جرائم روسيا في سورية 2015-2022

Sdffsg1022.jpg

قبل سبع سنوات تقريباً، قالت القيادة الروسية إن تدخلها في سورية سيحقق أهدافه بعد شهرين أو ثلاثة، ولكن الضلوع الروسي بجرائم قتل المدنيين وتهجيرهم لا يزال مستمرًا حتى اليوم، ولا تبدو له نهاية قريبة حتى الآن، حتى وهي تخوض حربها على أوكرانيا لم تتوقف آلتها العسكرية المدمرة عن ذبح السوريين وتدمير بنيتهم التحتية ومدنهم وبلداتهم وقراهم، وحتى المخيمات المتهالكة لم تسلم من نيران حقدهم وإجرامهم، وحتى وقوع الزلزال المدمر الذي أصاب شمال سورية وما خلفه من تدمير وقتلى ومصابين ونازحين لم يحل دون القصف الروسي المجرم للمدن التي أصابها الزلزال والمخيمات التي تأوي السوريين الفارين من الزلزال. 

التدخل الروسي المباشر اعتبارًا من 30 أيلول 2015 ساعد إيران والنظام على استعادة السيطرة على 60% من الأراضي السورية، وساعدهما أيضًا على ترحيل السوريين، فالأراضي المستولى عليها من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية سرعان ما تصبح طاردة للسكان عبر الباصات الخضراء أو عبر التهجير الجماعي غير المباشر في عملية تغيير ديموغرافي لم تشهد بمثله أية دولة في العالم، حيث تعمل ميليشيات الموت التابعة للنظام السوري المجرم والميليشيات الرافضية المجرمة المدعومة من إيران، تعمل على ترحيلهم إلى الشمال السوري أو إلى تركيا أو إلى لبنان والأردن، بدعم وغطاء روسي الذي يعتبر المواطنين السوريين مجرد أحجار “دومينو” للضغط على الغرب، وعلى دول الجوار التي لا تزال ترفض الاحتلالين الروسي والإيراني للبلاد السورية.

“الفيتو” الروسي بدوره كان بمثابة قنبلة نووية نزلت على السوريين، فقد سمح لإيران وميليشياتها باستباحة دم الشعب السوري وتهجيره، وسمح بوصول الميليشيات اللبنانية والعراقية والأفغانية الرافضية التي تديرها وتمولها وتسلحها إيران في سورية، وتستعملها كسلاح تدمير شامل يجمع بين التدمير العسكري والتدمير السكاني والتدمير العقائدي، وهذا الأثر الخطير لا يقارن اليوم حتى بمفعول القنابل النووية في هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين، ولا الصواريخ الخارقة والمدمرة التي تضرب بها أوكرانيا.

ما فعله الروس والإيرانيون ونظام الأسد في سورية أشبه ما يكون بمحاولة محو بلاد كاملة ورسم خريطة جديدة لسورية، فقد أشرفت القوات الروسية على تهجير أكثر من عشرة ملايين سوري من بيوتهم ليعيشوا مأساة النزوح بكل فصولها الأليمة والمريرة، وقذفت بسبعة ملايين منهم إلى خارج سورية، وقتلت مع قوات النظام أكثر من مليون سوري مدني معظمهم من الأطفال والشيوخ والنساء، وغيبت في السجون أكثر من نصف مليون، معظمهم فارق الحياة من كثرة ما مورس بحقهم من تعذيب وتجويع، وخلّفت أكثر من مليون جريح وذي إعاقة!

وبالإضافة إلى كل هذه الجرائم، فإن الدبلوماسية الروسية تستعمل ملف مئات ألوف المعتقلين والمختفين قسرًا كورقة ضغط على المجتمع السوري المعارض، وتساعد النظام على الاحتفاظ بهم لفرض شروط استمرار الاحتلال، ولإجبار السوريين على القبول باستمرار نظام المخابرات وتبرئة مجرميه، مقابل الإفراج مستقبلًا عن المعتقلين والمختفين قسرًا في سراديب “الأمن العسكري” و”الجوي” ومختلف أنواع المخابرات التي ابتكرتها قريحة المجرم الأول حافظ الأسد لخنق السوريين إلى الأبد.

