رواية " مذكرات مثلية " من منع عرضها بالرباط إلى السماح بعرضها بطنجة

تداولت وسائل التواصل الاجتماعي فيديو ظهرت فيه صاحبة رواية " مذكرات مثلية " تشكر أصحاب معرض للكتاب بطنجة سمحوا بعرض روايتها التي كانت قد منعت من العرض بمعرض للكتاب بمدينة الرباط ، وهو المنع  الذي أقام بسببه الدعاة إلى المثلية وأنصارها الدنيا ولم يقعدوها ، وجعلوا منه قضية حقوقية .

وبدت صاحبة هذه الرواية  في هذا الفيديو  مزهوة  بنفسها ، وبعض زوار المعرض من هواة الشذوذ يهنئونها على روايتها الشاذة باعتبار الموضوع الذي تعالجه ،وهو الشذوذ الجنسي أو جريمة الزنا بالتعبير الصحيح والتي يحوّر الدعاة إليها وأنصارها فاعلون ومفعولون بهم أو متفاعلون فيها اسمها إلى المثلية  للتلطيف من شناعة  وقعها في بلد يدين بدين الإسلام طمعا في حمله  بعد حين على التطبيع معها وقبولها كأمر واقع .

 وما هذه الرواية سوى حيلة من المصدر الرئيسي  الفاسد والمفسد الذي يتبنى هذه الفاحشة المنكرة، وقد وظف لها أستاذة لمادة اللغة العربية وهي لغة نربأ بها أن يدرسها أمثالها ،وهي اللغة التي شرفها الله عز وجل لتكون لغة رسالته الخاتمة  إلى العالمين إلى يوم الدين ،والداعية إلى مكارم الأخلاق ، والمجرّمة للفواحش ما ظهر منها وما بطن .

ومع أن الشاذ لا حكم له، ولا يقاس عليه كما تقول القاعدة الفقهية ، فإننا مع ذلك  سنناقش صاحبة الرواية في اختيار موضوع الشذوذ الجنسي سواء كانت ممارسة له أو كانت متعاطفة مع من تمارسنه من شواذّ، ونقول لها وهي أستاذة اللغة العربية إن الأمر الشاذ في اللسان العربي هو كل انحراف عما هو طبيعي ، والجنس لا يمكن أن يستثنى من الشذوذ حين ينحرف عن طبيعته . والدليل على أنه له طبيعة  لا يمكن أن يشذ أو ينحرف عنها هو ممارسة كل المخلوقات له بشكل معين، ومن منبت النسل ،الشيء الذي يعني أنه في شكله الطبيعي له غاية وهي الحفاظ على النوع ،لهذا يكون الانحراف به عن غايته شذوذا لا حكم له ولا يقاس عليه ، ولا مبرر لوجوده أصلا . وإذا كانت الحيوانات تمارس الجنس الطبيعي الهادف إلى المحافظة على نوعها، فهذه حجة على الإنسان العاقل الذي ينحرف به عن غايته .

ولقد زعمت صاحبة الرواية أنها هدفت من وراء كتابتها إلى لفت الأنظار إلى معاناة المثليين والمثليات ، ولا ندري ما طبيعة، ولا ما سبب هذه المعاناة خصوصا وأنه بإمكانهم أن  يستتروا أثناء ممارستهم فواحشهم ، وهو ما يقومون به فعلا ، ولهذا فالمعاناة التي تهدف صاحبة الرواية إلى الدفاع عنها هي مطالبة الشواذ جنسيا ذكورا وإناثا إلى الممارسة العلنية، وإلى إيجاد قانون يضمنها ويحميها في بلد مسلم ، وهو ما يشبه  مطالبة  المفطرين في رمضان بالإفطار العلني مع أنه لا أحد يمنعهم من الإفطار سرا .

وبناء على هذا فالقضية عند الشواذ جنسيا ،ومن يناصرهم أكثر من مجرد المطالبة بممارسة شذوذهم  لأنهم يريدون انتزاع اعتراف من مجتمع يدين بدين الإسلام بإجرامهم دون مراعاة مشاعر الأمة التي من واجباتها  الدينية والتعبدية فريضة  إنكار المنكرات حفاظا على سلامة المجتمع المسلم  من كل انحراف عن وضعه الطبيعي.  وإذا كان الشذوذ الجنسي أمرا مقبولا في المجتمعات العلمانية ، فإنه أمر مرفوض في المجتمعات المسلمة ، وعلى المجتمعات العلمانية ألا تحاول فرض شذوذها على المجتمعات المسلمة ، وتسمي ذلك دفاعا عن الحريات ، وعن الحقوق ، وتجعل بذلك  نفسها وصية على كل المجتمعات بما فيها المسلمة  دون احترام لخصوصياتها الدينية والثقافية .

