إذا تمّ العقل نقص الكلام !

قال أحد الشعراء : العبد يُقرع بالعصا        والحُرّ تكفيه الإشارة !  

وقال أحدهم : إنّ اللبيب من الإشارة يَفهمُ ! 

كثرة الكلام تدلّ على خلل : في ذهن القائل ، أو ذهن السامع ، أو الذهنين معاً ؛ ممّا يقتضي الإعادة ، بطرائق مختلفة !  

لقد وُضعت قواعد كثيرة للكلام ، كثرة وقلّة ، منها : 

خير الكلام ماقلّ ودلّ ! وهذه قاعدة معروفة ، عند العقلاء ، عامّة ؛ بَيدَ أن لها استثناءات خاصّة ، تأتي كلّ منها في سياقها ! 

ومن القواعد التي وضعها علماء البلاغة : البلاغة مطابقة الكلام لمُقتضى الحال !   

وقال بعضهم : البلاغة الإيجاز ! 

هذه قواعد البلاغييين ، بل بعضُها ، لتفاهم العقلاء فيما بينهم ! 

فهل ثمّة قواعد أخرى ، يتفاهم عبرها الناس ، غير هذه القواعد البلاغية ، أم تصلح هذه القواعد البلاغية للناس ، عامّة ، وتدلّ على تمام العقل ، إذا ااتزم بها المتكلمون ؟  

ثمة قواعد أخرى للتفاهم بين الناس ، منها : قاعدة التكرار! وهي من القواعد التي يكثر استعمالها ، في ظروف معيّنة ، مثل : مخاطبة الأطفال ؛ سواء لتربيتهم أو تعليمهم ! وقد يكون الطفل ذكياً راحح العقل ، قياساً إلى سنّه ، لكن ثمّة أمور يحتاج إلى إعادتها على مسامعه ، كي تستقرّ في ذهنه !  

وقاعدة التكرار هذه ، لاتستعمل للأطفال وحدهم ؛ بل قد تكون مناسبة للكبار أضحاب العقل الراجح ، الذين لهم هوى معيّن ، في فهمٍ مغلوط للكلام ، لأن لهم في ذلك مصلحة معيّنة ! فيكرّر الكلام على مسامعهم ، على سبيل التأكيد .. وعلى سبيل الزحر، أحياناً .. وعلى سبيل التهديد المبطن .. أحياناً أخرى !  

وقد ورد التكرار في القرأن الكريم ، في سياقات مختلفة ، يؤدّي كلّ منها غرضاً معيّناً ! 

وسوم: العدد 935