السيرة النبوية العطرة - هذا الحبيب 234-247

#هذا_الحبيب "٢٣٤ "

السيرة النبوية العطرة {{ حصار الطائف }}

______________________________

هربت {{ هوازن}} ومعهم قائدهم {{ مالك بن عوف}} الى مدينة {{ الطائف }} الحصينة بعد هزيمة حنين

واتجه النبي صلى الله عليه وسلم  لتتبع هوازن، حتى يقابلهم في معركة فاصلة

و {{ الطائف}} هي المدينة التي ذهب اليها النبي صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة من الهجرة

ومعه  {{ زيد بن حارثة}} ليعرض عليهم الإسلام، ولكنهم

رفضوا الإسلام وطردوه وأغروا به سفهائهم وأمطروه بوابل من الحجارة والسباب

في ذلك الوقت قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة

{{ يا زيد ، إن الله جاعل لما ترى فرجا ومخرجا ، وإن الله ناصر دينه ، ومظهر نبيه }}

______________________________

وصل النبي صلى الله عليه وسلم  الى الطائف، والمسلمون يتوقعون معركة هائلة بين هذا التجمع الضخم بين الجيشين والذي لم تشهد الجزيرة العربية مثيلا له من قبل

ولكن كانت المفاجأة

أن تجمعت قبائل {{ هوازن}} و رفضت الخروج لقتال المسلمين، واختاروا أن يمكثوا في حصونهم دون قتال

بالرغم من أن أعدادهم أكثر من ضعف عدد المسلمين

وبالرغم من أن {{ نسائهم ، وأبنائهم  ، وأموالهم }} في أيدي المسلمين

وبرغم ذلك خافوا وجبنوا من الخروج لحرب المسلمين لانقاذ نسائهم وأبنائهم وأموالهم، وكان ذلك خزيا كبيرا لهوازن، وهزيمة جديدة لهم

______________________________

وأمر النبي صلى الله عليه وسلم  بحصار {{ هوازن }}

وكان حصن هوازن هو أمنع حصون الجزيرة

وبدأت {{ هوازن }} في اطلاق السهام بكثافة شديدة

يقول أحد الصحابة  {{ مثل الجراد}}  بينما لم تكن سهام المسلمين تصل اليهم، وأصيب عدد كبير من المسلمين

فقرر النبي صلى الله عليه وسلم  تغيير مكان الجيش ودعا الخبير الإستراتيجي {{ الحباب بن المنذر }} رضي الله عنه

تذكرون هذا الاسم

{{ الحباب }}

الذي اشار على النبي صلى الله عليه وسلم

بتغيير مكان الجيش في {{ بدر }}فكان ذلك سببا من اسباب النصر

واشار على النبي صلى الله عليه وسلم  بتغيير مكان معسكر المسلمين أثناء حصارهم لحصن {{ ناعم}}  في {{ خيبر}}

فقال النبي صلى الله عليه وسلم :_ يا حباب انظر مكاناً مرتفعا مستأخرا عن القوم 

فانطلق {{ الحباب}} حتى انتهى الى موضع هو الآن مكان مسجد الطائف، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يتحول الجيش الى هذا المكان

__________________________

واحتاج المسلمون لتدمير الأسوار الى المنجنيق، وقد عرفوا {{ المنجنيق}} من قبل

وذلك أثناء حصار {{ خيبر}}  ولكن لم يكن معهم منجنيق

فقرروا صناعة منجنيق، وبالفعل صنعوا منجنيق تحت اشراف {{ سلمان الفارسي }}

كما صنعوا {{ دبابة }} خشبية لأول مرة

[[وهي عبارة عن غرفة صغيرة مصنوعة من الخشب الصلب  لها عجلات، يختبأ عدد من الجنود تحتها، ويدفعوها وهم بداخلها، حتى يلتصقوا بالسور، ثم يعملون بواسطة آلات الحفر الحديدية على هدم حجارة السور، من المكان الذي أضعفته حجارة المنجنيق، وكلما هدموا  جزء وضعوا له دعائم خشبية حتى لا ينهار السور عليهم، حتى اذا فرغوا من عمل فجوة متسعة، دهنوا الأخشاب بشيء من الزيوت، ثم اشعلوا النيران وانسحبوا بالدبابة، فاذا احترقت الأخشاب انهار السور مرة واحدة، تاركا فتحة كبيرة صالحة للإقتحام منها ]]

___________________________

وبالفعل بدأ المسلمون في قذف أسوار الطائف بالمنجنيق وسار عدد من الجنود تحت الدبابة الخشبية، واستطاع المسلمون كسر جزء من السور

كاد المسلمون يدخلون داخل أسوار الطائف، ولكن {{هوازن}} فاجئت المسلمين بالقاء الحسك الشائك المُحمَّى في النار

[[ وهو عبارة عن أشواك حديدية ضخمة على هيئة صليب يحمى عليها في النار ثم تلقى ]]

فأصيب المسلمون اصابات بالغة ولم يستطيعوا التقدم في اتجاه الحصن

___________________________

ثم أمر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ان ينادي أصحابه على هوزان

ان أي عبد من العبيد يخرج الى المسلمين فهو حر

فأخذ الصحابة ينادون

{{ أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر }}

وكان الهدف من ذلك هو حرمان {{ هوازن}} من طاقة هؤلاء العبيد

والحصول على معلومات عسكرية من داخل الحصن

وبالفعل بدء العبيد يفرون من الحصن وينضموا للمسملين، ووصل عددهم الى {{ ٢٣ }} من العبيد

ولكن شددت {{ هوازن }} الحراسة ومنعت هروب العبيد

وبدء النبي صلى الله عليه وسلم يستجوب هؤلاء العبيد، وعلم منهم أن داخل {{ الطائف }} طعام وشراب يكفيان أهلها لمدة سنة على الأقل

________________________

واستمر حصار الطائف {{ ٤٠ }} يوم

استشهد فيها عدد من الصحابة ، وجرح عدد كبير منهم 

وقرر النبي صلى الله عليه وسلم  في رفع الحصار عن الطائف والعودة 

واستشار في ذلك بعض الصحابة

وكان ممن استشارهم صلى الله عليه وسلم

{{ نوفل بن معاوية الديلمي}}

تذكرون هذا الاسم

هو الذي قاد {{ بنو بكر}} في الاعتداء على {{ خزاعة}} منذ ثلاثة اشهر فقط

وقتل منهم داخل الحرم

وقال له أصحابه: يا نوفل، إلهك إلهك

فرد عليهم  لا إله لكم اليوم، وكانت هذه الحادثة السبب في فتح مكة

فبعد كل هذا التاريخ الأسود مع المسلمين

فان النبي صلى الله عليه وسلم يقربه ويستشيره

وسنجد أنه سيأخذ بمشورته، و كان هذا من حكمته صلوات ربي وسلامه عليه ،  أن يتألف القلوب وينزل الناس منازلهم، ويستفيد منهم لصالح المسلمين

يقول نوفل بن معاوية:

- يا رسول الله، هم ثعلب في جحر ، إن أقمت عليه أخذته، وإن تركته لم يضرك

[[ وصف ثقيف بالثعالب لأنهم كانوا معرفون بين العرب بالمكر، ومعنى {{أن أقمت عليه أخذته}} يعني لو صبر المسلمون على الحصار، فسيفتحوا الحصن، ولكن ترك الحصن ليس فيه أي ضرر على المسلمين  لأن {{ هوازن}} قد انكسرت شوكتها، وانعدم خطرها، ولن تقوم لهم قائمة بعد اليوم ]]

_______________________

وقرر النبي صلى الله عليه وسلم رفع الحصار

وأمر {{ عمر بن الخطاب}} فاذن في الناس بالرحيل

فقال بعض الصحابة :_  نرحل ولم يفتح علينا الطائف ؟

فلم يتمسك الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، برأيه مثل كل القادة والزعماء في التاريخ كله

فقال لهم :_ فاغدوا على القتال[[ يعني اذا كان الصباح فابدئوا القتال مرة أخرى ]]

فلما جاء الصباح قاتل المسلمون هذا اليوم

واصيب بعض المسلمون ببعض الجروح، فلما انتهى اليوم

قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبتسم :_إنا قافلون غدا إن شاء الله

فقالوا: يا رسول الله، ادع الله على ثقيف

فقال لهم الحبيب :_ نعم ابسطوا أيدكم

فبسط الصحابة ايديهم للدعاء

فرفع يديه صلى الله عليه وسلم وقال {{ اللهم اهد ثقيفا وائت بهم مسلمين }}

سمعتم دعاء نبيكم ؟؟

المبعوث رحمة للعالمين ، الذي جعله الله أسوة لنا الى يوم القيامه

قال تعالى {{  لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}} ولكن لمن ؟؟

{{ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا }}

كونوا من هذا الصنف ان شاء الله تعالى

__________________________

واستجاب الله تعالى لدعاء نبيه صلى الله عليه وسلم وأسلمت ثقيف بعد أقل من عام واحد

لأن كل من بقي من القبائل العربية جاء بعد ذلك الى المدينة فبايع النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم

فوجدت {{ هوازن}} أنها لا طاقة لهم بحرب كل من حولهم من العرب، فجاء وفد منهم الى المدينة وأسلم

وحسن اسلامهم بعد ذلك، فبرغم أنهم كانوا آخر العرب اسلاما، فانهم ثبتوا على الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرتدوا كما فعلت بعض القبائل العربية

__________________________

ثم اتجه النبي صلى الله عليه وسلم {{ الجعرانة }} لتقسيم الغنائم

حيث كانت قد ترك جميع غنائم {{ هوازن}} والتي كانت أكبر وأعظم الغنائم في تاريخ العرب قاطبة، وحدثت عند توزيع الغنائم بعض المواقف نتحدث عنها ان شاء الله

********************************************

#هذا_الحبيب " ٢٣٥ "

السيرة النبوية العطرة (( غنائم حنين ))

___________________________

أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعد معركة {{ حنين }} وفرار {{ هوازن}} الى {{ الطائف }} بتجميع الغنائم في وادي {{الجعرانة}} القريب من حنين حتى يفرغ من حرب هوازن

وتوجه صلى الله عليه وسلم

بعد ذلك الى {{ الطائف }} واستمر الحصار {{٤٠ }} يوما كاملا

ولم ينجح المسلمون في فتح الحصن

ثم قرر النبي صلى الله عليه وسلم  رفع الحصار عن الطائف، بعد أن وازن بين مكاسب الحصار وخسائر رفع الحصار

ووجد أن خسائر رفع الحصار أكبر من مكاسب الحصار

توجه بعدها صلى الله عليه وسلم الى وادي {{الجعرانة}} حتى يقوم بتوزيع الغنائم

_________________________

وكانت غنائم {{ حنين }} ضخمة جدا ، بل كانت أكبر وأعظم غنائم في تاريخ العرب قاطب

لأن قبائل {{ هوازن}} قبائل كثيرة جدا

ولأن زعيمهم {{ مالك بن عوف}} أمر بأن يصحبوا معهم نسائهم وأنعامهم وكل أموالهم

وذلك لتحفيز الجيش على القتال حتى الموت

وقلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ، عندما علم ذلك قال :_

تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء الله

وتحقق ما قاله الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم  فغنم المسلمون كل هذه الأموال، وكانت كما ذكرنا هي أكبر غنائم في تاريخ العرب

_____________________________

وبلغت غنائم {{ حنين }}

١_ ٢٤ ألف من الأبل

٢_ ٤٠ ألف من الأغنام

٣_ ١٥٠ كيلو جرام من الذهب والفضة

٤_ ٦٠ ألف من السبي

وجلس صلى الله عليه وسلم متأنياً في قسم الغنائم

وهو يرجو أن تأتي {{ هوازن }} مسلمة

لأن جل الاسرى من هوازن

وقلنا أن {{ هوازن }} هي مجموعة قبائل حول الطائف فيها {{ بنو سعد }} الذي استرضع فيهم صلى الله عليه وسلم

و الذين تربى فيهم {{ ٤ سنين }}

ففيهم عماته وخالاته من الرضاعة ، وكان يرجو أن يأتوا مسلمين فلا يقعون بالسبي ، وبنو سعد من كرام العرب فلم يحب أن تسبا نسائهم واولادهم ،ولكنهم تأخروا

فأضطر أن يوزع الغنائم وهذا من شرع الله

__________________________

توزيع الغنائم حسب القاعدة الشرعية في توزيع الغنائم

وكانت القاعدة الشرعية

١_  أن أربعة أخماس الغنائم توزع بالتساوي على الجيش والفارس يأخذ ثلاثة اضعاف الراجل

لأن الفارس ينفق بنفسه على فرسه

٢_الخمس يتصرف فيه رئيس الدولة كما يشاء، فقد يشتري به سلاح، وقد يتم به افتداء الأسرى، وقد يعطي منها لمن كان مميزا في القتال، وقد ينفق على الفقراء والمساكين، وقد يدخل في أي مشروع من مشروعات الدولة

_____________________

فوزع النبي صلى الله عليه الأربعة أخماس على الجيش الذي عدده {{ ١٢ }} ألف

وكان كل جمل يساوي {{ ١٠ }} من الشياه اي الخرفان

فأخذ كل جندي

جملان أو {{ ٢٠ }} من الشياه ،أو جمل و{{ ١٠ }} من الشياه أما السبي فكان البعض يأخذ والبعض لا يأخذ

والذي لا يأخذ يعوض بالفضة، المهم تم تقسيم الأربعة أخماس بالتساوي بين الصحابة

________________________

أما خمس الله ورسوله التي من حق النبي، فقد قرر صلى الله عليه وسلم توزيعها على زعماء القبائل المختلفة

لأن الدولة الإسلامية اتسعت الآن اتساعا كبيرا

والنبي صلى الله عليه وسلم  يعلم أن كثير من القبائل قد دخلت في الإسلام، ولكن لم يدخل الإيمان في قلوبهم

فأراد النبي صلى الله عليه وسلم يألف قلوبهم

لأنهم لو وجدوا أن وضعهم الإجتماعي والمادي قد تحسن في ظل الإسلام

فلاشك أن حبهم وانتمائهم للإسلام ، سيقوى ويترسخ، وهؤلاء هم الذين يطلق عليهم في الإسلام {{ المؤلفة قلوبهم }}

والنبي صلى الله عليه وسلم ، يعلم أن  نظام القبلية المترسخ في الجزيرة العربية منذ قرون

يجعل لقائد القبيلة الكلمة العليا المطلقة في قبيلته ، لذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم ، يشتري رضا هؤلاء الزعماء بالمال

وهؤلاء الزعماء سيؤثرون تأثيرا إيجابيا في أتباعهم، ومن ثَمَّ فهو يشتري استقرار الدعوة الاسلامية

وكان عدد هؤلاء الذين وزع عليهم صلى الله عليه وسلم الخمس يبلغ عددهم حوالي {{ ٥٠ }} من زعماء العرب

_________________________

من هؤلاء الزعماء {{ أبو سفيان}}  زعيم {{ بني أمية }}وزعيم قريش

جاء ابو سفيان الى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في وادي {{ الجعرانة}}

وقال وهو ينظر الى هذه الأعداد الهائلة من الغنائم

قال :- يا رسول الله أصبحت أكثر قريش مالاً [[ يقيس الامور بالمال ، مثل بعض العوام اليوم معك قرش بتسوى قرش ما معك ما بتسوى اشي ]]

فتبسم الحبيب المصطفى صلى الله عليه ولم يرد عليه

فقال ابو سفيان :- يا رسول الله اعطني من هذا المال

وكان {{ بلال}} هو المسئول عن توزيع الغنائم

فقال صلى الله عليه وسلم :_ يا بلال زن لأبي سفيان أربعين أوقية من الفضة ، وأعطوه مائة من الإبل

فقال أبو سفيان:_ يا رسول الله ، ما اعظمك واكرمك و أحلمك

و ابني يزيد يا رسول الله [[ وكان له ابن اكبر من معاوية اسمه زيد ]]

فقال النبي صلى الله عليه وسلم :_ يا بلال زن له أربعين أوقية ، وأعطوه مائة من الإبل

فقال ابو سفيان :_ يا رسول الله ، ابني معاوية

يا بلال زن له أربعين أوقية ، وأعطوه مائة من الإبل

فذهل أبو سفيان من هذا العطاء

فقال أبو سفيان: - ما أعظم كرمك  ، وما احلمك ، فداك أبي وأمي ، لقد حاربتك، فنِعمَ المحارب كنت، ثم سالمتك فنعم المسالم أنت

[[ انظر كيف تألف الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قلب  أبو سفيان ]]

_____________________________

وحدث نفس الموقف مع {{ حكيم بن حزام}} من أشراف مكة،

وهو قرابة السيدة خديجة وذكرنا ذلك في بداية السيرة [[ تكون السيدة خديجة عمته ]]

ثم نظر النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم

وقال لبلال :_ يا يا بلال اعطي {{حكيم }} مثلما اعطيت ابا سفيان فأعطاه

فقال حكيم :_ ما احلمك واكرمك ، زدني فليس لي ولد مثل ابي سفيان

فأعطاه مائة ثانية، ثم سأله فأعطاه مائة ثالثة

ثم أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلم {{حكيم بن حزام}} ويعلمنا درسا هاما فقال:_

يا حكيم إن هذا المال حلوة خضرة [[ لم يقل إن هذا المال حلواً خضراّ ، لأن المقصود بالمال الدنيا، والدنيا مؤنث ]]

يا حكيم إن هذا المال حلوة خضرة ، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه

ومن أخذه بإشراف نفس وتشوف ، لم يبارك له فيه ، وكان كالذي يأكل ولا يشبع ، واليد العليا خير من اليد السفلى 

فقال حكيم وقد اشرق وجهه وغلبه الايمان  [[ أي علاه النور ]]

قال :_  والذي بعثك بالحق ما أردات إلا أن أسبر المواقف [[ يعني امتحن موقفك ،  بتفرق بينا والا ما بتفرق ]]

فوالذي بعثك بالحق لا أخذ إلا العطاء الاول

فرد {{حكيم بن حزام}} المائة الثانية والثالثة، وأخذ فقط المائة الأولى

وقال:-  والله يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا أسأل أحدا بعدك شيئا، ولا آخذ من أحد شيئا بعدك حتى أفارق الدنيا

{{ وبر حكيم بقسمه }}

ففي عهد أبي بكر دعاه {{ أبو بكر}} أكثر من مرة لأخذ عطاء من بيت مال المسلمين فأبى أن يأخذه

وفي عهد {{ عمر بن الخطاب}}  دعاه مرة ثانية إلى أخذ عطاء فأبى أن يأخذه

وظل حكيم كذلك لم يأخذ من أحد شيئا حتى فارق الحياة رضي الله عنه

________________________

وممن تألف قلوبهم صلى الله عليه وسلم هو  {{صفوان بن أمية}}

وقد تحدثنا من قبل عن {{صفوان بن أمية }}وكان سيد قومه، والذي اشترك في {{حنين}}  وهو لا يزال مشركا

وهو الذي طلب المهلة حتى يسلم {{ شهرين}} فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم  اربعة اشهر ، واستعار منه النبي صلى الله عليه وسلم عدة المحارب بالأمس القريب عارية مضمونة

وقد أعطاه مائة من الأبل كما أعطى زعماء مكة

ثم وجده صلى الله عليه وسلم ، ما زال واقفا ينظر الى أحد شعاب {{ حنين }} وقد شد انتباهه شعبا وقد مُلئ إبلاً  وشاة وقد بدت عليه علامات الإنبهار بهذه الكميات الكبيرة من الأنعام

صفوان ينظر إليها بأعجاب ، فقال له الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم :_ أبا وهب ، أيعجبك هذا الشعب ؟؟

فقال صفوان :_ نعم

فقال :_ هو لك وما فيه

[[هكذا في بساطة وكأنه يتحدث عن جمل أو جملين  ]]

قال صفوان :_ لي ؟!!!!

قال :_ نعم

يقول الصحابة فأشرق وجهه صفوان وقال :_

إن الملوك لا تطيب نفوسها بمثل هذا، ما طابت نفس أحد قط بمثل هذا إلا نبي، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله

فأسلم صفوان رضي الله عنه وصدق إسلامه

_________________________

وعندما وجد الانصار عطاء النبي صلى الله عليه وسلم  من خمسه لسادة قريش {{ مسلمها وكافرها }} عطاء ليس له حدود

وجدوا في انفسهم [[ اي تأثروا ]]

فقال بعضهم لبعض:_  لقد لقي النبي قومه [[ يعني رجع لاهله وفرح فيهم ]] غفر الله لرسول الله

يعطي قريش ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم بالامس ؟!!!

فلما بلغت هذه المقالة للنبي صلى الله عليه وسلم كان لها أثر في نفسه

وارسل الى {{  سعد بن عبادة }} زعيم الخزرج وهو الباقي من سادة الانصار

وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد  :_ يا سعد ما مقالة بلغتني عن قومك ؟؟

قال له: اجل يا رسول الله ان هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظيمة في قبائل العرب، ولم يكن لهذا الحي من الأنصار منها شيء

فقال النبي صلى الله عليه وسلم  له:_  فأين أنت من ذلك يا سعد ؟ [[ يعني شو موقفك انت ]]

فقال سعد: - ما أنا إلا رجل من قومي !

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :_ إذن فاجمع لي قومك لا يخالطكم غيركم

فخرج سعد فجمع الأنصار{{ أوس وخزرج }} في شعب لم يدخل فيه إلا انصاري

وأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم  وحده لا يصحبه إلا الصديق {{ ابو بكر }} فحياهم بتحية الاسلام

ثم حمد الله وأثنى عليهم ثم قال:_ يا معشر الأنصار

ألم تكونوا كفارا فهداكم الله بي ؟؟

ألم تكونوا عالة [[ اي فقراء ]] فأغناكم الله بي  ؟؟

ألم تكونوا أعداء فألف الله بين قلوبكم بي ؟ ؟

ثم قال: - ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟

قالوا: - وبماذا نجيبك يا رسول الله ، ولله ولرسوله المن والفضل ؟

قال :_ أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدقتم

قولوا :_ ألم  أتيتنا مكذباً فصدقناك ؟؟

ألم تأتينا مخذولاً فنصرناك ؟؟

ألم تأتينا طريداً فآويناك ؟؟

ألم تأتينا عائلاً فواسيناك ؟؟

فأرتفع صوت الانصار بالبكاء وضج المكان وهم يقولون :_ المنة لله ورسوله يا رسول الله

فقال لهم :_ ما مقالة بلغتني عنكم ووجدة وجدتموها في انفسكم

تقولون :_ لقد لقي محمد اليوم قومه

يا معشر الانصار

أوجدتم في أنفسكم  لعاعة من الدنيا تألفت بها قلوب قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم؟؟

ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يرجع الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم في رحالكم ؟؟

فقالوا :_

أوفاعل انت يا رسول الله ؟؟؟

[[ وكانوا قد غلبهم الظن ان النبي سيقيم في مكة فقد اصبحت دار اسلام ، وهي مسقط راسه وهي بلد الله الحرام فظنوا ان النبي لن يرجع للمدينة معهم ، ففاجئهم بهذا الخبر المفرح ]]

قالوا :_ أوفاعل انت يا رسول الله ؟؟

قال :_ اجل المحيا محياكم ، والممات مماتكم انت الشعار والناس دثار

[[ الملابس الداخلية التي تلاصق الجسم تسمى شعار لانها تلامس شعر البدن ، اما القميص يسمى دثار انتم الشعار اي انتم اقرب لجلدي انتم اهلي وعشيرتي واحبابي رضي الله عن الانصار وباقي الناس دثار ]]

انتم الشعار والناس دثار ، فوالذي نفس محمد بيده لو سلك الناس قاطبةً شعباً ، وسلك الانصار شعب لسلكت مسلك الانصار  ، و لولا الهجرة لكنت واحدا من الأنصار

ثم بسط يديه وهو يقول :_  اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار

يقول الانصار :_ فظننا انه لن يسكت حتى يعد مئة جيل من الانصار

وبكى صلى الله عليه وسلم

وقال :_ الم اعهد إليكم يوم العقبة {{ الدم الدم والهدم الهدم}} أسالم من سالمتم ، وأحارب من حاربتم

المحيا محياكم ، والممات مماتكم [[ أي سأعيش  ما عشت معكم واذا متت سأدفن بأرضكم ]]

فبكى الأنصار حتى أخضلوا لحاهم

وهم يقولون :_ رضينا برسول الله صلى الله عليه سلم رضينا، رضينا ، خذ ما بأيدينا من اموال واعطيها لاهل مكة

[[ يا الله هنيئا للانصار كان حظهم الأوفى من العطاء ]]

فازوا بالحبيب الاعظم صلى الله عليه وسلم

********************************************

#هذا_الحبيب " ٢٣٦ "

السيرة النبوية العطرة (( اسلام وفد من هوزان ))

_______________________________

من الذين وقعوا في الأسر يوم حنين {{ الشيماء }} أخت النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة

لان النبي صلى الله عليه وسلم ، كان قد استرضع في بني سعد {{ ٤ أعوام }}  والتي أرضعته هي حليمة السعدية

وأخواته من الرضاعة من السيدة {{ حليمة }}

١_ الشيماء

٢_ عبدالله

٣_ أنيسة

وكانت {{ الشيماء }} تتقدم النبي صلى الله عليه وسلم بالسن {{ ١٠ سنوات }}

فكانت تشترك مع أمها في رعاية النبي صلى الله عليه وسلم ، وتلاعبه وتعتني به

________________________

فلما وقعت الهزيمة بهوازن، كانت {{ الشيماء }} فيمن وقع في الأسر

فكانت تقول للمسلمين :_ إني أخت صاحبكم من الرضاعة !!

فلم يصدقوها

وجائوا بها الى  النبي صلى الله عليه وسلم 

فقالت :_  يا رسول الله  أتعرفني؟

قال لها :_ ما أنكرك فمن أنت؟

قالت :_ إني لأختك من الرضاعة

قال لها :_ إن تكوني صادقة فإن بك منّي أثرا لن يبلى

[[ يعني علامة بجسمك انا سببها لا تنمحي]]

فكشفت عن عضدها

ثم قالت: _ نعم يا رسول الله، حملتك وأنت صغير فعضضتني هذه العضة

فعرفها صلى الله عليه وسلم ، فوثب وقام لها قائما و رحب بها، وبسط لها ردائه، وأجلسها عليه ، وذرفت عيناه بالدموع واخذ يكلمها

ثم قال لها :_ إن أحببت فأقيمي عندي محببة مكرمة، وإن أحببت أن أمتعك فارجعي إلى قومك

[[يعني خيرها بين أن تعيش معه أو يعطيها أموال وتعود الى قومها، فاختارت أن تعود الى قومها ]]

فأعطاها النبي صلى الله عليه وسلم  وأعادها الى قومها، وكان مما أعطاها {{غلاما وجارية }} فزوجت أحدهما بالآخر، ولا يزال نسلهما موجود الى الآن

ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم ارتد قومها {{بنو سعد}} فكانت {{ الشيماء }} ممن ثبتوا وأخذت تنشد الشعر الذي تدافع فيه عن الإسلام

وعرفت {{ الشيماء}} بعد ذلك بكثرة العبادة والتنسك رضي الله عنها ، اخت الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم

_______________________

وجاء الى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو في {{ الجعرانة }}

وفد من {{ هوزان }} فيه عدد من اشرافهم

فأسلموا ثم كلموا النبي صلى الله عليه وسلم  في الغنائم، وقالوا:_ يا رسول الله ، إن فيمن أصبتم الأمهات ، والأخوات ، والعمات ، والخالات ، وحواضنك اللاتي كن يكفلنك

وانت خير مكفول ، ونرغب الى الله وإليك يا رسول الله

فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم :_

قد كنت استأنيت بكم بضع عشرة ليلة [[ يعني أخرت توزيع الغنائم والسبايا عشرة أيام أملاً في اسلامكم]]

وقد وقعت المقاسم مواقع [[ اي تقاسم المسلمون اموالكم ]]

فأي الأمرين أحب إليكم , أطلب لكم السبي ، أم الأموال ؟؟

قالوا:_ يا رسول الله فالحسب أحب إلينا ، ولا نتكلم في شاة ولا بعير

فقال صلى الله عليه وسلم :_ أما الذي لبني هاشم فهو لكم ، وسوف أكلم لكم المسلمين وأشفع لكم

فكلموهم انتم وأظهروا إسلامكم وقولوا :_ نحن إخوانكن في الدين

[[ وعلمهم صلى الله عليه وسلم كيفية الصلاة وكيف يتكلمون ]]

فلما صلى النبي الظهر ، استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في الكلام ، فأذن لهم

فتكلم خطبائهم ، وطلبوا رد سبيهم ، فلما فرغوا

قام صلى الله عليه وسلم وحض المسلمون على رد السبي

فقال :_ قد رددت الذي لبني هاشم ، والذي بيدي عليهم

فمن أحب منكم أن يعطي غير مكره فليفعل ، ومن كره أن يعطي ويأخذ الفداء فعليَّ فداؤهم

فأعطى المسلمون كلا ما بأيديهم، وطلب القليل منهم الفداء

________________________________

ونأتي الى موقف النبي صلى الله عليه وسلم ، مع قائد جيش هوزان وهو {{ مالك بن عوف }}

قلنا أن مالك هو  الذي جمع كل قبائل {{ هوازن}} في جيش واحد لأول مرة في تاريخها

وكان السبب في معركة {{حنين}}

ماذا كان مصير مالك بن عوف بعد هزيمة هوازن؟

لقد فر {{ مالك بن عوف}} مع من فر من {{ هوازن}} حتى وصل الى {{ ثقيف}} وهي ليست قبيلته لأنه من {{بني نصر}}وكان موقف {{ مالك بن عوف}} مئساوياً

فكان وضعه مثل اللاجىء عند قبيلة أخرى،  وكان منبوذا لأنه المسئول عن مصيبة وفضيحة {{هوازن}} في فقد نسائهم وأبنائهم وأموالهم

لأنه هو الذي أصر أن تصحب {{ هوازن}} معها نسائها وأبنائها وأموالها

وهو نفسه صحب معه نسائه وأبنائه وأمواله، وقد فقدهم وأصبحوا غنائم في أيدي المسلمين

لقد كان {{مالك بن عوف}} في أشدِّ حالات الانكسار التي من الممكن أن يتعرض لها قائد

وبينما هو في هذه الحالة المؤسفة المخزية، كان هناك من يفكِر في أمره!!

