في الذكرى العاشرة للثورة الحية: نريد عدلا

ولو قيل لي أجمل مطالبكم من هذه الثورة المباركة لقلت : نريد عدلا .. نريد عدلا لكل السوريين ولكل الناس ، نريد عدلا ولا شيء فوق العدل ولا شيء تحته .

ولو أراد مؤمن أن يلخص جوهر رسالة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين بكلمة لتلا قوله تعالى ليقوم الناس بالقسط. والقسط هو العدل . ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ.) - سورة الحديد ..

نريد عدلا ، وكل ما عدا العدل تفصيل. ولا تسمحوا لوليد المعلم أن يغرقنا في التفاصيل.

نريد عدلا ... والحل السياسي يبدأ بمحاسبة المجرمين ، بمحاسبة أول من أطلق النار، وأول من قتل - خارج دائرة القانون - ، وأول من قصف، وأول من اعتقل ، وأول من هجر ...

نريد عدلا ...وأول العدل : أن تؤدى الأمانات إلى أهلها ، والأمانات ليست ودائع الذهب والفضة فقط ، بل هي كما يقول عموم المفسرين في سياقها العام ، الأمانة الكبرى في حكم الناس، وحمايتهم، والإشراف على مصالحهم...ولذا فقد أردفها القرآن الكريم بقوله ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ )

وإذا نظرنا إلى لفظ الناس في سورتي النساء والحديد، الأولى وإذا حكمتم بين الناس ... والثانية ليقوم الناس بالقسط ...نجد أن اللفظ القرآني يقرر العدل والقسط لكل الناس، بلا أي وصف إضافي . العدل حق أولي. ومنه قول عمر رضي الله عن عمر : متى استعبدتم الناس.

لكي لا يشغب علينا أحد ، ولكي لا يغرقنا في التفاصيل أحد ، ولكي لا يجرجنا إلى مستنقعات القيل والقال أحد .. نريد عدلا .. ولا وكس ولا شطط ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 920