حول تغيير الطاقم التركي المباشر للملف السوري

أولا أحب أن أصف المسئولين الذين تم تداول أسمائهم في حملة التغييرات الدبلوماسية ، بأنهم "المباشرون" للملف السوري، يعني الذين يتعاطون مع جزئياته وتفصيلاته اليومية، مع أكثر من جهة من الأطراف المعنية. وهذه الشخصيات، على أهميتها، لم تكن قط مسؤولة عن القرار التركي في الملف السوري، وقلما سمعنا لأحدهم تصريحا في هذا الملف..

التصريحات الرسمية التركية في الملف السوري يتناوب عليها حتى الآن: رئيس الجمهورية، والناطق باسمه، ووزير الخارجية، وبعض من يمثله. وحتى الآن لم يتم التعامل الاعلامي مع الملف على غير هذا المستوى، بالإضافة إلى بعض أشكال السبق الصحفي، على طريقة التبشير أو التحضير أو إطلاق بالونات الاختبار، تسبق إليها صحف مقربة، وأحيانا محايدة ذات مصداقية.

في تقويم ما جرى من تغييرات ونقل بعض المشرفين أو المباشرين للملف السوري وتقويمه، ننظر أولا إلى مآلات المسئولين الذين طالتهم التغييرات. فنجدهم جميعا ارتقوا في إطار السلك الدبلوماسي لبلادهم، من موظفين في الظل إلى سفراء مجهورين وفي مواقع متقدمة. ارتقاء ذو طبيعة وظيفية، ونوع من الشكر على الأداء..

علينا أن نستعيد شريط التغيير للجعفري مثلا ، عندما تم استعادته من الأمم المتحدة إلى جواني وزارة الخارجية في دمشق، علم الناس أنها محاولة لتحضيره لموقع وزير الخارجية، ولاسيما بعد وفاة المعلم. كان المطلوب منه أن يكون مقربا من المقداد، كما كان المقداد مقربا من المعلم، ولكن يبدو أن الجعفري بشخصيته المنفوخة، لا يستطيع أن يعيش بظل، فأعيد دفشه إلى موسكو، طبعا السفير في موسكو أقل مكانة ودورا وحضورا من السفير في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

أهمية التغييرات في الطاقم المباشر للملف السوري في تركية، أنه يأتي متزامنا مع العناوين المضطربة عن حقيقة الاستدارة التركية في الملف السوري، قوس التكويعة، بعدها، سرعتها، ومن ثم طبيعة الأشخاص البدلاء، إن كان هناك بدلاء، وطبيعة المهام التي ستسند إليهم.

على الصعيد العسكري أو الأمني مثلا يختلف الوضع عندما تكون المرجعية بيد عقيد أو عميد ثم تصير إلى رائد أو نقيب..

على الصعيد الدبلوماسي يمكن ان تفرز وزارات الخارجية مجرد متدربين صغار لمعالجة بعض الملفات، ويبقى المتدرب مستشيرا في كل ما يعرض له أو عليه. ويبقى الملف الذي يعمل عليه أحد ملفات معلمه الأكبر، الذي لم يعد لديه وقت أكبر للملف المعني، ساعة من نهار، ويطلع على المجمل، ولا يعنى بالتفاصيل.

لن يسهل الجزم بطبيعة هذه التغييرات..

إلا بعد معرفة البدلاء - إن كان هناك بدلاء-

وخلفياتهم وانحيازاتهم على مستويات متعددة، مجتمعية وفكرية وسياسية، طبعا ضمن المتداول، وطبيعة الصلاحيات والمهام التي ستوكل إليهم. وعلى السوريين أن ينتظروا..

أما إذا بقيت المهام بلا بديل، فإن الدلالة ستكون أصرح وأوضح… (لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ).

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1001