ومن سوء الطالع بالنسبة لكاتبة هذه الرواية المزهوة والمنتشية بعرضها في معرض الكتاب بمدينة طنجة ، ولكل من أيّدوها أن الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش يوم أمس  قد تكرر فيه ذكر ما سبق أن ذكره أمير المؤمنين في مناسبة سابقة ، وهو يتحدث عن مدونة الأسرة بأنه باعتبار إمارته لا  يمكنه أن يحل حراما ، ولا يحرم حلالا ، وهو ما يعتبر صفعة للشواذ ولكل من يسوق لكل شكل من أشكال المحرمات شرعا . ولقد أكد جلالته أن ما وردت فيه نصوص قطعية لا اجتهاد فيه ، ومن النصوص القطعية المعلومة في كتاب الله عز وجل قوله تعالى : (( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا )) وقوله أيضا : (( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرّم ذلك على المؤمنين ))  ،وهذان نصان قطعيان فضلا عن النصوص القطعية  التي نصت على عقوبة الزنا بالنسبة للمحصنين ولغير المحصنين . وهذا بالنسبة لزناة يزانون زانيات أما بالنسبة لشواذ يزانون أمثالهم ذكورا وإناثا فالجرم أفظع وقد ساق الله تعالى خبر قوم لوط  ،وما حل بهم من هلاك ليكونوا عبرة  لمن يعتبر وقد قال فيهم : (( ولوطا آتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين )) ،وهي خبائث لم يسبقهم إليها أحد من قبل كما قال الله تعالى : (( ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين )) ، وهي فاحشة صارت اليوم شائعة في البلاد العلمانية ، وهي تريد إشاعتها عن طريق فسّاق مأجورين في بلاد الإسلام ، يتبادلون أدوار الدعاية المتهتكة  لها كما هو الشأن بالنسبة لرواية " مذكرات مثلية " على سبيل المثال لا الحصر وإلا فالأمثلة كثيرة ومعلومة لدى الرأي العام الوطني في بلادنا.

ومع كثرة قضايا المرآة العادلة في بلادنا ، فإن كاتبة هذه الرواية لم تجد سوى مثلية دونت مذكراتها لاستدرار التعاطف معها ،وهي أنثى سوء فاسقة كما سماها الله تعالى في محكم التنزيل ،وقد غضت الطرف عن الأرامل اللواتي يكافحن من أجل لقمة العيش لأيتامهن ، والمعوزات اللواتي يشتغلن في حقول الفرولة بالديار الإسبانية ، ويساومن في أعراضهن من طرف أرباب تلك المزارع ، واللواتي يشتغلن في معامل ومصانع ، ومتاجر ، ومقاهي ، وخمارات ، ومؤسسات ويساومن في أعراضهن مقابل الشغل ، وطالبات جامعيات ، وفي معاهد عليا يساومن في أعراضهن مقابل الحصول على شهادات ، وعلى مناصب ... ولائحة ضحايا المساومة في الأعراض طويلة عريضة إلا أن الروائية المستأجرة لم تجد موضوعا للكتابة سوى موضوع الدعاية لفاحشة المثلية وساءت سبيلا .

وكم من داعية وخطيب تم توقيفه لقوله كلمة حق كان من اللازم أن يقولها فوق المنبر، فلم يجد من يكتب عنه حتى سطرا واحدا يدين فيه الظلم الصارخ اللاحق به حتى من المحسوبين على العلم ـ يا حسرتاه ـ من الذين يسكتون على مثل  هذا الظلم سكوت الشياطين الخرس خوفا على فقدان المواقع والامتيازات والسحت والغلول ، ومن يغلل يأتت بما غل يوم القيامة .

ونختم بالضراعة إلى الله عز وجل أن يقي بلدنا المسلم مما يحاك له من دسائس ما ظهر منها وما بطن من طرف قوم شغلهم الدسائس والمكر السيء ، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله .    

وسوم: العدد 991