لقد أصدرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” في 30 من أيلول الماضي، تقريرها السنوي السادس المفصّل عن انتهاكات القوات الروسية المباشرة منذ بدء تدخلها العسكري في سورية، وقالت إن بعض تلك الانتهاكات “ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب”، حيث تستعمل القوات الروسية الأراضي السورية كحقل رمي لعتادها العسكري، ولتصوير فيديوهات تسويق لأسلحتها الجديدة التي يتم تجريبها على المدنيين السوريين، وعلى المنشآت المدنية التي زاد تعدادها على 1231 منشأة. وبنفس هذه الذكرى المشؤومة للتدخل الروسي، قال “الدفاع المدني” في الشمال السوري، إن “فرقه وثّقت مقتل 4018 مدنيًا بينهم أطفال ونساء، وتمكّنت من إنقاذ 8272 مدنيًا أُصيبوا جراء القصف والغارات الروسية”.

ورغم دعم الروس لنظام بشار الأسد واعتباره رئيسًا شرعيًا لسورية بعد كل الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها، فإنها تستدعيه بلا مواعيد، وتستقبله دون رفع العلم السوري، وتعرّضه لمواقف علنية مهينة، أسوة بسلوك المحتل الإيراني الذي ابتكر هذه المعاملة لنظام الأسد ولرئيسه، وهو الذي يقبل صاغرًا الإهانة والتبعية للمحتلين، سواء بتحويل سورية إلى محافظة إضافية تتبع لإيران، أو تحويلها إلى مستعمرة روسية.

وتتفاوض روسيا اليوم على سورية مع الكيان الصهيوني، ومع تركيا، ومع أمريكا، ومع أوروبا، ومع الأمم المتحدة، وتعتبر الشعب السوري رهينة لها ولأهدافها الاستراتيجية في القرم وفي شرق أوكرانيا، وتتنافس مع إيران على أكبر قدر من الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية مع نظام الأسد، وتنشر المرتزقة الروس من قوات “فاغنر” في المواقع التي تستولي عليها لحماية بعض المواقع التي نجحت في انتزاعها من النفوذ الإيراني، وتستعمل بعض أنصار النظام لتجنيدهم في قواتها كمرتزقة في ليبيا وربما في مالي، وعلى أراضيها لمواجهة الأوكرانيين وفي غيرهما من البلدان، حيث يسهل عليها التنصل من المسؤولية عنهم.

ورغم كل مظاهر الانتصارات الروسية، فإن القمة الروسية-التركية التي عُقدت في 29 من أيلول الماضي عشية الذكرى السادسة للاحتلال الروسي لسورية، كان من أهم مواضيعها وضع خارطة طريق لسورية، وطبعا دون أي حضور سوري أو إيراني، فالروس يريدون إنهاء الوضع الضاغط عليهم في سورية، سواء من قبل المجتمع الدولي، أو من قبل منافستهم إيران، ومحاولة التحايل على القوانين الدولية بفبركة دستور يلبي مطامعهم، ويريدون تبرئة مجرمي الحرب الذين تشاركوا معهم في قتل السوريين وبأسرع وقت. فالانتصارات المزعومة لم تنعكس على الاقتصاد، ولا على إعادة الإعمار، ولا على القبول الدولي لنظام مجرم الحرب بشار الأسد، وهذا ما يزيد زمن ضلوع روسيا في سورية الذي كانت قد قدّرته بثلاثة أشهر فقط، ولكنه لا يزال مستمرًا بعد أكثر من سبع سنوات، وقد يستمر إلى سنوات مقبلة، وربما لا ينتهي إلا بانسحاب يشبه الانسحاب الروسي المذل من أفغانستان عام 1979!