إنه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، المبعوث رحمة للعالمين

_______________________

لقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم  عن مالك بن عوف

فقيل له :_ إنه في الطائف يخشى على نفسه

فقال النبي لهم :_ أخبروا مالك إن أتاني مسلما رددت عليه أهله وماله         

[[ وكان ذلك هو الإنقاذ لمالك بن عوف من أزمته]]

فأسرع {{ مالك بن عوف}}  فأسلم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم

فرد عليه  أهله وماله، ثم أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم فوق ذلك مائة من الإبل

[[ هل يمكن أن يتخيل ذلك أحد ؟! هل يوجد في التاريخ كله قائد منتصر يتعامل بهذا الرقي مع زعيم الجيش المعادي له المهزوم أمامه ؟ ]]

لقد وجدنا في التاريخ القديم والحديث القادة المنتصرون يتلذذون بمحاكمة وعقاب واذلال زعماء أعدائهم

وقرأت عن ملك دولة أسر ملك الدولة التي كان يحاريها

فكان لا يركب فرسه الا اذا وضع قدمه على ظهر الملك المهزوم

ليس هذا فحسب بل أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يوظف امكانات {{ مالك بن عوف}} القيادية لمصلحة الدولة الإسلامية

فأعاده زعيما على من أسلم من قبائل {{ هوازن }}ثم كلفة بمهمة الإغارة على  {{ الطائف }} وهي اشبه بحروب الإستنزاف الآن، حتى أسلمت ثقيف بعد ذلك

___________________________

وقبل عودة النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة من الجعرانة

توجه النبي صلى الله عليه وسلم لأداء العمرة، وكانت هذه هي العمرة الثانية التى أداها النبي صلى الله عليه وسلم

لأن النبي خرج لأداء العمرة في {{ ذي القعدة }} من العام السادس من الهجرة، ولكن منعته قريش من دخول مكة، وانتهى الأمر بعقد صلح الحديبية

وفي العام التالي في {{ ذي القعدة}} من السنة السابعة من الهجرة

خرج صلى الله عليه وسلم لأداء العمرة، وهي {{عمرة القضاء}}

وفي {{ ذي القعدة}} من السنة الثامنة من الهجرة خرج صلى الله عليه وسلم لأداء العمرة من {{ الجعرانة}}

أما العمرة الأخيرة فقد قرنها صلى الله عليه وسلم مع حجته، وكانت في السنة العاشرة من الهجرة

اذن اعتمر صلى الله عليه وسلم ثلاثة عمرات أداها كاملة

بخلاف عمرة {{ الحديبية }} لم يكملها

التي أحرم فيها صلى الله عليه وسلم لأداء العمرة، ثم صدته قريش فتحلل من احرامه هو والصحابة بذبح الهدي

ويصبح المجموع {{ ٤ عمرات }} للنبي صلى الله عليه وسلم

____________________________

وإذا لاحظنا  أن كل عمرات النبي صلى الله عليه وسلم ، كانت في {{ ذي القعدة}}

وقد فسر العلماء ذلك

بأن العرب في الجاهلية كانت تعتبر العمرة في {{ ذي القعدة}} من أفجر الفجور

ففعله النبي مرات ليكون أبلغ في بيان جوازه، وابطال ما كانوا عليه في الجاهلية

وذهب جميع أهل العلم الى القول بفضل العمرة في {{ذي القعدة }}وقال البعض

مثل {{ ابن القيم }}  أن العمرة في {{ ذي القعدة }}أفضل من العمرة في رمضان

ولكن في ايامنا يمنع العمرة من خارج مكة في ذي القعدة لان هذا الشهر ذي القعدة يسبق شهر الحج

حتى لا يظل المعتمر في  الكعبة ويؤدي الحج بدون تصريح حج

ولكن على أي حال من أستطاع أن يؤدي العمرة في {{ذي القعدة}} فليفعل لأن فضلها عظيم كما قال أهل العلم

___________________

ومع كل ذلك نقول، ومع أن العلماء قديما وحديثا قالوا بفضل العمرة في {{ ذي القعدة}} لأن كل عمرات النبي صلى الله عليه وسلم ،  كانت في {{ذي القعدة}}

البعض قال لا أفضلية والسبب

لان العمرة الوحيدة التي اختار النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤديها في ذي القعدة كانت هي {{ عمرة الحديبية}}

أما عمرة {{ القضاء }}فكانت في ذي القعدة لأن الإتفاق مع قريش ألا يدخل مكة عامه هذا ويأتي بعد عام

وكان مرور العام يوافق {{ ذي القعدة}} وأما العمرة التي أداها من الجعرانة

فكانت بعد أن فرغ من حرب {{ هوازن}} وفرغ من توزيع الغنائم

وقبل أن يعود الى المدينة، ووافق ذلك {{ ذو القعدة}} دون تعمد لأداء العمرة في ذلك الشهر

_______________________

ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم  هذا العام

وانما حج بالمسلمين أمير مكة الذي عينه النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة، امير على مكة وهو {{ عتاب بن اسيد}}

وقد أخذ الإمام الشافعي من ذلك أن الحج على التراخي، [[ يعني يمكن أن يؤخر الانسان الحج مع القدرة عليه، ولكن ليس معنى هذا أن يؤخر سنوات، حتى يتقدم الإنسان في السن ويفقد القدرة على الحج ]]

بينما عند أبو حنيفة ومالك وأحمد الحج على الفور عند القدرة عليه

********************************************

#هذا_الحبيب " ٢٣٧ "

السيرة النبوية العطرة (( عام الوفود ، إسلام عدي بن حاتم الطائي ))

_________________________

نحن الآن في مطلع العام التاسع ويسمى {{ عام الوفود }} ولن نتناول جميع الوفود بالتفصيل ، بل نعرض نماذج منها

ففي شهر {{ ربيع الآخر}} من السنة التاسعة

أرسل النبي صلى الله عليه وسلم ، علي بن ابي طالب ومعه {{ ١٥٠٠ رجل }} من الأنصار ، الى قبيلة {{ طيء }}

وهي عدة قبائل تسمى {{ طيء }} ولكن كان سيدها العام {{ حاتم الطائي }} المعروف بالتاريخ والمشهور بالكرم

فكلنا يعرف حاتم الطائي

وكان سيدهم في ذلك الوقت بعد موت {{ حاتم الطائي }}

هو ابنه

{{ عدي بن حاتم الطائي }}

وكان قد تنصر [[ يعني أن اعتنق النصرانية ولم يلتزمها بل كان يخلط بين النصرانية والصابئة يعني عامل دينه كوكتيل ]]

وكان هدف السرية هو هدم صنم {{ طيء}} وكان من الأصنام المشهورة في الجزيرة، واسمه {{ الفِلس}}

______________________________

فشن عليهم المسملون الغارة مع الفجر، وهدموا صنمهم {{ الفلس}} واصطحبوا معهم أنعام كثيرة وسبي، وفر قائدهم {{ عدي بن حاتم الطائي}} الى الشام و أخذ زوجته و ولده تاركاً اخته {{ سفانة ابنة حاتم الطائي }}

فكانت من ضمن السبايا ابنة {{ حاتم الطائي}} واخت {{عدي بن حاتم}}

[[ ومعنى سفانة الؤلؤة وبها كان يكنى ابوها حاتم الطائي لا بولده ، كان يقال له ابو سفانة وليس ابو عدي ]]

_____________________________

فلما جاءت {{ سفانة }}  المدينة مع السبي

وقفت بين السبي وكان من عادة النبي صلى الله عليه وسلم

أن يفصل بين الاسرى

الرجال في جانب

والنساء في جانب

والصغار مع امهاتهم

فوضعت النساء في القسم المخصص عند ساحة المسجد

وخرج النبي صلى الله عليه وسلم ليؤدي إحدى الصلوات بعد مجيء هذه السبايا والاسرى

فلما رأته {{ سفانة }} عندما خرج من باب إحدى حجرات ازواجه

وقفت واعترضت طريقه وناشدته بصوت مرتفع

:_ يا محمد هلك الوالد ، وغاب الوافد، فامنن عليَّ منَّ الله عليك

قال: _ومن وافدك؟

قالت: _عدي بن حاتم

قال: _ الفار من الله ورسوله؟

ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركها ، ليؤدي صلاته

فحين انتهى من صلاته ورجع قامت وأ عترضت طريقه مرة ثانية

[[  وعلمت أن الوقت اولاً كان ضيق ولكن الآن متسع ، في الاول كان في عجلة ليؤدي الصلاة والآن راجع لحجرات ازواجه ]]

فقالت :_ يا محمد  هلك الوالد، وغاب الوافد، فامنن عليَّ من الله عليك، يا محمد إن رايت أن تخلي عني ، ولا تشمت بي قومي

فإن أبي كان يحمي الذمار، ويفك العاني، ويشبع الجائع، ويطعم الطعام، ويفشي السلام، ولم يرد طالب حاجة قط، أنا ابنة {{ حاتم الطائي }}

فرق قلب النبي صلى الله عليه وسلم لحالها

وقال :_  قد فعلت ، يا جارية هذه صفة المؤمنين حقاً ، لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه، خلوا عنها فإن أباها يحب مكارم الأخلاق، وإن الله يحب مكارم الأخلاق

فقام أبو بردة بن دينار فقال: _ يا رسول الله ، الله يحب مكارم الأخلاق ؟

فقال صلى الله عليه وسلم:_ والذي نفسي بيده لا يُدخِل الجنة إلا حسن الخلق

ثم نظر الى سفانة والى اصحابه

وقال : _ ارحموا عزيز قوم ذلّ، وغنياً افتقر، وعالماً ضاع بين جهال

وبعد أن منَّ عليها صلى الله عليه وسلم

قال علي بن ابي طالب {{ لسفانة ابنة حاتم }}

قال :_ سليه الحملان [[ اي شي تركبيه للسفر ]]

فسألته فأعطاها ما تركبه

وقال لها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم :_ فلا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة، حتى يبلغك إلى بلادك، ثم آذنيني [[ اي أخبريني انك راحلة ]]

وأقامت بين الصحابيات في المدينة  حتى قدم ركب من  {{ قضاعة}}

فلما جاء وفد من قومها جاءت الى النبي صلى الله عليه وسلم

وقالت :_ يا رسول الله إن القوم من قضاعة [[اي الوفد الذي عندك ]]

ان القوم من قضاعة ، وهم فرع من قومي أجد فيهم من أثق به ابلغ معهم مأمني ، إن شئت فأذن لي بالرحيل

قالت: _ فكساني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحملني، وأعطاني نفقة

فجهزها واكرمها واوصى بها خيرا ، ووقف صلى الله عليه وسلم يودعها مع الركب

فقالت وهي تركب ناقتها قبل أن ترحل ، تدعوا للنبي صلى الله عليه وسلم

رفعت يديها للسماء

وقالت :_ شكرتك يدٌ افتقرت بعد غنى ، ولا ملكتك يدٌ استغنت بعد فقر

وأصاب الله بمعروفك مواضعه ، ولا جعل لك الى لئيم حاجة ولا سلب نعمة كريم إلا وجعل لك سبباً لردها عليه

يقول الصحابة :_ فأشرق وجهه صلى الله عليه وسلم معجباً ببلاغتها وحسن كلماتها

فرد عليها بالدعاء قائلا :_ اللهم اهدي قومها وأتينا بهم طائعين 

يقول الصحابة :_ ولمس من ذلك انها آمنت ولكنها كتمت إيمانها

لسببين

١_ عزة في نفسها أن تعلن اسلامها وهي اسيرة فيقال أسلمت مجبرة

٢_حتى ترى موقف اخيها عدي بن حاتم

_________________________________

لم ترجع {{ سفانة بنت حاتم الطائي }}الى ديارها، وإنما توجهت الى أخيها {{ عدي بن حاتم }} بالشام، فلقد هرب الى الشام

والآن يحدثنا {{ عدي بن حاتم }} نفسه بعدما أسلم واصبح من الصحابة

يقول عدي و  كان قد تنصر كما قلنا ولكن يخلط بين النصرانية والصابئة ويسير في قومه بالمرباع

[[ المرباع  اي يحل لنفسه ان يأخذ ربع غنائم الحرب يشرع لنفسه مالا يشرع لغيره ]]

فلما غارت عليه خيل المسلمين بقيادة {{ علي بن ابي طالب }}

كان قد جهز نفسه للهرب قبل وصول المسلمون

فقد قال لغلام له :_ يا فلان لا أبا لك [[ لا أبا لك كلمة تستخدم عند العرب للمدح والذم ، فإن كانوا يريدون المدح يكون المراد بها اي أيها الرجل العصامي  الذي لا يتكل على غيره ، اما الذم لا أبا لك يعني يلي مش  معروف ابوك لا اصل لك ]]

فقال لغلامه مادحاً  :_ لا ابا لك ، اختر لي من الأبل نياق سمان سراع أعتمد عليها ، و تكون في مقربة مني فإن سمعت بخيل محمدٍ قدمت اخبرني [[ عشان يهرب ]]

فلما أقتربت خيل المسلمين من ديار طيء اخبره الغلام

يقول عدي :_ فركبت على النياق وحملت زوجتي و ولدي وأصابتني ساعة ذهول فتركت اختي {{ سفانة }}

[[ نسي اخته ]]

ثم انطلقت وقلت :_  ليس لي إلا أرض الشام فإنها تدين بالنصرانية وانا واحد منهم

فأرتحل الى الشام [[ دمشق ]] والذين يدينون بالنصرانية لم يكونوا عرب

قليل من اعتنق النصرانية من العرب ،  لان المسيح عيسى عليه السلام لم يبعث من العرب وما بعث من العرب إلا سيدنا وحبيبنا {{ محمد  صلى الله عليه وسلم }}

فكانوا اذا تنصر عربي [[  خاصة اذا كان كبير في قومه ]] جعلوا له عندهم مكانة [[ حتى يملكوا قلبه وقلب قومه معه ]]

يقول عدي :_ فلما أتيت الشام وعلموا بأمري

جعلوا لي ارضاً وحائطاً [[ اي بساتين ]] وضربوا لي قبة وزينوها واقام من معي ومن اعرف من حولي

_______________________

فلما وصلت اخته {{ سفانة }} الى الشام 

سألت :_ أين أجد بن حاتم ؟؟

قالوا لها :_ عند تلك القبة

فذهبت إليه وكان أخوها يقف على الباب

فلما رأها من بعيد وعرفها ،هرول إليها مسرعاً يستقبلها

وهو يقول :_ مرحبا مرحبا ببنت حاتم الطائي

فقالت له :_ أعزب عني [[ اي ابتعد عني لاتفرجيني وجهك ]]

أعزب عني ، أيها القاطع الظالم

فعرف انها مغضبة منه

قال :_ فألتزمت الصمت حتى دنت ودخلت وجلست بالخيمة وذهب عنها الغضب

فقال :_ اعذريني يا اختاه ولا تقولي إلا خيرا ، اجل لقد قصرت في حقك [[ الحق معك انا غلطان ]] وصابتني ساعة ذهول حين قدمت خيل محمد والمسلمين

اخبريني يا اختاه عن امرك

وكانت {{ سفانة }} امرأة رزينة جزلة حصيفة [[ اي عقلها يعدل عشرات من الرجال ]]

فأخبرته كيف منَّ عليها رسول الله واعتقها

قال :_ يا أختاه كيف رأيتِ الرجل ؟؟

قالت له :_ رأيت فيه كل خير ،  ورأيت منه كل خير

لقد فعل محمد فعلة ما كان أبوك يفعلها ، وقد رأيته يحب الفقير ، ويفك الأسير ، ويرحم الصغير ، ويعرف قدر الكبير، وما رأيت أجود ولا أكرم منه، وإن يكن نبياً فللسابق إليه فضل ، وإن يكن ملكاً فلا تزال في عزّ ملكه

_________________________________

ويحدثنا {{ عدي بن حاتم }} رضي الله عنه عن قصة إسلامه  والتي كانت بدايتها إحسان النبي صلى الله عليه وسلم لأخته سفانة

وتوجه الى المدينةالمنورة ، ودخل على الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد، وهو يظن أنه سيلقى ملكاً

يقول :_ فسلمت عليه

فقال صلى الله عليه وسلم ،  من الرجل ؟

قلت له :_ عدي بن حاتم

فقال :_ مرحبا بك

يقول عدي :_ فقام النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ بيدي وتوجه بي الى بيته

فلقيته في الطريق امرأة ضعيفة متقدمة في السن، ذات هيئة رثة فاستوقفته

فوقف معها طويلاً تكلمه في حاجتها

ومازال واقفاّ يكلمها ، والذي بعثه بالحق نبيا ، لم يدر وجهه عنها ولم يعطها ظهره ولم يتركها ، حتى كانت هي التي قطعت الحديث واستدارت وتركته قائما

يقول عدي :_ فقلت ويل أمك يا عدي !! انت لا تقف مع ملك من ملوك الدنيا ، فليس هذا من فعل الملوك

[[ في ملك يقف مع امرأة عجوز لابسة ملابس مرقعة وينتظرها لتخلص كلامها وتدير ظهرها وتخليه واقف ، هذا الكلام  في الاحلام فقط ]]

ثم دخل بيته وقدمني بالدخول [[ يعني تفضل ]]

فتناول وسادة فقذفها الي وقال :_  اجلس على هذه

فقال عدي:_  بل أجلس أنت

فقال صلى الله عليه وسلم :_  بل أنت اجلس إنما أنت الضيف والكرامة للضيف

يقول عدي:_ فجلست عليها وجلس صلى الله عليه وسلم متربعاً على الأرض

فقلت :_ هذه أخرى يا عدي وهل الملوك تجلس على الارض ؟؟

الملوك تجلس على العروش وحاشيته حوله

فقال النبي صلى الله عليه وسلم لي: _ مرحبا يا عدي بن حاتم ، كيف انت ؟؟

وأخذ يحدثني

يقول عدي :_ فلما استأنست معه بالحديث

رفع رأسه إلي

وقال :_ يا عدي  أسلم تسلم

فقلت :_  إن لي ديناً [[ يعني انا لي دين ]]

قال: _ أنا أعلم بدينك منك ، ألست ترأس قومك؟

قلت: بلى

قال :_ ألست نصرانين ركوسين [[ يعني تخلط بعبادتك النصرانية وعبادة الاصنام ]]

قلت :_ بلى

قال: _ ألست تأكل المِربَاع ؟ [[ أي ربع غنائم الحرب ]]

قلت: _ بلى

قال:_ فإن ذلك لا يحل لك في دينك

قال عدي : _ فتضعضعت لذلك [[ ارتبك ]] و اخذ يعد لي أشياء عني كأنه كان يعيش معي

ثم قال لي : _ يا عدي بن حاتم أسلم تسلم

فإنه ما يمنعك أن تسلم وتدخل في هذا الدين قلة أهله وكثرة عدوه [[ يعني انا اعلم لماذا نفسك تمنعك ان تسلم ]]

ألا والذي نفسي بيده يا عدي ، ليوشكن أن ترى القصور البيض

[[ اي قصور كسرى وفارس]]  قد فتحت على أيديهم [[ اي الصحابة ]] وجاست بها خيل المسلمين

يا عدي إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين خصاصة  تراها من حولي [[ اي حاجة وفقر الصحابة الذين حول النبي صلى الله عليه وسلم]]

ألا والذي نفسي بيده ليوشكن ان ترى الغلمان يطفون بالمال لا يقبله احد ، ولا يأخذ منه شيء ، بل يزيدون عليه  حتى يرجع لبيت مال المسلمين اكثر مما خرجوا به

وتوشك الظعينة [[ اي المرأة على البعير في الهودج]] أن ترحل من الحيرة بغير جوار حتى تطوف بالبيت

يقول عدي :_ وأخذ صلى الله عليه وسلم يعدد لي كل شيء في نفسي كان يحجبني عن الاسلام

ثم قال يا عدي :_ اسلم تسلم

فقلت :_ بأبي وامي انت يا رسول الله كيف علمت عني كل هذا ؟ !!!!

فقال لي :_ يا عدي إ نما انت تجلس مع نبي ورسول ليس مع ملك من ملوك الدنيا

فقلت {{ اشهد ان لا اله الا الله وانك رسول الله }}

وأسلم عدي بن حاتم الطائي

_____________________

ويحدث عدي هذا الحديث للتابعين ، فلقد عاش عدي{{ ١٤٠ عام }} لقد بقي لخلافة علي بن ابي طالب ، وشهد المعارك مع علي كلها ، واستشهد علي رضي الله عنه وبقي عدي على قيدالحياة ، فهو يحدث التابعين

ويقول لهم :_ والذي بعثه بالحق لقد عشت حتى رأيت اثنتين من نبئوة النبي صلى الله عليه وسلم

وكنت في أول خيل أغارت على المدائن على كنوز كسرى بن هرمز ودخلت بخيلي قصور كسرى وجمعنا غنائمها

وها انا رأيت المرأة تخرج من الحيرة حتى تؤم بيت الله الحرام لا تدخل بجوار احد

وأحلف بالله لترون الثالثة

وترون الغلمان يطفون بالمال لا يقبله احد ، ولا يأخذ منه شي بل يزيدون عليه حتى يرجع لبيت مال المسلمين اكثر مما خرجوا به

ونحن الآن نقول :_ يا عدي بن حاتم رضي الله عنك ، لقد حقق الله الثالثة في زمن الخليفة الراشد {{عمر بن عبد العزيز }}

لقد رأى من بعدك من التابعين ، الغلمان تخرج من بيت مال المسلمين بالمال ، يطفون على الناس فلا يقبله أحد بل يزيدون عليه

في ظل الخليفة الراشد العادل {{ عمر بن عبد العزيز }} خير الامة في عصره

الخليفة الاموي الملحق بالخلفاء الاربعة الراشدين فهو خامسهم

الذي اخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لأحد امراء الجن

[[ الذين اسلموا بعد عودته من الطائف ، ولقد بايعوه مرتين اول مرة كان عددهم سبعة عند نخلة، وفي الليلة الثانية عند الحجون وكانوا ٧٠ الف وقد ذكرناها ]]

قال النبي لأحدهم واسمه عامر ، عندما وقف يسلم على النبي ويخترع اسئلة ويستحضرها حباً بأن لا يفارق النبي

فقال له النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم :_ ألحق بقومك يا عامر

فقال عامر :_ بأبي وامي انت يارسول الله ، إنما اصطنع السؤال حتى لا افارقك وتبقى يدي بيدك

فقال له الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم :_ رضي الله عنك يا عامر  وبارك الله في محبتك ، و سيطيل الله في عمرك وستموت في العراء ، ويدفنك خير امتي آنذاك

فلما كان {{ عمر بن عبد العزيز }} أمير للمؤمنين

و قدم حاجاً من الشام وهو {{ امير الحج }}

يقول صحبه الذين حوله :_

فلما كنا قرب المدينة في العراء ، سارت سحابة من غبار امامنا [[ زوبعة او  اعصار ]]

فوقف عمر ينظر وهو يسبح ويستغفر

ثم قال :_ انيخوا هاهنا ، حتى انجلت السحابة

فلما انجلت تقدم{{ عمر }} الى مكانها فرأى ثعباناً ميتاً

فحفر حفرة في التراب ، ثم خلع عمامته عن راسه فشقها نصفين

ثم كفن الثعبان في نصف العمامة ودفنه في الحفرة

ثم قال :_ استريحوا هنا هذه الليلة

يقول اصحابه :_ فلما كان شيء من الليل [[ يعني مضى ثلث الليل الاول او ربعه ]]

سمعنا قائل يقول :_ جزيت خيراً يا {{ ابن عبد العزيز }} جزيت خيراً ، يا خير هذه الامة ، والله لقد سمعت أذناي هاتين رسول الله صلى الله عليه وسلم

وهو يقول لعامر :_ يدفنك خير أمتي انذاك

فوثب {{ عمر بن عبدالعزيز }} قائماً وهو يقول :_ لا إله إلا الله محمد رسول الله ،  نشدتك الله من انت ؟!!!!

فقال له :_ انا فلان من الجن ، أحد الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم في الحجون

وإن الذي واريته التراب اليوم هو{{  عامر }} إحدى الامراء السبعة الذين اسلموا عند نخلة ، عند رجوع النبي من الطائف

قال :_ والله لقد سمعت اذناي هاتين والنبي يترضى عليه ويقول له :_ ألحق بقومك ستموت بالعراء ويدفنك خير أمتي انذاك ، فنشهد انك خير الامة اليوم

_________________________

لماذا اقف في السيرة عند هذه الأمور

عنوان يجب ان لا تهملوه ابدا {{ نبئوة رسول الله }}

فالذي اخبر به اصحابه شهدوا جله

وما تأخر عنهم شهده الذي بعدهم

ومالم يشهدوه المسلمون قبلنا ، ها نحن اليوم نعيشه ونراه

لقد اخبرنا بالتفصيل ما وقع لأمتنا من شتات وكيف تداعى الاعداء علينا كما يتداعى الأكلة الى قصعتها

وحين ذكر ذلك

قال له اصحابه :_ أمن قلةٍ نحن يومئذ يا رسول الله ؟؟

[[ يعني حتى نوصل لدرجة يتعازموا الناس علينا ، سببه قلة عددنا ]]

قال :_ بل انتم {{{  كثييير }}} ولكنكم غثاء كغثاء السيل

اشهدوا ان لااله الا الله واشهد أنك يا سيدي وحبيبي محمد رسول الله

لقد رأيت نبؤتك هذه {{ بأم عيني }} وها نحن نعيشها تداعي الأمم علينا كتداعي الأكلة الى قصعتها

فهاهم كلاب العالم يتعازمون على تقسيم بلاد المسلمين وخيراتها ويتعازمون عليها ، ونحن لسنا قلة والله لسنا قلة

ولكن كما وصفتنا {{ أمتنا غثاء كغثاء السيل }}

وهانحن نعيش في زمن كما اخبرتنا عن الوباء {{موتان كقعاص الغنم }} يا رسول الله ، كما وصفته يا حبيبي يارسول الله فهو يصيب الجهاز التنفسي ، كمرض القعاص في الغنم وينتشر بسرعة

ولم نرى بعد المطر التي ستمطر وتقتل الكثير

ولم نرى بعد الدخان الذي سيملئ السماء ، ولكننا يارسول الله نرها قبل أن تقع لأننا نعلم انك لا تنطق عن الهوى

ونعلم اننا في زمان ستأتي امور عظام قد أقتربت ونحن في غفلة

وشهدنا الكثير مما اخبرتنا ونحن ننتظر {{ تاج }}ما اخبرتنا به من النبؤات {{ لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون }}

في وقت اصبحت قلوبنا تعتصر ألماً في الليل والنهار على مقدساتنا وارضنا وديننا

صلوا على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم 

********************************************

#هذا_الحبيب " ٢٣٨ "

السيرة النبوية العطرة (( غزوة تبوك ))

____________________________

في بداية العام التاسع قلنا أنه  {{عام الوفود }} وكان فيه مجيء القبائل العربية لمبايعة النبي صلى الله عليه وسلم على الاسلام

[[ طبعا الوفود لم تنحصر في عام واحد فمنذ فتح مكة الى حجة الوداع والوفود تأتي الى المدينة تعلن اسلامها ولكن كتب السيرة جعلت لهذا العام هذا الاسم عام الوفود ]]

ومع مجيء هذه الوفود خاصة التي تسكن على اطراف بلاد الشام

حملت هذه القبائل اخبار للنبي صلى الله عليه وسلم ان

{{ الإمبراطورية الرومانية }} تحشد جيوشها لغزو الجزيرة

وكان ذلك في منتصف العام التاسع تقريبا

فوصلت الى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأخبار التي هي  في غاية الخطورة، وهي أن الإمبراطورية الرومانية قد حشدت جيوشها من الروم والعرب الغساسنة الموالين لها لغزو الجزيرة العربية حتى يصلوا الى المدينة المنورة

وجاءت الأخبار الى أن هذه الجيوش قد وصلت الى منطقة {{ البلقاء }} وهي المنطقة الموجودة الآن في شمال غرب الأردن [[ ملاصقة للضفة الغربية الفلسطينية]]

وكان سبب حشد هذه الجيوش هو خوف {{الإمبراطورية الرومانية }} من التصاعد السريع لقوة الدولة الإسلامية والرغبة في كسر شوكة المسلمين قبل أن يستفحل خطرها وتهددها في عقر داره

وكذلك الرغبة في الإنتقام من الإنتصار الذي حققه المسلمون في {{ مؤتة }} قبل هذا التاريخ بعام واحد

ونزل الأمر الإلهي بقتال الروم

قال تعالى

{{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً }}

ومعنى {{ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ }} يعني أقرب الكفار من دياركم، والروم في الشام هم أقرب الكفار الى المسلمين 

نحن نتكلم عن السنة التاسعة من الهجرة وقد بلغ حبيبنا صلى الله عليه وسلم من العمر {{  ٦٢ عام }}

