فقه وأي فقه ؟؟

ومن علامات الخفة، وضيق العطَن؛ تعظيم الأمر الحقير.. وتحقير الأمر العظيم ، ومَثَلُ الأول: السؤال عن دم البرغوث إذا وقع على الثوب، أطاهر أو نجس هو؟؟!! ومنه أن يغرق بعض في شبر ماء. وأن يبلغ به خوفُه من الماء أن يمر به في الكوز مرّ المجانب.

ومثلَه أيضا حديث يروونه عن حديث عهد في الإسلام، حك جسده في الصلاة، فأصابت "عضوه" ، فجاء يسأل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجاب: "هل هو إلا بضعة منك" جواب وأي جواب..

وفي الروايات أن السؤال عُرض على سيدنا عبد الله بن مسعود، فضحك!! وقال للسائل على سبيل الانكار والعبث: اقطعه!! ثم سأله: هل هو إلا بضعة منك؟؟!!

وسأل أحدُهم شيخَه في أمر من اللمم، اقتضت مصلحةٌ مقارفتَه، ففزع المريد إلى شيخه، فقال له الشيخ بكل البساطة: افعل ثم استغفر. ولو أعفى شيخه من جواب لكان أمكنَ له.

في فتوى عجيبة سمعتها أكثر من مرة من علماء، وأنا لست صحفيا أنقل عن صحف كما يزعمون، وإنما طالما طويت ركبتي حيث تلتقط الدرر، فتوى كان عنوانها: "يمنعها ويطمعها" لا حظوا الطباق بين يمنع ويطمع. وصورتها فيما كانوا يشرحون..

المرأة تنزل من عرفات، وتستعد لطواف الإفاضة، ورهطها عازمون على السفر. وينزل بها ما ينزل بالنساء، وطواف الإفاضة ركن ولا تستطيعه، والركب لا ينتظرون، وفي تفويت الركن فوات الأداء، والكرب فيما تعانيه عظيم، فقالوا يرشدون المفتي كيف يفتيها، وهو بين حكمين حكم الطواف على غير طهارة، وفيه سعة في أقوال العلماء، وحكم دخول المحدث الحدث الأكبر المسجد، والحرمة فيه هي الأظهر والأشد...

قالوا للمفتي الزكن الفطن : "يمنعها ويطمعها" يقول لها: "دخول المسجد على الحائض حرام، ولو طفت لصح طوافك"

دخول المسجد للمحدث حدثا أكبر حرام، والحرمة يجبرها التوبة والاستغفار، ويخفف وقعها الاضطرار. وأداء النسك الركن الذي ربما لا يتاح في العمر مرة أخرى، إن لم يكن ضرورة؛ فهو في حكمها..

دعونا لا ننفخ في الصغائر العابرة، ولا نتهافت على نار توقد في ظلمة الليل تهافت الهوام. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يأخذ بحجزنا عنها.."فأنا آخذ بحجزكم وأنتم تقحمون فيها"

وتحويل كل أنواع اللمم إلى كبائر، وجعل فقه الفروع والأصول واحدا، ليس من شأن العارفين. وهذا الذي تنتطح فيه العنز إلى ماذا يؤول..؟؟

ولنا فيما يُسفك من دمائنا، ويُستباح من أعراضنا وأوطاننا شغل. ولنتعلم فقه: أصليت معنا حين صلينا؟؟ ففيه فقه ونحن أحوج ما نكون إليه... !!

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 981