عندما تأخر النصر على المسلمين

سأروي لكم بضع وقائع ، أريد منها زلزلة أركان التعليم الخاطئ ، لنتوقف عن البناء على البهتان والزور ..

الواقعة الأولى في السنة الثامنة للهجرة ، والغزوة تحت أسوار الطائف ، والقائد محمد بن عبد الله ، رسول الله ، الخارج منتصرا بعد معركة حنين . واستعصم الهاربون من ثقيف وحلفائهم في مدينتهم ، وحصنوا أسوارهم ، وأغلقوا على أنفسهم الأبواب ، وأخذوا ينضحون المسلمين بالنبل ، حتى قُتل بضغة عشر رجلا من المسلمين ..أعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم دراسة الموقف ، فوجد أن المدينة بحكم الساقطة عسكريا ، وأن المسألة مسألة وقت ، فضن بحياة جنده وأصحابه أن تزهق استعجالا لأمر فقرر الانسحاب,,واستسلمت من بعد ثقيف .. هذا درس أول ..

الدرس الثاني في السنة الحادية عشرة للهجرة ، والجيش جيش الصحابة وفيه عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة وخالد بن الوليد ، والمعركة مع بني حنيفة من أصحاب مسيلمة الكذاب ، في منطقة اليمامة ، وفي أكثر من موقف كاد المسلمون ينكسرون ، فاستعصموا ، واستبسلوا ، وجعلوا شعارهم يا أصحاب سورة البقرة ، وقتل في المعركة من حفاظ القرآن الكثير ، فلما انكسر بنو حنيفة ، تحصنوا في حديقة لهم مسورة ، سميت فيما بعد "حديقة الموت" لكثرة ما سقط حولها من القتلى والشهداء . لم ينتصر المسلمون في تلك المعركة إلا بعد أن تعاهد حفاظ القرآن أن يثبتوا تحت شعار يا أصحاب سورة البقرة ،..وكان سيدنا البراء بن مالك ، شقيق سيدنا أنس بن مالك حاضرا ، ولمن لا يعلم فقد كان سيدنا البراء ممن قال رسول الله فيه " رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره " ، ولكن سيدنا البراء لم يقسم في تلك المعركة على الله ، وإنما قال لإخوانه من الصحابة اقذفوني من فوق السور على الحديقة ، ففعلوا فقاتل من داخل الحديقة حتى غلب على الباب ففتحه للمسلمين

والواقعة الثالثة اقتبسها من يوم اليرموك ..

وكان في اليوم الأول أن هجم جيش الروم على جيش المسلمين فأزاحوا جيش المسلمين عن مواقعه، حتى خاف المسلمون الانكسار ، وفي اليوم الثاني ، وقف سيدنا عكرمة ينادي على فرسان المسلمين من يبايع على الموت ، فبايعه سبعون من الفرسان المغاوير ، حفروا لأنفسهم في الأرض حتى أوساطهم وانغمسوا فيها ليصدوا هجمة جيش الروم ..

وفي وقعة القادسية عندما ذعرت خيول المسلمين من فيلة الفرس ، وتضعضع أمر المسلمين ، عادوا إلى أنفسهم ، فزينوا إبلهم مقابل الفيلة ، واستهدفوا أعين الفيلة حتى قلبوا موازين الحرب...

 في كل هذه المعارك نجد أنفسنا أمام عقل مسلم عملي واقعي يعمل ويجد ويضحي ويأخذ الكتاب بقوة يذكر الله باتباع نواميس الله ..

حتى وصلنا إلى عصر القصاص الذين طردهم سيدنا علي من المسجد ، والذين يملؤون اليوم الشاشات والمجموعات والصفحات والمنشورات والتغريدات وبدأ يحكمنا عقل القصاص والحكواتية بدأنا نسمع للحكاية التي سأرويها مائة صيغة وصيعة ..

وتقول الحكاية الإفك ؛ وتأخر النصر في أحد المعارك على أصحاب رسول الله - ولعنة الله على الكاذبين - فتذاكروا بينهم ؛ ماذا أغفلنا من السنن ؟؟؟ فقالوا السواك ، فأقبلوا على أغصان الشجر يقطعونها ، ويستاكون ، فقال جنود العدو يسنون أسنانهم ليأكلوننا فهربوا ... ورحعت أبحث عن أصل الرواية وكل أهل العلم قالوا : لا أصل لها .

الانتصار على العدو يحتاج إلى فعل مكافئ على سنة سيدنا رسول الله وحسب سنن الله وليس حسب ما يأفكون ، ولا على طريقة خرط الخراطين..

فلنحذر أهل الخرط أن يغتالوا عقولنا كما مازالوا يفعلون منذ قرون ..

( وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً )

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 908