وهذه الغزوة {{ تبوك }} آخر غزوة للنبي صلى الله عليه وسلم

وكانت الروم تريد أن يسبروا غورا المسلمين ، وأن يغمزوا جانبهم كتغماز التين

[[ اي بلغتنا اليوم ، كيف تدس حبة التين باصابعك تضغط  عليها هل نضجت اما انها غير ناضجة يسبروا يعني يدسوا نبض المسلمين ماذا ستكون ردة فعلهم ؟؟وهذه من بلاغة العرب فقد قال الحجاج يوما على المنبر ، أما وإني لا يقعقع لي بالشنان ولا يغمز جانبي كتغماز التين ]]

__________________________________

اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم  القرار السريع والحاسم بالخروج لقتال الروم في الشام

قبل أن يتحركوا هم في اتجاه المدينة

مع أن الجيش الذي سيظل في مكانه سيتمتع بميزة هامة، وهو أن الجيش الآخر سيصل اليه مرهق

لأن المسافة بين المدينة وبين الشام طويلة جدا، تزيد عن {{ الألف كم }} في صحراء قاحلة، وطرق وعرة، وحرارة شديدة جدا وكان الوقت في شهر اب {{ ٨ }}

ومع ذلك اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم القرار بالزحف في اتجاه الشام

و برغم علم النبي صلى الله عليه وسلم بأن هذا التحرك سيفقده هذه الميزة النسبية

ومع علمه صلى الله عليه وسلم أن الجنود الرومان والغساسنة لا يتحملون التوغل في الصحراء هذه المسافة الطويلة وفي هذه الحرارة العالية

____________________

وكان السبب في ذلك

هو أن عدد كبير من القبائل بين المدينة وبين الشام قد دخلت في الإسلام

فلو بقي النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وترك هذه القبائل في مواجهة الجيوش الرومانية ف

هذا معناه التدمير الكامل لهذه القبائل

و النبي صلى الله عليه وسلم ليس مسؤلاً فقط عن أمن المدينة ولكنه مسؤلاً عن أمن الجزيرة كلها

وسبب آخر هو أن مجرد تحرك جيش المسلمين في الجزيرة العربية هو تدعيم لقوة وسلطان المسلمين في الجزيرة

______________________________

أمر النبي الصحابة بالتجهز للقتال، كما أرسل الى القبائل العربية التي دخلت في الإسلام، وبعث إلى مكة وقبائل العرب ليستنفرهم للقتال

ولأول مرة يعلن صلى الله عليه وسلم وجهة الجيش

وكان من عادته صلى الله عليه وسلم أن يخفي وجهة الجيش حتى يفاجأ أعدائه، ولكن في هذه الغزوة لم يخفي وجهة الجيش لعدة أسباب

____________________

١_ أن المسافة بعيدة جدا والطرق وعرة والحر شديد، فينبغي أن يستعد المسلمون لذلك بتجهيز المؤن وغيرها، ، لدرجة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يصحب كل رجل معه نعلان ، وكذلك تجهيز أنفسهم نفسيا لهذه الغزوة الشاقة

___________________

٢_أن الجيش به عدد كبير من الأعراب الذين لم يتمكن الإيمان من قلوبهم، فكان لابد من الإعلان حتى لا تحدث معارضة من هذه الإعداد الكبيرة بعد الخروج

__________________

٣_ أن اخفاء الجيش في هذه الغزوة أمر صعب جدا نظرا لضخامة الجيش وبعد المسافة، فاذا حاول المسلمون اخفاء الجيش فغالبا لن ينجحوا

___________________________

تسارع الصحابة في الصدقة لتجهيز الجيش

وحث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على الصدقات لتجهيز الجيش، فتسارع الصحابة في الصدقة، وكانت لأغنياء الصحابة نفقات عظيمة

كالعباس بن عبد المطلب، وطلحة بن عبيد الله، ومحمد بن مسلمة، وعاصم بن عدي وغيرهم الكثير

وتصدق {{ عبد الرحمن بن عوف}} بنصف ماله، وكانت حوالي {{ ٢٤ كيلو }} من الفضة

___________________

وهنا لي وقفة للاسف الكثير من المسلمين يتصور أن الصحابة كانوا كلهم فقراء ، لا يجدون ما يأكلون

حتى وصفوا أن النبي صلى الله عليه وسلم من شدة فقره {{ مات ودرعه مرهونة ليهودي }} يؤسفني انه يوجد هذا في بعض كتب الحديث

النبي لم يمت ودرعه مرهونة هذا القول غير صحيح على الإطلاق

ولو كان في صحاح الحديث ، فكتب الحديث ليست معصومة فليس هنالك كتاب معصوم بعصمة الله إلا {{ القران }} كتاب الله الذي تكفل الله بحفظه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه

ولكن لكل عالم هفوة ولكل جواد كبوة ، فإن هذا الحديث من سقطات بعض اهل العلم ان قالوا {{ مات النبي ودرعه مرهونة عند يهودي }}

لأن النبي صلى الله عليه وسلم وهو في حالة النزع

واخذ يجود بنفسه

[[فقد احتضر يوما كاملاً وشيء من اليوم الثاني ، والاحتضار هو النزع]]

فكان يغمى عليه ثم يفيق و كلما أغمي عليه وأفاق

يقول :_ يا عائشة ماذا صنعتِ بالدنانير الثلاثة الذهبية

الموجودة في بيت محمد ؟؟

تقول له :_ هي على حالها

يقول :_ اخرجيها فكيف يلقى محمدٌ وجه ربه وفي بيته ثلاثة دنانير ذهبية ؟؟

إذن عند النزع كان يملك{{ ثلاثة دنانير ذهبية }} فما الداعي لرهن الدرع

وإذا افترضنا أراد ان يرهن

ألا يرهن إلا عند المغضوب عليهم يهود ؟؟؟

ولو كان ذلك الدرع مرهون والنبي صلى الله عليه وسلم يملك ثلاثة دنانير ذهبية

لماذا لا يفك النبي صلى الله عليه وسلم رهنه ودينه

ألم يقل لنا صلى الله عليه وسلم ويعلم اصحابه ويعلمنا

فقال صلى الله عليه وسلم {{ مطل الغني ظلم }}

يعني تداين من واحد وصار معك تسده وتصير تأجل فيه يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الفعل {{ ظلم }}

النبي ينهى عن هذا الفعل

هل يعقل يا مسلم ان ينهي عنه ويتخلقه ؟؟

حاشاه صلى الله عليه وسلم ذلك

إذن لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فقيرا ولا الصحابة فقراء كما يظن البعض

___________________________

وقد تصدق {{ عمر بن الخطاب }} بنصف ماله كذلك، وكانت ثلاثة آلاف درهم

يقول عمر :_ أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نتصدق، فوافق ذلك مالا عندي، فجئت بنصف مالي

وقلت:_ اليوم أسبق أبا بكر

فجاء عمر و وضع هذا  المال بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم

فقال النبي صلى الله عليه وسلم:_ ما أبقيت لأهلك ؟

فقال عمر: _ مثله [[ اي نصف ماله ]]

ثم أتى أبو بكر، وتصدق بأربعة آلاف درهم

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:_ما أبقيت لأهلك ؟

فقال أبو بكر: _ أبقيت لهم الله ورسوله

فقال عمر: _ لا أسابقك الى شيء أبدا 

[[وكانت هذه هي ثاني مرة يتصدق فيها أبو بكر بكل ماله ]]

وتصدق فقراء المسلمين بما يقدرون عليه، حتى أن بعضهم مثل {{ ابو عقيل }} تصدق ببعض التمر

وبعثت النساء بحليهن من خواتم وخلاخل حلق وغير ذلك يشاركن بتجهيز هذا الجيش 

___________________________

أما أكبر من أنفق في هذا اليوم فهو {{عثمان بن عفان}}

وكان عثمان ذو مال كثير والسبب

[[ فلقد ورث من أبوه المال الكثير ، تذكرون جيش أبرهة أصحاب الفيل كانت أموالهم بعد أن هزمهم الله بالطير الابابيل غنيمة لأهل مكة ، فكان أبوه ممن جمع من هذا الجيش الغنائم الكثيرة ، فلما مات اورثها لابنه عثمان رضي الله عنه ]]

يقول عبد الرحمن بن حباب :_شهدت الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يحث على جيش العسرة

فقام عثمان بن عفان فقال: _ يا رسول الله، عليَّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله

[[ بأحلاسها وأقتابها  يعني بكامل عدتها ]]

فنزل النبي صلى الله عليه وسلم درجة من على المنبر

ثم حض على الجيش

فقام عثمان بن عفان فقال: _ يا رسول الله، عليَّ مائتا بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله

فنزل النبي صلى الله عليه وسلم درجة ثانية على المنبر

[[ وكان نزول النبي صلى الله عليه وسلم من على المنبر حركة عملية يقول بها حتى يشعر الصحابة أن تجهيز الجيش قد اقترب اكتماله حتى أنه صلى الله عليه وسلم على وشك ترك المنبر وتوقف حثه للصحابة على الصدقة ]]

ثم حض على الجيش

فقام عثمان بن عفان فقال: _ يا رسول الله, عليَّ ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله حتى شنق أسقيتهم

[[ وعاء الشرب كان من الأدم اي الجلد فإذا ملئت بالماء لا بد لها من حبل خاص يربطها ، فكانوا بصنعون لها الرباط من الشنق المقوى حتى لاتنفلت فيضيع الماء يعني يقول عثمان علي تجهيز الجيش حتى رباط وعاء الماء ]]

فنزل النبي صلى الله عليه وسلم من على المنبر الدرجة الثالثة وهو يقول: _ ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم ، ماضر عثمان ما عمل بعد ليوم

_______________________________

أنفق الصحابة رضوان الله عليهم الكثير من المال

ومع كل هذه النفقة فلم تكفِ الأموال لتجهيز كل من أراد الخروج للجهاد في هذا الجيش فلم يكن عند المسلمون الأموال لشراء أبعرة [[ أي مراكب]] تكفي كل المسلمين

فكانوا يأتون الى النبي صلى الله عليه وسلم من لايملكون المال للجهاد من فقراء المسلمين

يقولون :_ يارسول الله احملنا

فيطرق رأسه صلوات ربي وسلامه عليه

ويقول لهم :_ والذي نفسي بيده لا أجد ما احملكم عليه

وبعض هؤلاء عندما ردهم النبي صلى الله عليه وسلم بكى من شدة الحزن

ومن هؤلاء {{ علبة بن زيد }} الذي خرج من المسجد وهو يبكي، ثم ذهب الى بيته وأخذ يصلي طويلا في الليل

ثم رفع يده مناجيا الله تعالى

وهو يقول :_اللهم إنك أمرت بالجهاد ورغبت فيه، ثم لم تجعل عندي ما أحمل عليه، وإني أتصدق على كل مسلم بكل مظلمة أصابني فيها في مال أو جسد أو عرض

وقد سجل لهم القرآن العظيم هذا الحزن النبيل

وقد أطلق على هؤلاء {{البكائيين}} وقيل أن عددهم سبعة

[[ لم يطلق عليهم البكائين ، لانهم كانوا يبكون على خسارة فريقهم الاوربي بكرة القدم ، ولا يبكون على مسلسل تركي مات حبيبها ، كانوا يبكون لانهم لايجدون ما يحملهم على الجهاد في سبيل الله ]]

قال تعالى يصف حالهم {{ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَىٰ وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ۚ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ }}

يقول عثمان :_ فلما تولوا وأعينهم تفيض من الدمع ، رق النبي صلى الله عليه وسلم لهم ودمعت عيناه

فوثب العباس وقال :_ احمل منهم اثنين

وقام رجل اسمه {{ ياميز بن عمرو الضمري }} رضي الله عنه أصله يهودي من بني النضير وقد اسلم وحسن اسلامه

قال :_ وانا احمل اثنان

قال عثمان :_ فقلت  للثلاثة الذين بقوا وانا أحملكم ، فحمل السبعة

ولما رأى عثمان ذلك أنطلق الى داره

[[ وحسب المسألة في عقله ، اليوم كنا جلوساً فجاء سبعة فاعتذر لهم النبي فتداركنا الموقف فلعله يأتي غيرهم ونحن لسنا جلوسا عنده فماذا يصنع النبي هل يبقى يعتذر ؟؟ ]]

فقال :_ فأتيت داري وحملت في كمي [[وكانوا يلبسون ثياب اكمامها واسعة ]]

وحملت في كمي {{ ألف دينار }} ذهبية وأتيت بها الى المسجد

يقول الصحابة :_ فجاء عثمان الى النبي وهو مازال في المسجد يحدث اصحابه

وقال عثمان :_ بأبي وامي انت يا رسول الله ، يأتيك الضعفاء من الناس ، فحتى لا تعتذر إليهم أضع هذه بين يديك

واخذ عثمان بكمه وهر الدنانير الذهبية في حجر النبي صلى الله عليه وسلم

وهو يقول :_ أضع هذه بين يديك حتى تحمل منهم من شئت

[[ وظن الناس انه يحمل عشرين او ثلاثين  من الدنانير الذهبية ]]

فمازال عثمان يهر ويهر من كمه حتى أصبح كوماً في حجر النبي

[[ وجرب اللي معه مصاري جيب الف دينار فراطة برايز بلغتنا اليوم أجمعهم بالدار وشوف كم حجمهم بيصير ، الف دينار ذهبية عملت كوم في حجر النبي ]]

قال عثمان :_ هذه حتى لا تعتذر لأحد يارسول الله

يقول الصحابة :_ فنظر النبي فيها ونظر في وجه عثمان

ثم اخذ يقلبها بيديه

[[وهذا الحديث اخرجه الامام احمد بن حنبل في مسنده وقال هو صحيح وعلى شرط الشيخان ]]

فنظر النبي فيها ونظر في وجه عثمان ،ثم اخذ يقلبها بيديه وهو يقول :_ما على عثمان ما صنع بعد اليوم ، لا يضر عثمان ما صنع بعد اليوم ، ليصنع عثمان ماشاء بعد اليوم

[[ يعني ما فعله كفارة لكل ذنوبه الماضية والآتية أيضا، وهذه بشارة بحسن الخاتمة ]]

وأخذ يدعو لعثمان ويقول :_اللهم ارض عن عثمان، فإني عنه راض

غفر الله لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت، وما كان منك، وما هو كائن إلى يوم القيامة، ما يبالي ما عمل بعدها

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه

قال :_رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول الليل إلى أن طلع الفجر رافعا يديه الكريمتين يدعو لعثمان بن عفان يقول: اللهم عثمان رضيت عنه فارض عنه

سؤال هل عثمان اشترى رضا النبي صلى الله عليه وسلم بالمال ؟؟

لا حاشاه ، ولكن لان عثمان لم ينظر للمادة ، ونظر لمرضاة الله ورسوله ، عز عليه ان يدمع الفقراء فيدمع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم لدموعهم ، هل رأيتم صدق الأيمان

_______________________________

كان هذا حال الصحابة من المؤمنين الصادقين وخذوا بالمقابل حال المنافقين

قام عبدالله بن سلول {{ رأس المنافقين }} فجمع الناس في فناء داره وكان هو كبير الخزرج

وكان يعرف بالنفاق ، فجمع الذين على شاكلته فبلغ عددهم حوالي {{ ٣٠٠ }} منافق

[[ ايام النبي وبين الصحابة في ٣٠٠ منافق

فلا تستغرب إذا رأيت انسان يصلي في الصف الاول ، وقد اكل مال أخته بالميراث ، يروح مال ابوي لزوجها الغريب ، هكذا لغة المنافق في اعتراضه على حكم الله ، ويعتبر المال لابوه ، وينسى أن هذا المال مال الله يضعه حيث يشاء وتلاقي اول واحد بالمسجد  ]]

جمع ابن سلول رهطه من المنافقين وجلس يحدثهم

[[بلغتنا اليوم جلس يعطيهم تحليله السياسي لهذه المرحلة ]]

ماذا قال لهم ؟؟

قال :_ يغزو محمد بني الأصفر

[[ يقصد الروم ، و لماذا اسمهم بني الاصفر ؟؟اكثر من قول  للعلماء في كتب السيرة

١_ لان اغلبهم لون بشرتهم وشعرهم اشقر قريب للصفار

٢_  لانهم يتعاملون بالذهب في كل شيء وعندهم ذهب كثير

٣_ لأنهم من سلالة { روم بن العيص بن إسحاق نبي الله عليه السلام } وكان يسمى الأصفر لصفرة به ]]

قال :_ يغزو محمد بني الأصفر مع جهد الحال والحرّ والبلد البعيد[[ أي ما لا طاقة له به ]] يحسب محمد أن قتال بني الأصفر معه اللعب ؟؟ [[ مفكر قتالهم لعبة ]]

والله لكأني أنظر إلى أصحابه مقرنين في الحبال ، ولا أرى محمد ينقلب الى المدينة ابدا

[[ وكان يقول ذلك الكلام ليحبط الناس حتى يتخلفوا في الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ]]  إن لنخشى الروم ونحن في ديارنا أنذهب الى ديارهم ؟؟

__________________________

ولقد اورث {{ ابن سلول }} هذا المعتقد في المنافقين الى ايامنا هذه

فلسان حال المنافقين يقول {{ اللي ما يخافشِ من امريكا  ما يخفشِ من ربنا }} هكذا يكون اسلوب المنافقين في الكلام تماما قلوبهم كقلب كبيرهم الذي ورثهم النفاق {{ابن سلول }}

لماذا تخافون من الغرب ؟؟

لو كنتم مع الله حقاً لما خفتم ، وما خشيتم إلا الله ، هل رايتم قدرة الله بمخلوق لا يرى بالعين المجردة فيروس صغير ، كيف أذلهم وقهرهم رغم سلاحهم وتطورهم ، كلهم في وضعية دفاع وخوف

كيف لو كانت هنالك قلوب في الامة مؤمنة صدقا وحقا ومتوكلة على الله حق توكله ، أقسم بعزة جلال الله لو وجدت هذه الفئة ، لو أردوا إزالة الجبال لأزالوها

ولكن للاسف امتنا اليوم {{ ضلع قاصر }}

هل تعرفون معنى ضلع قاصر ؟؟

هو وصف {{  للمرأة ، الحرمة، الولية }} امتنا ضلع قاصر

اعينهم بصيرة وايديهم قصيرة ، وذلك لانهم اعتمدوا على غير الله ، ولو توكلوا على الله لكانوا  خير أمة

اللهم إن نشكو اليك ما لا يخفى عليك

قال ابن سلول هذا وبثه في عقول اصحابه من المنافقين

وقد سطر القران اقوالهم بالتفصيل

في سورة {{ التوبة }} وتسمى ايضاً سورة {{الفاضحة }}

لانها فضحت المنافقين وسطرت قول كل واحد منهم ما يقول ولو اراد الصادقون من الصحابة ، ان ينقلوا بالكلام ما قاله المنافقين

لن ينقلوه بالدقة التي وضعها الله بالقران الكريم

فسميت سورة {{ التوبة}} وسنأتي على سبب هذه التسمية وسميت سورة {{ الفاضحة }}

وسميت ايضا سورة {{المبعثرة }} لانها بعثرتهم

وكذلك سمي ايضا الغزوة {{ غزوة تبوك }}

{{غزوة الفاضحة}}  و {{ غزوة المبعثرة }}

____________________________

فأخذا المنافقون  يطلبون الإذن من النبي صلى الله عليه وسلم بعدم الخروج للقتال، ويتعللون بعلل واهية

من هؤلاء مثلا {{ الجد بن قيس }} مناف

وكان له ابن اسمه {{عبدالله }} مؤمن صادق من الصحابة

فجاء {{ الجد }} الى النبي صلى الله عليه وسلم والنبي في مسجده جالس بيت اصحابه 

قال :_ تأذن لي يارسول الله هذه المرة ان اجلس في المدينة وان لا ارتحل ؟؟

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبتسم:_ إنك موسر يا جد فتجهز ، تجهز في سبيل الله [[ أي لست فقير معك مال ليس لك عذر تجهز تجهز  ]]

فقال الجد :_ يا رسول الله إني ذو ضبعة وقومي يعلمون ذلك [[ الضبعة هي شدة الشهوة اتجاه النساء وثوارنها لأتفه الاسباب ، هل رايتم تفاهته ؟؟

يقول ذلك للنبي في مسجده وبين اصحابه انا ذو ضبعة والنبي صلى الله عليه وسلم يعلم تماما معنى ضبعة ]]

يا رسول الله إني ذو ضبعة وقومي يعلمون ذلك ،واخاف ان افتن بالنساء وأخشى إن رأيت  نساء بني الأصفر ألا أصبر عنهن فأُفتتن

[[ يعني انا ما بقدر امسك حالي اذا شفت انثى بصير مثل الثور الهايج ]]

يقول الصحابة :_ فتربد وجه النبي صلى الله عليه وسلم [[ اي بان عليه الغضب ]] ثم اعرض بوجهه الشريف عنه وهو مغضب

وقال له :_ قد أذنت لك فلا تخرج

فلما خرج {{ الجد }} من المسجد

قام ابنه عبدالله المؤمن الصادق وتبعه [[ بدكم اكثر من هيك ولد وابوه ، مؤمن ومنافق في بيت واحد ]]

فتبعه وهو يعلم ان أبوه منافق

ولكن قال له بكل أدب :_ يا ابتي لما تعتذر لرسول الله وقد اكد عليك وقال لك مرتين تجهز تجهز ؟؟

فكيف تخالف رسول الله وتعتذر له بما ليس فيك ؟؟

[[ يقول لابوه بما ليس فيك  ، يعني الولد بيعرف انه ابوه مش نافع ، ليش تكذب على رسول الله ؟؟ انت مش نافع بدك عشر حبات فياجرا كل ليلة ، قاعد تقول للنبي انك ذو ضبعة بكل وقاحة ، ليش جالس تعتذر للنبي بحجج كاذبة ]]

فقال له ابوه :_ يا بني أيحسب محمد

[[ لم يقل  رسول الله هذا شعار المنافقين ]]

أيحسب محمد ان قتال بني الاصفر معه اللعب ، لكأني انظر الى اصحابه مجدلين بالحبال

[[ هل رأيتم نفس كلام معلمه ابن سلول ، المنافقين نفس اللغة الى زماننا هذا اللي مايخفش من امريكا ما يخفش من ربنا نفس الخطاب في كل زمان ]]

فقال ابنه مستغربا :_ ابتاه !!!!! هذا شعار المنافقين

[[يعني كلامك هذا كلام منافقين]]

فصرخ ابوه في وجهه وقال :_ اسكت يا ولد انا اعلم منك بالدوائر [[ انا بعرف اكثر منك كيف تدور الامور ]]

فقال له ابنه :_والله إن هذا لهو النفاق بعينه

فما كان من ابوه إلا خلع نعله ، وضرب به وجه ابنه

ومع ذلك بقي الولد متأدب بتأدب القران الكريم

قال تعالى {{ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا }}

فقال ابنه وهو متأدب بالقران الكريم

قال :_ إني والله لا ارد عليك بشيء ولكني ارجو ان ينزل الله بك قران يتلى الى قيام الساعة

فأنزل الله تعالى فيه قوله

{{ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي ۚ أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ۗ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ }}

[[ لا تفتني يعني لا تبتليني برؤية نساء بني الأصفر ]]

فلما نزلت الآية

قال له أبنه:_  ألم أقل لك؟

فقال له: _ اسكت يالكع، فوالله لأنت أشد عليّ من محمد

وفي رواية أن الجد بن قيس لما امتنع واعتذر

قال للنبي:_ ولكن أعينك بمالي، فأنزل الله تعالى {{قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم}}

____________________________

هكذا كان صلى الله عليه وسلم ، يأذن لهؤلاء المنافقين لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يريدهم في الجيش، لأنهم يثبطون الجيش

ولكن الله تعالى عاتب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم

لأنه أعطى الإذن لهؤلاء فقال تعالى {{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ * لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ * إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ }}

هل سمعتم بمعاتبة أحسن من هذا ؟؟

بدأ بالعفو قبل المعاتبة ، لكي لا يؤلم قلب حبيبه صلى الله عليه وسلم بالمعاتبة

فلو قال له :_ لم أذنت لهم ، عفا الله عنك ، لكانت ثقيلة على قلب حبيبه صلى الله عليه وسلم

بدأ بالعفو قبل المعاتبة

فالله تعالى يقول للنبي صلى الله عليه وسلم ما كان ينبغي أن تأذن لهم، لإنك اذا لم تأذن لهم، واصروا على القعود فستعلم الصادق من الكاذب

________________________

ليس هذا فحسب كان المنافقون يحاولون تثبيط المسلمين عن النفقة فعندما يجدون أحد أغنياء المسلمين يتصدق بالأموال الكثيرة

يقولون :_ما فعل هذا الا رياء

وعندما يتصدق بعض الفقراء بالأموال القليلة

يقولون :_ان الله لغني عن هذه الصدقة

فعندما تصدق {{ عبدالله بن عوف }} بنصف ماله

قالوا :_ ما أعظم رياءه

وعندما تصدق احد الصحابة وكان فقير اسمه {{ عقيل }}تصدق ببعض التمرات

فقالوا :_ إن الله لغني عن صدقة هذا

فنزل قول الله تعالى في سورة التوبة {{ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }}

[[ يلمزون يعني يعيبون و {{الْمُطَّوِّعِينَ}} اصلها المتطوعين بالتاء ولكنها أدغمت التاء في الطاء ]]

______________________________

وكان المنافقون يتجمعون في بيت رجل يهودي اسمه {{سويلم}} ويثبطون الناس عن الخروج والغزو ويتعللون بشدة العدو، والحر الشديد، ويقولون أن الوقت هو وقت جنى الثمار

قال الله تعالى مخبرا عنهم

{{ وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ ۗ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا ۚ لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ }} بشرهم بنار جهنم

فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم {{طلحة بن عبيد الله}}في نفر من اصحابه، وأمره أن يحرق عليهم البيت

[[ وليس معنى هذا أنه أحرقهم ولكن أحرق البيت وفروا وارتدع المنافقون ]]

وهذا درس هام جدا من دروس السيرة وهو التعامل بحسم شديد مع من يريد أن يهدم أركان الدولة

______________________

تجهز جيش المسلمين وبلغ تعداد الجيش{{٣٠ ألف }} مقاتل

وعشرة آلاف فرس

وأطلق على هذا الجيش {{جيش العسرة}} لأن الخروج في هذا الجيش كان أمر {{عسير}} وشاق

والجزاء دائما على قدر المشقة، فمن يصوم في الصيف ليس كمن يصوم في الشتاء

والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه، ليس كمن يقرأه بسهولة والذي أطلق عليه {{جيش العسرة}} هو القرآن العظيم

يقول تعالى {{ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ }}

______________________________

أسباب الصعوبة الشديدة في الخروج الى تبوك ، فكان الخروج في هذا الجيش هو أصعب مرة خرج فيها المسلمون لأسباب كثيرة

١- قوة العدو وشدته، وتفوقه في العدد والعدة فكان عددهم {{١٠٠ ألف }}

٢- بعد المسافة، أكثر من {{الف كم }}

٣- قلة المؤن من الطعام والشراب

٣- قلة الأبعرة [[ اي المراكب ]]

٤- أن الوقت الذي خرج فيه الجيش هو وقت جني الثمار، والمدينة بلد زراعي، وأغلب أهله يعملون بالزراعة

___________________________

خرج النبي على رأس الجيش، وكان عمر النبي صلى الله عليه وسلم كما قلنا في هذه الغزوة شديدة الصعوبة {{ ٦٢عام}} وكان خروج الجيش في يوم الخميس غرة رجب من السنة التاسعة،

واستعمل النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة {{محمد بن مسلمة}}

وخلف النبي صلى الله عليه وسلم على أهله {{علي بن أبي طالب}}

وحتى هذا الموقف لم يتركه المنافقون

فقالوا أنه ترك عليا في المدينة لأنه استثقله

فلحق علي بالجيش وذكر ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم فقال له النبي :_  كذبوا، إنما خلفتك لما تركت ورائي ، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك ،فأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي

_______________________________

تناول القرآن لغزوة تبوك

ونزل القرآن العظيم يسجل هذه المواقف في سورة التوبة

اقرأ كلام الله تعالى بتفكر

يقول تعالى

{{فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (82) فَإِن رَّجَعَكَ اللّهُ إِلَى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ (83) وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ (84) وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (85) وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ (86) رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ (87) لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89) وَجَاء الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (90) لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (91) وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ (92) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاء رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (93) يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}}

********************************************

#هذا_الحبيب " ٢٣٩ "

السيرة النبوية العطرة (( الخروج الى تبوك ))

_____________________________

تجمع جيش المسلمين وكان عدده {{ ٣٠ الف }} للخروج لقتال الروم في الشام قبل أن يتحرك الروم في اتجاه المدينة  وخرج الجيش من المدينة في يوم الخميس  غرة {{رجب}} من السنة التاسعة من الهجرة

وكانت هذه هي أصعب غزوات النبي صلى الله عليه وسلم

لأن المسافة بعيدة جدا، تصل الى حوالي ألف كيلو متر، في صحراء قاحلة وطرق وعرة، والحرارة شديدة جدا

ليس هذا فحسب بل كان هناك عدد قليل من المراكب، فكان كل ثلاثة أو أربعة أو أكثر يتعاقبون على بعير واحد

ومعنى هذا أن كل رجل في الجيش يسير على قدميه حوالي ٧٠٠ كم

وعسكر النبي صلى الله عليه وسلم بالجيش بالقرب من المدينة

وانطلق الجيش ، وأخذ المنافقون ينسحبون واحداً تلوى الاخر فكانوا يتخلفون عن الجيش، ويعودون الى المدينة، فكان كلما تخلف واحد ورأه الصحابة يقولون:

- يا رسول الله تخلف فلان [[ يعني رجع ]]

فيقول النبي صلى الله عليه وسلم :_ دعوه ، إن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم ، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه

[[ عبارة واضحة دعوا الأمور لله ،نحن لا نحكم على الناس بالنفاق والكفر إنما أمرت ان احكم بالظاهر والله يتولى السرائر]]

