تمام الفقه

وكتبت منذ يومين "أزمة فقهاء وليست أزمة فقه" وكانت كتابتي دفاعا عن الإسلام وشريعته،فأخرجها حسنو الظن بالمسلمين مخرجها الحقيق بها، وأخرجها غيرهم على ما يشتهون.

 وما زلت أقول : هي أزمة فقهاء وليست أزمة فقه. وكيف وقد رأينا في تحزبات الفقهاء أو أدعياء الفقه ما رأينا من مدارس الذين لا يعلمون. ولا أحب أن أعكر مقالي هذا بذكر أسماء ومدارس وعناوين وقد أطت من فقه بعضهم "الأعوج أو القاصر" السموات والأرضين..

وتابعت اليوم نصيحة تربوية من أخ فقه عزيز أحبه وأحترمه يوجهها نصحا إلى الأسرة المسلمة، والمرأة المسلمة ينهاها فيها عن التفتيتش وراء زوجها، وتتبعه في روحاته وغدواته، ومدخله ومخرجه، وجيوبه وهاتفه واتصالاته كأنها تتخونه. ويقول لها: وإن كان زوجك على معصية فعساه يتوب، وإن كان متزوجا غيرك فهذا حقه...

قرأت رسالة الأخ الفقيه الناصح المشفق فوجدت فيها نصحا وعلما وفقها، ولا أعترض على كلمة مما جاء فيها، ولكن وكان من تمام الفقه، أن يقول، والوسط الذي نشر فيه الكلام، يعج بالرجال أكثر من النساء .

 ومادامت الرسالة تربوية، ومادمنا نريد فقها لأسرنا، أي لرجالنا ولنسائنا وأبنائنا، على ما يرضي ربنا. رب الرجال ورب النساء؛ فقد ذكرتني قولة أخينا الفقيه "كأنها تتخونه" أي تطلب له عثرة أو تظن فيه الخيانة، وتبحث عن شواهدها، بحديث صحيح لسيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كما في الصحيحين وغيرهما : "نهى الرسول صلى الله عليه وسلم الرجل "يعني المسافر سفرا بعيدا" أن يطرق أهله ليلا كأنه يتخونهم"

وكان صلى الله عليه وسلم إذا عاد من غزوة خيم ظاهر المدينة يومه أو ليلته ليتسامع الناس أن الجيش قد عاد. وقيل في تعليل هذا أقوال منها نص ومنها تأويل، ومما نص عليه في تعليل النهي عن الطروق، أي الدخول على المرأة فجأة، أن تستعد المرأة لا ستقبال زوجها بما ينبغي له من التجمل, ومنه أن يحذر الرجل أن يظهر، كما في روايات أخرى صحيحة " كأنه يتخون زوجته أو يطلب عثراتها" وقالوا لأن الله ستير يحب الستر ..ولهم في شرح هذا والتذييل عليه، كلام قد لا تحتمله عقول بعض الناس.

المهم في الحديث أن تخون الرجل زوجته، والشك فيها، وتتبع عثراتها، أمر منهي عنه، وفعله في الفقه الإسلامي أمر منكر ومرذول ..

ولقد كان من تمام الفقه لأخينا الفقيه حفظه الله تعالى، أنه كما نصح النساء أن لا تتخون إحداهن زوجها، ولا تتبع عثراته وسقطاته، وكأنه "ملك أبيها أو قطعة من أثاث بيتها" أن يستكمل الفقه النبوي الشرعي الذي لا يعلو عليه فقه، فيتوجه إلى الرجل ويدعوه إلى حسن الظن في زوجته، وأن يكف عن تخونها، وطلب عثراتها، والتوجس من كل تصرفاتها، والتصرف بها كأنها قطعة من أثاث بيته. أليس هذا تمام الفقه الشرعي المبني على صحاح الأحاديث أم أن الفقه فقط هو قولكم الذي تقولون ؟؟!!

ويقفز فوق كلماتي ليقول: ويترك لها حبلها على غاربها، تسرح وتمرح ، وتصول وتجول... ...

وأقول لهذا كائنا من كان: أنت لا ترد عليّ أنت ترد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله، وأنا لا أحاور الذين يردون قول رسول الله على فروع الشريعة والدين وإنما يكون الحوار معهم في أصول العقيدة والدين. وأضيف: وبين قولنا "والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته" ونعم ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين قولنا ألا يتخونها وأن لايتتبع عثراتها ويعاملها كأنها قطعة من أثاث بيته، فروق وآماد وآفاق وما يعقلها إلا العالمون ..

شغاف قلوبنا فقيه فقيه ... وماأكثر الذين لا يعلمون.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 967