بين الثورة والنقمة أي فرق ؟؟!!

الناقمون لا يصنعون تاريخا ، ولا يبنون حضارة ، ولا يفيئون إلى رشد..

وهكذا أدار المتسلطون على مشروع الثورة السورية من روس وأمريكيين وأدواتهم المشهد ، وهكذا وضعوا السوريين بين خيارين : النار أو الرمضاء !!

وحين يطالع الكثير من أهل الرأي والحكمة من النساء والرجال الحاملين لعبء مشروع الثورة ، على أنه التغيير نحو الأفضل ، صورَ المتصدرين على مقاعد " تمثيلهم " ، وحين يسمعون أصواتهم ، ويتابعون أحاديث جهرهم ونجواهم ؛ يُجمعون على أنهم قد وقعوا بين الرمضاء والنار ، ولعلهم ما يزالون يختلفون بعض الاختلاف أين هو حر الرمضاء وأين هو لهيب النار ..؟؟ ونظنه اختلافا لن يدوم طويلا بين الناس يا أيها الناس.

ولن يجد الروس والأمريكيون طريقة أفضل للدعاية لبشار الأسد ، وإعادة تأهيله ، وتقديمه ، وترشيحه وإنجاحه ؛ أسهل من أن تترك العنان لهؤلاء المتصدرين للهيئات ، المتحفزين للنهشة والنهزة ، أن يسفروا عن مخلب وناب .وأن يفصحوا عن بعض مكنونات النقمة في صدورهم على سورية التاريخ والحضارة والثقافة والإنسان ..

وعلى الصادقين – أو الذين نحسبهم – من الذين أداروا العملية السياسية منذ 2011 حتى اليوم أن يعترفوا بإخفاقهم ، وانكسارهم ، وأن ينسحب من كان فيه بقية منهم من المشهد قبل أن تحق عليهم كلمة الله والتاريخ والأجيال ..يقول ربنا جل وعلا ( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ) وقد خبرنا سركم وجهركم ، وصريحكم ولحنكم .. فاحتفظوا لوجوهكم بمزعة من حياء تعايشون بها الناس ..

قامت الثورة ، وقدم السوريون كم أصحاب المصلحة الحقيقية في الثورة، مليون شهيد ، وبضعة عشر مليون مهجر، ليستعيدوا لسوريتهم ولمجتمعهم ولأجيالهم من بعد بعض الحق ، وبعض العدل ، وبعض الكرامة ، وبعض الحرية ، وليس ليكونوا ملحقين على موائد الذئاب من " المقتسمين " الذين تضطرم في قلوبهم نيران الحقد التاريخي التي لا تكاد تنطفئ ..

عاجلا عاجلا عاجلا غير مؤجل ولا مؤقت ، يجب على كل سوري حر شريف ينتمي إلى أمته وإلى حضارتها ، وإلى ثقافتها ، أن ينفض يده من عصابة " المقتسمين " هؤلاء، التي باتت تسيطر على المشهد في الهيئات التي تسمى الوطنية أو المعارضة إثما وبغيا وعدوانا ..

عاجلا .. عاجلا .. عاجلا .. من غير بطء ولا ريث يجب أن ينفض كل حر شريف يده من هيئات – المقتسمين – هؤلاء الذين رأينا وسمعنا منهم وعنهم ما لم نكن نظن أنه يمر في خيال إنسان سوي ، ومواطن يضمر لوطنه ولهوية هذا الوطن ، ولحضارة هذا الوطن، ولإنسان هذا الوطن مثل هذا الحقد وهذه النقمة وهذه الصُفرة في العقول والقلوب وعلى الوجوه والأبدان ..

عاجلا .. عاجلا .. عاجلا من غير ريث ولا إبطاء ..

يجب على كل سوري حر شريف أن يجدد انحيازه إلى الثورة ، وثوابت شهدائها ، وأن نؤكد جميعا أن هذه الثورة لم تنكسر ، وأن أصحاب مشروعها ، ليسوا عبيدا ولا أقنان في مزرعة بشار الأسد ولا على التوازي في مزراع هؤلاء المقتسمين أصفرهم وأزرقهم ...

لسنا عبيدا ، ولا نحن أقنانا عند هؤلاء المتآمرين ، يفصلون ونلبس ، ويسرجون علينا فيركبون ..

وقال الأخطل للجحاف القيسي في حضرة عبد الملك ...مهددا ومستفزا وغامزا ولامزا :

ألا سائل الجحاف هل هو ثائر .. لقتلى أصيبت من سُليم وعامر

فرد عليه الجحاف : والله يا ابن اللخناء ما ظننت أنك تجرؤ علي لو وجدتني مقيدا عندك ..

يا أولي البقية من رجال سورية ..

البقيةَ من خلق ، والبقية َمن حياء .. انفضوا أيديكم من دستورهم ومن مقاوليهم ، ومن مفاوضيهم .. وكما أن رحمة الله قريب من المحسنين فإن سخطه ولعنته محيطة بالمجرمين والمتآمرين ..

يا أولي البقية من نساء ورجال سورية الصالحات والصاحين ..

احذروا أبالسة القطعة والمزعة أن ينزعوا عنكم لباسكم ، كما فعل إبليس مع أبويكم في الجنة ، ينزع عنهما لباسهما ليريهما ما وري عنهما من سوآتهما ..وتذكروا أنكم بسوء اختياركم لم تبقوا على أنفسكم أصلا ومنذ 2011 أكثر من ورقة تين أو توت ..وفي مثل هذا تسمعون الناس يختلفون : ورقة تين أو ورقة توت

اللهَ ..اللهَ وتعني نناشدكم الله ..نناشدكم الله ..لا تسقطوا عن أنفسكم ورقة التين أو ورقة التوت ..

وطالما تحدث المتحدثون عن مواد فوق دستورية يريدونها فوق الدستور. ونحن أيضا وبوصفنا مواطنين سوريين نخاف على سورية في حاضرها، ومستقبل أجيالها، نخاف على انتماء سورية ، وإسلام سورية ، وعروبة سورية ، والوحدة المجتمعية في سورية ، والوحدة الجغرافية لسورية بالنسبة إلى كل الذين حملوا لواء هذه الثورة قضايا لا تقبل جدلا ، ولا تطرح على نقاش .

إن على كل الذين يريدون أن يسطروا كلمة في دستور الغد الآتي أن يعمدوا كل كلمة بدماء مائة شهيد ....

نعم لقد أردناها ونريدها ثورة للعدل والمساواة والكرامة وأنه على أرض سورية لا ظلم ولا اضطهاد لا تعالي ولا إقصاء ..

نعم لقد أردناها سورية لكل أبنائها ولكن كل أبنائها ليس بعض البعض منهم .

والوطن الذي يجب أن يكون للجميع هو الهوية والحضارة والثقافة والحب ,,,

الوطن ليس قبضة من طين يقتسم ذراتها المقتسمون ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 908