تقرير جرائم حرب روسية في سورية

وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير جديد استهداف القوات الجوية الروسية لنحو 250 منشأة حيوية مدنية، من ضمنها مراكز طبية وثقافية وتربوية ودينية وأفران ومربعات سكنية، وهو ما وصفته الشبكة بأنه جرائم حرب.

وشمل التقرير -الذي جاء في 66 صفحة-المراكز الحيوية المدنية، ولم يستعرض المنشآت الحيوية التي تحولت إلى مقرات عسكرية أو كان بالقرب منها مقر عسكري أو تجمع لمقاتلين.

وأكد التقرير-الذي يرصد الفترة الممتدة بين 30 سبتمبر/أيلول 2015 حتى 15 مارس/آذار-أن القوات الروسية ارتكبت جرائم حرب حين لم تتجنب السكان المدنيين ولم تتخذ أي احتياطات لتقليل الخسائر في أرواح المدنيين أو أعيانهم المدنية، بل كانت جميع الهجمات متعمدة أو عشوائية.

وأحصت الشبكة السورية 243 هجوما على منشآت حيوية، كان من أبرزها 51 على مراكز حيوية طبية و57 من البنى التحتية و52 من المراكز الحيوية التربوية، بالإضافة إلى خمسين من المراكز الحيوية الدينية و25 من المربعات السكانية ومركزين ثقافيين وخمسة مخيمات للنازحين.

ووفق التقرير فإن "اعتداء القوات الروسية على المدارس والمشافي والمساجد والأفران استخفاف صارخ بأدنى معايير القانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن الدولي، ويرقى الفعل إلى جريمة حرب".

وقال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، إنه بموجب اتفاقيات جنيف التي هي جزء من القانون الدولي الإنساني الذي يحكم النزاع في سورية، فإنه يتوجب على الدول أن تحاكم الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم الحرب هذه أو أمروا بارتكابها، إما في محاكمها الخاصة، أو تسليمهم للمحاكمة في دولة أخرى.

وأوصى التقرير الحكومة الروسية بضرورة فتح تحقيقات جدية في المجازر التي يُحتمل أن قوات تابعة لها قد نفذتها، وتعويض الضحايا وإعادة إعمار جميع ما دمرته القوات الروسية.

كما شدد على ضرورة المساهمة بشكل حقيقي في تحقيق انتقال سياسي نحو الديمقراطية للدولة السورية يُحافظ على وحدة أراضيها، ويُسهم في ترميم الكارثة التي حلت بها.

في حين سجّل تقرير حقوقي أن التدخل العسكري الروسي في سورية أسفر عن مقتل نحو سبعة آلاف مدني سوري على يد القوات الروسية.

ووفق تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان، هو السابع من نوعه منذ بدء التدخل الروسي في 30 أيلول/ سبتمبر 2015، فإن القوات الروسية مسؤولة عن مقتل 6943 مدنيا، بينهم 2044 طفلا و977 امرأة.

كما وثق التقرير قتل القوات الروسية 70 من الكوادر الطبية، إضافة إلى مقتل 44 من كوادر الدفاع المدني. وسجل التقرير أيضا مقتل 24 من الكوادر الإعلامية على يد القوات الروسية.

كما سجل التقرير ما لا يقل عن 237 هجوما بذخائر عنقودية، إضافة إلى ما لا يقل عن 125 هجوما بأسلحة حارقة، شنَّتها القوات الروسية منذ تدخلها العسكري في سورية في 30 أيلول/ سبتمبر 2015.

ولفت التقرير إلى أن "حجم العنف المتصاعد، الذي مارسته القوات الروسية، كان له الأثر الأكبر في حركة النُّزوح والتَّشريد القسري، وساهمت هجماتها بالتوازي مع الهجمات التي شنَّها الحلف السوري الإيراني في تشريد قرابة 4.8 مليون نسمة، معظم هؤلاء المدنيين تعرضوا للنزوح غيرَ مرة".

