خطاب التوعية يسبق خطاب اتخاذ المواقف.. حول الاحتجاجات في إيران

تصطدم الحركات الجماهيرية، في كثير من الأحيان، بالحقائق الأساسية التي تبنى عليها المواقف والسياسات..

العقل الجماهيري غالبا ما يكون صفريا، مبنيا على معطيات قطعية مسبقة، وقد تكون ذات طبيعة إيديولوجية، تقطع على الممارس للعمل السياسي طريق التداول عبر التقاطعات والتمريرات، وتحاصره دائما في خانة اليك، كما يقولون، وهي في الغالب خانة عدمية، لا أفق لها..

يسأل الممارس للسياسة كيف أستفيد من….؟ وأستثمر في….؟ وأنتقل من إلى…. عبر ؟ ويجيبه العقل الجماهيري الذي يكون غالبا أحادي النظرة، صفري الموقف: (حِجْرًا مَّحْجُورًا)

ينسى الممارس السياسي، والمتشقلب على حبال الجماهيرية، أنه طالما استثمر في هذا العقل أو في هذا الموقف، وقد آن الأوان ليدفع ثمن استثماره ذاك.

توعية الجماهير، بتدريبها على ملكة الادراك، والتصرف السياسي بأبعادهما، هو الذي يمكن أن يحمي ظهر الممارس السياسي في لحظات القرارات الأصعب.

في مثل ما نحن فيه تقول العرب للقيادات السياسية المستثمرة في الغلو وفي النقمة وفي الأحادية المبتوتة سلفا: "يداك أو كتا وفوك نفخ"

وما زلنا بحاجة الى المزيد من جرعات الجرأة السياسية حتى يستطيع صاحب القرار فينا ، أن يتخذ القرارات المناسبة في فصول السنة الأربعة، دون أن يحتج عليه محتج: بالأمس كنتَ بالمعطف، واليوم تدخل علينا وأنت مقشمر!!

رحلتنا في عالم السياسة ما تزال بدائية أولية، في عصر أصبحنا فيه، لا كبير يقول، ولا صغير يسمع…!! فوضى ولا سراة لنا، فكيف يفلح الناس؟؟!!!

كنت أريد أن أقول لكم: إنني متعاطف مع كل تحرك سيحاول اقتلاع نظام الولي الفقيه الصهيوني ثم الأمريكي من طهران ومن إيران أجمع..

أعلم أن الحماية الأمريكية ستؤمنه في النهاية، كما تؤمن بشار الأسد؛ ولكن يجب أن نمتلك الجرأة لنقول للعالم أجمع عدواتنا لنظام الولي الفقيه بوصفه نظاما طائفيا بغيضا، ونظاما شعوبيا بشعا، ليس لها أي بعد قومي أو طائفي..بالنسبة إلينا، ونحن أثقل من أن نستجر إلى خنادق عداوة لا ناقة لنا فيها ولا جمل.

نحارب من يحاربنا

نعادي من يعادينا

نبسط أيدينا بالبر والقسط لكل من بسط لنا بهما يدا..

وندعو بالنصر والفرج لكل المظلومين والمضطهدين.

وقد تضطرب البوصلة أحيانا عند المحتجين في طهران، وهذه طبيعة البصر عندما يخرج المرء من الظلمات إلى النور..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1001