حقيقة العبادة في الإسلام

و أنا أبحث عن مفاتيح السعادة أبصرت حقائق هزت كياني ، فتحت عيني على أمور مهمة ، لحقائق مقررة في ديننا ؛ كون  ضباب كثيف حجب حقائقها ،  وجدت الواحد منا يقفز على حقيقة التعبد ، يولي اهتماما بالمناسك حد الغلو  ، ربما يحتفي بالطبول و المزامير ،و  يبتهج بها بأفراح و أهازيج ، أو  ربما ينتحل  اسمها ، يستبدل  الهوية فينادى بين القوم باسمها  ، لتتحول العبادات إلى عادات نتباهى  بها بين الناس  ، حقائق التعبد غير ذلك .

الله عز وجل يوجه  عباده إلى حقيقة التعبد الحقيقي في نداء واضح صريح

يقول في محكم التنزيل:﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾   سورة الكهف : 110 ]

لا تعجب حين تنهار الركائز و الأعمدة في لحظات وجيزة ، تصبح تلك الركائز كبيت منهار لا يصمد عند أول  الهزات و الأعاصير،و  ما انهار ألا عندما فقد عناصر سلامته  و آمانه ،   و المثال نفسه يصدق في ميدان التعبد ، نعم في أحيان كثيرة يذهب بريق  النسك و التعبد عندما  تفقد تلك القربات مقاصدها ، حين تخرج عن مسارها ، حين تصبح العبادات بلا روح ، حين تكون تلك العبادات مجرد حركات معزولة خارج مجال السير الموجه ، الذي تصنعه تلك العبادات في كيان الإنسان المؤمن ،حين  تتحول  تلك العبادات إلى طاقة موجبة ، تصنع العجائب في القيم و السلوك ، تجعل الحياة جنة ساحرة قوامها التقوى  ، قوامها المسارعة في الخيرات ، و تلك هي حقيقة التعبد .

لا تعجب أن ينهار البيان في لحظات حين يفرغ العمل من الإخلاص ، و حين  تنهك الحرمات ، تصبح الأعمال هباء منثورا ، يؤكده الأثر الصحيح .

 ( يؤتى يوم القيامة بأناس لهم أعمال كجبال تهامة يجعلها الله هباء منثوراً، قيل: يا رسول الله جلهم لنا ؟ قال : إنهم يصلون كما تصلون ، ويصومون كما يصومون ، ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها )   سنن ابن ماجه عن ثوبان

فالعبرة في الإسلام  بالحقائق و العبرة في الإسلام  بالمخرجات و العبرة أن تحرر نية الأعمال ، فيكون قصدنا الله و رضاه ، نقوم بها حبا لله ، قصدا لإرضائه و نيل مثوبته ، بذلك العمل عبادة، والبحث و طلب العلم  عبادة، و إماطة الأذى ، و إغاثة الملهوف عبادة و السعي في طلب الرزق عبادة ، و إصلاح ذات البين عبادة ، و تفريج الكرب عبادة ،  خدمة الزوج لأهله عبادة ، و إحسان تربية الأبناء عبادة ، و تحصين الشاب نفسه عبادة ،  والابتسامة في وجه الآخرين عبادة، والسعي في حاجة الآخرين عبادة.

وسوم: العدد 968