قم للمعلم وفه التنكيلا

قال الراوي يا سادة يا كرام، أنه لما تناهى لذوي السيادة العظام، أن طالبا في المدرسة شق صدر أستاذه بمدية  أو بسكين، ونقل إلى أقرب مشفى بعد الطعن ذلك المسكين، ونزف حتى صار الأحمر في ثيابه كالتلوين، ولم يستقر به شكل ولا تكوين، تنامى الغضب في قلوب المذكورين، وقرروا تحديد عقوبة رادعة لكل طالب مجنون، تسول له نفسه ايذاء المدرسات والمدرسين، فما كان منهم أيها السيدات والسادة، إلا أن اجتمعوا من أصغرهم حتى السيادة، وتناقشوا بالأمر وتداولوه من كل جانب وعادة، واستقر بهم الرأي بعد الاستشارة والتداول، إلى أقرار عقوبة لم تخطر بخاطر ولا ببال، وكان القرار الصادر كالتالي: كل طالب يطعن أستاذ له في المدرسة، سواء كان أستاذ العلوم أو الهندسة، أو أي مادة من المواد المعترسة،  يمنع شهران من دخول المدرسة، ويبقى في المنزل دون استيقاظ مبكر ولا عترسة، ولا إزعاج الواجبات المقدسة.

وما  أن أعلن القرار العظيم في وسائل الاعلام، ووصل إلى طلاب المدارس دون ملام، حتى احتفل الطلاب بالقرار الجديد، واستقبلوه استقبال الفاتح الصنديد، وتفنن كل منهم في اقتناء مدية مناسبة، ليتسنى له الغياب شهرين عن المدرسة دون محاسبة، هذا وارتفع معدل علامات العلوم والأحياء، ذلك أن الطلاب درسوا جسم الانسان بذكاء، ليتمكنوا من تنفيذ خططهم بكل دهاء، فتُجعل في مناطق غير قاتلة تلك الطعنة النجلاء، كما وارتفعت معدلات درجات الرياضيات والحساب، فكل طالب يريد أن ينجو بفعلته دون حساب، كما ويريد الجمع والطرح والقسمة ليتمكن من أخذ عطلتين في العام الواحد، دون لوم من الأهل ودون حاجة لمساند، بينما انخفضت درجات الفيزياء والكيمياء، فما حاجة الطلاب لهذا البلاء؟

هذا وتدرس الشركات العالمية، إمكانية توريد دروع وقائية، يرتديها الأستاذ في حصصه اليومية، تمنع طعنة السكين أو المدية، وتحمي القلب والكبد والكلية، وسيتم توزيع الدروع على الأساتذة بعد التعيين، وذلك يسري على الجميع دون تعيين، فطالما أنت أستاذ تجري على رزقك مستعينا بالمعين، لن تأمن طعنة مدية أو سكين، ليس انتقاماً لإساءة أو سوء تصرف، بل رغبة في بقاء الطالب في المنزل دون تخوف، لا من أب ظالم ولا من مدير متعجرف، وهكذا طعنة في الفصل الأول، وأخرى في الفصل الثاني، ويبقى الطالب مقيماً في فراشه دون تواني.

المشكلة الوحيدة التي لم يحسب لها حساب، ولا وجد لها حلا ولا جواب، هو أن عدد الطعنات المطلوبة لطلاب كل فصل، تتجاوز عدد الاساتذة بكل فخر، فهل يحظى الأستاذ الواحد بعدة طعنات، أم يعينوا نواباً لهم لاستقبال المديات، ومن جهة أخرى ماذا عن البنات؟ هل يمكن أن تعطى نفس العقوبة لشد الشعر والخدش، أو حتى لكسر الأظافر وتبليل الكدش؟

بانتظار القرارات التي تتناسب وأنوثة الطالبات، تبقى الأسئلة مفتوحة على عواهلها، تنتظر في ليلنا الأسود أجوبة لها، ومسكين يا محترف التدريس، فسابقا قيل:

 قم للمدرس وفه التبجيلا   كاد المعلم أن يصير رسولا

 واليوم صار شعارنا:

 قم للمدرس وفه التنكيلا..حتى تظل بذا الفراش مقيلا

وامنحه طعنة مدية في صدره إن شئت أن تشفي بدمه غليلا

واحرص فلا تقتل لكي لا ترتكب جرما وتغدو بجرمك المقتولا

وبذا تنال المجد في أعطافه وتظل رهن فراشك المعسولا

وسوم: العدد 991