مرور عقد مخضب بالدم على الثورة السورية

dsgdhssy920.jpg

لا يسع الإنسان إلا أن يقف بإجلال وخشوع وإكبار أمام الشعب السوري العظيم، الذي، ما أناخته ولا لوت ذراعه ولا أحنت قامته عشر سنين من مقارعة نظام ساديّ مجرم، وعدوان بربري غاشم؛ من دولة يقال إنها عظمى، وتملك ثاني أكبر وأقوى جيش في العالم تسمى روسيا، وميليشيات متعطشة للدم جنّدتها إيران الرافضية الحاقدة، يقودها مجموعة من القتلة الروافض، الذين جاؤوا يريدون الانتقام منا، لأن أجدادنا قبل ألف وأربعمائة سنة فتحوا فارس، وأطفأوا نار المجوس في معابدها، وتنكر الأهل والأصدقاء للسوريين، وتركهم في ساحة النزال مع كل هذه القوى الغاشمة، التي لم ترتوي من دماء السوريين لما يزيد على عشر سنوات، في واحدة من أكبر مآسي العصر، لم تمر على أي شعب من شعوب الأرض عبر ما روت كتب التاريخ من أحداث؛ قديمه وحديثه.

كنا نسمع عرفات رحمه الله يصف الشعب الفلسطيني بشعب الجبارين وهم كذلك، فبماذا يمكن أن نصف الشعب السوري العظيم، الذي قدم وقوداً لثورته مليون شهيد، ومليون مفقود ومعتقل في سجون برابرة العصر، وسبعة ملايين مهاجر توزعوا على قارات الأرض من الهند إلى أمريكا، مروراً باستراليا وكندا وأوروبا، وما وصلوا إلى تلك البلدان إلا بشق الأنفس والضنك والألم، وسبعة ملايين نازح طُردوا من بيوتهم ومدنهم وبلداتهم وقراهم ومزارعهم، بفعل براميل الأسد المتفجرة، وصواريخ وقنابل مجرم الحرب الرئيس الروسي بوتين، وسكاكين وسواطير مجرمي معممي إيران ومعممي حزب اللات اللبناني، موزعين في مخيمات على حدود الدول المحيطة بسورية، يلتحفون السماء ويفترشون الأرض، يعيشون على صدقات دول العالم.

الشعب السوري واحتفالاته بثورته العظيمة

واليوم يحتفل السوريون بذكرى تمام السنة العاشرة لثورتهم العظيمة وهم يعيشونها كما بدأت حيوية وصموداً وثباتاً وقناة لن تلين، حتى يتحقق النصر ويهزم كل هؤلاء الذين تصدوا لهذا الشعب العظيم الثائر.

ففي الشمال السوري، بدأت الاحتفالات بالذكرى العاشرة للثورة بمظاهرات ومهرجانات في كثير من القرى والبلدات المحررة من سيطرة الأسد، والتأمت مظاهرة إدلب في دوار السبع بحرات إحياءً للذكرى، فيما زين الناشطون بعض الميادين الرئيسية بأعلام الثورة كمدينة أعزاز، ورُسمت جدارية كبيرة تتضمن علم الثورة في مدينة إدلب إحياء لذكرى مرور عقد على انطلاقة الثورة.

وتوزع برنامج المظاهرات الذي دشن فعالياته منذ أيام على أكثر من 15 نقطةً، ويشمل مدن الأتارب وأعزاز والباب وإدلب ورأس العين وسرمدا وأريحا وأخترين وكفر تخاريم وبزاعة والشيخ حديد وجرابلس وصوران ومارع وعفرين.

لوحات الرسامين السوريين تزين ساحات المدن المحررة

على صعيد متصل أنهى مجموعة من الرسامين لوحةً جداريةً كبيرةً على جدار مدرسة داخل مدينة إدلب بمناسبة الذكرى العاشرة للثورة وتضمنت اللوحة رسمًا لعلم الثورة السورية كخلفية، رسموا فوقه 10 خرائط لسورية تتضمن تفاصيل مختلفة تعبر كل خريطة عن حدث مفصلي أو رمزية من رموز الثورة والمعاناة التي عاشها الشعب السوري جراء العنف الذي تعرض له من قوات نظام الأسد.