و هكذا طوال الطريق

وبعد مسيرة ثلاثة أيام من المدينة تأتي قصة الصحابي الجليل {{ أبا ذر الغفاري }}

____________________

{{ ابو ذر }} رجل من الصحابة لا يتهم ، فهو كامل الإيمان

يقول ابو ذر الغفاري :_ عندما أمر النبي صلى الله عليه وسلم لغزوة تبوك ، كنت اعلم أن راحلتي ضعيفة [[ يعني عنده بعير تعبان مش خرج سفر ]]

قال :_ فعلفته ثلاثة أيام علف شهر [[ يعني كم ياكل بشهر طعميته أياهم بثلاث ايام ]]

حتى لا يعيقني ، فلما انطلق الجيش ركبته وأنطلقت معهم

حتى إذا كنا على ثلاث مراحل من المدينة [[ اي مسيرة ثلاثة ايام ]]

أعياني بعيري [[ يعني ضعف البعير لم يعد يقدر على المشي لا يستطيع ان يلحق الجيش ]]

فجلست أعالجه [[ يعني يسقيه ويعلفه ]]

قال :_ فلما يأست منه تركته

__________________

وقبل أن يتم لنا {{ ابو ذر }} قصته لننظر حينما تأخر عن الجيش ، وهو يحاول أن يعالج بعيره ماذا كان ؟؟

رأى الصحابة في الجيش [[ طبعا الجيش ٣٠ ألف كل مجموعة ماشية مع بعضها البعض وهم يمشون بالصحراء تفرق بينهم الاشجار والاودية ]]

فراى من كان آخر الجيش ان {{ ابا ذر }} قد جلس وتأخر ولم يلحق بهم

فأخبروا النبي صلى الله عليه وسلم أن {{ ابا ذر}} قد تخلف و{{ ابا ذر }} صحابي لا يتهم

واذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يكرر  المقولة نفسها التي قالها عن المنافقين

{{ دعوه ، إن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم }}

وراع الصحابة هذه الكلمة ابو ذر ؟ !!!! لا يتهم ومع ذلك لم يستثنيه النبي بوصف اخر

فقال :_ إن يك به خير يلحق

[[ والسبب لان الأمر فيه جد وفي غاية الجدية ليس هنالك مجاملة فهو أمر جلل والنبي لم يدلل احد ولم يداري وارعدت فرائص الصحابة هذه الكلمة إذا قيلت في ابي ذر ]]

__________________

نرجع {{ لابو ذر}}

يقول :_ فجلست أعالج بعيري ، فلما أعياني [[يعني زهقت منه مافي حل ]]

تركته باركاً في الصحراء ، وأخذت متاعي و وضعته على ظهري ولحقت مشياً بالجيش على قدماي

[[رجع مشي على رجليه بالصحراء ، وانتوا عارفين صحراء السعودية  ، اللي لما بعض الناس بيروحوا للعمرة و باص موديل سنته ،ومكيف وبتشربوا ماء مثلج وتتذمروا ، وبعض الاحيان بيصير طوش ومسبات ، وكله الطريق ١٢ ساعة وبتوقفوا عشرين مرة بالطريق على الاستراحة ولما يوصلوا للمدينة يتأفأفوا ]]

ابا ذر في الصحراء صيف حار جداً {{ شهر ٨ }}يمشي على رجليه و متاعه فوق ظهره

فلما كانوا على مقربة من تبوك ، استراح الجيش وكان الصحابة قلقون على {{ ابي ذر }}

فأخذوا يراقبون الطريق لعل {{ ابا ذر }} يلحق فنظروا من بعيد فإذا برجل يسير  على قدميه ومتاعه على ظهره

فقال أحد الصحابة : _ يا رسول الله هذا رجل يمشي على الطريق

يقول الصحابة :_ فما راعنا إلا والنبي صلى الله عليه وسلم يشير بأصبعه بأتجاه الرجل من بعيد ويقول :_ كن أبا ذر[[ صيغة دعاء اي اللهم اجعله ابا ذر ]]

كن أبا ذر

فلما اقترب تبينه المسلمون وقالوا: - يا رسول الله ، الله اكبر هو والله أبو ذر [[ فرحوا ]]

فقال النبي صلى الله عليه وسلم :_ رحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث يوم القيامة امة وحده

[[ ابو ذر أمة ، و أمتنا للأسف اليوم لا تسوى ذر ، عارفين الذر هو صغار  النمل ]]

قدم {{ ابو ذر }} وقد جف ريقه من العطش  ، وقد تسلخت قدماه من المشي على الرمال الحارة ، وقد أتعبه حمل متاعه على ظهره ، وهو يتلهف أن يلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم

يقول الصحابة :_ فأقترب وجلس بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم

وهو يقول :_ يا رسول الله استغفر لي [[سبحان الله من اي شيء يستغفر لك يا ابا ذر ؟ !! ]]

قال :_ يا رسول الله استغفر لي

قال له النبي :_ من اي شيء ؟

قال :_ أعياني بعيري فعالجته حتى يأست منه فتركته في الصحراء ، وحملت متاعي على ظهري ، حتى لحقت فأستغفر لي عن هذا التأخر 

يقول الصحابة فذرفت عين النبي صلى الله عليه وسلم

وقال:_  لقد حط الله عنك يا أبا ذر في كل خطوة مشيتها سيئة وكتب لك حسنة ورفعك بها في الجنة درجة [[ بالله عليكم كم خطوة مشى ؟؟  بحدود ٧٥٠ كم  ، فكم خطوة تكون ]]

هل رأيتم الصدق مع الله ؟؟

____________________

وقد حقق الله نبؤة النبي صلى الله عليه وسلم في {{ أبا ذر }}

في خلافة {{ عثمان بن عفان رضي الله عنه }}

خرج ابو ذر ورحل من المدينة عندما بدأت تظهر الفتن ،  وارتحل الى الطريق الذي يؤدي للعراق

وعلى مسيرة ثلاثة ايام من المدينة ، نصب له خيمة هناك وليس معه إلا زوجته وخادم له ، وكان اذا أحتاج شيء أخذه من القوافل في الطريق

وحضرته الوفاة ذات ليلة وليس عنده إلا زوجته وخادمه

فقال لزوجته :_ إذا انا مت فضعيني عند باب الخيمة وقفِ وانظري الى أول مارقٍ بالطريق ، فقولي له هذا صاحب رسول الله قد مات فجهزه وصلي عليه

[[ طبعا زوجته وخادمه فقط معه ، من الذي سيغسله ويكفنه ويصلي عليه ويدفنه ، لا يستطيعون ]]

وعند الضحى فاضت روحه الكريمة رضي الله عنه

فصنعت زوجته وخادمه كما اوصى ، وضعوه عند باب الخيمة ووضعوا عليه الستار

ثم أخذت زوجته ترقب الطريق ، ويا سبحان الله عندما يكرم الله رجل يحبه

وإذا براكب من بعيد مقبل من جهة العراق ، ومعه رهط من الرجال [[ والرهط مافوق العشرة من الرجال ]]

فلما اقترب نظرت إليه زوجة {{ أبا ذر }}

وقالت :_  ابن مسعود ؟ !!!

{{عبدالله بن مسعود }} الصحابي الجليل الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم

{{ لساق عبدالله أثقل  عند الله من جبل احد }}

عبدالله بن مسعود اشبه الناس بقراءة القران برسول الله صلى الله عليه وسلم

سمعه النبي يوماً يقرأ وكان النبي صلى الله عليه وسلم

يقوم الليل وابن مسعود في المسجد يقرأ

فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يستمع له ، حتى اذا فرغ قال له النبي صلى الله عليه وسلم :_ لا فض فوك [[ تجاوز ابن مسعود ١٠٠ من العمر لم يسقط منه سن واحد وذلك لدعاء النبي له لا فض فوك ]]

قال :_ اكنت تسمع يا رسول الله ؟!!

قال له :_ أجل

قال :_ تسمعه مني وعليك نزل

قال له النبي صلى الله عليه وسلم :_ والذي بعثني بالحق لقد سمعته منك غضاً طرياً ندياً كما نزل به جبريل

هذا هو عبدالله بن مسعود رضي الله عنه

______________________

فقالت له :_ ابن مسعود

قال :_ اجل ما شأنكم ؟!!

قالت :_ هذا {{ ابا ذر}} صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد حضرته نبؤة النبي وها هو قد مات وحده ، وقد اوصاني اول مارق بالطريق فليجهزه وليصلي عليه

قال :_ حباً وكرامة

فنزل وقبل بين عينيه ، ثم غسله ومن معه من اصحابه واستخرج مما معهم من ثوب ابيض ، وكفنه وصلى عليه ابن مسعود

[[ مش اي واحد صلى عليه ، إنه ابن مسعود اشبه الناس قراءة للقران برسول الله صلى الله عليه وسلم ]]

ثم دفنه ورجع الى المدينة مع زوجته وخادمه

واخبر ابن مسعود امير المؤمنين عثمان

فقال عثمان :_ لقد مات {{ ابو ذر }} وحده كما قال النبي وسيبعث يوم القيامة وحده كما قال النبي صلى الله عليه وسلم

______________________________

وكان ممن تخلف عن مسيره مع رسول الله

الصاحبي الجليل {{ أبو خثيمة }} رضي الله عنه

يحدثنا ابو خيثمة عن نفسه

يقول :_ عندما مضى النبي صلى الله عليه وسلم بالجيش قلت في نفسي

أني في استعداد وفي سعة ، فإذا انطلق الجيش انطلقت يقول :_ فبقيت في داري في المدينة ولم اعسكر مع الجيش

فلما انطلق الجيش

قلت :_ الحق بهم اخر النهار فأنا على استعداد

فغلبتني نفسي ونمت تلك الليلة في داري ، فلما كان النهار مضيت في بعض شأني ثم عدت الى حائطي [[ اي البستان ]]

وكان عندي زوجتان وكان يوما حارا

فلما دخلت حائطي وجدت زوجتاي

في عريشتين لهما في حائط قد رشت كل منهما عريشتها، وبرّدتا فيها ماء، وهيأتا طعاما، وترجو كل واحدة منهم ان اكون نزيلها

وكان يوما شديد الحر، فلما دخلت نظرت إلى زوجتي وما صنعتا

فقلت :_ رسول الله  خير خلقه الله،  وخاتم رسله مع خيرة صحبه تحت حر الشمس ، وعسيف الرمال ، يسير في سبيل الله في الحر

وأبو خثيمة في ظلّ بارد وماء مهيأ، وامرأة حسناء؟ ما هذا بالنصف وماهذا من شعائر الايمان والله

ثم قال: _ والله لا أدخل عريش واحدة منكما حتى ألحق برسول الله فهيئا لي زادا ففعلتا

ثم ركب بعيره  وأخذ سيفه ورمحه  ثم انطلق يلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أدركه حين نزل بتبوك

فلما دنا أبو خثيمة

قال الناس:_ هذا راكب مقبل

فقال النبي صلى الله عليه وسلم :_ كن أبا خثيمة

فقالوا:_ يا رسول الله هو والله أبو خثيمة

فلما أناخ أقبل يسلم على رسول الله

وهو يقول :_ يا رسول الله استغفر لي لقد كان من أمري كذا وكذا اخبر النبي بقصته

يقول الصحابة :_ فرفع النبي صلى الله عليه وسلم إليه رأسه بجد

وقال له :_ أولى لك يا أبا خثيمة [[ أولى كلمة زجر وتهديد يعني ويل لك لو لم تلحق ]]

ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم:_ أذهب فأستغفر الله [[ يعني استغفر لانك تأخرت ليلة من غير عذر ]]

____________________________

أما حال الصحابة وهم في طريقهم إلى تبوك فقد دخلوا في جوع وعطش شديدين

فلقد كانت المؤن قليلة جدا حتى كان الرجلين يقسمان التمرة بينهما

وكان النفر يتداولون التمرة بينهم ، يمصها هذا ، ثم يمصها هذا ،ثم يمصها هذا

واضطر الصحابة الى أكل ورق الشجر حتى تورمت شفاههم

ثم نفذ الماء وأصاب الجيش عطش شديد

يقول أحد الصحابة :_ حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع

وبدأ المسلمون من شدة العطش ينحرون الأبعرة ويعصرون ما في بطونها من فرث ليشربوه، مع قلة الأبعرة وحاجتهم الشديدة اليها

يقول عمر رضي الله عنه: _خرجنا في حر شديد، فنزلنا منزلا أصابنا فيه عطش

حتى إن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ويجعل ما بقي  على صدره ،فشكوا ذلك للنبي

فقال أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم :_يا رسول الله قد عوّدك الله من الدعاء خيرا فادع الله لنا

قال :_ أتحب ذلك يا ابا بكر ؟

قال :_ نعم

ورفع يديه صلى الله عليه وسلم فلم يرجعهما حتى أرسل الله سحابة فمطرت حتى ارتوى الناس واحتملوا ما يحتاجون إليه

وكانت تلك السحابة لم تتجاوز العسكر [[ الدنيا صيف شهر ٨ في الصحراء ، جاءت سحابة فقط فوق الجيش ]]

وكان رجلا من الأنصار قال لآخر متهم بالنفاق بينهم : _ويحك قد ترى [[ يعني هل رأيت هذه المعجزة ]]

فقال هذا المنافق :_ سحابة مارّة وانتهت [[ يعني كلغة الذين في قلوبهم مرض اليوم ، يربطون كل حدث للطبيعة والعلم وينسون أن هذا الكون لا تتحرك ذرة فيه إلا بأذن الله ]]

فأنزل الله تعالى {{وتجعلون رزقكم}} أي بدل شكر رزقكم {{أنكم تكذبون}} أي حيث تنسوبه للطبيعة

تجمعت السحب في السماء ونزل المطر، فسقوا وارتوا وسقوا أنعامهم ببركة دعاء الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم

ثم قال عمر:- يا رسول الله لو جمعنا ما بقي من أزواد القوم فدعوت الله عليها

فجاء المسلمون بكل ما ما بقي لهم من طعام

فبارك النبي صلى الله عليه وسلم ، عليها حتى ملأ الزاد والطعام كل المعسكر

______________________________

ومر الجيش في سيره على منازل {{ثمود}} قوم نبي الله صالح عليه السلام

وهذه المنطقة لا تزال موجودة في شمال {{ السعودية }}وهي منطقة سياحية يأتي اليها السياح بالآلاف كل عام

وقد أخبرالقرآن العظيم أن قوم صالح قد أهلكوا في هذه المنطقة، وهذه المنطقة بها أبيار للمياه، فأسرع المسلمون وشربوا وملئوا أوعيتهم بالماء، وعجنوا العجين بهذا الماء ليصنعوا خبزا يأكلوه بعد طول جوع

ولكن المفاجأة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرهم بأمر شاق جدا

وهو ألا يشربوا من هذا الماء، حتى العجين الذي عجنوه بهذا الماء فلا يأكلوا منه، بل يعطونه طعاما للإبل، لأن هذا الماء هو ماء قوم ثمود فهو ماء غير مبارك

فقال صلى الله عليه وسلم

{{ لا تشربوا من مائها شيئاً، ولا تتوضئوا منه للصلاة، وما كان من عجين عجنتموه فأعلفوه الإبل ولا تأكلوا منه شيئاً }}

وكان يمكن أن يجادل أحد المسلمين

ويقولون :_ أن الماء يمكن أن يشرب منه المسلم والكافر والبر والفاجر

والنبي صلى الله عليه وسلم نفسه كان يشرب من ماء مكة، وكان كل أهلها كافرون

ولكن لم يقل أحد من المسلمين هذا الكلام ، للنبي صلى الله عليه وسلم

ولم يجادل أحد النبي 

لأن عبودية الله تعالى وطاعة رسوله ، لا تقتضي معرفة الحكمة من كل أمر

بل إن بعض الأوامر قد يخفي الله عز وجل حكمتها عنا ليختبر مدى طاعتنا له

يقول تعالى {{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا }}

اذن كان هذا الأمر من النبي صلى الله عليه وسلم هو اختبار جديد وابتلاء جديد للمسلمين فوق ما هم فيه من ابتلاء

مثل ابتلاء جيش طالوت بعدم شرب المياه من النهر، بل ومثل ابتلاء المسلمين بتحريم أكل لحوم الحمير الأهلية في خيبر

ونجح الجيش في هذا الاختبار الجديد ولم يشربوا من ماء ثمود مع شدة حاجتهم له

وايضا أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم

ألا يدخلوا ديار قوم {{ ثمود }} إلا باكين ، تأثراً بما حدث لهم عندما خالفوا أمر الله عز وجل

فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم :_ لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم ، لا يصيبكم ما أصابهم

وقنع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه بالثوب وغطاه وأسرع بالمسير، ولم يدخل

[[وهذا الكلام ينطبق على كل آثار باقية لقوم أهلكوا بسبب معصيتهم، لا يسعى المسلم لدخول هذه الأماكن، واذا دخلها لا يدخلها في فرح وسرور ويلتقط الصور ، وانما يدخلها في بكاء وتأثر وتذكر وتدبر ]]

********************************************

#هذا_الحبيب " ٢٤٠ "

السيرة النبوية العطرة (( تبوك ، وحال المنافقين ))

_____________________

قلنا أنه تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم ، رهط من المنافقين وهم في طريقهم لتبوك

ولكن بقي بين ظهر المسلمون عدد من المنافقين خرجوا معهم رغبة ورهبة

رغبة في الغنائم فهم على يقين بأن النبي صلى الله عليه وسلم سينتصر إن لقي حرباً

ورهبة من أن يفتضح أمر نفاقهم

ونختار نموذجين عن هؤلاء المنافقون

_________________________

{{ النموذج الاول }}

عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه لتبوك [[ الجيش كما قلنا تعداده ٣٠ ألف بخيلهم وأبلهم ، ويكاد الرجل من ضجيج الجيش لا يسمع من بجانبه ]]

فجلس النبي صلى الله عليه وسلم يستريح ،  ثم أذن بالرحيل

فكان ثلاثة من المنافقين يجلسون في خيمة واحدة ومتاعهم مع بعض

فختموا جلستهم هذه قبل الرحيل ، بغيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم

[[ يستغيبون النبي ويستهزئون ، بلغتنا اليوم ينكشو راسهم ينكتوا و على مين ؟؟ على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ]]

أما اسمائهم

١_ الوديعة بن ثابت

٢_ الجلاس بن عمرو

٣_مخشن بن حمير

الثلاثة كانوا في رحل واحد ، وكانوا يتكلمون مع بعضهم والنبي صلى الله عليه وسلم كان في آخر الجيش

_________________________

فقال وديعة بن ثابت :_ لقد صدق والله ابن سلول

أتحسبون أن جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضاً والله لكأني بكم غداً مقرنين في الحبال

[[ يقول هذا الكلام إرجافاً وترهيباً للمؤمنين ]]

فأخذ القوم يضحكون

فقال جلاس [[ و جلاس كان معه فتى قد ناهز الحلم  يعني عمره ١٢ او ١٣ سنة و اسمه {{ عمير}} كان يتيم و تزوج الجلاس امه فأصبح {{ عمير}} ربيبه  فكان متعلق به و لا  يرتحل الى مكان إلا اصطحبه معه وكان عمير فتى مؤمن يحبه النبي كثيراً و يداعبه ]]

فكان عمير هذا جالساً معهم فقال الجلاس الذي هو كافله و زوج امه

قال مجيباً لوديعة :_ والله لئن صدق محمدٌ ، لنحن شر من الحمير

[[  يعني اذا بيطلع محمد صادق انه نبي مثل مابيقول فنحن اقل منزلة من الحمير ]]

فأجابه الفتى اليتيم {{ عمير }} الذي هو في كفالته

قال بلغة المؤمن الصادق الذي لا تاخذه في الله لومة لائم

مجيباً زوج امه وكافله

قال :_ أنت شر من الحمير وإن لرسول الله صادق

[[ فتدارك الثالث { مخشن بن حمير} الموقف حين اجاب هذا الفتى الصغير بهذه اللهجة ورأى أن هنالك عناية ربانية تجعل الصغير لا يخشى بقول كلمة الحق  ]]

فقال مخشن بن حمير :_ والله لوددت أني أقاضي على أن يضرب كل  رجل  منا مئة جلدة ، وإنا ننفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه

[[ يعني لو هذا الولد وصل للنبي الذي قلناه ، احب إلي ان اجلد ولا ينزل فينا من الله قران يتلى ]]

وإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو بآخر الجيش يقول لعمار بن ياسر

قال :_ قم يا عمار بن ياسر  أدرك القوم ، فإنهم قد احترقوا 

فقال الصحابة متعجبين :_ من يارسول الله ؟؟

فسماهم النبي صلى الله عليه وسلم بأسمائهم

قم يا عمار بن ياسر  أدرك القوم ، فإنهم قد احترقوا 

فسلهم عما قالوا  ، فإن أنكروا فقل : بلى ، قلتم كذا وكذا

وقال فلان كذا

واجابه فلان بكذا

وقل لهم أنا محمد رسول الله

فانطلق إليهم عمار ، وهو يشق صفوف الناس حتى أدرك الثلاثة قبل أن يرتحلوا

فقال لهم عمار :_ قفوا مالحديث الذي دار بينكم تنتقصون فيه رسول الله ؟؟

فقالوا :_ ماقلنا شيئاً

وأقسم الجلاس والله ما قلنا شيء

فقال عمار :_ لا بل قلت يا فلان كذا وقلت يا فلان كذا

[[ واخبرهم بما قالوا بالتفصيل ]]

فقام  {{وديعة بن ثابت }} يجري وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والنبي واقف على ناقته

فجعل يتعلق بناقة النبي صلى الله عليه وسلم يريد الاعتذار

فلم يلتفت النبي إليه ومضى في سيريه

فأمسك بحقاب الناقة واخذ يجري خلف النبي صلى الله عليه وسلم

وهو يقول :_ يا رسول الله ، اسمعني  ، اسمعني ، إنما كنا نخوض ونلعب

[[ عارفين شو معناها اليوم نكت التواصل الاجتماعي على الدين وشعائره في كل مناسبة في الصيام نخترع النكت في عيد الاضحى في الاحاديث النبوية في المحجبات المخمرات ننكش راسنا شوي نتسلى ليش التشدد  يا اخي ، نكت سمجة تصدر من كثير من غثاء السيل وعلى من ؟؟ على الدين الحنيف ]]

__________________________

{{إنما كنا نخوض ونلعب }} فلم يقف له النبي ولم يستمع له

وإذا بالراحلة التي يركبها النبي صلى الله عليه وسلم تثقل وأخذت تمشي ببطئ ، ولم تعد تقوى على المشي

فوقف الناس وعلموا أنه يوحى الى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم

وإذا بجبريل ينزل بثلاث آيات من سورة {{التوبة}}

اسمعوا يا اهل النكت ، ماذا انزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم في هؤلاء

افتح القران على سورة {{ التوبة }}واقرأ وتدبر 

قال تعالى

{{ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ }}

  هل رايتم ؟؟ كما قال مخشن بن حمير والله لوددت أني أقاضي على أن يضرب كل  رجل منا مئة جلدة ، وإنا ننفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه

{{يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ }}

ارسلت صاحبك عمار بن ياسر يسألهم

{{وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ}}

  أي أجبهم يا رسول الله

{{ قل أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ ، لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ }}

يا حبيبي يالله ما أجمل واعظم كلامك ، استثنى طائفة وخص العذاب بطائفة لأن منهم من سيتوب بعد نزول الايات ، سبحانك ما أعظمك

فبعد نزول الايات جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم {{ مخشن بن حمير }} وجلس بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو خجل مطرقاً رأسه الى الارض مشرقاّ وقد تاب الى الله توبة صادقة

وهو يقول :_ بأبي وامي انت يا رسول الله ، والله ما قلت إلا خيراّ

[[ يعني صحيح كان هناك حديث بس انا اللي طلع مني خير ]]

ولقد رجوت ان اجلد مئة جلدة ، ولا أن ينزل بي قرآن يتلى الى قيام الساعة

فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم ، نظرة رضا وهو مبتسماً

وقال :_لقد انزل الله قرآن وانت ممن عفى عنك

فقال مخشن  : _ يا رسول الله ، لعله  قعد بي اسمي واسم أبي فأنا مخشن بن حمير [[ حمير يعني تصغير حمار ]] وإن لكل مسمى من اسمه نصيب

[[ يعني هالغلطة اللي وقعت فيها ناتجة من اسمي ]]

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مبتسما :_ لا عليك فأنت بعد اليوم {{ عبدالرحمن  }} فتسمى عبد الرحمن فأستثني هذا من قائمة المنافقين

السيرة للتأسي ، التوبة الى الله تجب ما قبلها ، هل رأيتم رحمة الله ولطفه ، هل شعرتم بجمال الله عزوجل  بقلوبكم {{ الله عزوجل لم يخلقنا ليعذبنا بل ليكرمنا ويرحمنا }}

من تاب ، تاب الله عليه

وسأل عبد الرحمن  هذا  الله تعالى أن يقتل شهيدا و لا يعلم الناس بمكانه ، فقتل يوم اليمامة ، فلم يجد له الناس أثر

فلقد صدق الله في توبته

___________________________

{{ النموذج الثاني }}

مضى النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه {{ لتبوك}} واستراح ليلاً ، وانطلقت الابل في الوادي

فلما كان وقت الرحيل افتقدوا ناقة النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجدوها

فلم يتحرك أحد من الجيش ، وأخذ الصحابة يبحثون عن ناقة النبي صلى الله عليه وسلم وهي ناقته {{ القصواء }}

وطال البحث عنها ولم يجدوها

وكان النبي صلى الله عليه وسلم جالسٌ في خيمته ومعه صحابي جليل عقبيا بدريا

[[ عقبي اي ممن شهدوا بيعة العقبة قبل الهجرة ،وبدري ممن شهدوا بدر وكلا الوصفين كان علم في حسن القدوة بين الصحابة بعد وفاة النبي يقولون فلان عقبي او بدري اي من خيرة الصحابة ، فهذا الصحابي يجمع بين الوصفين ]]

وكان النبي صلى الله عليه وسلم جالس في خيمته ومعه صحابي جليل عقبي بدري  واسمه {{ عمارة بن حزم رضي الله عنه}}

أما في خيمة عمارة كان يجلس فيها أصحابه

[[ الذين كانوا مع عمارة يرحل معهم ويمشي معهم وينام معهم ، فكانوا يجلسون في خيمته ]]

وعمارة هذا كان جالس مع النبي صلى الله عليه وسلم ، في خيمة النبي

فكان يجلس في خيمة عمارة رجل من اصحاب عمارة اصله  يهودي من بني قينقاع ، ولكنه اسلم نفاقاً

اسمه زيد بن اللصيت [[ واللصيت معناها عند العرب تصغير لوصف اللص واحتقار  ، يعني حتى لص مش نافع هامل اذا سرق ما بينجح ]]

فقال زيد بن اللصيت ، وهو في رحل عمارة

وعمارة كما قلنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال :_ يالا العجب أليس محمد يزعم أنه نبي ، ويخبركم عن خبر السماء ، ويخبرنا عن ما مضى وبما هو آتي

[[ يعني بيخبركم شو صار بالأمم الماضية وعلامات الساعة وشو بدو يصير يوم القيامة ]]

يالا العجب أليس محمد يزعم أنه نبي ، ويخبركم عن خبر السماء ، ويخبركم عن ما مضى وبما هو آتي ، وهو لا يدري أين ناقته ؟

[[هذا الحديث يجري في هذا الخيمة وخيمة النبي بعيدة عنها ]]

يقول عمارة :_ فما راعنا إلا والنبي صلى الله عليه وسلم يتغير وجهه و هو يقول [[ وعمارة عنده ]]

يقول :_ إن رجلاً  منافقاً في خيمة واشار بأصبعه بعيداً يقول :_ هذا محمد يخبركم أنه نبي ، ويزعم أنه يخبركم بأمر السماء وهو لا يدري أين ناقته

وإني والله لعبدالله ورسوله ، و ما أعلم إلا ما علمني الله

وها هو اخي جبريل قد حضر يعلمني اين الناقة ، وقد دلني الله عليها ، وهي في هذا الوادي ، في شعب كذا وكذا ، قد حبستها شجرة بزمامها ، فانطلقوا حتى تأتوني بها ، فذهبوا ، فجاءوا بها

فرجع عمارة بن حزم إلى رحله فقال لاصحابه :_ والله لعجب من شيء حدثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا [[ يخبرهم بفرح بنبؤة رسول الله ، فهو لا يدري من القائل  هو أراد أن يخبرهم لتقوية الايمان عندهم ليزدادوا ايماناً مع ايمانهم قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا } لأن الايمان يضعف ويقوى ]]

فقال :_ والله لعجب من شيء حدثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا ونحن جلوس عند رسول الله ، اذا به يتغير وجهه ويشير بأصبعه ويقول إن منافقا في خيمة يقول كذا وكذا [[ تماما كما قال زيد بن اللصيت ]] واخبر اصحابه عن مكان الناقة فأنطلقوا فوجودها كما قال واحضروها

فقال رجل ممن كان في رحل عمارة

قال :_ والله ما قام من مجلسنا رجل واحد وإن {{ زيد }}

والله هو من قال هذه المقالة قبل أن تأتي

فوثب عمارة على زيد مغضبا  يجأ في عنقه [[ أي مسكه من عنقه بيد واحدة ، كأنه يريد أن يخنقه ]]

وهو يقول :_ إلي عباد الله ، إن في رحلي لداهية وما أشعر [[يعني معي في خيمتي منافق وانا لا اعلم  ]]

اخرج  عدو الله من رحلي ، فلا تصحبني بعد اليوم ساعة واحدة ، لماذا ؟؟

لان النبي صلى الله عليه وسلم يقول {{ المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل }}

