من أجل صهيون التراث اليهودي – المسيحي في الثقافة الأمريكية

أمية محمود الحاج عساف

تأليف فؤاد شعبان

مقدمة:

ثمة عوامل كثيرة ساهمت في تكوين الشخصية الثقافية الأمريكية وتؤثر أيضا في سلوك الأمة الأمريكية وتفكيرها أحدها هو التراث اليهودي- المسيحي الذي دخل في صلب تكوين الثقافة الغربية بصورة عامة والأمريكية بصورة خاصة فمنذ تأسيس المستوطنات الأولى كان المستوطنون الطهور يون يشبهون أنفسهم بالقبائل الإسرائيلية في رحلتها الكتابية من مصر الى أرض كنعان ونركز في هذه الدراسة على ثلاثة عناصر أساسية في الثقافة الأمريكية رفدت الفكر اليهودي- المسيحي هي: - الصورة الذاتية الاصطفائية التي يرى فيها الأمريكيون كرجال دين وسياسة وأدب أن أمريكا خلقها الله تعالى لمهمة مقدسة من أجل البشرية -2- الاعتقاد الجازم بخطة شاملة وضعها الله تعالى للدهر تنتهي بنزول مملكة الله على الأرض -3- ان العنصران السابقان مرتبطان بالجغرافية المقدسة ( أرض الميعاد) وهذا يضع فلسطين والعالم العربي في بؤرة الفكر الكتابي الأمريكي فكانت النتيجة من ارتباط ه1ه العناصر ظهور العداء تجاه الإسلام والمسلمين وجعله صفة ملازمة للفكر اليهودي- المسيحي لأنهم يحتلون الأراضي المقدسة لذا يجب استعادتها وانهاء الإسلام و(هداية) المسلمين وقد اكتسبت هذه العناصر في التراث اليهودي- المسيحي في العقود القليلة المنصرمة قوة و تأثيرا كبيرين في أوساط اليمين المسيحي المتطرف واليمين السياسي ما كان له أكبر الأثر في سياسة أمريكا الخارجية تجاه العالم العربي وهنا نشير لأمرين مهمين 1- هناك أعداد كبيرة من المسيحيين الأمريكيين لا يشاركون اليمين المسيحي المتطرف معتقداته المتطرفة -2- ان التطرف موجود في معظم الأديان والمذاهب وان تسخير الدين والمشاعر العقائدية لدى الأمريكيين لإضفاء نوع من الشرعية على أكثر الأعمال وحشية وتعصباً تجاه الإسلام وفق الثيوقراطية التي يؤمنون بها وتوجد في أمريكا عشرات المراكز والهيئات والمؤسسات الأكاديمية والسياسية التي تهتم بالدراسات المتعلقة بالعالم العربي والإسلامي في حين لا يوجد في العالم العربي أي مؤسسة أكاديمية تتخصص بإجراء دراسات عن الثقافة الأمريكية وتاريخها

