إحدى عشرة بارجة روسية في ميناء طرطوس

وبينما الرئيس الأمريكي يتباهى بصيده الثمين في بلدة قطمة.. ست بوارج إنزال روسية على شواطئ المتوسط في طرطوس..!!

وقال قائلنا : على قدر أهل العزم تأتي العزائم ..

وشيء ما يذكر محدثكم السبعيني ، ببعض التاريخ الدبوماسي في سنوات الخمسينات والستينات.

وكنا نصحو وننام على ذكر ما يسمى "الأسطول السادس الأمريكي" الذي كان أكثر ما يجوب في البحر الأبيض المتوسط. وكان في ذلك الزمان عبور قطعة حربية سوفيتية عبر الدردنيل أو البسفور من الأخبار العاجلة، أما دخولها المياه الدافئة ولاسيما في المتوسط من القضايا الدولية التي تحبس عندها الأنفاس.

كانت الجمهورية التركية القلعة المتقدمة لإتمام الحصار حول التمدد السوفياتي ووقواعده في حلف وارسو.

في هذا العصر ، ثلاثة رؤساء أمريكيون تابعوا تأسيس قاعدة "حميميم الروسية" على الأراضي السورية. وتابعوا المعاهدات البرية والبحرية والجوية التي تنازل فيها بشار الأسد عن سورية لبوتين الطامح والطامع والمعاند. وكنا نراقب كل واحد من هؤلاء وهم يرفعون من مستوى بناطيلهم الساحلة قبل أن يتحدثوا عن أولياتهم في المنطقة والعالم ...

خرج بايدن بالأمس على الهواء كرئيس أعظم دولة في العالم ليتحدث عن صيد ثمين بائس صادته قواته الضاربة في أطمة ..بينما كانت ست سفن إنزال كبيرة ترسو في الموانئ الروسية الجديدة التي تتمركز في قلب البحر العربي- الأوربي وكذا كان الثعبان الكبير يحاول أن يهضم فريسته في أوكرانيا!!

تذكرت من 1962 أزمة الصواريخ الروسية - متوسطة المدى- على الأرض الكوبية ..

1962 كان عمري خمسة عشر عاما، وتابعت مع كل أبناء جيلي الحصار الذي ضربته الولايات المتحدة بل عفوا الرئيس جون كيندي على كوبا، من اجل قاعدة صواريخ وصفت بأنها متوسط المدى ليس فيه اس 300 ولا اس 400. وعبر جهاز الراديو الكبير أبو البرازيت، كان كل الناس يتابعون من سينسحب من ساحة النطاح أولا جون كينيدي أو خرتشوف، الرئيس السوفيتي الذي قرع منبر الأمم المتحدة بحذائه، وتماهى الكثير مع هذه القرعات..

كان الرأس البدني للرئيس خريتشوف أكبر وأعظم، ولكن الرئيس كينيدي الذي قيل إنه انتخب من قبل نساء الولايات المتحدة ،لوسامته، استطاع بشيء من قوة الأعصاب، والدرس المحفوظ عن عنتر أن يكسب الجولة..

أتذكر كل هذا وأنا أتابع كيف تحول وطننا إلى مستعمرة روسية. لم يكن كل السبب فيها في خيانة بشار الأسد، ولم يكن كل السبب في الروح العداونية المجرمة عند بوتين الرهيب، ولم يكن كل السبب فقط في تخلي بقية أطراف المجتمع الدولي عن مسئولياتهم وعلى رأسهم الولايات المتحدة ورؤسائها الذين يرفعون من بناطيلهم الساحلة قبل كل حديث. دائما أقول لنفسي إذا كنتَ تعتقد أنك جزء من المعادلة فيجب أن تتحمل جزء من المسئولية، ولا أرى أحدا من "حمالي الحطب" في فريقنا يفعل. تمنيت أن أسمع مرة واحدة مسئولا سوريا يقول: أنا المسئول. يتفق بشار الأسد ومحاوروه على إلقاء المسئولية على "المؤامرة" وربما على الراحل "جودت سعيد" قلت في الدفاع عن جودت سعيد في مجلس يكفيه أنه : لم يقتل، ولم يحرض على القتل، ولم يدعُ إلى القتل، ولم يتسبب بالقتل، ولم يقل للناس أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب ثم خذلهم، وتخلى عنهم. هذا وأنا لم أكن على رأي جودت سعيد، ولكن الحق يجب أن يقال. والأستذة على الناس أمر غير حميد. من أسوء الأمثلة التي ضربها القرآن (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ) من أسوء مشايخ الكتاب الذين تعلمت عندهم، الشيخ أبو قصبة طويلة الذي يحرك النار من بعيد.

ست بوارج إنزال روسية كبيرة تابعة لأسطول بحر الشمال والبلطيق تحط في ميناء طرطوس، بعد أن قطعت 6000 ميل، نحو عشرة آلاف كيلو متر في مناورة حربية بحرية..

ستبقى السفن في الميناء السوري حتى أجل غير محدود، وسوف تتزود بما تحتاجه من ماء ووقود، ولم يتحدث أحد عما ستفرغ هناك !!

بالمناسبة فإن الاتفاق الأسود بين بوتين والأسد يسمح ببقاء إحدى عشرة بارجة روسية على الموانئ في وقت معا...

وكل هذا لا يشكل تهديدا لا للسلم ولا للأمن الدوليين، ولا لدول المنطقة، ولا للشعب السوري. وتعجب للإنزال الضخم على قرية أطمة ولا يعجبون..!!

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 967