وكما قيل

{{ من جالس جانس ، والصاحب ساحب ، والروح كالريح ، إن مرت على عطر طابت ، وتخبث إذا مرت على الجيف }}

قال :_ لا تصحبني ولا تجالسني بعد اليوم ساعة واخرجه من خيمته

_________________________

وتجهز النبي صلى الله عليه وسلم للرحيل ، وقبل أن ينطلق الجيش

أمر رجل من أصحابه صوته جهوري ان ينادي بالجيش [[حتى يسمع الجيش كله ،يقال انه عمه العباس ]]

قال :_ نادي بالجيش  وقل لهم

ألا إن رسول الله يقول لكم إنكم مشرفون على تبوك غدا ان شاء الله تعالى ، وستصلون إليها  عند الضحى فمن سبقنا إليها فلا يقرب ولا يمس احد ماءها حتى احضر

[[ لان تبوك سبب تسميتها هو عين الماء الذي فيها

فهي عين ماء ضعيفة {  تبك الماء بكا } لذلك سميت تبوك نسبة لعين الماء التي فيها ، فهي تبك الماء بكا ، اي لا تكاد تسقي الراكب الواحد

يعني اذا شرب رجل انتظر الاخر ساعة بعده حتى يشرب فأراد النبي ان لايقرب احد الماء حتى يحضر ويبارك فيه ]]

طبعا هذا الحديث رواه {{ مالك ومسلم في صحيحه والإمام احمد في مسنده كلٌ في سنده الصحيح عن معاذ بن جبل }}

فلما وصلوا احاط الجيش بهذه العين ينتظروا النبي صلى الله عليه وسلم فلما وصل ترجل عن راحلته

ونظر الى البئر الى عينها

وقال :_ هل مس الماء منكم أحد ؟؟

فقال بعض الصحابة :_ أجل يارسول فلان وفلان [[ وكانوا من المنافقين ]]

وهذا الحديث كما قلت لكم رواه مالك ومسلم في صحيحه والامام احمد في مسنده عن معاذ بن جبل

قال معاذ :_ فسبهم النبي [[ على جلالة خلقه صلى الله عليه وسلم سبهم  ، ولكنهم بيستهلوا المسبة ]]

قال :_ فسبهما النبي وقال لهما ماشاء الله له ان يقول [[ اي توبيخا وتأديبا ]]

ثم قال :_ لينزل منكم رجل يجمع لي ما أمكن من الماء

[[ وكانت العيون يجعلون حولها بئراً واسعاً وكبيراً حتى اذا نزلت الامطار تتجمع فيها ]]

فنزل رجل وأحضر له من ماءها

يقول معاذ :_ فغسل صلى الله عليه وسلم فيه يديه ، ثم غسل وجهه ، ثم مضمض فيه ، ثم ارجعه للوعاء ثم اعطاه للرجل

وقال له :_ خذ وأدر الماء في العين

فأخذ الرجل الوعاء وأداره في العين

يقول معاذ :_ ففارت الماء وعلت ولها أذيذ  كأن الماء انفجر من الارض انفجاراً ، فما ادركنا الرجل حتى اخرجناه قبل ان يغرق ،حتى امتلأ الحوض وجلسنا على حفافه نغرف بأيدينا

فقال صلى الله عليه وسلم :_ اشهد ان لا اله الا الله وأني رسول الله

ثم نظر لمعاذ وقال :_ يا معاذ يوشك إن طالت بك حياة أن ترى ههنا ملىء جنانا وبساتين [[يشير الى ارض تبوك ]]

وتبوك لم تكن مدينة بل كانت ارض صحراء ذات رمال

والذين ذهبوا عمرة كيف ترون تبوك اليوم ؟؟

قد امتلئت جنان وبساتين

______________________

ونحن نقول  :_ نشهد أن لا إله إلا الله ، ونشهد انك يا سيدي محمد رسول الله

وها هي تبوك قد قد ملئت جنان وبساتين ، وإن نبؤتك صادقة بما أخبرت به أصحابك وبما اخبرتنا به الى قيام الساعه

فما أخبركم به نبينا آتي  ، وما وعدكم به حاصل

فلا تيأسوا ولا تقنطوا

وانا اعلم ان حال المسلمين اليوم لا يسر وقلوبنا تتفطر ألم

وحالنا لا يسر صديق ، ولكن الخير قد اقترب  فصبراً يا أشباه {{ آل ياسر }} في هذا الزمن ، يامن قبضتم على دينكم كالقابض على الجمر

صبر جميل وطوبى لكم أيها الغرباء

ونبؤة رسول الله اقتربت كثيرا

اللهم اشهد بأننا نشهد أن رسولك صادقاً بما أخبرنا

اللهم عجل لنا بالفرج القريب

********************************************

#هذا_الحبيب " ٢٤١ "

السيرة النبوية العطرة (( غزوة تبوك ، تحقق النصر ، وانسحاب الروم ))

____________________________

قبل غزوة تبوك وفي الطريق إليها توفى أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه {{ ذو البجادين }}

وهو من قبيلة {{ مزينة }}

هذا الصحابي عندما أسلم جرده أهله من كل أمواله، حتى جردوه من ثيابه، وكان يعلمون شدة حياءه، فأخذ بجاد [[ والبجاد هو كساء غليظ مخطط ]] فأخذ بجاد وشقه واتزر به وذهب الى المدينة المنورة

و وصل ودخل المسجد النبوي ، فصلى الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم

فبعد انتهاء النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة أخذ يتصفح وجوه اصحابه

فلما رآه قال له: _ من أنت يا فتى ؟؟

فقال: _ أنا عبد العزى

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:_بل أنت عبد الله

ثم قال له :_ انزل قريباً منا

[[وأطلق عليه الصحابة ، ذو البجادين ]]و صحب النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان كثير العبادة، وكثير قراءة القرآن

_______________________

فلما كانت غزوة تبوك

خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أصابته حمى ومات

يَقُولُ عبدالله بن مسعود

{{ قُمْتُ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَرَأَيْتُ شُعْلَةً مِنْ نَارٍ فِي نَاحِيَةِ الْعَسْكَرِ، فَاتَّبَعْتُهَا أَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر وعمر ، وَإِذَا عبد الله ذو البجادين المزني قَدْ مَاتَ ، واذا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحفر، ثم قال: أَدْلِيَا لِي أَخَاكُمَا ، ثم وضعه  الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيده وقال: رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنْ كُنْتَ لَأَوَّابًا تَلَّاءً لِلْقُرْآنِ .

يَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ -  لَيْتَنِي كُنْتُ صَاحِبَ الْحُفْرَةِ . }}

وكان {{ ذو البجادين }}  هذا الشاب الصغير أحد خمسة فقط نزل النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه الى قبورهم

______________________________

وصل المسلمون أخيراً الى تبوك، ولكن كانت المفاجأة أن الجيوش الرومانية العملاقة التي تحكم وتسيطر على نصف العالم القديم تقريبا

قد فرت الى داخل بلادها عندما علمت بقدوم النبي صلى الله عليه وسلم

كيف فرت جيوش الإمبراطورية الرومانية العملاقة ؟؟

وهي الدولة الأولى في العالم في ذلك الوقت، وبرغم تفوقهم الكبير على المسلمين في العدد والعدة والتاريخ والخبرات القتالية وتدريب الجنود ؟ 

إنه قوله تعالى

{{  سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا  }}

فحين علمت الرومان بقدوم {{٣٠ ألف }} مسلم

وعلى رأسهم {{ محمد رسول }} الله صلى الله عليه وسلم 

قارنت هذه الوضع بالمواجهة التي كانت في {{ مؤتة}} منذ عام واحد

وكيف كان التفوق لصالح المسلمون، وكيف كان عدد القتلى من الرومان أكثر من المسلمين، برغم أن عددهم كان

{{٣ آلاف}} مقاتل فقط

[[ يعني عُشْر العدد الموجود في تبوك، ولم يكن معهم النبي صلى الله عليه وسلم ]]

ولذلك كان قرار الرومان هو الإنسحاب المخزي أمام النبي صلى الله عليه وسلم

_____________________________

انسحبت الروم هذا الأنسحاب المخزي

ولم يعتدي النبي صلى الله عليه وسلم على القبائل العربية المقيمين في {{ تبوك }} التي كانت قد تحالفت مع الروم مثل {{ لخم وجذام }}

لم يهدم بيوتهم ، ولم يأسرهم ، ولم يقتل نساء واطفال وشيوخ ، ولم يهدم بنية تحتية

[[ ونحن نزعم اليوم أننا في عصر الحضارة ودعاة حقوق الإنسان وان الصحابة كانوا في زمن متخلف

ألا إن نعل صحابي واحد ،  يصلح أن يكون اليوم تاجاً  للعالم كله ]]

لم يعدوا النبي على احد ، وبقي النبي صلى الله عليه وسلم معسكرا {{ ٢٠  }} يوماً كاملاً

مع أن عادة الجيوش المنتصرة في ذلك الوقت هي البقاء في أرض المعركة {{ ٣ أيام }} فقط ليثبت أنه الجيش المنتصر

____________________________

وأخذ صلى الله عليه وسلم يبث العيون حتى لا يكون للعدو خطة

[[ يعني يكون انسحابهم خدعة ثم يهجموا على المسلمين فجأة ]]

فلما اطمئن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا يوجد لهم تجمع ، وأنه قد داخلهم الرعب

قال صلى الله عليه وسلم {{ لقد نصرت بالرعب مسيرة شهر }}

[[يعني قبل ان اصل للعدو مسيرة شهر ، ويعلم العدو خروج النبي صلى الله عليه وسلم ، يقذف الله الرعب في قلوبهم منه قبل شهر ]]

_____________________________

ثم أراد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، أن يوجه رسالة للروم وحلفائها من العرب

[[ فلقد كان العرب قديماً قبل الاسلام كحالهم تماماً مثل هذه الأيام دويلات وشراذم وأذناب للفرس والروم ]]

فكان من هذه الأذناب ملك يسمى ملك {{ دومة الجندل }}

[[دومة الجندل هي منطقة ضخمة في شمال الجزيرة تدين النصرانية وموالية للرومان قريبة من تبوك ]]

عليها ملك قد نصبه هرقل حاكماً

[[فالعرب في الجاهلية لا تستطيع ان تنصب نفسها فالذي يضع ويخلع هم الروم ]]

ذلك الملك اسمه  {{ أكيدر بن عبدالملك الكندي }} وضعه هرقل ملك على دومة الجندل

[[ حتى إذا ما خالف هرقل ذيل اخر من العرب ، يسلط هذه الأذناب من العرب بعضها على بعض ويبقى الروم متفرجون، مثل بعض الدول العربية اليوم بيذبحوا ببعض ، والغرب قاعد يتفرج واخوة القردة والخنازير في قمة سعادتهم ]]

فأراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يوجه لهم رسالة بأن يأدب لهم ذيل من أذيالهم

فأرسل له النبي صلى الله عليه وسلم سرية قوامها {{ ٤٢٠ }}

فارساً بقيادة {{ خالد بن الوليد }} الى دومة الجندل

وقال لخالد :_ اذهب لدومة الجندل وأتني بملكها اكيدر حياً لاتقتله

قال :_ فإن قاتلني يارسول الله وتحصن في حصنه ؟؟

فقال له الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ،الذي لا ينطق عن الهوى

قال :_ يا خالد إنك ستجده يصيد البقر‏ خارج حصنه فخذه على غرة

وانطلق خالد وبين عينيه نبؤة رسول الله صلى الله عليه وسلم

حتى اقترب من {{ دومة الجندل}} وأرتقب دخول الليل وكانت ليلة صائفة مقمرة

فجلس خالد ومعه رجال يرقبون الحصن

وكان {{ اكيدر }} مع زوجته على سطح ذلك الحصن يسمر ليلاً وحوله القينات [[ اي المغنيات و الراقصات بلغة عصرنا نسميهم فنانين نجوم كوكب الشرق والغرب ]]

فسمعت زوجته صوت البقر وقد جاء البقر الوحشي يحك قرونه في باب الحصن

[[ يا لا نبؤة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكم نحن بحاجة إليها في أيامنا هذه ، كان اكيدر هذه الليلة لم يخرج للصيد وهو على سطح الحصن يسمر ، فساق الله له البقر الوحشي الى باب حصنه واخذت تحك بقرونها باب الحصن ]]

فأطلت زوجته

وقالت له متعجبة :_  أي اكيدر !!

هل رأيت مثل هذا ؟ !!

فنظر {{ أكيدر}} على الابقار من سطح الحصن

قال: - لا !! لطالما أعددت لها الخيل ، وهي الآن تأتي الى باب الحصن ؟!!

قالت: - فهل يترك هذا ؟

قال: - لا

فأمر بفرسه وخرج ومعه نفر من أصحابه، وخرج معه اخاه و ولي عهده واسمه {{ حسان }}

وفتح ابواب الحصن وخرج

وأخذ في مطاردة البقر، فأخذت البقر تجري الى الجهة التي فيها {{ خالد}}  ومن معه فتبعها {{ اكيدر }}

فتلقته خيل {{خالد بن الوليد }}

ودار قتال محدود، انتهت بأسر {{ أكيدر}} وقتل اخيه حسان وفر من معه من رجاله الى الحصن واغلقوا الابواب

_______________________

وكان اخوه{{ حسان }} الذي قتل يرتدي ثيابا من الحرير مشغولة بالذهب [[ أي مخاطة بالذهب ]]

وفي عنقه صليب من ذهب[[  لانهم كانوا يدينون بالنصرانية ]]

فأمر خالد من معه أن يسلب القتيل ، فأخذوا سيفه وثيابه وصليبه الذهبي

ثم قال لأكيدر :_ فلتأمر  رجالك ليفتحوا أبواب الحصن الآن

فقال اكيدر :_ يا خالد إذا رأى قومي ملكهم اسيراً مجدلاً في الحبال ، لن يفتحوا ابواب الحصن

ولن يطيعوه لأنه اصبح اسيراً ، فإن شئت أن تتم الأمور ولك علي ذمة الله [[ لانه نصراني يؤمن بالله]]

قال :_ ولك علي ذمة الله وعهده أن أصالحك مقابل حقن دماء قومي ، ولكن فك قيدي يا خالد حتى يسمع قومي قولي

قال له خالد :_ لك ذلك

ففك قيده وتقدم {{ اكيدر }} الى الحصن ونادى من على اسواره من الحراس

:_ انا اكيدر افتحوا لي باب الحصن

ففتحوا له باب الحصن

[[ رجل عاقل ، لأن فعلاً لو رأى قومه ملكهم مربوط بالحبال هل يطيعوه ؟؟ ]]

ففتحت ابواب الحصن دون أن تراق قطرة دم واحدة

فدخل {{خالد }} وصالح {{ اكيدر }} على شيء من سلاح ومال مقابل حقن للدماء

وعلى أن يسير معه الى النبي صلى الله عليه وسلم

[[ لان النبي قال لخالد احضره إلي ]]

وجاء به خالد بن الوليد الى النبي صلى الله عليه وسلم

وكان {{ خالد }} قد أمر بعض اصحابه أن ينطلقوا بما سلب من حسان من سلاح وثوبه الحرير المشغول بالذهب

ويسبقوه الى تبوك حيث النبي صلى الله عليه وسلم هناك

ليبشروا النبي صلى الله عليه وسلم بقدوم خالد ومعه ملك دومة الجندل {{ اكيدر }}

فسبقوا خالد و وصلوا الى النبي صلى الله عليه وسلم و وضعوا بين يديه ما سلب عن {{ حسان }}

_________________________________

يقول الصحابة ومنهم {{ عمر بن الخطاب }} في رواية هذا الحديث [[والحديث متفق عليه ]]

قال :_فأخذنا نتلمس ذلك الثوب من الحرير الذي سلب عن حسان ونعجب منه لنعومته وكيف طرز بالذهب

فقال النبي صلى الله عليه وسلم :_ اتعجبون من هذا ؟؟ وأشار بيده الى ذلك الثوب الحريري

قلنا :_ نعم يا رسول الله

قال :_ والذي نفسي بيده  لمناديل {{ سعد بن معاذ }}في الجنة يمسح بها يديه ويلقيها  أحسن من هذا وأعز

[[ قولوا لا اله إلا الله ، المناديل نسميها محارم اليوم ، المناديل التي يقدمها خدم الجنة ، يطوف عليهم ولدان مخلدون يقدمون مناديل لسعد يمسح بها يديه احسن من هذا واعز وكلنا اصبحنا نعلم من هو سعد بن معاذ هو سيد الأوس الذي استشهد في غزوة الأحزاب في السنة الخامسة من الهجرة

الذي اهتز لموته عرش الرحمن الذي له مواقف كثيرة أثلجت صدر النبي صلى الله عليه وسلم ]]

فجاء خالد ومعه اكيدر

وكان عليه لباس الملوك وثياب من حرير وفي عنقه صليب من ذهب ، فكان له هيبة الملوك

فلما دخل {{ اكيدر }} على رسول الله و وقع نظره على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم

فأرتعدت فرائصه وخر {{ اكيدر }} ساجداً بين يدي رسول الله [[ كما يفعلون للاكاسرة والأقاصرة  ]]

فأشار النبي صلى الله عليه وسلم بيديه

وهو يقول :_  لا ، لا ، لا تفعل

{{ إنما انا عبدالله ورسوله ، لا ينبغي السجود إلا لله }}

فجلس اكيدر يحدث النبي صلى الله عليه وسلم ، وصالحه على دفع الجزية، وكتب له النبي كتاباً وجعله ملكاً على قومه كما كان وخلى  سبيله ولكن ولائه يكون لدولة الاسلام لا لدولة الروم

_______________________________

فلما سمع ملوك وامراء الشام بما حدث مع الملك {{ أكيدر }}

أتى ملوك وأمراء مدن الشام الذين يجاورون الجزيرة العربية، والموالين للإمبراطورية الرومانية لمصالحة النبي صلى الله عليه وسلم على الجزية، بعد أن أدركوا أن أسيادهم القدماء قد ولت أيامهم

وكان من الذين جاءوا {{ يحنَّة بن رؤبة }}

وهو صاحب مدينة {{ آيلة }}  العقبة الآن من جهة فلسطين يحتلها اليوم اخوة القردة والخنازير

وكذلك جاء أهل {{ جرباء }}

وأهل {{ أذرح }}

وهكذا أحكم النبي صلى الله عليه وسلم سيطرته على كامل شمال الجزيرة العربية

وأصبحت حدود الدولة الإسلامية ملامسة لحدود الإمبراطورية الرومانية

وفقدت الإمبراطورية الرومانية حلفائها في شمال الجزيرة العربية

كما سقطت هيبة الدولة الرومانية سقوطا مدوياً ، ومهد هذا للفتوحات الإسلامية في بلاد الشام التي تمت بعد ذلك في عهد {{ عمر بن الخطاب }}

صلوا على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم

___________________________

ورجع النبي صلى الله عليه وسلم  من {{ تبوك }} في {{ رمضان}} من السنة التاسع

وعند طريق العودة لنا أيضا مواقف 

فكما قلنا الطريق من تبوك للمدينة ، ارض صحراء وحرارة الشمس شديدة

فأصابهم العطش والتعب والهوان [[ فلا طعام ولا ماء رمال الصحراء تعسف بهم ]]

واخذ المنافقون يستغلون هذه الظروف

[[ ويجب ان نفرق عندما نتكلم عن الكافرون والمنافقون نقول يستغلون أما نحن المسلمون نغتنم لا نستغل ، فأرجو ان تفرقوا بين هاتين الصفتين  ]]

فقال المنافقون وهم يسخرون من هذا الجيش وهذا الخروج ويسخرون من كبار الصحابة {{ كعثمان وعبدالرحمن بن عوف}}  الذين انفقوا اموالهم لهذه الغزوة

يقولون :_ أنفقتم اموالكم ، فلا أنتم قاتلتم ، ولا أنتم غنمتم فعلى اي شيء أنفقتم ؟؟

:_ يا عثمان ماذا جنيت مما انفقت ؟؟

:_ يا عبد الرحمن بن عوف ، لو كنت عملت بالمال الذي أنفقته كم كنت ربحت ؟؟

[[ وهكذا ، من هذه الأقوال  فإذا زجرهم الصحابة يقولون ندردش نخوض ونلعب ]]

فأذاقهم الله عطشاّ شديداً

__________________________

وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يكشف النقاب عن المنافق

بغيت ثلاثة امور

١_  رجاء أن يحسن إسلامه فيحقق الله في النبي صلى الله عليه وسلم من قوله {{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }}

٢_ من أجل ان لا يؤذي اقاربهم من الصحابة من ذوي الايمان

٣_ حتى لا يخرجوا من صفوف المسلمين علانية وينضموا الى العدو فيكثر عدد اعدائنا

____________________________________

فهيأ الله السبب للنبي صلى الله عليه وسلم لعله يعظهم فيزدادوا ايماناً

فأشتد بهم العطش في أرض صحراء لا ماء بها فاشتكى الصحابة لرسول الله العطش

فقال :_ هل معكم شيء من ماء ؟؟

فجمعوا له مقدار قدر [[ وعاء صغير ]]

فقال لهم :_ احضروا لي وعاء من أوعيتكم التي تسقوا بها دوابكم

[[ وكانوا يحملون للخيل والابل في السفر اوعية من أدم اي من جلد تكون مثل ما نسميه اليوم طشت ولكن كبير من كبرها يستطيع ان يقف حولها ١٠٠ او ٢٠٠رجل ]]

فأخذوا يفرشوا وعاء من الجلد ، ثم تحلقوا حوله

يقول الصحابة

[[طبعا الحديث في الصحاح الستة ]]

:_ لقد أحاط بذلك الإناء اكثر من مئتي رجل ، لا يزاحم رجل منهم الآخر

فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الإناء الصغير الذي فيه الماء

[[ والمنافقون ينظرون من أين سيأتينا بالماء ؟؟ لم يدعوا الآن  فتأتي سحابة تمطر ،ولا هنالك عين لتتفجر منها المياه ]]

قالوا :_ فوضع يده صلى الله عليه وسلم اليمنى في ذلك الوعاء الصغير فما ستر الماء جلدة يده

ثم قرأ ماشاء الله له ان يقرأ

ثم دعا بما فتح الله عليه من دعاء ثم نفث بين أصابعه

قالوا :_ ففارت اربعة عيون من الماء بين اصابعه

[[ كم اصبع بايدك ؟ خمسة  بين كل اصبعين عين ، احسبهم بيطلعوا  اربعة ]]

قالوا :_ ففارت اربعة عيون من الماء تنبع من بين أصابعه وتسكب في ذلك الوعاء الكبير

ثم قال :_ استقوا واملؤا اسقيتكم ، فأخذنا نملأ بضع نهار حتى استقينا وسقينا دوابنا وملأنا أوعيتنا ، والماء يفور من بين اصابعه صلى الله عليه وسلم ونحن ننظر

ثم قال :_ هل بقي لكم من حاجة من ماء ؟؟

قلنا :_ اللهم لا قد أكتفينا يا رسول الله

فقال :_ اشهد أن لا إله إلا الله وأني عبدالله ورسوله ، ثم قبض يده فتوقف نبض الماء

[[ ونحن ايضا يا رسول الله نشهد أن لا إله إلا الله وانك عبدالله ورسوله وحبيبه وخير خلقه ]]

فقال الصادقون من الصحابة لبعض من لمسوا منهم النفاق

ويلكم ألم يكفيكم هذا ؟؟

فماذا أجابوهم ؟؟

قالوا :_ بلغنا عن أهل الكتاب أن موسى قد ضرب الحجر بعصاه فأنبثقت منه أثنتا عشرة عيناً [[ مش أربعة ١٢ يعني قد محمد اربع مرات ]]

ولكن السفهاء لم يفرقوا أن نبع الماء من الحجر [[ طبعا نحن نقر انها معجزة لسيدنا موسى عليه السلام ]]

ولكن انظر للفارق من الطبيعي ان ينبع الماء من الحجر قال تعالى {{ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ }}

ومن الطبيعي ان ينبع الماء من الأرض

ومن الطبيعي أن ينزل الماء  من السماء

ولكن ليس من الطبيعي أن ينبع من يد بشر ويبقى بحدود ٤ ساعات ماء يتدفق من يد آدمي

معجزة ، ولكنها فاقة المعجزات

فماذا قال المنافقون ؟؟

قالوا :_ يكفي أن صاحبكم أذن [[ ماذا تعنون بأذن ؟؟ قالوا سمع شائعات ، ثم قاد جيش في الصيف في الصحراء ولم يجد جيشاً لو كان نبي حقاً ما خرج ]]

هنا بلغ السيل الزبى [[في لغتنا اليوم وصلت حدها المسألة

يعني ما عاد هنالك مجال للسكوت عن هؤلاء المنافقون ]]

___________________________

فتدخل الله عزوجل مباشرة

وانزل {{ ٧٠ آية }} من سورة التوبة في ذلك الموضع

آيات منها اخبار عن ما وقع ، ومنها آيات عن ما سيقع

بداية الآيات من ٣٨ لسورة التوبة الى آية ١٢٠

[[ بالله عليكم إن أردت ان تعرف الحقيقة افتح المصحف واقرأ سورة التوبة ،  وستجد أن ما أنزله الله في المنافقين في ذلك الزمن ينطبق على أمتنا اليوم تماماً ]]

بدأت الايات بقوله تعالى

{{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ }}

[[ خاطب المؤمنين من بداية الانطلاقة من المدينة الى تبوك ]]

{{أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ

إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }}

[[ انزلت في حق من تثاقل بالخروج مع النبي يوم  جيش العسرة ، والقران ماضٍ الى يوم القيامة فهو خطاب لكل للمتخاذلين في كل زمن عن نصرة المؤمنين والذين لا يريدون ان يواجهوا اعداء الأمة ، هذا كلام الله من يعترض ، فليرد على الله  ]]

{{ إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ }}

[[ يذكرهم بيوم الهجرة نصره الله بالعنكبوت والحمام ولله جنود السموات والارض ، ومايعلم جنود ربك إلا هو ، ونحن نرى في يومنا هذا قدرة الله على خلقه بفايروس لا يرى بالعين هز قلوب البشرية واقتصادها كله ، إنه الله جل في علاه  ]]

{{إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }}

[[اللهم اعد علينا ذلك ، فأجعل كلمتك العليا وكلمة المؤمنين معها ، واجعل كلمة الذين كفروا السفلى وأذنابهم معهم يارب العالمين ]]

{{انفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }}

ثم يصفهم الله عزوجل

{{لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ وَلَكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }}

ثم انظروا الآن كيف يخاطب الله نبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم ، يقدم له العفو قبل العتاب ، والعتاب رقيق جداً

{{عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ}}

[[ الذين بقوا بالمدينة استأذنوك فأذنت لهم  ]]

{{ عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ

لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ

إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ }}

الذي يوافق على ضياع المسجد الاقصى وقلبه يخاف من الغرب واسلحتهم هذا هو وصفهم من الله عزوجل

{{وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ

لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}}

_____________________

لو أردت أن اكمل الايات احتاج الى جزء كامل ، و الآيات تكشف صفات المنافقين وتأتي سياق الآيات

ومنهم ، ومنهم ،ومنهم

ويسطر الله مقولة كل واحد منهم ، ولو قرأنا الايات بتدبر كالذي قال الله عنهم {{ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }}

لرأيت آيات سورة التوبة التي تصف المنافقون مطابقة تماماً

٩٩٪ من امتنا اليوم ، قادةً وشعوباً

ماذا حدث بعد ذلك من أحداث ؟؟

********************************************

#هذا_الحبيب " ٢٤٢ "

السيرة النبوية العطرة (( العودة من تبوك ومحاولة قتل النبي صلى الله عليه وسلم ))

__________________________

قلنا أن الله عزوجل أنزل آيات من سورة التوبة تفضح المنافقون ، فأحس المنافقون أنه سيكشف النقاب عنهم ولم يبقى إلا أن يذكرهم بأسماءهم واسماء آباءهم

وكان هنالك {{ ١٢ }} منافقو علموا أن للنبي موقف و شأن مع المنافقين بعد نزول هذه الآيات

فأتمروا ليلاً [[ أتمروا مأخوذ من مؤامرة يعني عملوا مؤتمر مصغر تحت رعاية أبليس يوسوس لهم كي يدبروا أمورهم ]]

واتفقوا على أن يقتلوا النبي صلى الله عليه وسلم غيلة [[ اي غدراً ]]

وكان صلى الله عليه وسلم من سنته إذا كان متجهاً الى غزوة ، يسير في طليعة الجيش في المقدمة

أما إذا كان راجعاً من غزوة يسير في آخر الجيش

ويقول :_ خلوا ظهري للملائكة وسيروا بين يدي [[ لا يعني أنه يمشي وحده آخر الجيش لا ، يكون حوله بعض أصحابه لكن لا يسمح لأحد أن يسير خلفه ]]

فقالوا :_ نقتله غيلة فإنه يسير في آخر الجيش وعند الظلام

[[ وكان النبي صلى الله عليه وسلم لطبيعة الحر يحب السير ليلا وأن يستريح نهارا  ]]

قالوا :_نقتله غيلة فإنه يسير في آخر الجيش وعند الظلام ، ثم نختلط بين الناس في الظلام فلا يعلم أحد من قتله ومن أغتاله

____________________________

واطلع الله نبيه على مؤامرتهم

وكان يبعد عن المدينة مسيرة يوم وليلتين [[ لأن الليلة تسبق اليوم يعني هذه الليلة المقبلة ثم يوم غد والليلة التي سيدخل

فيها المدينة ]]