الباب الأول

قبل أمريكا

الفصل الأول: كريستوف كولومبس والأراضي المقدسة

الشائع أن كريستوف كولومبس كان مستكشفا يبحث عن الشهرة والسلطة والثروة وهذا أدى لاكتشافه أمريكا ولكن يقول ديلنو ويست والكثير من الأدباء والمفكرين والمؤرخين عن كولومبس "يعتبر كريستوفر كولومبس بحق أول بطل أمريكي بكل معنى الكلمة " حيث أنه لم يسع لتحقيق الشهرة والثروة لنفسه والتوسع لملوك أوروبا فحسب بل كان كما تقول كتاباته يعمل لاكتشاف ممالك جديدة يضمها للتاج الاسباني ويهدي شعوبها الى الدين المسيحي ثم يجندها فيما سماه (حرب الحياة أو الموت ضد امبراطورية محمد وهدفه النهائي استعادة الأراضي المقدسة وخاصة القدس تمهيدا لنزول مملكة الله على جبل صهيون ) زفي سنواته الأخيرة يقول أن يد الإرادة الإلهية والنبوءات المقدسة تقوده في جهوده وأنه بسمع أصواتا ويبصر رؤى يستلمها من الله تحثه للمضي قدما وذلك في رسالته للعرش الاسباني التي أصبحت وثيقة رسمية للبرنامج الأيديولوجي للأوروبيين في حملاتهم الاستعمارية والاستكشافية والتبشيرية فيقول ( ان غزو العالم وهداية البشرية الى المسيحية واستعادة الأراضي المقدسة والاعداد لإنشاء مملكة الاله على جبل صهيون في موقع الهيكل )                               وكان يوقع باسمه بصياغة مميزة وهي (كريستوفرنز )وفي في اللاتينية تعني حامل المسيح وان اسمه لم يكن محض صدفة وانما وفق ما رسمه الله تعالى له اذ أن كولومبس تعني اليمامة أي أنها ترمز لطير يحمل المسيح على جناحيه فاعتبر حياته كلها انما هي رحلة تبشيرية الى العالم كله كما أن أنشطته التبشيرية التي مارسها في حياته قبل الحركة الإصلاحية الدينية بقيادة مارتن لوثر أي قبل نشوء الكنائس البروتستانتية المتطرفة وهو من أوائل المبشرين بالتفسير الحرفي للكتاب المقدس ولاسيما النصوص المتعلقة بالأراضي المقدسة فقد كان متطرفاً مهووساً بتفسير حرفي النصوص ويقول عنه ابنه فرديناند ( كان متشددا متطرفا في حماسه الديني لدرجة تجعلك تظنه منتمياً الى حركة أو مذهب ديني متطرف)                                                                                                                                                إن احتلال الأوروبيين للأندلس وإخراج المسلمين منها واجبار من بقي على اعتناق المسيحية كان حافزا على حماس ديني أوروبي تبشيري جديد يحقق طموحات كولومبس التبشيرية التي تفوق طموحاته في جمع الثروة والشهرة وتحقيق مشروعه العظيم وقد أطلق كولومبس على رحلته الأولى الى الهند السنة العجيبة ورأى في توحيد اسبانية وطرد المسلمين منها وطرد اليهود من أوروبا الى الأراضي التي وعدهم الله بها وانتخاب البابا الجديد من اسبانيا واعتلاء العرش ملك وملكة مؤمنين أعتقد أن ذلك آيات تدل على فتح أبواب الشرق أمام أوروبا ولعله من الغريب أن الباحثين والمؤرخين لم يتطرقوا بعمق الى هذه الحوافز والأهداف الدينية في نشاطات كولومبس الا في العقود الأخيرة وأن كتابه الوحيد ( كتاب الرؤيا) لم يترجم للإنجليزية الا منذ سنوات قليلة.

الفصل الثاني

التراث اليهودي- المسيحي الأرضية التاريخية

كان من النتائج الهامة لحركة لوثر الإصلاحية البروتستانتية القرن 16 إعادة صياغة العقيدة المسيحية في أوروبا وكان لذلك أثره في دعم وتطوير التراث اليهودي -المسيحي في العالم الغربي ( علماً أن مارتن لوثر نفسه كان يعبر عن كراهية اليهود والخوف منهم)                                                                                                                         بعد انفصال الكنيسة البروتستانتية عن الكنيسة تم ترجمة الكتاب المقدس للغات السيارة في أوروبا المسيحية بعهديه القديم والجديد ثم ظهرت عدة مذاهب فرعية من البروتستانتية مثل الكالفينية والأنغليكانية وتسمى في أمريكا الايبسكوبانية وكلها تعتبر العهد القديم جزءاً أساسيا من الكتاب المقدس وازدهرت في أمريكا وأرادت تطهير الكنيسة الإنجليزية من بقايا الكاثوليكية وتمثل الكالفينية أقصى اليمين من البروتستانتية وقد حفزت الثورة البروتستانتية الأسئلة عن مكانة اليهود في أوروبا وتحويل الرابطة بين اليهودية والمسيحية أمر لا جدال فيه فحصلوا على الاحترام والدعم الهائل غير المشروط من المسيحية الغربية لدورهم الكبير في سيناريو النزول الثاني فحصلوا على فلسطين باعتبارها أرض الميعاد لضمان تحقيق عودة المسيح الوشيكة

