي فرد ان عقله هو الوحي والدين والإسلام والشريعة والحق ، وان من عداه عداه ..

على مجموعات الواتس نلتقي عشرات أو عشرات ونكون غالبا من مشرب واحد أو متقارب ، فنختلف ليس في المقاربة والتقدير ، وإنما في التأسيس والتأصيل ، ويتمادى في الناس الاختلاف حتى تظنهم لم يعرفوا بعضهم من قبل ..

عقولنا هذه ، أو نفوسنا التي تختبئ وراءها ، هي التي تهدد حصوننا من داخلها .. وهو تهديد أخطر من أي تهديد .

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 907