فلما أطلع الله نبيه على مؤامرتهم ، أراد أن يكشفهم حتى لا يلام فيهم

فلما أنطلق للسير ليلاً ، أقبل على وادٍ متسع يسير فيه الجيش

وكان على يمين هذا الوادي طريق ضيق يقال له العقبة

[[ مش العقبة اللي في جنوب الأردن اللي على البحر ، الطريق

الذي فيه صعود حاد ثم ينحدر يقال له عقبة ]]

فأمر {{ حذيفة بن اليمان}} رضي الله عنه وكان يقود ناقة النبي صلى الله عليه وسلم

أمره أن ينادي في الجيش

:_إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تسلكوا الوادي ، وإنه آخذٌ في العقبة [[ اي سيصعد العقبة ]] وحده فلا  يتبعه أحد ، فإن الوادي أيسر لكم وأسهل

__________________________

فهمس المنافقون بعضهم لبعضٍ وقالوا :_ هذه فرصتنا

[[ يعني لن يخالفه احد من أصحابه ، سيسلكون الوادي ، وسيسلك النبي العقبة وحده ، ومعه حذيفة يقود ناقته ]]

قالوا :_ هذه فرصتنا نتبعه ثم نزحمه في الطريق فنلقيه عن ناقته في الوادي فيتردا ، ثم نختلط بين الناس فلا يعلم كيف مات فيقولوا عثرت به ناقته

والنبي صلى الله عليه وسلم قد أطلعه الله بكل هذا عن طريق الوحي

فسلك النبي صلى الله عليه وسلم العقبة ، وكان معه اثنان من أصحابه فقط

{{ حذيفة بن اليمان }} يقود ناقة النبي صلى الله عليه وسلم

و {{ عمار بن ياسر }} كان خلف ناقة النبي صلى الله عليه وسلم لأنها عقبة حادة ، فكان يلتقط بعض المتاع إذا سقط

فلما كان الليل وكان النبي صلى الله عليه وسلم في وسط العقبة

تلثم المنافقون حتى يتخفوا تماماً ، والوقت ليل وفي أول شهر

[[ لأن النبي خرج من المدينة الى تبوك ٥ رجب ، والآن يعود لمدينته في ٥ رمضان استغرقت هذه الغزوة شهرين من ٥ رجب الى ٥ رمضان شهرين ، إذن الشهر في بدايته ليس هنالك قمر ، فالليل  ظلام دامس ]] تلثم المنافقون وتبعوا النبي صلى الله عليه وسلم في العقبة

فلما كانوا على قرب منهم أحس بهم صلى الله عليه وسلم ، وكان من عادته لا يلتفت

[[ اي لا يلتفت كما يفعل الناس برأسه ، فكان إذا أراد ان يلتفت صلى الله عليه وسلم الى الوراء ، وقف واستدار استدارة كاملة بجسده ، والآن هو على الناقة لا يمكنه الاستدارة ]]

فقال:_ من القوم يا حذيفة ؟؟

لقد قلت لا يتبعني احد

فلما علموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد احس بهم ،  اسرعوا بالسير وراء النبي ، فجفلت الناقة التي يركبها النبي صلى الله عليه وسلم ،  واهتز بعض متاع النبي صلى الله عليه وسلم ، فسقط  متاع النبي صلى الله عليه وسلم [[ كالسوط وآلة الوضوء وبعض ما يحتاجه في الركوبة ]]

سقط بعض متاعه ولكن الله ثبته على راحلته ، فلم يؤذى

فترك خطام الناقة حذيفة وأخذ محجناً يضرب وجوه رواحلهم وهويقول :_ دونكم دونكم يا اعداء الله ورسوله

واخذ عمار بن ياسر ايضا يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم

فخاف المنافقون وانهزموا وانحدروا سريعاً الى الوادي واختلطوا في الناس

فقال النبي صلى الله عليه سلم :_ اعرفتهم يا حذيفة ؟؟

قال:_ لا والذي بعثك بالحق ولكني عرفت بعض رواحلهم

[[ فالعرب عندهم فراسة في معرفة الرواحل يقولون ناقة شهباء يقولون ناقة حمراء حمر النعم يقولون ناقة دهماء وهكذا ]]

قال :_ عرفت بعض رواحلهم

قال :_اتعلم ماذا كانوا يريدون ؟؟

قال :_ لا والذي بعثك بالحق

قال :_ عزموا على ان يلقوا رسول الله من على راحلته حتى يقتل ثم يختلطون بين الناس فيقولون عثرت به ناقته

ومضى النبي صلى الله عليه وسلم وسار حتى اتم العقبة ثم انحدر الى الوادي

وكان قد انتهى الليل وقارب الفجر

فامر أن يعرس الناس [[ ومعنى يعرس اي أن يستريحوا ويناموا ]]

حتى كان الفجر فصلى به رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر في أرض برحة [[ أي واسعة ]]

ثم أستقبل الناس بوجهه ثم أمر حذيفة أن ينادي :_ من منكم

تبع النبي في العقبة ؟؟ فلم يتكلم احد 

فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن في اصحابي [[ أي ليس من اصحابه ولكنهم بين اصحابه ]]

إن في اصحابي اثنا عشرة منافقاً قد تبعوا محمد رسول الله في هذه الليلة الى العقبة وعزموا أن يلقوه عن ناقته ثم يزعموا أنه قد عثرت به ناقته ، ولكن هموا بما لم ينالوا

لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط

[[ وهذا مثال المستحيل سم الخياط هو ثقب الأبرة ، هل يستطيع احد ان يدخل الجمل البعير في ثقب الأبرة ، وقيل  الجمل هو حبل السفينة الغليظ الضخم اي مستحيل ان يدخلوا الجنة  ]]

منهم ثمانية [[ اي ٨ منافقين من ١٢ ]] اللهم أرميهم بالدبيلة

قالوا :_وما الدبيلة يا رسول الله ؟؟

قال :_سراج من نار يظهر بين اكتافهم حتى ينجم من صدورهم [[ المرض المعروف بلغة عصرنا حزام الناري قد يصيب الانسان في وسطه او بين كتفيه ]]

_____________________

فوثب أسيد بن حضير [[ وهو من سادة الانصار وعقبي ممن بايع النبي صلى الله عليه وسلم يوم العقبة وكان احد النقباء ]]

فقال أسيد :_ بأبي وامي انت يا رسول الله ، اطلعنا عليهم ما دام الله قد أطلعك ، فلتقم كل عشيرة الى صاحبها فتضرب عنقه فلا يطالب به أحد

فقال النبي صلى الله عليه وسلم :_لا يا اسيد

قال:_ فداك ابي وامي أطلعنا عليهم ، فوالذي بعثك بالحق لا تقوم من مقامك حتى تكون رؤوسهم بين يديك

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :_إني أكره أن يقول الناس إن محمدا قاتل بقوم حتى إذا أظهره الله تعالى بهم أقبل عليهم يقتلهم

فقال: يا رسول الله هؤلاء ليسوا بأصحابك

فقال رسول الله : _ أليس يظهرون الشهادة [[ ارايتم اخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ، المتشددون الذين يحلون دماء من لا يصلي ويصنفوه بالكافر ، بدعوة الجهاد في سبيل الله ]]

______________________

ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان

فقال :_ يا حذيفة سأطلعك على اسماءهم واسماء آباءهم ولكن اكتم عليهم ذلك

حتى تنصح من يلي امركم بعدي [[ وهذه نبوءة لحذيفة بأنه سيطول عمره ]]

حتى تنصح من يلي امركم بعدي ، بأن لا يركن إليهم ولا يوكل إليهم أمرا

فذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم لحذيفة

________________________

وكما قلنا في الجزء السابق

كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يكشف النقاب عن المنافق

بغيت ثلاثة امور

١_  رجاء أن يحسن إسلامه فيحقق الله في النبي صلى الله عليه وسلم من قوله {{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }}

٢_ من أجل ان لا يؤذي اقاربهم من الصحابة من ذوي الايمان

٣_ حتى لا يخرجوا من صفوف المسلمين علانية وينضموا الى العدو فيكثر عدد اعدائنا

ولكن جاء الأذن من الله عزوجل ، ان يكشف النقاب عن كل واحد منهم إذا ما مات منافق

قال تعالى {{ وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ ۖ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ }}

فكان صلى الله عليه وسلم ، إذا مات منافق لا يصلي عليه صلى الله عليه وسلم ، فإذا قربت جنازته في المسجد للصلاة عليه واخبروا النبي عن اسمه

قال النبي صلى الله عليه وسلم :_صلوا على صاحبكم ، و يخرج النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد ولا يصلي عليه

فإذا رأى الصحابة ذلك علموا أن هذا الميت كان منافقا ومات على نفاقه

فبعد أن يموت فلما يعد لنا اي مطمع في الاسباب الثلاثة التي ذكرناها

١_ مات فلا نرجو حسن اسلامه ، مات على نفاقه

٢_ بعد الموت ماذا سيضر اهله واقاربه مات على النفاق مثله كمثل من مات مشركا من قبل

٣_ مات فلن يكثر الاعداء

_______________________

انطلق صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان على مقربة من المدينة [[ اي سيدخلها غدا ]] وكان من سنته صلى الله عليه وسلم لا يدخلها ليلا ابدا

********************************************

#هذا_الحبيب " ٢٤٣ "

السيرة النبوية العطرة (( حرق مسجد الضرار ))

_____________________________

انطلق صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان على مقربة من المدينة [[ اي سيدخلها غداً ]] وكان من سنته صلى الله عليه وسلم لا يدخلها ليلاً ابداً ، فكان إذا دنى منها وكان بينه وبينها ساعة من زمن أعرس خارج المدينة [[ اي نام خارج المدينة ]]

وارسل البشائر بأنه قدم  ليستعد الناس للقاء ذويهم

ويدخلها عندما ترتفع الشمس وقت صلاة الضحى

___________________________

فبات النبي صلى الله عليه وسلم خارج المدينة

ثم أنتدب  اثنين من الصحابة وهما {{مالك بن الدخشم}} و{{معن بن عدي}} وقيل أربعة من الصحابة

ليبشروا الناس بقدوم الجيش و ليحرقوا مسجد {{ الضرار }}

وكان المنافقون قد بنوا مسجد قريب من قباء

وطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم ان يصلي فيه قبل خروجه لتبوك

فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم :_إن على سفر ولكن إذا رجعنا صلينا فيه إن شاء الله

وكان المسجد قد فتح وصلي به قبل تبوك [[ وقدر الله لنبيه أن لا يدخله ولا يصلي فيه ركعة واحدة ]]

وعندما سألهم الناس لماذا أتخذتم مسجدا آخر قبالة مسجد قباء ؟؟

قال المنافقون :_ اتخذناه للمريض والشيخ المسن والليلة المطيرة

[[ يعني ليس كل الناس يستطيع ان يذهب لصلاة خمس صلوات في مسجد قباء ، فأتخذنا هذا المسجد في وسط هذا الحي قريبا من بيوتنا لكي يصلي به المريض والشيخ المسن واذا كانت ليلة فيها مطر صلينا به لانه قريب ]]

ولكن الحقيقة كانت غير ذلك ، وقصة هذا المسجد

____________________________

أنه كان في المدينة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم رجل اسمه {{ أبو عامر }} كان قد تنصر قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان من سادة الأنصار

وعلم أن هذا الزمان زمان نبي فترهب وتنسك طمعا في أن يكون هو هذا النبي، وأطلق عليه أهل المدينة

{{أبو عامر الراهب }}

فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم ، وهاجر الى المدينة خاب ظنه

وحقد على النبي صلى الله عليه وسلم ورفض الإسلام

وزاد حقده بعد نصر بدر

ثم ذهب الى قريش وأخذ يشجعهم على حرب النبي صلى الله عليه وسلم

حتى خرجت قريش لغزو المدينة في أحد

وقبل بداية المعركة تقدم بين الصفوف، وأخذ ينادي على الأوس حتى يخذلوا النبي صلى الله عليه وسلم

وهو يقول :_ أنا أبو عامر الراهب

ولكن الأنصار سبوه وقالوا له:_ بل أنت أبو عامر الفاسق

فلما انتهت المعركة

لحق بهرقل قيصر الروم يستنصره على النبي صلى الله عليه وسلم

فوعده هرقل وأقام عنده

وأخذ يراسل المنافقين في المدينة، ويعدهم بأنه سيأتي بجيش هرقل لغزو المدينة

ثم أمر أتباعه من المنافقين أن يبنوا مسجدا ليكون مقراً لهم

وقال لهم :_ اتخذوا لكم مسجدا ظاهره لإقامة الصلاة ، وحقيقته تعقدون به أمركم وتتشاورون حتى لا يطلع عليكم اصحاب محمد ، فإذا اعددتم سلاحاً ورجالاً جئتكم بمدد من الروم فأخرجناه هو واصحابه من المدينة

___________________________

فكان هذا المسجد الذي أمرهم به {{ ابو عامر الفاسق }}

حقيقته ليقوموا من خلاله ببث أفكارهم الهدامة ونشر فتنهم في المدينة، وحتى يقدم عليهم فيه من يقدم بكتبه اليهم وحتى ينزل فيه عندما يأتي 

وبالفعل بنوا مسجدا بجوار مسجد قباء

وقالوا للرسول صلى الله عليه وسلم :_ لقد بنيناه للضعفاء وطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يقدم للصلاة فيه [[ حتى يعطوا شرعية للمسجد ]]

وكان ذلك قبل خروج النبي صلى الله عليه وسلم الى {{ تبوك }} فعصم الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة فيه

وقال لهم :- انا على سفر ولكن اذا رجعنا ان شاء الله

_________________________

فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم في طريق عودته من {{ تبوك}} نزل جبريل وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم  بخبر هذا المسجد وأنهم أرادوا به التفريق بين المؤمنين ، وعقد المؤامرات

فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم اثنين من الصحابة كما ذكرنا وهما {{مالك بن الدخشم }} و{{ معن بن عدي}} 

فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم سراً بينه وبينهم :_ انطلقوا فأخبروا الناس أن جيش المسلمون قد رجعوا سالمين غانمين

فإذا أخبرتم الناس انطلقوا الى هذا المسجد الظالم أهله فحرقوه على من فيه ثم هدموه

فأنطلقوا واخبروا الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم والجيش قد قدموا سالمين

وكان المنافقين قد ارجفوا في المدينة بأن محمداً وجل اصحابه قد هلكوا في الطريق من الحر والعطش

وكانوا كل يوم يشيعون إشاعة

[[ تماما كالاعلام العربي الذي نسمعه اليوم ، ومواقع التواصل الاجتماعي كل يوم اشاعة  ]]

ارجف الممافقون في المدينة فكان جل أهل المدينة في كآبة وحزن ، لن يروا وجه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولن يروا مجمل أهلهم الذين خرجوا

فلما شاع الخبر بالبشرى واشتغل الناس كلهم بالاستعداد لأستقبال ذويهم من المجاهدين

وذهب الصحابة الذين أمرهم النبي بحرق مسجد الضرار

الذي كان يعقد فيه المنافقون مؤتمرهم

[[ وبئس المؤتمرات أول من سنها ابوجهل وكان المؤتمر الاول للعرب في سقيفة بني ساعدة ، يأتمرون على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة وكان المؤتمر تحت رعاية ابليس ، ومازالت مؤتمرات العرب هكذا سليلة أبي جهل وتحت رعاية ابليس الى قيام الساعة حتى يأتي من يجمع الامة بلا مؤتمرات ولا مؤامرات على كتاب الله وسنة نبيه وتحت راية واحدة ان شاء الله تعالى ، اللهم أجعل جل القارئين للسيرة النبوية العطرة من ذلك الجند يارب العالمين ]]

______________________

ذهب الصحابة الذين أمرهم النبي بحرق مسجد {{ الضرار }}

الذي كان يعقد فيه المنافقون مؤتمرهم ، واشعلوا جريد من اوراق النخيل وألقوه من نوافذ ذلك المسجد

[[والمسجد كان مبني من جذوع النخيل وسقفه من اوراق النخيل فأشتعل ]]

فأخذ المنافقون يفرون من ها هنا وهناك ، ثم هدموا المسجد على قواعده فلم يبقى له أثر

_______________________

ولما كان الصبح دخل النبي صلى الله عليه وسلم مدينته المنورة فلما أشرف على المدينة

يقول الصحابة فلما ترأت له المدينة [[ اي وقع نظره على بساتينها وتلالها ]]

فلما ترأت له المدينة طرح ردائه عن منكبيه

وقال :_ هذه طابة .. هذه طابة .. هذه طابة أسكننيها ربي ، تنفي خبث أهلها كما ينفي الكير خبث الحديد

فلما وقع نظره على جبل أحد ، اوقف راحلته واستقبل جبل أحد و قال :_ هذا جبل يحبنا ونحبه ويجعله الله على باب الجنة

هل تعلمون لماذا ؟؟ إن هذا الجبل التي سالت عليه دماء النبي صلى الله عليه وسلم يوم {{ احد }} وسالت عليه دماء سبعين شهيد من اصحاب النبي على راسهم عمه حمزة أسد الله ورسوله

دماء الشهداء الصادقين يكرمها الله ، حتى الارض التي سالت عليها دمائهم حتى الجبل

ومع أن الجنة ليس فيها جبال ، ولكن سيرفع الله جبل احد يوم القيامة ويكون على باب الجنة ، وكل من دخل الجنة سيرى جبل احد على بابها وذلك تكريماً لدماء الشهداء

فيا امهات الشهداء

طوبى للأبطال الشهداء ، طوبي للشهداء ، و ويلٌ للجبناء ، فلا نامت اعين الجبناء

______________________

ثم دخل المدينة صلى الله عليه وسلم

وكان من سنته أن يدخل مسجده اولاً ، فيصلي فيه ركعتين

فإذا فرغ من صلاته ، أتى بيت {{ فاطمة}} ابنته رضي الله عنها فيسلم عليها ويطمئن عنها ، ثم طاف على حجرات ازواجه يسلم عليهن

يقول الصحابة فركع كعادته وظننا أنه سينطلق ، فإذا به أخذ مكانه في المحراب وجلس

********************************************

#هذا_الحبيب  "  ٢٤٤ "

السيرة النبوية العطرة (( المخلفون عن تبوك )) الجزء الأول

______________________________

جلس صلى الله عليه وسلم في مسجده ينتظر المخلفون عن معركة تبوك

فالذين لم يشهدوا تبوك قسمهم الصحابة الى ثلاثة فئات

١_ فئة تخلفت بأمر النبي صلى الله عليه وسلم مثل

{{ محمد بن مسلمة }} رضي الله عنه  جعله النبي صلى الله عليه وسلم امير على المدينة في غيابه

{{ وعلي بن ابي طالب }}  رضي الله عنه قال له النبي صلى الله عليه وسلم :_ أخلفني في اهلي

٢_ فئة تخلفوا ولكن ليس فيهم نفاق وسنأتي على ذكرهم

٣_ وفئة تخلفوا نفاقاً

____________________

وهناك قوم كان لهم أعذار وهم الضعفاء والمرضى

فقال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم وهو في طريق العودة للمدينة من تبوك

قال{{ إن بالمدينة رجالاً ما سرتم مَسِيراً، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم، حبسهم العُذْرُ‏

قـالوا‏:‏ - يا رسول اللّه، وهــم بالمدينة‏؟

قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ‏:‏ ‏‏- وهم بالمدينة‏ حبسهم العذر }}

وقال  الله تعالى فيهم

{{ لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ }}

فتخلف اصحاب الأعذار

مثلا من فقد بصره ، من كان أصيب في غزوة فهو يعرج ، من كان مريضاً من كان طاعناً في السن

وجاء شاب أراد أن يخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم وليس له عذر

فنظر النبي إليه وقال :_ أليس لك أم ؟؟

قال :_نعم

قال :_ فمن يخدمها ؟؟

قال :_أنا

قال :_ من لها غيرك ؟؟

قال :_ الله

قال له النبي صلى الله عليه وسلم :_إلزمها فإن الجنة عند رجليها

[[ يعني لا تخرج معي وابقى عند امك فأنت تريد ان تخرج معي تبتغي مرضاة الله والجنة ، فالجنة عند قدمي امك

وعلى هذا الحديث خرجت مقولة شائعة عند العامة { الجنة تحت اقدام الأمهات } لا هذا ليس بحديث نبوي ، وليس كل الأمهات فالام التي تلقي بأولادها الى خادمة وتستغني عنهم مقابل ان تشغل وظيفتها لن تكون الجنة عند رجليها ، فمقولة الجنة تحت اقدام الأمهات ، ليس حديث نبوي ، فعلى الابناء جميعا أن يبروا بأمهاتهم ، ولكن ليس كل الأمهات عند الله بنفس الدرجة  ]]

__________________________

جلس النبي صلى الله عليه وسلم واقبل الذين تخلفوا يقدمون الاعذار للنبي صلى الله عليه وسلم

ويحلفون له ما تخلفنا عنك إلا لضرورة وعذر ويصطنعون الأعذار

والنبي صلى الله عليه وسلم ، يقبل اعذارهم ويصافحهم

ويقولون للنبي :_ استغفر لنا يا رسول الله

فيستغفر لهم

فأنزل الله قوله على نبيه {{ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }}

فأخذ المتخلفون يعتذرون والنبي يقبل عذرهم على ظاهره لا يناقشهم حتى فرغوا وكانوا قريب {{٨٠ }} رجل

_______________________

ثم أقبل ثلاثة رجال من خيار الصحابة  وهم من الصنف الثاني الذين تخلفوا ولكن ليس فيهم ذرة نفاق

الأول اسمه{{ كعب بن مالك }} وهو عقبي

[[ اي ممن بايع النبي يوم العقبة ]]

الثاني {{ هلال بن امية }} والثالث {{ مرارة بن الربيع }} وهما بدريان

[[ اي ممن شهدوا بدر وقد ذكرنا ما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن اهل بدر

قال :_ وما ادراك يا عمر لعل الله قد أطلع على أهل بدر فقال قد غفرت لكم فأصنعوا ما شئتم ]]

هؤلاء ثلاثة تخلفوا من غير عذر[[ غلبتهم انفسهم ]]

_______________________________

وقصتهم يرويها لنا الصحابي الجليل {{ كعب بن مالك }} رضي الله عنه وعن صحابة رسول الله اجمعين

يقول كعب :_ لم اتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط إلا في غزوة تبوك

غير أني قد تخلفت في غزوة بدر [[ أي لم يشهد غزوة بدر والسبب ]]

لأن الله لم يعاتب أحد تخلف عن رسول الله صلى الله وسلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج مع المسلمون يريدون عير قريش ، فجمع الله تعالى بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد

يقول كعب :_ حتى كانت غزوة العسرة فأخذت اقول

:_ انا قادر على التجهز في اي وقت

وتجهز الناس حتى اصبح النبي صلى الله عليه وسلم على سفر ولم أصنع شيئاً

فقلت :_ انا قادر على ان انطلق في اي وقت ،  ولم اكن عقدت نية للتخلف عن رسول الله

وخرج صلى الله عليه وسلم لتبوك في حر شديد ، وسفراً بعيداً

فخرج معه رجال كثير لا يجمعهم كتاب حافظ [[ يعني عدد الجيش كبير مافي شخص كتب اسماء من خرج ومن لم يخرج ]]

يقول كعب :_فتجهز النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه ، وطفقت اعدو لكي اتجهز معه [[ أي اسرعت أجهز نفسي للأنطلاق معهم ]]

فأرجع ولم أقض شيئا [[ كل ما اراد ان يتجهز تكاسل وغلبته نفسه يماطل ]]

فأقول في نفسي :_ أنا قادر على ذلك إذا أردت [[ يعني عادي لو تأخرت عنهم استطيع فيما بعد ان الحق بهم ]]

وغلبتني نفسي ، واصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غاديا والمسلمون

وانا لم اتجهز ، ثم رجعت الى بيتي اريد ان اتجهز فلم ازل اتمادى حتى اسرعوا وتفارط الغزو [[ يعني مازال يؤجل خروجه كمان ساعة كمان يوم وغلبته نفسه ولم يلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم ]]

_______________________________

يقول كعب :_ كنت اذا خرجت من بيتي وطفت في طرقات المدينة كان يحزنني أني لا أرى لي أسوة [[ أي ممن تخلفوا ]]

لا اجد إلا رجلا مغموصاً عليه في النفاق

[[ اي معروفا بالنفاق]] أو رجلاً ممن عذر الله تعالى من الضعفاء ، وانا والله لست من هؤلاء ولا من هؤلاء

[[ اي لست معذوراً لا مريضاً ولا اعرج ولا اعمى ولا مسن ولست منافقا ]]

____________________________

يقول كعب :_ ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك

فقال وهو جالس في القوم بتبوك :_ ما فعل كعب بن مالك ؟؟

فقال له رجل من بني سلمة غفر الله له

[[ وهذا من اخلاق الصحابة ونحن على هذا الأثر نسير إذا اردنا ان نذكر انسان بسلبية لا نسميه بأسمه ]]

فقال رجل من بني مسلمة غفر الله له :_ يارسول الله حبسه برداه والنظر في عطفيه [[ يعني خايف على ملابسه تتوسخ والنظر في عطفيه يعني بينظر لأكتافه معجب بنفسه ]]

فقام له معاذ بن جبل رضي وقال :_ لا والله ، بئس ما قلت

والله يا رسول الله ما علمنا عن كعب إلا خيرا

فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم

______________________________

يقول كعب :_ فلما سمعت خبر قدوم النبي صلى الله عليه وسلم راجعا من تبوك ، حضرني بثي فطفقت أتذكر الكذب

[[ اي جلس يفكر بأعذار كاذبة إذا سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبب تخلفه ]]

وأقول :_ بما أخرج من سخطه غدا [[ ما هو العذر الذي اقوله للنبي لكي لا يسخط علي ]]

قال :_ واخذت أستعين بكل ذي رأي من أهلي [[ يستشير اهله اصحاب الرأي ماذا تنصحوني ان اقول لرسول الله ]]

_______________________________

يقول كعب :_ فلما سمعت بوصول النبي صلى الله عليه وسلم

زاح عني الباطل

قلت :_ والله لا اجمع على نفسي ذنبين ، تخلف وكذب والله سأصدق الله ورسوله

وكان صلى الله عليه وسلم اذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس

فلما فعل ذلك جاءه المخلفون يعتذرون إليه، ويحلفون له وكانوا بضعاً وثمانين رجلاً

فقبل منهم النبي صلى الله عليه وسلم عذرهم وعلانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ، و وكل سرائرهم الى الله تعالى

فلما انتهى الناس جئت إليه امشي الهوينة

فلما سلمت تبسم تبسُم المغضب

ثم قال :_ تعال يا كعب

قال :_ فتقدمت أمشي الهوينة إليه

فقال وهو مغضب :_ تعال فأجلس

قال :_ فجلست بين يديه

فقال لي :_ ما خلفك عني ؟؟

قلت :_ يا رسول الله إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر لقد اعطيت جدلا [[ يعني لو احد غيرك يارسول سألني بأستطاعتي ان اقدم له عذر مقنع ولا يسخط علي لاني اعطيت جدلا اي عندي قدرة على الكلام والإقناع  ]]

ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخط علي

وإن حدثتك بصدق تسخط علي ويرضى الله والله ماكان لي من عذر ، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت

فقال صلى الله عليه وسلم :_ أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك

__________________________

هنا تعجب الصحابة

لأن الذين كذبوا على الله ورسوله ، واخترعوا اعذار ليس لها اساس من الصحة

يصافحهم النبي ويستغفر لهم ويجدد لهم البيعة

وهذا الذي صدق ، يعرض عنه ثم لا يقبل له حديثاً ، وبعد ذلك يأمر الناس لمقاطعته

في مقياس العامة هذا أولى بالاستغفار والمصافحة والرضا و اولئك يجب ان يعرض عنهم النبي ؟؟

ولكن {{ ميزان الله }} مختلف

لأن الله عزوجل جعل لنا نواميس ، فلقد ربى نبيه صلى الله عليه وسلم على {{ الجلال }} فكلفه بما لم يكلف به المؤمنين وحرم عليه مالم يحرم على المؤمنين

{{ وهذا المقام يطول شرحه }}

ولكن من تابع معنا السيرة يعرفون هذا بالتفصيل ، لقد فرض الله على نبيه صلى الله عليه وسلم قيام الليل كله أوجزء منه

قال تعالى {{ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا }}

فهل أمركم الله يا امة الحبيب الاعظم صلى الله عليه وسلم بقيام الليل فرضا  ؟؟

لا بل ندبه لكم ندباً

قال تعالى {{ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ }} مادحاً لبعض الصحابة حتى نتأسى بهم

قال تعالى {{تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ }}

يندبك للقيام فمن لم يقم الليل فليس بعاصي

أما النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا نام ليلة و لم يقم الليل قضاها في الليلة الثانية

_________________________

إذن تربية الرجال في ميزان الله لا تكون بالدلال ، وعلى قدر اهل العزم تأتي العزائم

وإذا سمعت نص قرآني وتدبرته يذهلك ذهولاً ، اقرأ ماذا يقول الله عز وجل اية في سورة الاحزاب

قال تعالى يخاطب امهات المؤمنين نساء النبي

{{ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ}}

وحاشهن من ذلك ولكن الله ضرب مثالاً

{{ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ۚ}}

  سبحان الله المفروض يخفف عنها لأنها أم للمؤمنين و زوجة للنبي المفروض انها تسامح

لكن في ميزان الله لا ، لأنه بيت يتنزل فيه القران ونسائه امهات للمؤمنين يجب ان يكنَّ القدوة الحسنة في المجتمع وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم وهكذا  الصديقون من الصحابة لا يسامحون بمثل هذه الأخطاء حتى يطهرهم الله في الدنيا

أما المنافقون فلهم يوم يجعل الولدان شيبا

{{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}}

هذا مثال للتأسي

********************************************

#هذا_الحبيب " ٢٤٥ "

السيرة النبوية العطرة (( المخلفون عن تبوك )) الجزء الثاني

______________________________

نحن الآن مع قصة هؤلاء الثلاثة من الصحابة {{كعب وهلال ومرارة }} رضي الله عنهم

قال النبي صلى الله عليه وسلم لكعب :_ قم حتى يحكم الله فيك

وهنا تبدأ أول مراحل الابتلاء

يقول كعب :_ وثار رجال من بني سلمة فاتبعوني

[[ أي من المحبين له من أقاربه وأصحابه يريدون ان ينصحوه]]

فقالوا لي:_ والله ما علمناك أذنبت ذنباً قبل هذا، لقد عجزت في أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به إليه المخلّفون، فقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك

[[  طلبوا منه أن يفعل كما فعل غيره من المنافقين ان يخترع حجج ليستغفر له رسول الله فيكفيه كان استغفار النبي ]]  فكان من شدة إلحاحهم عليه أنه فكر في التراجع ، ويقدم حجج للنبي صلى الله عليه وسلم

قال كعب : _فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكذب نفسي

[[ ولكن الله ثبت قلبه، وزاد من ثباته أنه تذكر أمرا في غاية الأهمية ]]

قال ثم قلت لهم:_ هل لقي هذا معي من أحد؟

[[ يعني هل هناك من الصحابة غيري لقوا من النبي صلى الله عليه وسلم السخط لتخلفهم عنه]]

قالوا:_ نعم، لقيه معك رجلان هلال بن امية و مرارة بن الربيع

قالا لرسول الله مثل ما قلت، فقيل لهما مثل ما قيل لك

[[ وكما يقول العامة الموت مع الجماعة رحمة ، فإن كان مثل هذا الأمر الذي حصل معه قد حصل مع غيره من الصحابة فهذا يخفف عنه، خاصة إذا كان هؤلاء من المعروفين بصدقهم وصلاحهم ]]

قال فقلت:  مرارة بن ربيعة ، وهلال بن أمية ؟؟ !!!

