شراء الأعداء فنّ !

يحرص الناس ، في العادة ، على كسب الأصدقاء ، والمحافظة على مودتهم ! أمّا كسب الأعداء ، فحالة نادرة ، أوشاذّة ، بين العقلاء !  

فالصديق : بمثابة أخ ، يساعد أخاه في النوائب ، ويعينه فيما يحتاجه من أمورالحياة ! وقد روي عن الإمام عليّ ، قوله : 

إنّ أخاك الحقّ مَن يجري معكْ   ومَن يضرّ نفسَه لينفعكْ 

ومَن إذا ريبُ الزمان صدّعكْ    شتّت فيك شَملَه ، ليَجمعكْ ! 

وقال بعض الشعراء في القديم ، حول المحافظة على الصديق ، وعدم التفريط به :  

إذا كنتَ في كلّ الأمور معاتباً     صديقك ، لم تلقَ الذي لاتعاتبُهْ 

فعشْ واحداً ، أو صِلْ أخاك ، فإنه    مُقارف ذنب ٍ، مرّة ، ومُجانبُهْ 

وقيل : ولستَ بمستبقٍ أخاً ، لا تَلمّه    على شَعَثٍ ، أيُّ الرجال المهذّبُ ! 

وقد صدرت ، عن مركز كارنيجي ، دراسات حول هذا الأمر، من أهمّها : كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس ! 

أمّا كسب الأعداء، فيكون في حالات خاصّة، لدى العقلاء ! ولن نتحدّث عن البله والحمقى، فهؤلاء لايبالي أحدهم ، بجعل الناس أعداء له ؛ بل بتحويل الأصدقاء إلى أعداء ! 

ومن أهمّ حالات كسب الأعداء ، أو شراء بعض الناس ، ليكونوا أعداء ، وإغراء بعضهم بالمال والمصالح المادّية ؛ لاسيّما السياسية .. نقول : من أهمّ الحالات السائدة ، اليوم ، مايجري في عالمنا العربي والإسلامي ؛ إذ تحرص أمريكا وإسرائيل ، على سبيل المثال، على جعل دولة من دول الشرق الأوسط ،عدوّة ، والمتاجرة بعداوتها ، ونشر ذلك في وسائل الإعلام ، بتركيز شديد .. وذلك ؛ لخداع بعض الدول الصغيرة ، التي تخاف من تلك الدولة .. ثمّ إغراء هذه الدول الصغيرة ، بحمايتها من الدولة العدوّة ، التي تحرص على التهامها ، أو الاعتداء عليها ! ونرى ، اليوم ، سباق بعض الدول الصغيرة والضعيفة ، باتجاه أمريكا وإسرائيل ، لحمايتها سياسياً وعسكريا ، من تلك الدولة العدوّة ! ويشمل ذلك،  بالطيع ، إمداد الدويلات الصغيرة والضعيفة ، بالسلاح ، مقابل أموال طائلة ، لتحمي نفسها من الدولة العدوّة ! وقد تكون تلك الدولة عدوّة حقيقية ، حريصة على اجتياح الدول الصغيرة الضعيفة .. لكن المبالغة في تضخيم قوّة تلك الدولة العدوّة ، يكمن وراءها بعض الأسباب المذكورة آنفاً !  

لكن ؛ هل تربح الدولة العدوّة ، من هذه اللعبة شيئاً ؟ أجل ، تربح أشياء كثيرة ، من أهمّها:  

إضعاف الدول الصغيرة ، بل زيادة ضعفها مالياً - عبر نهب أمريكا لأموالها – وعسكرياً، بأبقائها ضعيفة ، تحتاج إلى حماية أمريكا ، دون أن تخسر هذه الدولة العدوّة شيئاً ، سوى محاصرتها، في الظاهر.. وفرض عقوبات مالية ، على بعض أفرادها ومؤسّساتها ، بما تستطيع التخلص منه ، بوسائل كثيرة ، عبر أصدقائها الآخرين ، وبغضّ نظر من قبل أمريكا ، عن ذلك ! ثمّ تتفاوض أمريكا والدولة العدوّة ، حول الأسلاب ! 

إنها لعبة شراء الأعداء .. وهي لعبة شيطانية ، يمارسها شياطين الإنس ، على مغفّليهم !  

وسوم: العدد 917