الهيئات والروابط السورية تصدر بياناً عن مستقبل الثورة السورية

إحياءً للذكرى أيضًا، أصدرت 60 رابطةً وهيئةً ثوريةً سوريةً، بيانًا مشتركًا، بمناسبة مرور عشر سنوات على اندلاع الثورة السورية، مؤكدين من خلاله على مطالب رئيسية لا يمكن التخلي عنها، وبحسب البيان فإن الجهات رفضت أي مساومة تتعلق بإسقاط نظام الأسد ورموز أركانه، والتشديد على فتح مسارات العدالة لمحاسبة رموز النظام ومعاقبتهم على جرائمهم المرتكبة ضد الشعب السوري.

وطالب البيان بالإفراج عن جميع المعتقلين وكشف مصير المفقودين والإسراع في بدء تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، تمهيدًا لبدء عملية انتقال سياسي في سوريا، مؤكدًا أن عودة المهجرين والنازحين مرتبطة بتحقيق بيئة آمنة وظروف مناسبة لعودة طوعية نحو بلد مستقر أمنيًا واقتصاديًا وسياسيًّا، فيما شدد البيان على رفضه لجميع المساعي التي تهدف إلى التطبيع مع نظام الأسد وإعادة تعويمه سياسيًا وإعادة تأهيله من أي دولة أو كيان أو فرد.

موقف دول العالم ومنظمات حقوق الإنسان من الثورة السورية

كانت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، قد قدمت مشروع قرار بالتزامن مع الذكرى لتحديد سياسة واشنطن في سورية، وينص المشروع على ادانة الجرائم التي يرتكبها النظام السوري، ويدعو إلى مواصلة الجهود لمحاسبته وداعميه، روسيا وإيران.

كما ينص على الاحتفال رسميًا بالذكرى السنوية العاشرة للانتفاضة السورية، والعمل على تحميل نظام الأسد ومساعديه الدوليين مسئولية الفظائع التي ارتكبوها بحق الشعب السوري ومحاسبتهم عليها، وتأمين المساعدات الإنسانية للشعب السوري، ومنع وصول نظام الأسد للموارد التي تساعد في دعم آلته الحربية العسكرية.

ويشيد مشروع القرار بالمدافعين عن حقوق الانسان وجهودهم لتوثيق جرائم الأسد وكشفها، ويرسل رسالة واضحة للمجتمع الدولي ضد تطبيع العلاقات أو تطويرها أو قوننتها مع نظام الأسد والدول المتحالفة معه، وإلى جانب ذلك، يدعو مشروع القرار حكومة الولايات المتحدة إلى تنشيط الجهود الدبلوماسية لحل النزاع على النحو المبين في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، وتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية للشعب السوري، حتى تكون سورية خاليةً من العنف سواء من الدولة أم الجماعات المسلحة الأخرى.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يشارك الشعب السوري ذكرى ثورته

بدوره كتب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مقالًا لصحيفة بلومبيرغ الأمريكية بمناسبة عقد الثورة السورية، ودعا من خلاله إدارة نظيره الأمريكي جو بايدن، إلى العمل مع تركيا لإنهاء المأساة الإنسانية في سورية، وقال أردوغان إن الشعب التركي يؤمن بأن إقامة نظام سياسي قادر على تمثيل جميع السوريين ضروري لإحلال السلام والاستقرار مجددًا، وشدد على أن الحل السلمي والدائم لن يكون ممكنًا إلا باحترام وحدة أراضي سورية وكذلك وحدتها السياسية.

