في اليوم العالمي للسلام - 21 / 9

يصادف اليوم الحادي والعشرين من شهر أيلول سبتمبر اليوم العالمي الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة للاحتفاء بالسلام قيمه وآفاقه ..

وإذا أردنا أن نقارب الموضوع الجميل من وجهة نظرنا الإسلامية الإنسانية فإن أول ما سيسبق إلى أذهاننا دعوة ربنا " السلام " إلى دار " السلام "

( وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ )

قال المفسرون وحذف مفعول يدعو، لتكون الدعوة مطلقة مفتوحة، يدعو كل أحد في كل مكان وفي كل زمان ...

ويقترن السلام في التصور الإسلامي بالعدل، فكل سلام لا يقوم على العدل إنما هو استخذاء وخنوع وانكسار وذلة ..وعلى ضوء هذا نفهم ( وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) . ونعلم أن القتال وإن كتب علينا "كره " وأن الحرب ليست مطلبا، إلا لدفع ظلم أو إقامة عدل.

وللسلام الذي يدعو إليه ربنا " السلام " ونحن الذين نجعل في دعائنا " اللهم أنت السلام ومنك السلام " تجليات وآفاق أهمها سلام النفس الإنسانية ، وسلام الأسرة الاجتماعية في ظلين ممدودين للمودة والرحمة ، ثم سلام المجتمع بآلياتٍ للتكافل مقررة مبرمجة محددة ، ثم سلام الدولة بإعلان العدل أساسا للملك، حيث محرمٌ كل أشكال الظلم، والاسئثار والتميز في حق أو التقاعس عن واجب، ثم سلام العالم حيث لا بغي ولا ظلم ولا عدوان ..

وجميل مرة أخرى أن يحتفي العالم أجمع باليوم العالمي للسلام، واجمل منه أن يكون هذه الاحتفاء صادقا، يصادر الشرور والحروب وأسبابها ودوافعها ومرتكبيها والمنتفعين فيها ..

وكيف نحتفي بالسلام حين يكون " حفارو القبور" سادة العالم وحكامه والمتنفذين فيه!! أي معنى جلي أو خفي حين يقول حفار القبور " اللهم ارزقني " وما بعد الدعاء كلام كثير ..

وكذا حين يقول ذلك المهيمنون على صناعة أدوات الحروب في العالم ، أو المستفيدين من تجارتها.؟؟ ينبئنا بعض الخبراء أن بعض الحروب في أصقاع الأرض إنما تسعر ، وتحشى نارها ، لكي لا تفلس بعض مصانع السلاح ، أو لكي يستفيد بعض السماسرة من لعاعات من مال ..ويقول ثالث بل لكي لا ترتفع نسبة البطالة في بعض البلدان ، يقتل قوم ويشردون لكي يصير للعامل على مشروع القتل أجره ، وندور في الحلقة المفرغة لحفاري القبور..

في كتاب جميل لأخد المفكرين الأمريكيين المناوئين للسياسة الأمريكية، يخير " نعوم تشومسكي " متوحشي العالم ، بين الهيمنة أو البقاء ..

وكلنا نعلم أن الرأسمالية المتوحشة قد اختارت منذ كانت خيار الهيمنة، وتبتز كل دول العالم وشعوبه إلتدفع ويدفعوا ثمن هذا الخيار ..!!

في اليوم العالمي للسلام ..

نقف على أطلال منطقتنا، وعلى أطلال وطننا لنتساءل وبعد عشر سنين من قتل وتهجير وتدمير ..ماذا تريد وحوش الأرض من هذا الوطن الجميل الصغير الذي اسمه سورية أو العراق أو اليمن ؟؟

ماذا يريد وحوش الأرض الذين اغتالوا شنقا منذ الستينات الرجل الذي كتب كتابه " السلام العالمي والإسلام " وقرر فيه أنه لا يدافع عن السلام الحقيقي ضد الغيلان المزودة بأعتى أنواع السلاح، غير إنسان مسلح بقيم الإنسانية الحقة، وحق الإنسانية في أن تعيش في عدل وسلام ..

وندعو الجميع بدعوة ربنا إلى دار السلام ..

( وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ ) وتحيتنا في دنيانا وأخرانا " سلام ".

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 947