وعند احتدام الجدال بين مختلف الأحزاب السياسية في أوروبا من جمهوريين وديمقراطيين وارستقراطيين وملكيين لجأ كل من هذه الطراف الى تشريعات موسى والعهد القديم لإيجاد حجج تدعم موقعه وقد أدت التطورات الى تغيير جذري في المنظور المسيحي لليهود واليهودية واثبات دورهم الرئيسي في خطة الله للبشرية والكون

الفصل الثالث

المسيحية الغربية

الجدال حول تهويد المسيحية

المسيحية الغربية هي عامل تأثير كبير في تشكيل موقف الغرب وبخاصة أمريكا من القدس والأراضي المقدسة ومن ثم النزاع العربي – الإسرائيلي إن المسيحية الغربية هي مؤسسة غربية المنشأ والتطور ثم تشويه المسيحية وتحريفها عبر القرون لتستجيب لطرف وأطماع الغرب المستقبلية وأصحابها يتبنون نظرية الحتمية التاريخية على أسس من القدرية الايمانية المستندة الى عقيدة التدبير الإلهي وجعل الشعب المختار وأرض الميعاد أساساً لها او يضعون النزاع العربي- الإسرائيلي في مركز النبوءات المقدسة في خطة الله للكون وقد أدى استخدام المسيحيين الغربيين المتطرفين للنصوص المقدسة أنها نبوءات ستتحقق حرفيا الى كثير من الآلام والمآسي للعرب لاسيما حسب بعض المفكرين الغرب ان المسؤولية عن القيم التي تنسب الى الله هي نتيجة التفسير السياسي للكتاب المقدس من قبل رجال الدين والكتاب بالذات وهذا التفسير ليس مسيحيا ولا يهوديا ولكنه أصبح كذلك في مسارات التاريخ وقد بلغ التطرف في ربط النبوءات المقدسة بالأحداث السياسية الراهنة في الشرق الأوسط وفي رسم أحداث نهاية الزمان درجة جعلت حتى المؤمنين بهذه النبوءات يحذرون من العواقب الخطيرة ولاسيما التركيز على القدس كنقطة أساسية في التوقعات الألفية ورغبة اليهود في هدم قبة الصخرة وإعادة بناء الهيكل مكانها سيكون أكثر خطورة في النتائج السياسية مما يعتقد معظم الناس وعندما يرتبط التفكير الألفي بالتصور الأمريكي الذاتي كالقدس الجديدة ينظر المتطرفون الأمريكيون الى دورهم من منظور مشوه وتزداد الخطورة حينما يرقى الى السلطة الأمريكية مجموعة من المتطرفين المؤمنين بهذا الفكر لاسيما أن أمريكا أصبحت القوة الوحيدة في العالم

الباب الثاني

أمريكا والتراث اليهودي- المسيحي

الفصل الأول

التراث اليهودي – المسيحي في أمريكا

في 25/1/2001 أقيم حفل تنصيب الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن وفي اليوم التالي أقيم قداس في الكاتدرائية الوطنية وصلاة بهذه المناسبة وهذا أمر ذو دلالة واضحة على دور الدين في الحياة الأمريكية ولهذا الحفل أهمية كبيرة لأنه حدث بمناسبة استلام إدارة يمينية سياسية ورئيسا زمام الأمور وتولى فرانكلين غراهام إلقاء موعظة فيها خيث أكد في الموعظة أن أعداء إسرائيل هم أعداء الله وأن أبناء إسرائيل هم أبناء الله وقال أعتقد أن الله اليوم سيبارك رئيس جمهوريتنا ونائبه إذا نحن سلمنا بأمر الله وأطعناه وكان ختام الحفل تلاوة بالعبرية للمزمار 23 من مزامير داوود.