وتحدث التقرير عن عدم مشروعية التدخل العسكري الروسي في سورية، مؤكدا أن التدخل "قد انتهك التزامات روسيا أمام القانون الدولي، فهي عبر تدخلها إلى جانب نظام متورط في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، تنتهك العديد من قواعد القانون الدولي الآمرة، بل ويجعل منها شريكة في الانتهاكات التي يمارسها النظام السوري".

كما أشار التقرير إلى أن "القوات الروسية نفسها تورطت في ارتكاب آلاف الانتهاكات الفظيعة في سورية، التي يُشكل بعضها جرائم ضد الإنسانية، ويُشكل بعضها الآخر جرائم حرب".

ولفتَ التقرير إلى أن "النظام الروسي صرح في أكثر من مناسبة عن تجربة روسيا لذخائر جديدة في سورية، وعن دور ذلك في رفع القدرة القتالية للقوات الروسية"، كما أعلنت القوات الروسية عن إدخال أسلحة نوعية جديدة إلى ترسانتها العسكرية بعد التأكد من فاعليتها وتجريبها في سورية.

وخلص التقرير إلى أن "النظام الروسي تورط في دعم النظام السوري الذي ارتكب جرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري، عبر تزويده بالسلاح والخبرات العسكرية، وعبر التدخل العسكري المباشر إلى جانبه". واتهم روسيا بالوقوف "ضد إرادة التغيير الديمقراطي في سورية منذ الأيام الأولى للحراك الشعبي".

وطالب التقرير مجلس الأمن الدولي بإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، كما طالب القوى الدولية بفرض عقوبات على روسيا بسبب انتهاكاتها في سورية.

وقال مدير الشبكة فضل عبد الغني: "بعد أن تدخلت روسيا عسكريا في سورية بشكل غير شرعي، وارتكبت انتهاكات فظيعة، بما في ذلك قصف المشافي وأحياء سكنية وقتل مئات المدنيين، لم يفرض الغرب أية عقوبات على روسيا بسبب جميع تلك الانتهاكات، التي بلغ بعضها مستوى الجرائم ضد الإنسانية".

وأضاف عبد الغني: "نعتقد أن إفلات روسيا من العقاب في سورية شجعها على المضي قدما في سياستها وانتهاكها للقانون الدولي في أوكرانيا. لا بد من محاسبة روسيا على ما قامت به ضد الشعب والدولة السورية"، كما قال.

وبعد مرور عام على تدخل روسيا، اتضح أنها ارتكبت جرائم أكبر بكثير مما ارتكبته التنظيمات الإرهابية، لتتحول إلى العدو الأول والأبرز في الساحة السورية. وكشفت أرقام وإحصاءات للشبكة السورية لحقوق الإنسان، حجم وكمية الجرائم الروسية، إذ إن 85 في المائة من الهجمات التي قامت بها روسيا، كانت في مناطق سيطرة المعارضة، ومعظمها على أحياء مدنية، في حين أن 15 في المائة فقط من الهجمات كانت ضد تنظيم "داعش"، وجاءت معظمها كذلك على أحياء مدنية.

قالت "الشبكة السورية: روسيا قتلت ما لا يقل عن 3291 مدنياً خارج نطاق القانون خلال عام" وأكدت الشبكة أن موسكو قتلت ما لا يقل عن 3291 مدنياً خارج نطاق القانون خلال عام، وهؤلاء مسجلون بالاسم والتاريخ وكيفية القتل، بينهم 911 طفلاً و619 امرأة، كما ارتكبت القوات الروسية 169 مجزرة. وسرعان ما بدا كذلك أن المراكز الحيوية كانت هدف الطائرات الروسية، إذ سُجل استهداف ما لا يقل عن 415 مركزاً حيوياً مدنياً، بينها 59 مركزاً طبياً، قتل على إثر ذلك 32 شخصاً من الكوادر الطبية، بينهم سبع سيدات.

