إن الله يأمر بالقسط... مؤسسات تربية الأجيال

وأرسل لي صديق فيديو لخطيب على منبر في مسجد يرصد دور مسرحية "مدرسة المشاغبين" في إفساد الجيل, لن أعترض على ما قال. وإنما سأوسع الفكرة قليلا..

وأذكر ابتداء بالكلام الذي قررته منذ أيام، أنني أعتقد أن جيل أبنائنا وأحفادنا، بشكل عام متقدم في الوعي والخلق على جيلنا. اعتقاد خاص، وأقبل أن يخالفني فيه، كل من يمجدون الماضي...

وأنا أبلع ريقي بصعوبة كلما قرأت بعضنا يبكي على الماضي، ويمدح عمالقة الشماال الذين كانوا فيه. وحين يسيطر حزب البعث على السلطة 1963/ كنا أطفالا في الصف الثاني الإعدادي. ولكن شيئا ما يجعلنا نعتقد، أننا كنا رجالا نتصدى، حين نظرنا حولنا وقد خلت الديار، وإذا كان الطيب الصالح من السودان قد كتب في النصف الثاني من القرن العشرين، "موسم الهجرة إلى الشمال" فإن بلادنا قد عاشت بالفعل موسما للهجرة إلى الجنوب. في أبيات أذكرها لأبي نواس يقول:

تركتَ مني قليــــــلا .. من القليل أقلا

يكاد لا يتجزا.. أقل في اللفظ من لا

وإضافتي اليوم هي لتحديد أربع مؤسسات رئيسية، شاركت أكثر في صنع الجيلين اللذين أتحدث عنهما. وكان بعض هذه المؤسسات أكثر تأثيرا في بعض الشرائح.

المؤسسة الأولى: الأسرة ، ولكل إنسان، امرأ كان أو أمرأة، حظه من تربية أسرته الشخصية الخاصة والقيمية العامة.

المؤسسة الثانية: المدرسة ، ولها أثر عام وخاص، من خلال المنهج والإدراة والمدرسين والبيئة. وهناك شعاع مشترك، وهناك شعاع خاص....

والمؤسسة الثالثة: الإعلام العام والخاص، التلفزيون والإذاعة والفضائيات والسينما والمسرح والمكتبات العامة والمراكز الثقافية...

والمؤسسة الرابعة: المسجد منبر الجمعة، والعرندس "كرسي التدريس" والدروس الدينية عبر وسائل الإعلام والتي ساهمت بتكوين الوعي والفكر الديني...

لا أريد أن أقوّم سلبيا أو إيجابيا ، ولكن كان لكل هذه المؤسسات دورها. في تنشئة عقول أبناء الأجيال...

سنضيف مؤسسة خامسة في حديثنا عن الجيل الصاعد: الشبكة العنكبوتية، وجيل السوشيال ميديا بكل أنواعها... وفي كل ذلك سنجد ما يسر وما يسوء...

ولست مع التعميمات المائعة ولا الماتعة...

وفي كل مدرسة من هذه المدارس كفايتها من الخير وأخيه... المهم كيف نتوازن. كيف نجعل مثللا الأسرة والمدرسة والمسجد أكثر توازنا في بناء الشخصية السوية ...

الشاب الجميل الذي كان يلقي خطبته عن تأثير مسرحية مدرسة المشاغبين، ووجدته محقا في بعض الأمر، يجب أن لا ينسى دور الذي كان ومايزال يعلم الناس، وهذا كلام سمعته يوم في الحرم المكي من مدرس معتمد فيه، الله خلقنا لعبادته وذكره، وسخر لنا من يصنع لنا السيارات والطائرات وهؤلاء المهندسين والأطباء...

 كل البلاء إذا تاه الدليل...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1009