صباح الربيع ... ربيع الحب والصفاء...لا ربيع الخصومة والجفاء

والعرب تسمي هذا الوقت من العام ربيعا ، فالآن طابت الثمار ، وامتدت الظلال ... " معلومة استفدتها منذ نصف قرن، من كتاب "أدب الكاتب" لابن قتيبة"صاحب عيون الأخبار ، من القرن الثالث الهجري، والذي يقال فيه "وكان لأهل السنة مثل الجاحظ للمعتزلة " في أدبه وبيانه وحجاجه عن السنة، وللعلم فقد كانوا في التاريخ ، إذا ذكروا عنوان " أهل السنة " أرادوا به العنوان المميز لأهل السنة والجماعة عن المعتزلة، والمرجئة، والقائلين بالجبر والمعطلة والمشبهة ...ولمزيد من العلم فإن الشيعة الذين نناجزهم هذا الحين من الدهر ، قد جمعوا إلى غلوهم عقيدة الاعتزال، وأعود لأقول فقد بسط ابن قتيبة في كتابه أدب الكاتبالقول في أن هذا الزمان الذي نحن فيه كان يسمى عند العرب ربيعا، ومن أحب أن يزداد فليفعل ...

 وصباحنا هذه الأيام صباح الربيع ، ربيع الزمان وربيع القلوب وربيع والأبدان وكم رجون أن يكون ربيع الشام واليمن والعراق ..

وبعد فهذه همسة في آذان الذين ينكرون علينا بعض أمرنا ..نعلمهم أننا نحبهم وإن أنكروا علينا، وأن واجبهم أن يحبونا وهم ينكرون علينا..

وقال جمهور أهل العلم" أي أكثرهم ومن يحفظ منه القول منهم" : "كلما اتسع علم الرجل، وامتد أفقه، قل خلافه" وقلّ شغبه وقل مراؤه وقل جداله ...

هذه واحدة فاحفظوها،...

والثانية نحن لا ننكر عليكم ، ما تنحون إليه من الامتناع ، عن الاحتفال بشهر الربيع، ونرى حججكم سائغة، ولكنها ظرفية قاصرة، ولذا فلسنا نظل ننكر عليكم، أو نوبخكم أو نتهمكم ، ونعلم أن لأقوالكم وجوه من الحقيقة سائغة عندكم ، نسوغها لكم ولسنا نقبلها منكم ، لا باسم شرع تريدون أن تحتكروا فهمه، ولا باسم فقه تريدون أن تقصروه وتكيفوه كما تقصرون أثوابكم ..

 فاحفظوا هذا عنا، ولا تضيعوه ..

وثالثا ...

وللدين أصول وفروع ، والفروع منها واجبات ومنها السنن، والسنن منها المؤكدة ومنها المندوبة ومنها المستحبة، ومنها ما سمي بسنن العادات، وللتكليف الشرعي شروط وأركان وسنن وآداب ، وأخطر ما تفعلونه- أحبابنا- أنكم في كل هذه الأمور تخلطون، وتعتبرون كل مخالفة في كبير الأمر وصغيره سواء ، وترفعون الخلاف ولو في مكان وضع اليدين أثناء الصلاة، وطريقة تحريك الأصبع عند التشهد وكأنها من قضايا الإسلام الكبرى، وأهم من أركان الإسلام، عموده وذروة سنامه، وتعتقدون كل من خالفكم في أحد هذه العناوين، مخالفافي أصول الدين، ومخالفا لأصحاب الصراط المستقيم الذين تقصرونهم عليكم وعلى من فهم فهمكم ونحا نحوكم، ..وهذا أخطر ما ابتلينا به من فقهكم منذ عشناه، وحتى في أصول الدين هناك فروع وهنيّات الأصل لا تسألون عنها ولا يسأل عنهم السائلون ..

رابعا وأخيرا وهو محط كلامي في كل ما أردت ...

أن المسلم حين ينكر ما يظنه المنكر ، وينصح فيما يظنه الخطأ والبعد عن الصواب، في خاص أو عام ، ينكر وقلبه مفعم بالحب والشفقة والحرص على المنصوح والمنكور عليه، يريد له النجاة والحياة وإدراك الصواب...وإن وجد منه إعراضا ، أو رفضا لرأيه أو نصحه ، فإن رفض الإصغاء للنصح، أو ما تظنه أمر الشرع في الحكم الصغير ، والأمر اليسير، لا يجوز أن يكون مدخلا للتقاطع والتدابر والكراهية والبغضاء والمفاصلة في أمر الدين ...ولا سببا من أسباب العداوة ونشر البغضاء. غضب سيدنا ابن عباس عندما سئل عن دم البراغيث، وأعرض إلى سماع قصيدة من الغزل الذي لو سمعتموه لقلتم فيه الأقاويل، ومنذ يومين أتابع على صفحة أناس مرجويين حوارا بوتائر " هل يغتسل المسلم وهو عُريان ؟؟؟!!! وأصلي وأسلم على سيدنا رسول الله علمنا العقل والدين، والكتاب والحكمة ، وقال لمن سأله عن .." هل هو إلا بضعة منك " جواب في سؤال نقول له في علم البلاغة السؤال الاستنكاري ..!!

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انجلاء الأحزاب عن المدينة المنورة :

من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة...

ونعلم أن بعضهم تعجل نص الأمر فتحرك ، ولم يصل بني قريظة إلا بعد العصر فقضى الصلاة ..

ونعلم أن بعضهم فهم فحوى الأمر فتمهل، حتى صلى العصر، ثم جاء بني قريظة، وقد أدى فريضته ولبى دعوة نبيه ..

إخواننا الأحباب نعلم أن لوكنا نحن وأنتم هناك، فكثير منكم سيلحقون بني قريظة ولا يبالون إن فاتتهم الصلاة، وكثير منا سيمشي إلى بني قريظة، وقد أدوا صلاتهم ، وجاؤوا الأمر عليهم السكينة والوقار ..

ولا يحق لأحد منا أو منكم أن يعيب فقها سدده رسول الله صلى الله وسلم على رسوله .. وهذا جوهر ما ندعوكم اليوم إليه..

وتسديد رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدة للفقه، أنه مهما اختلفنا، لا يجوز أن تختلف منا القلوب، وأنه مهما اختلفنا يمكن أن نكون في حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم " كلنا على صواب "

أوليس هذا من السنة الجديرة بالاتباع ؟؟؟

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 951