كما تفننت موسكو في عمليات القتل ضد السوريين، إذ لجأت إلى استخدام الذخائر العنقودية في 147 هجمة بأحجام كبيرة ونوعيات جديدة وكثافة أكبر مما استخدمه النظام السوري، في حين لجأت إلى استخدام الأسلحة الحارقة بما لا يقل عن 48 هجمة. وبدا واضحاً أن الكوادر الإعلامية تحوّلت إلى هدف للروس بما تشكله من خطر على توثيق الجرائم الروسية، إذ تم استهداف هذه الكوادر من قبل موسكو بهجمات عديدة، قُتل على إثرها 13 شخصاً.

في ضوء ذلك، تسببت عمليات القصف والتدمير والاستهداف بحالات تهجير قسري، إذ دفعت الغارات والعمليات العسكرية الروسية عشرات آلاف السكان للنزوح من محافظات حلب وحمص وإدلب واللاذقية، كما دعمت هذه الغارات قوات النظام في حصارها لأحياء حلب الشرقية. وتسببت الغارات الروسية بعد نحو شهر فقط على التدخل الروسي، في نزوح ما لا يقل عن 20 ألف مدني من منطقة مهين في ريف حمص الشرقي بعد خضوعها لسيطرة تنظيم "داعش" في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2015. وفي بداية شهر فبراير/شباط 2015 تسببت غارات روسية في نزوح عشرات الآلاف من سكان ريف حلب الشمالي إلى المناطق الحدودية مع تركيا.

الحال ذاته بالنسبة إلى مدينة سراقب، التي شهدت نزوح أكثر من 1800 عائلة، بعد هجمات مكثفة على المدينة عقب إسقاط مقاتلة روسية، وهذه كلها جرائم ترقى لجرائم حرب ضد الإنسانية حسب الشبكة السورية.

وإذا ما قورن ذلك بتنظيم "داعش" الذي بدأ جرائمه قبل ثلاث سنوات في سورية، فإن أرقام الجرائم الروسية تفوق حجم جرائم "داعش" بكثير، إذ قتل الأخير 2686 مدنياً، بينهم 368 طفلاً.

كما كان الروس العامل الرئيسي في نسف أي اتفاق لوقف إطلاق النار في سورية، من خلال كونها خصماً وحكماً في المعادلة السورية، إذ تم تسجيل ما لا يقل عن 236 خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي توصل إليه الطرفان الأميركي والروسي في أول أيام عيد الأضحى، على يد النظام السوري وموسكو.

وفي هذا السياق، أكد مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، أن "روسيا ساندت النظام السوري منذ اليوم الأول لاندلاع الثورة السورية إعلامياً ودبلوماسياً، واستخدمت حق النقض الفيتو أربع مرات، المرة الأولى في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 والأخيرة عام 2014 عندما منعت إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، ومنعت محاسبة النظام لانتهاكه القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن"، مضيفاً: "جميع ما ذُكر في كفة، وبعد 30 سبتمبر/أيلول 2015 عندما هاجمت القوات الروسية الشعب السوري وقتلت ودمرت وارتكبت جرائم حرب بكفة أخرى".

"عبد الغني: معظم الشعب السوري يعتبر روسيا عدواً مباشراً "وأوضح عبد الغني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "بناء على حجم الجرائم التي سجلناها، فمعظم الشعب السوري يعتبر روسيا عدواً مباشراً، ولا يقبل بحال من الأحوال أن تكون راعية لعملية السلام، كما لن تكون مصالحها واستثماراتها بعيدة في مأمن من الانتقام وردود الأفعال، ما لم تغيّر نهجها بشكل كامل، وتسحب قواتها، وتعتذر عن الجرائم وتعوّض الضحايا وجميع المراكز التي قصفتها".