رجلان اعرف  صلاحهما وصدقهما

قال :_فطمأنت نفسي[[ اي قلل هذا من شدة ألمه ]]

قال: _ لقد ذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا، فيهما أسوة

_____________________________

ثم كان الابتلاء الثاني وهي {{ المقاطعة }}

مقاطعة المجتمع له بكل فئاته

حيث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم كافة المسلمين عن التعامل معهم ،وكان ذلك شديدا عليهم

يقول كعب :_حتى تنكرت لي في نفسي الأرض، فما هي بالأرض التي أعرف [[ تغير العالم كله في نظره من شدة الكائبة والهم ]]

واستمرت المقاطعة بكل ثقلها وآلامها خمسين يوما، ذاق فيها كعب وأصحابه من المصاعب ما ذاق

يقول كعب :_ فلم يكلمنا من المسلمين احد

كنا نطرح السلام على الرجل فلا يرد علينا احد ، أما صاحبي [[ يعني هلال ومرارة ]]

لزما بيتهما واخذهم  البكاء ، وكنت اشب منهما

فكنت أخرج فأشهد الصلاة وأطوف في الأسواق، ولا يكلمني أحد من المسلمين

وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة فأقول في نفسي: _هل حرك شفتيه برد السلام أم لا؟

ثم أصلي قريبا منه وأسارقه النظر [[ وهو يصلي ينظر للنبي بطرف عينه هل ينظر إلي ]]

يقول :_ فكنت إذا أقبلت على صلاتي نظر إليَّ [[ نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم اذا صلى كعب ينظر إليه بشفقة ]]

وإذا انتهيت من الصلاة صرف نظره عني

قال :_وكنت اخشى أن تقبض روحي وانا بهذه المقاطعة فإن الاعمار بيد الله فاموت ولا يصلي علي النبي فأخسر الدنيا والآخرة ، او أن يختار الله نبيه فإن الموت آتي لرسول الله لا محالة، فتبقى المقاطعة  بيني وبين المسلمين أمر لن يغيره أحد بعد النبي

فكنت اتمنى أن تنتهي هذه المقاطعة فأموت فيصلي علي النبي صلى الله عليه وسلم

حتى إذا مضى الشهر جاء رسول من رسول الله[[ اي رجل من الصحابة ]]

وقال لي :_ يا كعب يأمركم رسول الله ان تعتزلوا نسائكم [[ أي هو  وصاحبيه ، هلال ومرارة ]]

فقلت له :_ أطلقها أم ماذا أصنع ؟؟

قال :_ اعتزلها [[ ما في طلاق ]]

قال كعب :_ فقلت لزوجتي ألحقي بأهلك حتى يحكم الله فينا

واصبحت أبيت على سطح داري واتوجه الى الله بالدعاء

_____________________________

و جاءت زوجة {{هلال بن امية }} وكان كبير بالسن وليس عنده من يخدمه

فقالت :_ يا رسول الله بأبي انت وامي ، إن هلال كبير في السن وليس هنالك من يخدمه

اتأذن لي ان أصنع له طعامه واغسل له ثيابه ؟؟

قال :_اخدميه ولكن لا يقربنك بشيء فإنه لا يحل له ذلك

فقالت :_بأبي وامي انت والله مابه حراك بشيء ، فإنه منذ أن أمرت الناس بمقاطعته ما جف له دمع ولا تناول طعام ولا نام بليل

___________________________

وهكذا تستمر المقاطعة بلياليها الطويلة، اضطروا فيها إلى ضرورة الانعزال عن الناس، لأنه أخف عليهم

يقول كعب :_حتى إذا طال ذلك عليّ من جفوة المسلمين مشيت حتى تسوّرت جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي وأحب الناس إليَّ

فقلت:_ يا ابن عم السلام عليك  ، فوالله ما ردَّ علي السلام

فكررتها

فقلت :_ يا ابن عم السلام عليك

فلم يرد علي السلام

[[ويزداد الألم حتى أصبح كعب يشك في نفسه، فيبحث عن إجابات يدحض بها هذا الشك عن نفسه عند أعز الناس عليه ابن عمه أبي قتادة واعز اصحابه ، ولكن لا احد من المسلمين  يمكنه أن يخالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ]]

قال فقلت  له: _ يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلمن أني أحب الله و رسوله؟

قال: _ فسكت

فاعدت السؤال عليه 

وقلت :_ نشدتك الله هل تعلمن أني أحب الله و رسوله؟

قال:_ فسكت ولم يرد علي بشيء

يقول كعب :_ فكادت ان تزهق روحي فصرخت بأعلى ما املك من صوت

نشدتك الله  هل تعلمن أني أحب الله و رسوله؟

فقال ابا قتادة  بصوت منخفض بينه وبين نفسه :_ الله ورسوله اعلم

يقول كعب  :_ففاضت عيناي بالبكاء وتوليت حتى تسورت الجدار

_______________________________

بعد هذه المقابلة الصعبة، وبعد هذا اللقاء القاسي المرير مع أبي قتادة

جاءه الابتلاء الثالث

يقول كعب :_وبينما أنا أمشي في سوق المدينة إذا نبطي من نبط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة

يقول:_ من يدلني على كعب بن مالك ؟؟

قال:_ فطفق الناس يشيرون له إليَّ حتى جاءني فدفع إليَّ كتابا من {{ ملك غسان }} مكتوب بماء الذهب  وكنت كاتبا فقرأته فإذا فيه

{{ من ملك غسان الى كعب بن مالك أما بعد ، فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ، ولم يجعلك الله بدار هوان، ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك }}

استغل ملك غسان هذه الظروف التي يمر فيها كعب

فكعب له مكانته في المجتمع ، وكان معروف بشعره ومكانته ويعلم ملك غسان لو ارتد كعب عن دينهه  لكان أثر ذلك في شق صف المسلمين ، لذلك كان ملك غسان شديد الحرص على ذلك

وتخيلوا لو حصل مثل الأمر في زماننا لأعتبره الكثيرون مخرجا وفرجا له، واعتبروه نصرا يخرجهم من الضيق والألم إلى أوسع أبواب العزة

ولكن هذا يحصل عند غير المؤمن ، الذي يعلم علم اليقين أن الدنيا بكل ما فيها لا تعدل عند الله جناح بعوضه

وأن أي حل يأتي في غير طاعة الله تعالى ورضوانه، إنما هو الخسران بعينه، والخيبة بكل معانيها، فكان هذا الكتاب بالنسبة إلى كعب بمثابة {{ الابتلاء }}

________________________

يقول كعب :_ فحين قرأت الرسالة فتوجهت مسرعاً الى منزلي ورميت بها بالتنور فسجرتها به  حتى لا تميل لها نفسي يوما

[[ يعني حرقها مش خلاها احتياط للأزمات وبروزها وعلقها على الحيط ]]

حرق{{  كعب بن مالك }} ذلك الكتاب ولم يندم ، حرقه وهو يعلم أنه من ملك غسان نفسه

[[ يعني في زماننا الجنسية أو اللجوء السياسي]] 

يقول كعب :_ ثم توجهت نحو المسجد ، وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه

فدخلت فسلمت فلم يرد علي احد

فقلت :_ بأبي وامي انت يا رسول الله  لقد طال هجرك لي حتى طمع بي أهل الروم

قال :_ فلم يرد علي بشيء ولم يحرك ساكناً

فطفقت أبكي في المسجد بصوت مسموع

يقول كعب :_ حتى قارب هجرنا خمسين ليلة

فصليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا

_____________________________

والآن  ننتقل الى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في حجرة {{ أم سلمة }} رضي الله عنها

كان يصلي قيام الليل صلوات ربي وسلامه عليه

تقول ام سلمة :_ فركع وسجد ثم جلس وأطال جلوسه

حتى إذا سلم عن يمينه وإذا وجهه يبرق

وكان صلى الله عليه وسلم اذا اتاه الوحي استنار وجهه كأنه البدر ليلة التمام

{{ صلوا على نور الوجود وبدر الدجى صلوا عليه وسلموا تسليما }}

قالت :_  فسلم عن شماله ثم ألتفت إلي مبتسماً ضاحكاً مستبشراً

وهو يقول :_ بشرى أم سلمة لقد تاب الله على كعب وصاحبيه

[[ سبحان الله ، أنت يا رسول الله الذي امرت بمقاطعتهم ثم تفرح إذا تاب الله عليهم ؟؟

نعم إنه بالمؤمنين رؤوف رحيم  ولكن يريد أن يربيهم تربية الرجال ليتطهروا بالدنيا قبل ان يفضحوا يوم القيامة على رؤوس الأشهاد ]]

قال :_ بشرى أم سلمة لقد تاب الله على كعب وصاحبيه

تقول ام سلمة :_ فوثبت

[[ تصوروا هذا المشهد نحن نتكلم عن حجرة من حجرات رسول الله نتكلم عن ذات رسول الله وإحدى أمهات المؤمنين لا نتكلم عن بيوت عامة المسلمين ]]

تقول :_ فوثبت [[ على جلالة قدرها وكبر سنها ]]

وثبت وأخذت خماري ثم تداركت وقلت :_ بأبي وامي يارسول الله اتأذن لي أن أنطلق وأبشر كعب

[[ ملاحظين الدنيا نص ليل ، وكعب يسكن عند جبل سلع عند مدخل المدينة عند المساجد الخمسة عند مسجد القبلتين الذي تزورنه يا حجاج ويا عُمار انظروا كم يبعد عن المسجد النبوي

قالت :_ بأبي وامي يارسول الله اتأذن لي أن انطلق وابشر كعب

أي فرحة هذه في بيت النبوة بالتوبة على كعب ؟؟

نعم المؤمنون يد واحدة على من سواهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم وهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تدعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ، وهذا ما لا يدركه اعدائكم ولا يدركه أذنابهم ، ولكن عليكم انتم يا عشاق السيرة ان تدركوه ]]

قالت  فقال لي متلطفاً :_ يا ام سلمة إذن يحطمكم الناس [[ يعني اذا نطلقتي الآن بالبشرى وشاع الخبر سيتوافد الناس الى المسجد ]]

إذن يحطمكم الناس ، ويمنعوكم من النوم حتى الصبح انتظري بعد صلاة الفجر

قالت :_ومضى صلى الله عليه وسلم في قيامه الى صلاة الفجر وكان لا يخرج الى مصلاه إلا عند إقامة الصلاة [[ لان دخوله للمسجد كان اشعاراً لإقامة الصلاة فكان يصلي السنة في حجراته ]]

قالت :_وخرج الى صلاة الفجر ثم دخل المسجد فأقام الصلاة بلال ثم صلى الفجر بالناس ثم استقبل وجوه أصحابه

تقول ام سلمة :_ وكنت انا في مصلى النساء ورآئهم

[[ لم يكن المصلى معزول كما نعرفه اليوم في مساجدنا الرجال يصلون خلف النبي وخلفهم الصبية وخلف الصبية تصلي النساء فكان يرى بعضهم بعضا ]]

قالت :_ فأستقبلنا صلى الله عليه وسلم وتلى الآيات في التوبة التي نزلت على {{ كعب وهلال ومرارة }} وأعلن ان الله قد تاب على كعب وصاحبيه

__________________________

تقول ام سلمة:_ فوثب شيخ الصحابة [[  أتعرفون من هو شيخ الصحابة ؟؟ هو ابو بكر الصديق رضي الله عنه]]

تقول :_ فوثب شيخ الصحابة و وثب عمر وانطلقا يتسابقان أيهما يبشر كعب [[ انظروا ياله من مشهد ]]

يقول ابو بكر :_فأدركت أن عمر سيسبقني فقد كان أخف مني واسرع

فصعدت على تل في جوار المسجد وصحت بأعلى صوتي

ياااا كعب بن مالك أبشر فقد تاب الله عليك

ويكررها ابو بكر بأعلى صوته

ياااا كعب بن مالك أبشر فقد تاب الله عليك

ياااا كعب بن مالك أبشر فقد تاب الله عليك

يقول كعب :_ فبينما أنا جالس على سطح داري  و قد ضاقت عليّ نفسي وضاقت عليّ الأرض بما رحبت سمعت صوت صارخ يصيح و يقول بأعلى صوته:_ يا كعب بن مالك أبشر فقد تاب الله عليك

فلما سمعت الصوت وأيقنت أنه ابو بكر

نظرت فإذا عمر يجري إلي مسرعاً وعانقني وهو يبكي

ويقول :_ ابشر يا كعب بخير يوم يمر عليك منذ ولدتك أمك لقد تاب الله عليك وهذا رسول بين اصحابه في المسجد ينتظرونك

قال :_ فلم أتمالك نفسي فخررت ساجدا لله

ثم قلت  في نفسي  البشرى لمن سبق إلي صوته

فالبشرى لأبي بكر و والله الذي لا إله إلا هو لم اكن املك في ذلك اليوم شيء

لأني تصدقت بكل أملك و كنت لا أملك الا ثوبان

فقلت :_ هما لأبي بكر واستعرت ثوبين فلبستهما

يقول كعب :_ فأقبل الناس يبشروننا انا وصاحبي [[ اي هلال ومرارة ]]

يقول :_ فأنطلقت الى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم

واخذ يتلقاني الناس فوجا فوجا ، يهنئونني بالتوبة

ويقولون:_ هنيئاً يا كعب توبة الله عليك ويصافحوني ويعانقوني

حتى دخلت المسجد امشي الهوينة حتى وقع نظري على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينظر إلي وقد اشرق وجهه

فقال :_ ابشر يا كعب ورفع يده اليمنى ، ابشر يا كعب بخير يوم يمر عليك منذ أن ولدتك امك

فقلت :_ أمن عندك يارسول الله ، أم من عند الله ؟؟

قال :_بل من عند الله 

قال :_ فأكببت أقبل رأسه ويديه ، ثم جلست وتلى علينا الآيات

وتفكروا معي بهذه الآيات من سورة التوبة وبمناسبة هذه الآيات سميت السورة بسورة التوبة

________________________

قال تعالى

{{ لَقَد تَّابَ اللَّه عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ * وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ }}

لنتدبر الآيات بدأت بقوله تعالى

{{ لَقَد تَّابَ اللَّه عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ }}

سبحان الله وهنا أطرح سؤال

إذا كان كعب قد تخلف فلماذا يتوب الله على النبي والمهاجرين والأنصار ؟؟

من أي شيء يتوب الله على النبي وقد انزل عليه {{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}}

فمن اي شيء يتوب عليه ؟؟

هذا كلام الله الحق سبحانه وتعالى و حتى لا يظن الناس الى قيام الساعة

ان التوبة كانت من اجل ذلل وانتقاص للمذنب لا

فكلمة {{ تاب }} رمز مشرف ورفيع

فالتائب له عند الله مكانة ورتبة رفيعة

وبما أنها منزلة عظيمة عند الله فبدأ بها لنبيه صلى الله عليه وسلم لأنه اولى خلق الله بهذه المنزلة

حتى يفهم الناس معنى {{ التوبة }} وبأنها رفعة وتكريم

{{ لَقَد تَّابَ اللَّه عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }}

مرتين يتوب على نبيه والمهاجرين و الانصار 

{{ وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ }}

ثلاثة

١_ كعب

٢_وهلال

٣_ومرارة

قال الذين {{ خُلفوا }} ولم يقل الذين {{ تخلفوا }}

ولنفهم كلام الله وانتبهوا  ليس خُلفوا معناها انهم تخلفوا عن رسول الله  في الخروج للمعركة

ولا كما يقول بعض الدعاة جهلاً  أن يد القدرة خلفتهم لذلك لم ينسب الله التخلف لهم

هذا القول مرفوض وهو قول جهلة

معنى {{ خُلفوا }} أي على الثلاثة الذين خُلفَّ أمرهم أي تأجل الحكم عليهم ، حتى يحكم الله فيهم من بين الذين تخلفوا جميعاً

لأن اولئك منافقين فقُبلوا على علاتهم وهؤلاء مؤمنون صادقون خُلفَّ أمرهم وتأجل حتى يحكم الله فيهم

{{ وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ }} اي هؤلاء الثلاثة تأجل الحكم فيهم وهم حالة خاصة

{{حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ }}

ايها العاقل هل تضيق الأرض على احد ؟؟

الله يصفهم لصدق ايمانهم ضاقت عليهم الارض كانوا لا يرون

شيئاً ولا متنفساً كأنما احدهم في زنزلة او قارورة

{{وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }}

قدم توبته أي بالرضا والمغفرة فتابوا فقبل توبتهم

ثم يقول تعالى

{{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ }} ونحن منهم إن شاء الله

{{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ }}

اي انظروا الى الصدق ماذا فعل مع كعب وصاحبيه ينزل في شأنهم قران يتلى يفرح النبي لتوبتهم ، ينطلق كبار الصحابة مسرعين ليبشروهم

ام سلمة تريد أن تخرج في منتصف الليل فرحاً بتوبة الله على كعب وصاحبيه

________________________

يقول كعب :_ ثم جدد لنا رسول الله البيعة واستغفر لنا

فقلت :_ بأبي وامي انت يارسول الله إن من توبتي لله وعهد علي ان اخرج من مالي كله لله ، فتقبل مني مالي صدقة يا رسول الله

فقال النبي صلى الله عليه وسلم :_ لا يا كعب احفظ عليك بعض مالك

فقلت :_ اتصدق بنصفه

قال :_ لا

قلت :_ ثلثه

قال :_ ثلثه والثلث كثير

قال كعب :_ فجئت بثلث مالي وجاء هلال بثلث ماله وجاء مرارة بثلث ماله وجعلناه صدقة بين يدي رسول الله يتصرف بها كيف يشاء

واثنى الله على ذلك بنص قرآني

قال تعالى {{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }}

يقول كعب :_ ومضى سائر اليوم نستقبل المهنئين ونحن نفرح بهذه التوبة

فقلت على ملأ من الصحابة :_ يارسول إن عهد الله علي بأن لا اتكلم بعد اليوم إلا صدقاً ، فكنت ممن ابلاني الله بالصدق واسأله ان يحفظه علي حتى ألقاه وهو راضٍ عني

_____________________________

فكان يعرف كعب بأنه الصادق والصديق ، اللهم اجعلنا من الصادقين

{{ الصدق في أقوالنا اقوى لنا ، والكذب في افعلنا أفعى لنا }}

هل أدرك عشاق السيرة ذلك اللهم اجعلنا ممن يستمع ويعتبر

_____________________________

ما الذي نستفيده من قصة {{ كعب بن مالك }} رضي الله عنه وأرضاه

١_ يجوز للرجل ان يخبر الناس عن تقصيره في طاعة الله

فلقد أخبرنا كعب عن تجربته كنصيحة لغيره

ليتأسوا بذلك فيهجروا المعاصي ويتركوا الذنوب، فالعاقل من يعتبر بغيره

____________

٢_ يجوز تعزير  المتخلف عن الجهاد مع ولي أمر المسلمين حتى يشعر بألم المخالفة، وينبغي لولي الأمر أن يذكره ويعنفه ويوبخه، ليأخذ بيده إلى الله تعالى، لأن إهمال المسلمين المقصرين وعدم السؤال عنهم يفسدهم ويعرضهم للزلل والزيغ، ولذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم كعبا وقال {{ما فعل كعب؟ }}

_____________

٣_  الحذر كل الحذر من النفاق والمنافقين ، واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان

_____________

٤_ الدفاع عن اخوك المسلم في غيابه  كما رد معاذ رضي الله عنه على من طعن في كعب رضي الله عنه في غيابه

بقوله: _حبسه برداه والنظر في عطفيه

فقال له معاذ: بئس ما قلت، والله يا رسول الله، ما علمنا عليه إلا خيرا

______________

٥_  الستر على صاحب الخطأ رجاء إصلاحه وعدم فضح أمره، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في نصيحته {{ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا }} ولا يصرح بأسمائهم رجاء إصلاحهم وتجنبا لفضح أمرهم

_____________

٦_ معصية الله من أقبح الأعمال تجعل العبد يعيش في ظلام دامس يكره نفسه ويكره الحياة ولن يشعر بالسعادة مهما بلغ من الثراء

{{ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ}}  فكيف بمن يقع بالفواحش والكبائر؟!

_____________

٧_ لا نحكم  على الناس بالظاهر ونترك السرائر إلى الله تعالى، فمع أنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم كذب المنافقين إلا أنه قَبِلَ منهم ووكِل سرائرهم إلى الله، ولم نؤمر أن نشق عن صدور الناس

فكيف بمن يدعي أنه يمشي على السنة و يكفر الناس على كل كبيرة وصغيرة ؟؟

____________

٨_ فضيلة الصدق وملازمته، وان كان فيه مشقة، فإن عاقبته خير ، وإن صدقت فالله يتولى أمرك مهما كان منك من تقصير

{{وإن الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة }}كما ثبت في الصحيح

فقصة كعب تعلمنا فضل الصدق

____________

٩_  استحباب صلاة القادم من سفر ركعتين في مسجد إقامته أول قدومه قبل كل شيء

طبعا هذه من السنن المنسية

___________

١٠ _ يستحب للقادم من سفر إذا كان مشهوراً بين الناس  أن يقعد لهم في مجلس بارز هين سهل الوصول إليه

___________

١١_ استحباب بكاء المذنب على نفسه إذا وقعت منه معصية

___________

١٢_  أن مسارقة النظر في الصلاة  لا يبطلها

يقول كعب :_ كنت أصلي في جانبه وأسارقه النظر [[ وهو يصلي ينظر للنبي بطرف عينه هل ينظر إلي ]]

يقول :_ فكنت إذا أقبلت على صلاتي نظر إليَّ ، وإذا انتهيت من الصلاة صرف نظره عني

____________

١٣_ السلام يسمى كلاما ، وكذلك ردّ السلام

فمثلاً أنسان حلف ان لا يكلم فلان من الناس

فإذا جاء هذا الشخص وقال السلام عليكم ، فرد عليه وعليكم السلام ، هنا يحنث في يمينه ويعتبر ان كلمه

___________

١٤ _ جواز إحراق ورقة فيها ذكر الله تعالى لمصلحة،  وموضع الدلالة من حديث كعب أنه أحرق الورقة وفيها

{{ لم يجعلك ( الله ) بدار هوان }}

___________

١٥_ أن قوله لامرأته: _إلحقي بأهلك ، ليس بصريح طلاق ولا يقع به شيء إذا لم ينوي هو في نفسه الطلاق

___________

١٦_ استحباب سجود الشكر عند تجدد نعمة ظاهرة، أو اندفاع بلية ظاهرة، وهو مذهب الشافعي

___________

١٧ _ استحباب التبشير بالخير والإسراع والمسابقة كما فعل ابو بكر وعمر

___________

١٨_جواز استعارة الثياب للبس

__________

١٩ _ أنه يستحب لمن حصلت له نعمة ظاهرة، أو اندفعت عنه كربة أن يتصدق بشيء صالح من ماله شكراً لله تعالى على إحسانه، وقد ذكر  أنه يستحب له سجود الشكر والصدقة جميعا، وقد اجتمعا في هذا الحديث لكعب بن مالك

__________

ذكرت بعض العبر والفوائد

من حديث كعب الطويل، والعبر فيه أكثر من ذلك، وفيه الكثير من الحكم يمكن أن نستفيد منها في زماننا هذا

ويدل هذا الحديث على مدى الترابط بين أعضاء ذلك المجتمع الاسلامي

الذي كان فيه أفراده جميعاً على أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

وأن أوامره صلى الله عليه وسلم كانت تجري عليهم جميعا وكيف أنهم كانوا فاعلين في مجتمعهم

تجمعهم المحبة، ويضمهم الرضا والقبول بتعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم

وأن تخلف صحابي واحد منهم عن أمر الجماعة يعني الكثير، وأول ما تعني {{ انعزاله عن بؤرة هذا المجتمع }}

واستحقاقه للمقاطعة التي توصله إلى أشد حالات المرارة والصعوبة

وهناك الكثير والكثير من الحكم والعبر في هذا الحديث، وهي أكثر من أن تحصى

ولكن المقام لا يتسع، وما لا يدرك كله لا يترك جله

صلوا على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم

********************************************

#هذا_الحبيب  " ٢٤٦ "

السيرة النبوية العطرة (( أحداث وقعت في العام التاسع من الهجرة ))

_______________________________

هناك بعض بعض الأحداث وقعت في العام التاسع من الهجرة

نذكرها بأختصار إن شاء الله تعالى

_____________

((وفاة النجاشي )) ملك الحبشة

وقد تولى النجاشي حكم الحبشة وهو ابن {{ ٩ }}  أعوام بعد موت عمه بصاعقة، وبعد سنوات من حكمه انتشر عدله وسيرته الطيبة في كل مكان

و عندما اشتد ايذاء قريش للمسلمين، نصح النبي صلى الله عليه وسلم  المسلمين في السنة {{ الخامسة }} من البعثة بالهجرة الى الحبشة

وقال {{ إن فيها ملك لا يُظلم عنده أحد }}

وبالفعل هاجر بعض المسلمين الهجرة الأولى [[ وقد ذكرنا هذه الأحداث من السيرة في بداية العهد المكي ولكن اذكر عناوين للتذكير ]]

واغتاظت قريش عندما علمت بهجرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم للحبشة

وأرسلت وفدا منهم على رأسهم {{ عمرو بن العاص}} لمحاولة استعادتهم مرة أخرى

ولكن رفض {{ النجاشي}} أن يأخذ قرار قبل أن يستمع الى المسلمين

وبالفعل قدم وفد المسلمين وعرض عليه الإسلام، فأسلم النجاشي، ولكنه كتم ايمانه

ثم تسرب خبر اسلام {{ النجاشي }} وكاد أن يحدث نتيجة ذلك ما نطلق عليه [[ ثورة داخلية ]]

وكادت أن تحدث مواجهة عسكرية بين أنصار النجاشي والمعارضين له

وكان أنصار النجاشي أقل عددا من معارضيه

وقبل هذه المواجهة جهز النجاشي سفن للمسلمين، وأمر المسلمين أن يركبوا في هذه السفن

وقال لهم :_ أنه اذا هزم في المعركة أن يغادروا الحبشة، واذا انتصر يظلوا في الحبشة

ولكن لم تحدث هذه المواجهة العسكرية لأن النجاشي تحدث الى المعارضين له

وقال لهم كلاما فهموا منه أنه لا يزال على النصرانية، وهكذا كتم النجاشي اسلامه، حفاظا على حياته، وحفاظا على ملكه، وقبل منه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك

وفي رجب من السنة التاسعة

أخبر النبي صلى الله عليه الصحابة بوفاة النجاشي

فقال :_ مات اليوم رجل صالح ، فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة

وصلى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم على النجاشي

{{ صلاة الغائب }}

وكان الوحيد الذي صلى عليه صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب، لأنه مات في أرض ليس فيها من يصلي عليه

[[ولذلك ذهب العلماء الى أن صلاة الغائب مشروعة في حق من مات بأرض ليس فيها من يصلي عليه، أما من صلى عليه حيث مات فإنه لا يصلى عليه صلاة الغائب ]] هذا والله اعلم

___________________________

ومن الأحداث التي وقعت في السنة التاسعة

هو وفاة بنت النبي صلى الله عليه وسلم {{ أم كلثوم }} رضي الله عنها وارضاها

وقد ولدت أم كلثوم قبل البعثة بستة سنوات

وأمها هي {{ السيدة خديجة }}

وجاهدت مع أبيها صلى الله عليه وسلم وعانت وطأة الحصار مع المسلمين في شعب أبي طالب

و كان عمرها {{ ١١ عام }}

وعاشت كل لحظات معاناة المسلمين في مكة قبل الهجرة

{{ ١٣ عام }}ا كاملة، وهاجرت رضي الله عنها وكان عمرها {{ ١٩ عام }}

وتزوجت من {{ عثمان بن عفان}} رضي الله عنه بعد وفاة أختها {{ رقية}}  في السنة الثالثة من الهجرة

وكان عمرها {{ ٢٢عام }}

ولذلك أطلق على عثمان بن عفان {{ ذو النورين}} وأصبح الوحيد في التاريخ كله الذي تزوج من ابنتي نبي، وظلت مع {{عثمان}} ستة أعوام، ولم تنجب خلالها

ثم ماتت رضي الله عنها في شهر {{ شعبان}} من السنة التاسعة من الهجرة، بعد عودة المسلمين من {{ تبوك }}

وجلس صلى الله عليه وسلم على قبرها وهو يبكي حزنا عليها

و واسى النبي صلى الله عليه وسلم زوجها {{عثمان }}

وقال:_ لو كانت عندنا ثالثة لزوجتها عثمان

______________________

من الأحداث الهامة في السنة التاسعة من الهجرة

وفاة {{ عبد الله بن أبي بن سلول}} والذي عرف برأس المنافقين

وقصة {{ عبد الله بن أبي بن سلول }} أن المدينة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم  شهدت تاريخا طويلا من الحروب بين {{ الأوس والخزرج }}

وكانت آخر هذه الحروب هي حرب {{ بعاث }} والتي انتهت بانتصار {{ الأوس }}

وفكر العقلاء بعدها على تنصيب رجل يكون ملكا أو حاكما على المدينة

واتفق الطرفان على أن يكون هذا الحاكم هو أحد سادات الخزرج وهو {{ عبد الله بن أبي سلول }}

وسبب أختياره ملكاً

{{ أولا}}

لأنه لم يشترك في حرب {{ بعاث }} بل كان رافضا ومعارضا لها

{{ثانياً }}

لأنه من {{ الخزرج}} الطرف الذي انهزم في حرب {{ بعاث}} فلا يكون هذا تنصيب رجل من {{ الأوس}} أحد نتائج هزيمة {{ الخزرج }} وهو لا شك أمر سيرفضه الخزرج

وبعد أن اتفق أهل المدينة من الأوس والخزرج وبعد أن أصبح أمر تنصيب {{ عبد الله بن أبي}} مسألة وقت

جائت هجرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم واجتمع الأنصار حول راية النبي صلى الله عليه وسلم

ووئدت فكرة أن يكون {{ عبد الله بن أبي}}  ملكا على المدينة

لذلك حقد {{عبد الله بن ابي }} على الرسول وأظهر الإسلام وأبطن الكفر، ولم يتوقف لحظة عن الكيد ضد النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون

وتعاون مع اليهود في ذلك، وقاد جماعة المنافقين في المدينة، وكانت خطورة {{ عبد الله بن ابي }} أن له مكانته الكبيرة بين قومه

__________________________

وقد ذكرنا في السيرة مواقفة ضد النبي صلى الله عليه وسلم

حين انسحب أثناء تحرك جيش المسلمين الى أحد، فانسحب معه ثلث الجيش

كما أنه قام باشاعة حديث الإفك وتكبيره، وقال الله تعالى في ذلك {{ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }}

وفي غزوة {{ بني المصطلق }}في السنة السادسة من الهجرة حاول احداث وقيعة وفتنة بين المهارجين والأنصار

حين قال :_ والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل

وهو الذي نزلت فيه هذه الآية بقوله

{{ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا}}

يعني امنعوا الأموال عن أصحاب الرسول حتى ينفضوا عنه ويتركوه، وقد سجل عليه القرآن العظيم هذه الكلمات

ولم يتوقف {{ عبد الله بن ابي بن سلول}} لحظة واحدة عن التآمر والكيد للنبي صلى الله عليه وسلم ومحاولة هدم الدولة الإسلامية حتى توفى في السنة التاسعة من الهجرة

___________________________

وكان لعبد الله بن أبي ولد وحيد اسمه {{ عبد الله}} على اسم ابيه[[ أي أن اسمه عبد الله بن عبد الله بن ابي بن سلول]] وكان من خيار الصحابة، شهد بدر وجميع المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم

وكان شديد البر بأبيه، ومع ذلك كان من أشد الناس على أبيه

فلما توفي {{ عبد الله بن أبي }}

ذهب ابنه {{ عبد الله }} الى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه

فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه

ثم سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي عليه

فقام النبي صلى الله عليه وسلم يلبي طلب هذا الصحابي المؤمن الصادق

فقام  ليصلي عليه

فقام عمر وأخذ بثوب النبي صلى الله عليه وسلم

وقال :_ يا رسول الله، وقد نهاك ربك أن تصلي عليه ؟!!

