الدعوة للتقارب التركي والنظام السوري قبل الانتخابات ليست كما بعدها

بعد أن حسم الأتراك الانتخابات بالتصويت للرئيس رجب طيب أردوغان الذي فاز متقدماً على خصمه بنحو ثلاثة ملايين صوت بات ملف التقارب مع النظام السوري وتركيا، ولقاء أردوغان ومجرم الحرب بشار الأسد أمراً مستبعداً، وبات الحديث عن رفع سقف التفاوض مع أنقرة، وتغيير نبرة خطابها من الهادئة واللينة إلى القوية بعد انتهاء الحسابات التركية؛ التي كانت تدفع بالحكومة التركية إلى التقارب مع النظام السوري كان إعلامياً ودعاية انتخابية.

وقد أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، أنه لا موعد محددا لعقد لقاء بين الرئيس أردوغان ونظيره الأسد، مضيفاً أنه "لا يوجد خطط لعقد لقاء على المدى القريب، مع أن هذا اللقاء غير مستبعد"، علماً بأن "اللقاء يعتمد على الخطوات التي ستتخذها سورية".

ويبدو أن فوز أردوغان يعني استكمال تركيا مسار التطبيع مع النظام السوري وهي أكثر قوة، بعد انتهاء الانتخابات، التي حصل فيها حزب العدالة والتنمية وتحالفه على الأغلبية البرلمانية وحسم الانتخابات الرئاسية، كل هذا يُعطيه القدرة على المناورة أكثر، بمواجهة النظام الذي انتهز المسألة الانتخابية التركية، من خلال عدم الانفتاح على المسار بالشكل المطلوب قبل معرفة نتائج الانتخابات، وبالتالي فإن مسار التطبيع بعد الانتخابات سيكون أكثر جدية، وبذلك تبدو احتمالية توقف مسار التطبيع واردة، في ظل عدم استجابة النظام للمطالب التركية، وإصرار النظام على مطلب انسحاب القوات التركية من الشمال السوري.

من جانب آخر تثار تساؤلات عن تغييرات قد تطرأ على المقاربة التركية لملف اللاجئين، وخاصة أن هذا الملف تصدر النقاشات التي سبقت الانتخابات، بعد أن تحول إلى ورقة انتخابية.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أكد عزمه على استكمال تنفيذ مخطط العودة "الطوعية" لمليون ونصف المليون لاجئ سوري إلى الشمال السوري، مؤكداً أن بعض الدول الخليجية (قطر، السعودية، الكويت) ستساهم في دعم ذلك.

ولم يتحدث أردوغان وتحالفه عن إعادة "قسرية" للاجئين السوريين، بخلاف المعارضة، التي رفع مرشحها كمال كليتشدار أوغلو شعار "ترحيل اللاجئين السوريين فورا".

لقد كان التعاطي التركي مع ملف اللاجئين لا يختلف بعد فوز أردوغان، فأنقرة تخطط لبناء مدن تستوعب اللاجئين في الشمال السوري، وكذلك تفكر بالتفاوض مع النظام السوري لإعادة اللاجئين إلى مدنهم الخاضعة لسيطرته، وأن تركيا لن تعيد أي لاجئ ما لم تحقق له العودة الآمنة والطوعية.

تركيا معنية بالعودة "الطوعية" للاجئين السوريين، لكن هذه العودة تبدو مرهونة بالحل السياسي، ويستبعد في الوقت ذاته أن تعدّل تركيا من القوانين التي تستضيف بموجبها نحو 3.5 مليون لاجئ سوري.

المصدر

 

*عربي21-30/5/2023

وسوم: العدد 1035