الفصل الثاني

وطن أعطيه لشعبي

الحجاج الطهور يون في العالم الجديد:

إن لمعتقدات الطهورين وأسلوب حياتهم تأثير قوي ومستمر في الفكر الأمريكي الديني والدنيوي والتاريخ الأمريكي عامة وهو واضح ف تطور نظام الحكم الأمريكي وفي السلوك والعادات الاجتماعية والفردية ومختلف الحركات الدينية وفي المدارس والمذاهب الأمريكية الحديثة والتي تتمتع بشعبية كبيرة وتأثير قوي في الفكر والسياسة الأمريكية ويحدد موقفهم من الآخرين عادة والمسلمين والعرب خاصة والتطورات الدينية والسياسية والاجتماعية للشعب الأمريكي منذ أولى المستوطنات الدينية في النصف الشمالي من القارة ساهمت في تكوين الفترة الأولى من الفكر الديني والتراث اليهودي- المسيحي كما ساهمت بتشكيل صورة العرب والمسلمين وعالمهم في الفكر الأمريكي وتشمل هذه المفاهيم:1- الاعتقاد أن أمريكا موجودة في خطة الله لأهداف محددة منذ بداية الخلق -2- الاعتقاد بأن البروتستانتيين هم شعب الله اختارهم لتخليص العالم من الفساد وانشاء مملكة الله على الأرض وهم يشبهون أنفسهم بقبائل إسرائيل في هروبها من مصر الى أرض كنعان-3- الاعتقاد بالعلاقة التعاهدية مع الله وأنهم شركاء في تنفيذ مهمة حددها لهم في العالم -4- الاعتقاد أن مهمتهم عادلة وهي تنوير الأمم وانقاذها من الجهالة والظلام -5- الاعتقاد بأن الشراكة التعاهدية جعلت الشعب الأمريكي الظهوري مجتمعا دينيا وأفراد الكنيسة هم مواطنو مملكة الله المرتقبة                                                                                إن هذه المعتقدات لها تأثير قوي على سلوك الأمريكيين العملي بكل أطيافهم أفراداً أم شخصيات قيادية وهذا يفسر التصرفات في القيادة الأمريكية تجاه الإسلام والمسلمين خاصة

الحجاج والخطة الإلهية:

الخطة الإلهية هي مركز معتقدات المجتمع الظهوري الأول الذي استوطن أجزاء أمريكا الشمالية أوائل القرن 17 ولازال هذا المفهوم يسيطر على تفكير المجتمعات المسيحية المتطرفة في أمريكا اليوم وقد أصدر الإله أوامره الى المؤمنين من شعبه من الأمة الإنكليزية أن يهجروا متاع الدنيا الهانئ ويعبروا المحيط الى صحراء خطرة لحمل مسؤوليتهم لتنفيذ خطة الله ) وفي سياق الصراع بين المستوطنين وسكان البلاد الأصليين ( الهنود الحمر) يرى المستوطنون المسيحيون تدخل العناية الإلهية لنصرتهم بتدمير الهنود الحمر كما دمر الله المصريين أعداء شعبه المختار وقد لعب ذلك التشبيه دوراً هاماً في حياة المجتمع الأمريكي الأول

عهد الله مع شعبه المختار:

لم يكن أمام المستوطنين وهم يبدؤون حياتهم الجديدة المفعمة بالصعاب سوى خيار العهد الذي ورد في الوثائق الدستورية للمستوطنات الطهورية الأولى في العالم الجديد وهذه العلاقة حملت الأمريكيين مسؤولية نشر الكتاب المقدس بين الأمم وأن راية تطهير جميع الأمم قد رفعت للالتفاف حولها

الفصل الثالث

رؤيا صهيون

الأسطورة الأمريكية (المدينة على الجبل)