ولا يمكن إغفال الدور الذي لعبه الروس إلى صالح النظام عبر التمكين الميداني في عدد من المدن السورية، وخصوصاً في الساحل السوري، والذي نجحت فيه قوات النظام بمساندة الغارات الروسية في استعادة معظم ريف اللاذقية الشمالي، فيما كان للمصالحات دور رئيسي في التخلص من مناطق تسيطر عليها المعارضة وضمانها لصالح النظام، كما حدث في داريا بريف دمشق الغربي، وحي الوعر، آخر أحياء المعارضة في عاصمة "الثورة".

يتزايد أعداد قتلى الجنود الروس في سورية، رغم محاولات الحكومة الروسية التكتم على ذلك، ويتضح من متابعة العديد من التقارير الروسية حجم الخسائر الروسية في سورية من خلال مقارنتها بالأعوام التي سبقت التدخل الروسي رسمياً لصالح نظام الأسد.

وهناك تقرير جديد نشرته صحيفة "فيدوموستي" عن تكاليف التأمين على الجنود الروس، يوضح حجم الخسائر الروسية في سورية، ففي أكتوبر 2017، فازت شركة التأمين "سوجاز" بمناقصة للتأمين على أرواح الجنود الروس في 2018-2019 بقيمة 11.2 مليار روبل.

وتشير الصحيفة الروسية إلى وثائق نشرتها وزارة الدفاع ملحقة بوثائق المناقصة لتقديم معلومات إضافية واستدراج العروض حينها، من بينها قائمة بأنواع متطلبات التأمين وفقا لأوامر وزارة المالية ويظهر فيها إحصاءات عن حالات محددة منها موت الجنود.

ووفقاً لهذه البيانات، فقد (توفي أو قتل) 630 جندياً من قوات وزارة الدفاع في عام 2012، و596 في عام 2013، و790 في عام 2014، و626 في عام 2015، و393 في عام 2016 وهو العام الذي انخرطت فيه روسيا بقوة في سورية دعماً لنظام الاسد.

وتشمل إحصاءات وزارة الدفاع الوفيات من كل الأسباب (المرض، والقتل، والانتحار، والحوادث بما في ذلك التدريبات، خسائر القتال).

وأوضحت الصحيفة الروسية أن التكاليف المرتبطة بدفع التأمين للأفراد العسكريين والأشخاص الذين طلبوا تدريباً عسكرياً لا تنص عليها ميزانية وزارة الدفاع الروسية ظل دون تغيير تقريباً منذ عدة سنوات وأن حجمه يرجع أساسا إلى عمليات التضخم.

كما لوحظ أن عدد حالات التأمين على مدى السنوات الخمس الماضية قد شهد تراجعاً مضطرداً، إذ أكثر من 80٪ من حالات التأمين تحدث خارج ساعات الخدمة، وخارج موقع الوحدات العسكرية، وغالبا ما تكون مؤهلة كحوادث والإصابات المنزلية، بحسب زعم وزارة الدفاع الروسية.

تجدر الإشارة إلى أن معدل الوفيات كان أقل في المتوسط خلال هذه الفترة مما كان عليه في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بحسب " فيدوموستي". وفي عام 2005، مع زيادة عدد الجيش الروسي إلى 1.2 مليون مقاتل، توفي 1،170 شخص، منهم 100 فقط في الشيشان.

وتلفت الصحيفة إلى أن ذروة الوفيات في الجيش الروسي كانت في عام 2014، عندما وصلت إلى 790 مقابل 593 في 2013 و626 في عام 2015. 

المصدر

*عنب بلدي-3/10/2021 و6/3/2022

*الجزيرة نت-29/3/2016

*عربي21-30/10/2022 و

*العربي الجديد-30/9/2016

*أورينت نت-5/12/2017  

وسوم: العدد 1022