فقال النبي صلى الله عليه وسلم :_ يا عمر إنما خيرني الله فقال {{ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ }} وسأزيده على السبعين

صلى الله وسلم عليك يا رسول الله ما أرحمك وهذا تحقيق لقوله تعالى {{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }}

وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم

يقول عمر :_ فعجبٌ لي وجرأتي على رسول الله ،ولكن نزل بعد ذلك قول الله تعالى {{وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ }}

____________________

وكان موت رأس المنافقين  {{ عبد الله بن ابي}} ضربة قاصمة ثالثة للمنافقين في خلال شهرين فقط، حيث كانت الضربة الأولى هي غزوة {{ تبوك }} نفسها ونزول سورة التوبة، وقد أظهرت غزوة تبوك وسورة التوبة عدد كبيرمن المنافقين

وكانت الضربة الثانية

هي هدم وحرق مسجد الضرار

ثم كانت الضربة الثالثة

وهي موت رئيس المنافقين {{ عبد الله بن ابي بن سلول}}

وبموت {{عبد الله بن أُبي بن سلول}} انحسرت جدا حركة النفاق في المدينة المنورة، وكسرت إلى حد كبير شوكتهم ولذلك لم نجد لهم حضورا يذكر في العام العاشر من الهجرة وإن كان استمرار وجودهم مؤكدا

لأن المنافقون لا يختفون أبدا من أي مجتمع مسلم، منذ أيام النبي صلى الله عليه وسلم وحتى يومنا هذا

هذا ما كان بأختصار شديد ما وقع من احداث من السنة التاسعة

********************************************

#هذا_الحبيب  "  ٢٤٧ "

السيرة النبوية العطرة (( حج ابو بكر بالمسلمين ونزول آيات صدر سورة التوبة ))

___________________________

رجع صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك و في شهر {{ ذي الحجة }} من السنة التاسعة من الهجرة

خرج المسلمون لأداء فريضة الحج، ولم يخرج معهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما خرج بالمسلمون {{ ابو بكر الصديق}} رضي الله عنه وأرضاه

وكانت هذه هي السنة الثانية التي لم يخرج فيها النبي صلى الله عليه وسلم للحج

كانت المرة الأولى في السنة الثامنة

والمرة الثانية في السنة التاسعة

وقيل في كتب السيرة أن سبب عدم خروج النبي  للحج في السنة التاسعة

هو انشغال النبي صلى الله عليه باستقبال الوفود التي تأتي للمدينة لتعلم الإسلام والقرآن ومبايعة النبي صلى الله عليه وسلم

وقد أخذ الشافعي من ذلك أن الحج على التراخي، بينما ذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد الى أن الحج على الفور

_________________________

ولكن بعد متابعة السيرة ودراستها هنالك سبب آخر لعدم خروجه صلى الله عليه وسلم للحج في هذا العام

لنلقي نظرة عامة عن مكة ومن يحج إليها في ذلك الوقت لنعرف أكثر عن عدم خروجه صلى الله عليه وسلم في هذا العام للحج

فقد ظن الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم سيحج هذا العام بعد أن أصبحت {{ مكة }} دار اسلام

وها هو صلى الله عليه وسلم قد ثبَّتَ هذا الدين والأمن له في ارجاء الجزيرة كلها

ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لا يسير إلا أن يسيره ربه وقد اختار له الله أن يكون له {{حجة واحدة }} في عمره وهي {{ حجة الوداع }}

وبألهام من الله دون نص قرآني ، اختار النبي صلى الله عليه وسلم عدم خروجه للحج في هذا العام

وانتدب {{ أبا بكر الصديق }}  ليخرج بعدد من اهل المدينة بلغوا {{  ٣٠٠ }} رجل

ومن أراد أن يرافقهم من اهل الأعراب من حول المدينة فيكون {{ ابو بكر }}  امير المسلمين في الحج

________________________

فإن مكة كانت تستقبل المسلمين وغير المسلمين في ذلك الوقت

فكانت العرب كلها تحج اقتداءً بملة نبي الله ابراهيم عليه السلام لقوله تعالى

{{ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ }}

فكل الناس كانت تحج على دين ابراهيم

لأن دين ابراهيم عليه السلام هو دين الانبياء جميعاً

لان هو الدين عند الله

قال تعالى {{ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ }}

ولكن المغضوب عليهم {{ يهود }} عندما بعث فيهم نبي الله موسى عليه السلام ، ثم قبضه الله إليه غيروا وبدلوا

فأسقطوا {{ الحج }} من شريعتهم

وأخذوا يحجون الى {{ بيت المقدس }} وكذلك تبعتهم

النصارى لأن المسيح عيسى عليه السلام ايضاً بعث في بني اسرائيل

ونرى في الفاتحة أن الله قال عن النصارى الضالين [[ لأن ما خرب بيتهم غير المغضوب عليهم اليهود واضلوهم عن شريعة عيسى عليه السلام ]]

_______________________

وما دام يأتي الى الحج المسلم وغير المسلم كانت لهم عادات وتقاليد لا يقرها شرعنا

ولكن لم يأتي للنبي صلى الله عليه وسلم نص قرآني يغيرها لهم وما كان صلى الله عليه وسلم  يشرع إلا بوحي

ولكن كره أن يحضر موسم حج ، و فيه ما لا يتفق مع خلق الإنسان الطبيعي

فلقد ابتدعت قريش وبعض قبائل العرب بدعة في الحج لم تكن تعرف من قبل وهي الطواف حول الكعبة وهم عراة

معتقدين بذلك أن الله لا يقبل طوافهم بثياب عصوا الله فيها فكانوا يتجردون من ثيابهم في حجر اسماعيل ، ويطفون بالبيت عراةً كما ولدتهم امهاتهم

______________________

فأنظر يرحمك الله

أي منظر هذا إن كان رجلاً أو امراة ؟؟

فالمرأة تأخذ شيئاً ما يستر فرجها فقط ثم تطوف في البيت عريانة

والرجل يطوف ايضاً عريان

معتقدين أن الله لا يقبل توبتهم بثياب عصوا الله فيها [[ خرفات وبدع ]]

ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قد شرَّع للناس  ، وإن كانت مكة دار اسلام

فلم يحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يحضر هذا {{الحج }} ثم يشهد من يطوفون عراة

ومن يغيرون في التلبية ، فهنالك تلبية توحيد على ملة ابراهيم

وهنالك تلبية فيها شرك فكانوا يقولون :_ لبيك لا شريك لك إلا شريكٌ أرتضيته لك

وقريش ايضاً ابتدعت بدعة

وهي بأنها لا تقف مع الناس على {{ عرفة }} يوم الحج

بل تقف عند المشعر الحرام

ويقولون :_ نحن أهل الحرم نحن أهل الحمس لا نقف مع الناس ولا نفيض مع الناس

______________________

الخلاصة أن النبي صلى الله عليه وسلم انتدب الصديق

{{ ابو بكر رضي الله عنه }} ليكون اميراً على المسلمين و أوصاه بأن لا يغير شيئاً في ما أعتادت عليه قريش لأن الله لم يأمره بشيء

فأمر {{ ابو بكر }} ان يكون امير المسلمين وان يحج بالمسلمين على ملة التوحيد وأن لا يغير في ما في قريش على الاطلاق

وارسل معه صلى الله عليه وسلم {{ ٢٠ بدناً }}  اي ٢٠ ناقة ليقدمها هديً بأسم النبي الى البيت الحرام ، طعمة للفقراء والمساكين

واخذ ابو بكر لنفسه{{ ٥ من النياق }} ايضا فأصبح العدد ٢٥ بدنا

_____________________

وبعد خروج وفد الحج بقيادة {{ أبي بكر الصديق}} ولم يبعدوا عن المدينة المنورة كثيرا

نزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيات من صدر سورة {{ التوبة }}

_____________

(( ملاحظة ))

قلنا قد نزل آيات كثيرة من سورة {{ التوبة }} في الأجزاء السابقة من السيرة في شأن المنافقين ،  ومسجد ضرار ، وفي الذين تخلفوا والذين خُلفوا

ولكن لم تكن نزلت الآيات التي سنذكرها الآن وهي صدر سورة {{ التوبة }}

فالقران لم يكن مرتباً كالترتيب الذي تعرفونه الآن ، فأول ما أنزل في القران على رسول الله {{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }}

من سورة العلق

فأين تجدون ترتيب هذه الآية الآن في القرآن  ؟؟

ترتيبها في القرآن سورة {{ ٩٦ }}

وهكذا كانت إذا نزلت آيات

يقول جبريل للنبي :_ أجعلها مع السورة كذا ، اجعلها بعد الآيات كذا ، وضم هذه الآية الى السورة الفلانية ، حتى إذا ختم القران

قرأه جبريل مرتين في آخر سنة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم على الترتيب الذي تعرفونه الآن

_________________________

فعندما نزلت الآيات ارسل النبي صلى الله عليه وسلم

{{ علي بن ابي طالب }} رضي الله عنه وأرضاه ليقرأ هذه الآيات على الناس يوم الحج

وكتب له كتاب لأمير مكة حتى يعمل بمضمون هذه الآيات وأوصاه بأربعة بنود يبلغها للناس يوم {{ الحج الأكبر }}

________________________

وهنا نقف عند اسم {{ الحج الاكبر }}

عند كثير من عوام المسلمين في أيامنا هذه  وللأسف كثير منهم من يشرعون في شرع الله ما لم ينزل الله

فعندهم يوم {{ الحج الاكبر }}

يقولون :_ إذا كانت وقفة {{ عرفة }}  يوم الجمعة

يقولون :_  كان حج اكبر

بينما نرى في السيرة النبوية ، ان العام الذي حج فيه

{{ ابو بكر }}  لم تكن عرفة يوم الجمعة

ورغم ذلك سماه الله عزوجل في القران الكريم الحج الأكبر قال تعالى

{{ وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ }} وما كانت الوقفة على عرفات يوم الجمعة

____________________

{{ الحج الأكبر }} هو الحج ذاته في كل عام لأن فيه عرفة

والحج الاصغر

هي {{ العمرة }} لأنها تأتي على جميع اركان الحج إلا الوقفة على عرفة

فأركان الحج

١_ احرام

٢_وطواف

٣_وسعي

٤_ وحلق أو تقصير مع {{ وقوف عرفة }}

[[ الحلق و التقصير فيه خلاف عند بعض المذاهب فجعلوه في الواجبات فلو اختصرناه يصبح لدينا اربع اركان مع وقوف عرفة ]]

فالمعتمر يقوم بها كلها إلا وقوف {{ عرفة }} فسبب وقوف الناس على عرفة سمي {{ الحج الأكبر }}

_____________________________

فأنطلق {{ علي بن ابي طالب }}  بهذا الكتاب وأذن له النبي صلى الله عليه وسلم بأن يركب على  ناقته{{ القصواء }} كشاهداً عليه ، أنه نائبا عن النبي وارسل معه ابو هريرة يزكي شهادته

فقال له :_ تحج مع الناس فإذا كان يوم {{ الحج الأكبر}}

[[ يعني صبيحة يوم النحر ]] و فاض الناس من عرفة واجتمعوا في منى اقرأ عليهم هذا الكتاب والآيات التي نزلت

[[لأن الحجيج لا يجتمعون كلهم إلا في منى بعد عرفة ويعلم النبي صلى الله عليه وسلم ان قريش لا تقف في عرفة وقد ذكرنا السبب  فخصص له يوم النحر حتى يكون كل الناس قد اجتمعوا

فإذا كان يوم النحر يستأذن {{ علي }} من ابي بكر لأنه امير الحج ويقرأ على الناس الكتاب ]]

______________________

وارسال علي رضي الله عنه بالكتاب

[[ ولا يعني هذا عزل الصديق كما يقول بعض من يبغضون ابي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه ]]

فأنطلق {{علي بن ابي طالب }} على ناقة النبي صلى الله عليه وسلم ومعه كتاب من النبي مختوم بخاتمه ويصحبه ابو هريرة رضي الله عنه

حتى إذا أقترب من الركب سمع ابو بكر رغاء ناقة النبي صلى الله عليه وسلم القصواء فعرفها

[[ سبحان الله كانوا يهتمون بكل شيء متعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى أنهم كانوا يميزون صوت ناقته ]]

فقال ابو بكر لمن حوله :_ ألا تسمعون ؟؟ !! إنه رغاء القصواء ناقة النبي صلى الله عليه وسلم

قالوا :_ اجل

قال :_ لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمُر بالحج فلحق بنا

فتوقف الركب كله ينتظرون قدوم الناقة

فلما زال عنها السراب ، وظهر  لهم من يركبها

وإذا هو {{ علي بن ابي طالب }} ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم

فلما سلم على الصديق ومن معه

سأله ابو بكر :_ يا ابن عم رسول الله أتابع أم أمير ؟؟

[[ يعني هل لحقت بنا لتحج البيت معنا ؟ أم ارسلك رسول الله اميراً وبدا له أن يعزل إمارتي ]]

قال علي :_ بل تابعٌ ، ونائبٌ عن رسول الله لأقرأ على الناس وابلغهم رسالته  يوم الحج الأكبر صبيحة النحر واقرأ عليهم ما أنزل الله من آيات

____________________

ومضى الركب بأمارة {{ ابو بكر الصديق رضي الله عنه}}

حتى إذا كان يوم الحج [[ أي وقفة عرفة ]] و وقف الناس كما يقفون على عادتهم

وقريش عند المشعر الحرام

والناس كلهم على {{ عرفة }}  فأفاضوا 

فلما افاض الناس وكان يوم صبيحة النحر

استأذن {{علي بن ابي طالب}} رضي الله عنه وأرضاه من ابي بكر ان يبلغ الناس رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن له

_____________________

وهنا لنا وقفة للرد على من يبغضون ابو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه ويطعنون بصدقه

سؤال

لماذا ارسل النبي صلى الله عليه وسلم علي بن ابي طالب ليكون هو المبلغ ، ولم يقل له بلغ ابا بكر ليبلغ هو الناس بذلك ؟؟

وما دام ابو بكر هو امير الحج فلماذا لا يقرأ هو على الناس صدر آيات سورة التوبة ؟؟

لماذا ابو بكر امير حج وعلي بن ابي طالب يبلغ عن رسول الله ؟؟

السبب

لأن العرب عندها مايسمى {{ العرف والعادة }} اي عادات وتقاليد تعودوا عليها

وما دامت هذه العادات والتقاليد لا تناقض {{ نصاً شرعياً }} فقد أقرها الاسلام

وجاء النص على لسان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله {{ العادة محكمة }}

[[ اي عادة الناس وتقاليدهم تعتبر حكم فيما بينهم مالم يأتي نص قرآني يبطلها لانها تخالف نصا شرعياً ]]

وفي عادة العرب

لا ينوب عن العرب في الأمور العامة

{{ كالاتفاق على صلح او اخذ دية او اخذ ثائر او مطالبة بدم }}  إلا من كان من عصبته من {{ أولي الخمس }}

ما معنى الخمس او خمسته في لغة العشائر ؟؟

هي مسألة لا بد لي من بيانها ، لانها كانت عند العرب قديماً وما زالت ولم ينقضها الاسلام ، وهي مايسمى عصبة الرجل خمسته بالدم

[[ طبعا الكبار من اهل العشائر يعرفونه ]]

خذ هذا المثال للتوضيح 

إذا كان رجل قد قُتل له قريب ، وأراد أن يأخذ بثأره

[[ طبعا لا يوجد  ثأر في الاسلام ، إما الدية او القاتل يقتل وعلى يد الحاكم فقط ولكن للمثال ]]

فكانت من عادتهم الثأر فحتى لا تختلط عليهم الأمور وينتقل الثأر من شخص لآخر والعرب عندهم عادات واحكام يرجعون إليها في هذه الأمور

يقولون لطالب الثأر :_ أقبض بيدك على خنجرك

فيقبض عليه بخمسة أصابع

فيقولون له لا يجوز لك أن تأخذ الثأر من غريمك إلا من كان من قرابته الى الخمس ما معنى الخمس ؟؟

يقولون له أذكر اسمك وافتح اصبع

فأنت فلان يفتح اصبع

ابن فلان فيفتح الأصبع الثاني

ابن فلان ويفتح الاصبع الثالث

ابن فلان فيفتح الاصبع الرابع

فإذا قال :_ ابن فلان ويفتح الاصبع الخامس ، فتحت أصابع اليد كلها وسقط الخنجر على الارض

فيقولون :_ لا ثأر بعد الجد الخامس

وهذا ما يعرف بالفقه في كتب الاسلام واسمه {{ العاقلة }}

وهم الذين يلزمون بالدية

[[ وفي ايامنا في نظام العشائر يسموه الجلاء يجلون الجاني من مكان سكنه ويجلون معه عشيرته الى الجد الخامس ، هل وضحت لكم هذه المسألة ]]

__________________

فعلي بن ابي طالب يلتقي في النبي صلى الله عليه وسلم في الجد الأول [[ عبد المطلب شيبة الحمد ]]

وأما {{ ابو بكر }} فلا يلتقي بالنبي من الجد الخامس

صحيح أن ابا بكر من قريش ولكنه من فخذ آخر

ولو سأل سائل

لماذا لم يرسل عمه العباس فهو عمه وله مكانته في قريش وهو اقرب الى النبي من ابن عمه فهو عمه ؟؟

الجواب

ان العباس رضي الله عنه وأرضاه كان حديث عهد بالإسلام وعندما عقدت العهود مع قريش وغيرها كان العباس ما يزال يقيم بين قريش في مكة

أما {{ علي }} فهو من الأوائل في الاسلام وكان هو مع النبي و من الشهود على هذا العهود بالصلح مع غير المسلمين

وهكذا كان اختيار النبي صلى الله عليه وسلم

____________________

فوقف علي رضي الله عنه خطيباً بالناس

فحمد الله واثنى عليه وصلى على نبيه

ثم قال  :_ ايها الناس [[ ولم يقل ايها المؤمنون لأن فيهم المسلم والمشرك فكما شرحت لكم العرب كانت تحج وهي على غير دين الاسلام ]]

قال :_ أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم لأبلغكم ما انزل الله واسن سنن تتبع بعد اليوم

ثم تلى عليهم الآيات من صدر سورة التوبة ، نقرأ الآيات مع الشرح

قال تعالى 

{{ بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }}

اي أن الله ورسوله يتبرأن من كل عهود من المشركين ولا عهد بين المشرك والمسلم على الاطلاق

وانظروا كيف دين الله عدل وحق فقال جل في علاه

{{ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ }}

أي اعطاهم مدة فالذي لا عهد له ، معه مدة {{ ٤ أشهر }} فإذا جاء بعد اربع اشهر ودخل مكة فلا آمان له ولا ذمة

{{ وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ }}

أي ان الله ورسوله بريئان من المشركين

{{ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }}

والآن ننظر للاية بعدها والى عدل الله عزوجل

{{ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا }}

[[أي لم ينقضوا عهدهم لم يخلفوه لم يتلاعبوا بالعهد مثل اخوة القردة والخنازير ]]

{{ وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا }}

أي لم يتحالفوا مع عدو عليكم

{{فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}}

أي عدل هذا ؟؟ عدل وانضباط الذي يوفي إليك يا رسول الله عهده ما هو عذرك لتنقض عهدك معه ، تبقى عهودهم كما هي

{{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ }}

اي اذا انتهى شهر محرم فهو انتهاء الاشهر وبداية عام جديد [[ اي اذا انتهى هذا العام ]]

{{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }}

وانظروا مع أنه لا عهد بين مسلمين ومشركين بأمر من الله

انظروا الى هذا الاستثناء في الاية التي بعدها وانظر الى سماحة هذا الدين

واعدائنا يصفوننا بالإرهاب وهم رأس الارهاب ، والله لا ارهاب إلا من دعاة حقوق الانسانية وهذا ما نراه اليوم

يقول تعالى مستثنياً

{{ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ }}

يعني حرب بينا وبين عدو ودخل واحد منهم مستجير بلغة اليوم مستسلم رافع يديه

{{ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ }}

اي لعلك تهديه وحسن معاملتك معه يكون سبب في شرح صدره للاسلام

{{ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ }}

الله يصف الكفار بأنهم لا يعلمون وهم يصفوننا بالجهل ويصنفونا بالعالم الثالث

هل نصدق الله أم نصدق أذناب الاستعمار ؟؟

نحن امة العلم ، نحن امة العقل ، نحن امة الهداية ، نحن امة الثقافة وغيرنا همج لمج إن لم يدينوا بدين الله الذي خلقهم من عدم

عليكم يا مسلمين ان تعرفوا مكانتكم فالعزة لله ولرسوله وللمؤمنين

{{ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ }}

اي لا عهد لمشرك غير الذين عاهدتموهم اهل مكة من قبل الصلح

{{فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ }}

قوم بينك وبينهم معاهدة ولم ينقضوا أي شيء من المعاهدة استقيموا لهم

أما اذا نقضوا عهودهم ، نضل متمسكين فيها نحن ليش ؟؟

بالله عليكم أي بند وفته اليهود للعرب ؟؟

لا اقول نقضته

أي وعد وفته لنا الدول الغربية كلها ؟؟

قاتل الله الشرك والمشركين وقاتل الله من يثق بهم مسلم وغير مسلم

{{ كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ  لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ }}

الآية تتحدث عن الصورة التي يعيشها المسلمون الآن و الآية تشرح حالنا قبل ١٤ قرن

{{ كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ [[ اي يكون لهم قوة عليكم ]] لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً }}

اسمعتم قول الله ؟؟

لعن الله من أعرض عن قول الله واعترض عليه واغضبه ولعن الله من تنكب سنة رسول الله

هذا كلام الله والذي لا يعجبه كلام الله عليه لعنة الله

هذه بعض ايات سورة التوبة حتى نصل الى الآية ٢٨

يقول تعالى

{{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ }}

عندما تسمع يا مؤمن بهذا النداء فحضر جميع حواسك لا يقول الله في القران { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا } إلا يكون ورائه تكليف أو تزكية أو تحذير ، أما لضرب الأمثلة يقول :_ يا أيها الناس

{{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً}}

  أي خفتم الفقر خايفين على السياحة والاقتصاد  لان موسم الحج يعتبر  ايضا موسم تجارة ،  اذا بدنا نقاطعهم اقتصادنا بيتدمر اسمع ماذا يقول الله إن كنت عبداً لله حقا

{{وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }}

____________________

ثم وقف {{ علي }} رضي الله عنه بعد ان تلى الايات من سورة التوبة

وسورة التوبة نزلت من غير بسملة

قال العلماء لأن بدايتها كانت بكلمة {{ براءة }} وهي لا تليق مع البسملة

احترم اقوال العلماء ، ولكن إذا كان هذا السبب الذي ذكروه فهو غير مقنع بالنسبة لي

قول كلمة {{ تبت يدا ابي لهب}} في القران أشد من كلمة براءة ومع ذلك كان أولها بسملة

________________

قالوا :_ براءة لا تليق مع البسملة

قوله تعالى {{ قل يا ايها الكافرون }} أشدة من كلمة براءة ومع ذلك أولها بسملة

________________

لماذا ليس فيها بسملة ؟؟

قيل أنها توقيفية

[[ يعني هكذا انزلها الله ولا يجوز لنا أن نقول لماذا ؟؟

{ لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } نقول هكذا نزلت وانتهى ]]

والبعض يقول كل سورة فيها بسملة وسورة النمل فيها بسملتين أولها {{ بسم الله الرحمن الرحيم }} وفي آياتها يوجد اية رقم ٣٠ {{ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ }}

وهنا حذفت من سورة التوبة البسملة حتى يكون تعادل

{{ قول لا انكره ولكن لا اعتبره مقنعاً تماماً }}

________________________

اعلن علي رضي الله عنه بعد ان تلى الايات اربعة احكام

١_ يمنع الطواف بالبيت بعد هذا اليوم عريان

[[ يعني هذا آخر موسم حج بنشوف فيه مشلحين انقلوهم من مكة لدور السينما عند العرب هناك مكانهم حتى يأخذوا لقب فنانين وفنانات ، مكة لن يكون فيها بعد اليوم مشلحين ]]

لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيأتي في العام القادم للحج ولن يرى فيها عريان إلا وضرب عنقه

٢_ لا يقرب البيت بعد هذا العام مشرك

٣_ من كان بينه وبين رسول الله عهد فهو الى مدته والذين لا عهد لهم فمعهم مهلة ٤ أشهر

٤_ ألا يجتمع المشركون والمسلمون بعد عامهم هذا

______________________

بلغ علي رضي الله عنه للناس ذلك مرة ومرتين

وامر{{  ابو بكر }} رجال من الصحابة لهم صوت جهوري يبلغون عن لسان{{ علي }} حتى يبلغ القاصي والداني

وكُلف أمير مكة أن ينفذ هذه الاحكام بعد موسم الحج وأن تهيئ مكة

لأستقبال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في العام القادم حاجاً

محققة هذه الشروط الاربعة

لا يطوف بالبيت مشرك ولا عريان ولا يرى في الجزيرة من لا يدين بدين الله

____________________

هذا ما كان في حج {{ ابوبكر  الصديق }} ونفذ ذلك كله ورجع المسلمون بعد حجهم هذا وسمي هذا العام بعام {{ الوفود }}

وعلم المشركون بعد هذه البنود أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين

وعليهم ان يدخلوا في هذا الدين أو أن يخرجوا من جزيرة العرب

فجاءت الوفود الى المدينة افواجاً يعلنوا اسلامهم

يتبع إن شاء الله .....

وسوم: العدد 911