إن من أولى مكونات أمريكا الثقافية هو مفهوم رؤيا صهيون والذي ظهر في الكتابات والشعر الأمريكي وبقي عاملاً هاماً في تفكير الأمريكيين وسلوكهم عبر القرون وتصور أمريكا على أنها( المدينة على الجبل ) ومنارة الحضارة والأمان للعالم ومنها ما كتبه هيرمان ميل يفل ( كما تخلصت إسرائيل من خطايا المصريين وعبوديتهم وأعطاهم الله عهداً خاصا بها تحررت من تراث أسيادها وفتحت لها أبواب جديدة تحت الشمس ونحن الأمريكيون والشعب الخاص المختار _ نحن الأمريكيين_ إسرائيل هذا العصر نحن مشاعل الحرية للعالم أجمع ف لسبعين سنة مضت هربنا من العبودية والى جانب حقنا الطبيعي الذي أعطانا إياه الرب وهو قارة قاحلة من الكرة الأرضية فقد فتحنا مساحات واسعة من مناطق الجاهليين السياسيين الذين لاشك سيفدون علينا في المستقبل لينعموا بالأمان سفينتنا دون أن يرفع أحد سيفاً في وجه الآخر لقد قدّر الله أموراً ذات شأن عظيم لعرقنا نحن رواد هذا العالم وإن البشرية تتطلع لما كتبه الله لعرقنا أن يمنحها ولاشك أن المسيح السياسي قد نزل فينا) وثمة أمثلة كثيرة تعبر عن تمثل هذه الأسطورة الأمريكية ( رؤيا صهيون ) وكانت مسيرتها كما يلي :

إسرائيل الأمريكية:

منذ 1636م وصى الزعيم الديني كوثرن في قانونه ( أن لا يشارك بالترشيح أو الانتخابات إلا المؤمنون حقاً بالرب ( يسوع المسيح) حسب تعبيره وأوصاهم بنظام ثيوقراطي أقرب ما يمكن لمجد إسرائيل الشعب ( المميز عند الله) واعتبر مستوطنو العالم الأوائل أنفسهم عبادا ليهوه بحكمهم مبادئ قانون موسى وتحولهم من إنسان إنكليزي الى طهوري متطرف والشواهد كثيرة على ذلك وتحديد مهمتهم في تنفيذ مشيئة الله بتأسيس مملكته وتجلى ذلك في الخطاب السياسي الأمريكي والخطاب الأدبي والديني واعتمدوا الترميز الكتابي في استعمال قصص بني إسرائيل في تأبين القادة وهناك من اعتقد أن نيو مكسيكو ستكون المدينة على الجبل وفترة الثورة والاستقلال كان الثوار يصفون أنفسهم بشعب إسرائيل والمستعمرين الإنجليز بشعب مصر وفرعون

أمريكا المستقلة ومملكة الله:

توجهت الكتابات الأدبية والدينية لاعتبار القادة مخلصو الوطن ودعامة الحرية وأمل البشرية كالتي تم توجيهها الى جورج واشنطن وتمثيله ب يوشع وكتبت العديد من الملائم في ذلك أثناء حرب الاستقلال وتجسيد رؤيا كولومبس ومشروعه العظيم كل هذا كان يبين ترسخ فكرة صهيون في الثقافة الأمريكية ومقارنة انتصاراتهم بانتصارات الإسرائيليين وقد اعتبروا أنهم الشعب المختار وهذا يفسر تعاملهم مع السكان الأصليين كما أن اتباع كنيسة المورون كانوا يعتقدون أن سكان أمريكا الأصليين هم بقايا القبائل الإسرائيلية وفي القرن 19 شهدت أمريكا عدة أحداث وحركات دينية جعلت فكرة المدينة على الجبل -إسرائيل الأمريكية – تتحول جغرافيا بالتدريج لتصبح المدينة على الجبل في فلسطين وفي القدس خصوصا وثمة أسباب عديدة لهذا التحول في رؤيا صهيون من موقعها الرمزي في أمريكا في العالم الجديد الى الأراضي المقدسة في العالم القديم وـهم العوامل: 1- إنشاء علاقات مع العالم الإسلامي والعربي واكتشاف الأراضي المقدسة الجغرافية في القرنين 18 و 19 -2- الحركات والمذاهب الدينية الحماسية من صحوة دينية يمينية الى مذاهب المورمون و الميل ريين و المجيئين السبتيين وغيرها -3- أفكار الألفية والحماس التبشيري وضرورة استعادة القدس من المسلمين