وكانت الخارجية التركية قد أصدرت بيانًا أكدت فيه وقوفها إلى جانب الشعب السوري في مطالبه المشروعة، بمناسبة ذكرى انطلاقة الثورة ضد بشار الأسد، وذكر البيان أن "نصف مليون من المدنيين الأبرياء فقدوا حياتهم خلال العقد الأخير الذي قابلت فيه قوات النظام بالقمع والعنف، التظاهرات السلمية التي أطلقها للشعب السوري للمطالبة بالديمقراطية والعدالة والحقوق والحرية".

وأوضح البيان أن "هذا العقد شهد تشريد نصف سكان الشعب السوري"، مبينًا أن الآلام التي حلت على الشعب السوري طوال هذا العقد سيدوم تأثيرها طوال أجيال، وحيّا البيان الشعب السوري الذي لم يتنازل عن نضاله من أجل الحقوق والحرية حتى في ظل هذه الظروف، راجين من الله تعالى أن يتغمد برحمته أشقاءنا الذين فقدوا أرواحهم.

وزراء خارجية أوروبا وكندا يؤكدون على وقوفهم إلى جانب ثورة السوريين

إضافة إلى المواقف الدولية في ذكرى الثورة السورية، أكد وزير الخارجية الكندي مارك غارنو، ووزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك، التزام بلديهما بدعم النظام الدولي لوضع النظام السوري تحت المحاسبة، وقال الوزيران: "بعد عشر سنوات من الاحتجاجات في سورية لا تزال الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان مستمرة حتى يومنا هذا".

وأضاف البيان "في مواجهة هذه الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، ستتخذ كندا ومملكة هولندا خطوات إضافية معًا لمحاسبة سوريا، بما في ذلك انتهاكات حقوق الإنسان والتعذيب على وجه الخصوص، سنحاسب نظام الأسد على انتهاكاته لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب ونطالب بالعدالة لضحايا جرائم النظام المروعة".

العقوبات مستمرة

كما أعلن الاتحاد الأوروبي تجديد العقوبات الاقتصادية ضد شخصيات وكيانات ضمن نظام الأسد، وقال الاتحاد الأوروبي في بيان له بمناسبة ذكرى الثورة: "الصراع في سورية لم ينته بعد، ولا يزال الاتحاد الأوروبي حازمًا، ويواصل المطالبة بإنهاء القمع والإفراج عن المعتقلين، وأن يشارك النظام السوري وحلفاؤه بشكل هادف في التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254".

وفي موقف واضح من عزم نظام الأسد على إقامة انتخابات رئاسية، جدد الاتحاد الأوروبي رفضه للانتخابات الرئاسية، مؤكدًا أن "الانتخابات التي ينظمها النظام السوري، مثل الانتخابات البرلمانية العام الماضي أو الانتخابات الرئاسية في وقت لاحق من هذا العام لا تفي بالمعايير الدولية، ولا يمكن أن تسهم في تسوية الصراع ولا تؤدي إلى أي إجراء للتطبيع الدولي مع النظام"، مجددًا دعمه لانتخابات حرة نزيهة في سوريا وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي، وتحت إشراف الأمم المتحدة بموجب القرار 2254.

ميلاد كل العرب

في الإطار ذاته، تفاعل صحفيون ومشاهير عالميون مع الذكرى العاشرة للثورة السورية على وسائط التواصل الاجتماعي، حيث قال الباحث والكاتب القطري جابر الحرمي في تغريدة له على تويتر: "الذكرى العاشرة للثورة السورية تؤكد أن تطلعات الشعوب في الحرية والكرامة والعدالة لا يمكن أن تسقطها أنظمة القمع مهما استخدمت من القنابل والصواريخ والبراميل المتفجرة قد تتأخر أزهار الثورة، بفعل القمع وتكالب الأعداء، لكنها حتمًا ستزهر يومًا ما".

نعم ستزهر الثورة نصراً مبيناً قريباً إن شاء الله يحقق للسوريين نيل حريتهم والفوز بكرامتهم وتمتعهم بالعدالة الاجتماعية لكل مكوناتهم.

المصدر

*ن بوست-15/03/2021

*وكالة أنباء تركيا-18/3/2021

*الجزيرة-17/3/2021

 

وسوم: العدد 920