فراسة الآباء

بعد عمر نعيشه يقف الأبناء عند توجيهات و توصيات الآباء ، يقف الأبناء على حقائق و توصيات خالدات ، تعكس مدى حذاقة آراء الآباء و حصافتها.

تحملني لأروي قصة فيها عبر الأيام، فقد كان يتردد على بيت العائلة كثير من الأشخاص تربطني بهم علاقات الصبا و الفتيان، يسألني والدي عن رفقتي ، من هؤلاء ؟!

فأجيب بكل براءة هم أصحابي فتظهر دهشة غريبة على وجه أبي ، يبادرني بكلمات تحمل معها تجارب عمر طويل ، لم أكن أعرف مدلولها أو معانيها ؛ لم أفقه مغزاها في ذلك الزمن .

قائلا ولدي : أ يعقل أن كل من تلقاه يكون صاحبك ؟!

ثم يردف بعدها معقبا، صديقك و صاحبك فلان و فلان .

لقد ظلت تلك الكلمات ترافقني كصدى صوت خفي ، مثل سراج أحملها في ذهني.

و تمضي الأيام و السنون و يرحل الوالد الكريم إلى الرفيق الأعلى وتصدق فراسة والدي حقا و صدقا، فلم يبق من تلك الصدقات المزعومة غير فلان و فلان، أسماء حددها و سماها الوالد في وصاياه الخالدة، فليت الأيام تعود لأقبل رأس والدي رحمه الله .

صدقت والدي و أخطأ ظني، وصدق حدس والدي، حقا لم يعد يربطني بالوصل تلك الأشباح التي كانت تتردد على بيت العائلة أو بيتي إلا من ذكرت.

فما أعظم توجيهات الآباء !

وسوم: العدد 1010