الأفكار الألفية واهتمام أمريكا بالشرق:

لازالت الأفكار الألفية للأمريكيين منذ تأسيس مجتمعهم في العالم الجديد لاسيما في القرن 19 وبالفعل إن كتابات الأمريكيين تحمل الكثير من الإشارات الى آيات الساعة وهذه الأفكار ليست جديدة وانما تتجدد بين كل فترة وفترة وقد أضاف القس جورج بوش ملحقا بعنوان المؤمنون المجيبون لكتاب القاموس الديني يصفهم فيها أنهم جماعة من المسيحيين لهم صلاة بجميع المذاهب التبشيرية اليمينية في الولايات المتحدة ويشتقون اسمهم من مجيء السيد المسيح عليه السلام لقد كانت الصلة لهذه الفئات الألفية بالموقف الأمريكي من الشرق الأوسط والأراضي المقدسة خصوصاً عي نتيجة موقفهم الخاص من الشعب اليهودي الذي يحتل عندهم مكانة مركزية في المملكة الثانية وكان جمعهم من الشتات شرطاً أساسياً للمجيء الثاني

مذهب المورمون:

إن قصص إسرائيل استخدمت رمزاً للأمة الفتية في التاريخ الأمريكي وتلعب دوراً مهماً في الحياة الدينية اليومية وتم إنشاء كنيسة في النصف الأول من القرن19 تطورت بغموض وباضطهاد الكنائس والسلطات آناك ثم ارتفع عدد أتباعها بشكل كبير في النصف الثاني من القرن 19 ومذهبهم حسب كتاب المورمون هو خليط غريب من العهد القديم والأساطير الشعبية والمعتقدات المعاصرة وهم يكرسون أنفسهم لتحقيق النبوءات ويلتزمون بالتفسير الحرفي للنبوءات الكتابية ويعتبرون الأراضي المقدسة – خاصة جبل صهيون المطل على القدس- الموقع الجغرافي لحدث المجيء لحدث المجيء الثاني وهناك مجموعات قليلة تقول أن موقع المجيء الثاني في الولايات المتحدة الأمريكية وبجميع الأحوال أخذت الولايات المتحدة مكانة مرموقة باعتبارها إسرائيل الله والعمل على استعادة القدس .

آيات الساعة والعالم الإسلامي:

رأى الأليفون علامات الساعة في الظواهر الطبيعية والأحداث السياسية الدولية خاصة المتصلة بالعالم الإسلامي واعتبروا وضع الإمبراطورية العثمانية يتحدث عن قرب المجيء الثاني ويتحدثون عن موعد تقربي للقدوم العظيم ويتضمن تقدم وتطور مملكة الله كل الأحداث في تاريخ الإسلام واعتبار الإسلام ضار للمسيحية والعالم الإسلامي وهو جزء من خطة الاله تمهيدا للقدوم الثاني

المستوطنون الأمريكيون في الأراضي المقدسة:

حفزت حركات الحماس الديني في أريكا معظم اليمينيين وحتى المعتدلين لإعداد للنزول الى مملكة الله في الأراضي المقدسة فغادرت جماعات أمريكية في القرن 19 الى الأراضي المقدسة لإنشاء مستوطنات هناك بانتظار القدوم الثاني للمسيح وانطلقت أنشطة كثيرة مبنية على القراءة الحرفية للكتاب المقدس ونبوءاته وأملا بالخلاص من عبء الخطايا ويذكر الكاتب أمثلة حية هن الهجرات الى الأراضي المقدسة وأقوالهم في ذلك

على خطى بني إسرائيل:

مع النصف الثاني من القرن 19 أصبح التحول في رؤيا صهيون الأمريكية من الجغرافية الرمزية الى الجغرافيا الواقعية واضحاً ومستمراً وبدأت الهجرات المسيحية في التزايد ويتضح من سلوكهم في الشرق العربي أنهم يسعون نحو نبوءات الكتاب المقدس والسير على خطى بني إسرائيل في الشرق العربي

مكانة اليهود في رؤيا صهيون:

