أوس بن حجر والبهاء زهير وعلي محمود طه مَعًا

لا غني بي في التحقق العلمي من دلالة طول القصيدة، عن استقراء تراث الشعر العربي. ومن مبادئ البحث العلمي التي لا ينقضي منها عجب الباحثين، أنه لا علمية للاستقراء التام على رغم الانبهار به -فما هو إلا معلومات تُحفظ وتقال- وأن العلمية إنما هي من شأن الاستقراء الناقص وحده؛ فبه يُقاس المجهول على المعلوم، وتُجنى ثمرة العلم!

لقد استعرضت تراث الشعر العربي، وتبينت فيه على مر الزمان أنواعا مختلفة، ولما لم أجد منها قديما غير نوع واحد -هو الشعر العمودي الذي ضبطه فيما بعدُ الخليل بن أحمد الفراهيدي (٧٨٦م)- قصرت عليه استقرائي الناقص، واخترت ثلاثة شعراء، اختيارَ حريص على الوِتْريّة الممكنة، وعلى تَطْريف أولهم وآخرهم وتوسيط ثانيهم، وعلى التوارد الجامع بينهم؛ فكلهم شاعر مُفلِق، وكلهم رحّالة أوسع من معاصريه اطلاعا على أحوال البلاد والعباد، وكلهم غير معدود من الطبقة الأولى التي كثر في شعرها من الكلام ما صار حريًّا أن يحول دون إخلاص الحكم عليها من شوائب المنسوب إليها.

وربما كان من عجائب التوارد المهملة بين أولئك الشعراء الثلاثة، أنني أخليتُ من عنايتي بديوان أحدثهم قصائدَه غير العمودية، كما أخليتُ من عنايتي بديوان أوسطهم قصائدَه العمودية الدُّوبَيتية -والدُّوبَيت وزن فارسي- وأخليتُ من عنايتي بديوان أقدمهم القصائدَ التي لم تخلُص له وحده نسبتُها!

وسوم: العدد 917