وإلى الدكتور رياض حجاب التحية .. تحية تقدير وليس تحية ضرار

وقد كان السيد رياض حجاب، وشخصيا أحب أن أعرفه بالمواطن الحر الشريف، وليس برئيس الوزراء السوري الأسبق ، في مقابلته بالأمس / 11/ 3/ 2021 مع قناة الجزيرة مفكرا ودبلوماسيا ، يلامس الحقائق ، ويؤشر على مواضع الوجع، بدون مجاملة تفضي إلى مداهنة، وبدون مواربة أو تدليس أو تضييع ...

ولم نجد في الحديث الذي تجاوز الأربعين دقيقة، من حديث السيد رياض الحجاب كلمة قالها، تقول ليته ما قال، مع اعترافنا بأن ضيق الوقت لا يمكّن القائل من كل ما يريد أن يقول ..وفي كل ما قال الرجل : وضع الهناءة موضع الجرب، كما تقول العرب. فوضح ونصح وأجاد وأفاد

في رد التحية هذا الذي أعلق به على ما تفضل به السيد رياض حجاب بالأمس سأقف فقط عند ثلاث محطات ...

أولا - حديث السيد حجاب عن الخلل في تشكيل المعارضة، وعن القصور في أدائها، وعن الحاجة الملحة للمراجعة على مستوى التشكيل، وعلى مستوى الأداء ...

ونقدر أن هذا المحور بأبعادها الثلاثة يشكل واجب الوقت، أو الأولوية الأولى على أجندة كل السوريين الجادين في البحث الخلاص لثورتهم وشعبهم ووطنهم ، ولاسيما الممسكين بالقرار منهم.

إعادة تشكيل لممثلي الثورة والمعارضة على غير الأسس العصبوية الضيقة بكل الانتماءات التي قامت عليها. وعلى قاعدة اختيار الرجل للمهمة، وليس اختيار المهمة للرجل. وفي مواجهة حقيقة أن كراسي المسئولية هي كراسي للكدح ، وليس كراسي للمنظرة ولصمدة العروس.

إعادة تشكيل، وإعادة توزيع الأعباء والأدوار، ومع أمر عمل يومي لكل عامل ومن يليه .. وفي خلايا النحل تنفي العاملات دائما كل العاطلين من الذكور ...

ثم بين إعادة تشكيل ما يمكن أن يسمى الفريق الجديد بمهامه المحددة، ومسئولياته المقننة، هناك المطالبة الجادة بالمراجعة العملية ، للمرحلة بكل معطياتها الأولية والمتغيرة لنصير إلى منهج وموقف وطريق .. ( عَلَى بَصِيرَةٍ ) كل ما نقول وكل ما نفعل ...

المحور الثاني

والمحور الثاني الذي أكد عليه السيد رياض حجاب في أكثر من محطة من حديثه، والذي شكل ثغرة حقيقية في تشكيل وفي أداء ما يسمى بُنى المعارضة السورية ، هو انعكاس حالة الاستقطاب الدولي والإقليمي على تشكيل المعارضة، وعلى صناعة مواقفها ، وعلى أدائها ...هي حقيقة جوهرية صادمة ما تزال تأخذ بتلابيب كل العاملين السوريين .. حتى الذين يوزعون سلال الخبز على الجائعين..

ما يزال مطلوبا من كل السوريين أن يتعاونوا على تجاوز هذا التحدي الخطير، فلكي يسد عليك أي محاور أفق الحوار، يلقيها إليك بكل برود : تلك رغبة معالي الوزير .. أو سعادة السفير .. أو ذلك قرار المانح .. أو المستضيف ..

معضلة حقيقية خانقة ، الإشارة إليها ، والتشكي منها لا يعني، أننا قادرون بكل بساطة على تجاوزها . في حكاية سيدنا سليمان والطفل والأم الحقيقية والأخرى المدعية، كان للطفل أم مدعية واحدة ..كيف سيقضي سليمان الحكيم عليه السلام ، حين يكون للطفل خمس أمات مدعيات متشاكسات؟؟؟

لا يمكن للمرء أن يمتطي جوادا خطامه في يد غيره. والعامة تقول ومن يشرب من كف غيره لا يروى، وأخطر شيء عايشناه في فضاء هذه الثورة ، يوم رأينا المانحين يقفزون إلى الصفوف الخلفية ، فيجندون من فيها، ويتجاوزون أصحاب القرار الوطني الذين يناط بهم التقدير والتدبير.

ونعود فنقول ونؤكد إن طرح المشكلة لا يعني حلها ، وإنما هو محاولة جادة وصريحة لمواجهتها ، ويبقى السؤال المطروح علينا جميعا : كيف ؟؟؟

والأخطر الذي كان في واقع الاستقطاب الإقليمي وانعكاساته السلبية على الثورة السورية، أن بعض دول الإقليم ، وبدون تسمية، لم يكن قرارها من رأسها. وكل دول الإقليم عندما ذهبت إلى مؤتمر أصدقاء الشعب السوري الأول الذي انعقد في تونس في مطلع 2012 ، كانت تسعى إلى إيجاد مظلة دولية لمقاربة الوضع السوري، بعيدا عن الفيتو الروسي في مجلس الأمن، وكلنا عشنا لحظة مجيء السيدة هيلاري كلينتون التي أفسدت كل شيء، وحولت البيان الختامي إلى موضوع إنشاء، وكل المتابعين رأوا كيف خرج السيد سعود الفيصل رحمه الله تعالى من المؤتمر غاضبا أو مغاضبا.

تجاوز حالة الاستقطاب الإقليمي في ملفات المنطقة عامة ليس بالأمر السهل، وربما تتم مقاربته، بتشكيل غرفة عمليات إقليمية سياسية وعملية ، تدير ملفات المنطقة الأكثر حساسية ، ولاسيما منها ما يتعلق بمواجهة التهديد الإيراني الذي يشكل تهديدا للعراق وسورية ولبنان واليمن والبحرين كما للعربية السعودية وأخواتها كما لكل دول الإقليم وإن كان بعضها تتحاشى أن يذكر اسمه في المهددين .

مرة أخرى صراحة وجرأة مقدرة من السيد رياض حجاب أن يذكر على قناة الجزيرة أن " الهوشة على الصيدة أضرت كثيرا بثورة السوريين .

وأخيرا فإن الكلمة الأبقى التي يجب أن يتمسك بها كل السوريين السوريين هي حاجة كل السوريين إلى بعضهم وكما صاغها السيد رياض حجاب بما يشمل كل العناوين ..

يسأل القاضي الشاهد : أنت أين تسكن ؟؟ يجيبه الشاهد البسيط : عند أخي سيدي!! يسأله القاضي وأخوك أين يسكن ؟ يقول له السوري الفطري: عندي سيدي!! يصرخ القاضي: ولك أنتم وين بتسكنو ؟ يقول الشاهد بسليقته الفطرية : عند بعضنا سيدي !!!

أخي السوري السوري أنا أسكن عندك ، وأنت تسكن عندي، ونحن نسكن عند بعضنا.

ولو يعيد كل سوري حكايتها لنفسه سبع مرات ...وسورية لينا - جميعا - وما هي لبيت الأسد !!

وشكرا للدكتور رياض حجاب ...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 920