بعد التحول في رؤيا صهيون الأمريكية نتيجة الاتصال المباشر في القرن 19 بالأراضي المقدسة الجغرافية واحتفاظ أمريكا بدورها الحاسم في تحقيق هذه المملكة وكان الاتصال المباشر بأرض الميعاد عاملاً على تحول رؤيا صهيون من الجغرافيا الرمزية الى الجغرافية المقدسة ومن أمريكا ( المدينة على الجيل ) الى القدس الجديدة على جبل صهيون الى القدس الجديدة على جبل صهيون وبذلك أصبح الشعب اليهودي عنصراً هاماً في هذه الرؤيا لأنه كما يرون هو صاحب الحق في هذه الأرض التي احتلها المحمديون وفي أوائل القرن 19 نشأت جمعيات ومنظمات أمريكية تدعو الى هداية اليهود الى المسيحية كمرحلة في خطة إعادتهم الى أرض الميعاد ( جمعية بوسطن النسائية لنشر المسيحية بين اليهود) ومع الوقت لم يعد هداية اليهود شرطا ضروريا عند اليمين المتطرف للعودة الى أرض الميعاد وانشاء مملكة الله على الأرض تمهيدا للقدوم الثاني للمسيح وبدأت الجمعيات تعمل على اصلاح أوضاع اليهود في الأراضي المقدسة فكان موقف الأمريكيين اليهود موقف دعم وتعاطف مع محنتهم وحالة الشتات التي يعانون منها في ـحاء كثيرة من العالم وموقف التزام بقضيتهم و نصرتهم إذ أن الحج على خطى إسرائيل في المسيحية البروتستانتية وغيرها من المذاهب هو مسؤولية المسيحي في العمل على التمهيد للقدوم الثاني للمسيح وانشاء مملكة الله على جبل صهيون المطل على القدس وذلك واضح في كتابات كل الحجاج المبشرين الى فلسطين

القدس مدينة الله العظيم:

أصبح في القرن 19 مركز اهتمام الأمريكيين في الشرق العربي في سياق المملكة الألفية هو مدينة القدس وموقع الهيكل الذي سيحكم منه المسيح (أمير السلام) العالم. وأصبحت القدس اسماً عزيزا على كل قلب وإن إعادة اليهود من الشتات وإعادة انشاء الأمة اليهودية هي حدث عظيم بالنسبة للإنسان المسيحي الأمريكي المؤمن الذي يرى يد الله في تاريخ نسل إبراهيم يجب أن تأتي نتيجة تعاون وتنسيق بين كل القوى المسيحية في العالم وضرورة تأسيس الأبرشية اليهودية في القدس هو ضرورة سياسية أكثر منها دينية فهي متصلة بإعادة انشاء الكومونويلث اليهودي في فلسطين تحت رعاية إنجلترا وروسيا وبناء عليه تم وضع الشرق الأوسط على المائدة السياسية الدولية الاستعمارية وتقاسمه وفق مخططات استعمارية سياسية طمعا في النفوذ الاقتصادي والسياسي واستنادا الى المرجعيات المسيحية الدينية

الفصل الرابع

الشعار الوطني للولايات المتحدة الأمريكية

ان الشعار الوطني للولايات المتحدة الذي يزين الوثائق الرسمية الاتحادية وغيرها من الرموز تحتل مكانة هامة في التاريخ الفكري الشعبي في اميركا ثم تبنيه في 20/6 /1782 في جلسة الكونغرس الأميركي وقصة وضعه وتبنيه لها اتصال مباشر بموضع التراث اليهودي-المسيحي فهي انعكاس لأكثر الرموز الامريكية بلاغة فهي تعبير عن تراث موروث من الماضي الأوروبي مطبوع بطابع امريكي خاص وتعبر هذه الرموز والآمال والتطلعات المستقبلية التي ساعدت الأمريكيين على الانتصار على المستعمرين الإنكليز.

إن هذا الشعار هو اعلان مبادئ بالنسبة لأمريكا ورسالتها الى العالم وهو دليل للدرب واختزال للزمن وضعته لجنة شعار الدولة 1776 المنبثقة عن المجلس الاتحادي وقد ضمت توماس جيفرسون وبنيامين فرانكلين وجون ادمز وكانوا قادة حرب الاستقلال والفكر الأمريكي المبكر وقد اصبح ادمز وجيفرسون رئيسي الجمهورية الثاني والثالث بعد جورج واشنطن وقد كان الشعار المبدئي يحمل صورة النبي موسى عليه السلام بيده العصا على البحر الأحمر وفرعون في البحر المنشق على عربة مكشوفة وعمود من النار اثناء ليل يمثل إرادة الله وتحت الشعار عبارة (الثورة على الطغاة هي طاعة لله) ثم تم تشكيل لجنتين ثانية وثالثة واعتمد الشعار النهائي بخلاصة المقترحات للجان الثلاث 1782 الوجه الأول نسر ابيض الرأس اصلع يرمز لقول الرب لبني إسرائيل: (لقد شاهدتم ما فعلته بالمصريين وكيف حملتكم على جناحي النسر وأحضرتكم الي (سفر الخروج 19:4-6) واعتبروا دوما تفسير النسر للناخبين الأمريكيين (النسر يمثل هروب الكنيسة الى الأرض اليباب على جناحي نسر) وهو يشبه هروب بني إسرائيل الى ارض كنعان على جناحي نسر ويرتدي النسر ترسا عليه 13 خطا عموديا باللونين الأبيض والاحمر تحت وشاح ازرق ويحمل في احدى رجليه غصن زيتون وبالرجل الأخرى حزمة من 13 سهما ويمسك بمنقاره شريطا عليه عبارة (من التعدد وحده) حيث 13 تمثل عدد الولايات التي تشكلت منها الولايات المتحدة الامريكية عند الاستقلال فوق النسر قرص شمس محاط بالغيوم وداخله 13 نجمة تشكل نجمة داوود وتمثل النجوم القادة الثلاثة عشر الذين وضعوا وثائق الدستور وإعلان حقوق الانسان وإعلان الاستقلال وأرسوا فكرة فصب الكنيسة عن الدولة فيما عرف فيما بعد بالتوجه العلماني في الولايات المتحدة الامريكية وهذا لا يعني فصل الدين عن الدولة لان هؤلاء القادة استعملوا الرموز الدينية في اقوالهم وتصرفاتهم لاسيما رموز قصص بني إسرائيل وارض الميعاد والدين عامل مركزي في اذهان مؤسسي الدولة ولازال عاملا مؤثرا في التصرفات وتفكير الكثير من الأمريكيين اليومية والسياسية

الوجه الثاني: يمثل قمة هرم غير مكتمل توجد عين ضمن مثلث من وراء الغيوم تحيط بها الشمس وفوق العين عبارة (الله يرعى عملنا) وتحت قاعدة الهرم الرقم 1776 عام الاستقلال 1776 وتحته عبارة النظام العالمي الجديد .

الفصل الخامس

نجمة الشرق000 ونجمة الغرب

الولايات المتحدة الامريكية نور الكون

إن أكثر المبادئ وضوحا وأثرا في الخطاب في فترة الاستقلال وتفكيرها هو الاعتقاد بأن استقلال أمريكا كان نتيجة مباشرة للطبيعة التعاهدية مع الله في النظام الأمريكي الجديد وانه فريد على مر العصور

إسرائيل الله:

هذه الأمة الفتية أبناؤها أبناء الدولة المثالية وإن مؤسسيها كانوا أدوات بيد العناية الإلهية. لقد كانت الدولة الأمريكية بنظر الأدباء والمفكرين دولة مباركة تجسد رؤيا كولومبس والشعب الأمريكي هو إسرائيل الله

من تصميم القدرة الإلهية لحكم وحماية واستعمار ومباركة البشرية:

اعتقد الأمريكيون المواطنون في الدولة الفتية أن العناية الإلهية تحيطهم وأوصلتهم الى وضعهم الممتاز ويؤرخون أعمال رجال الدين خلال الثورة والاستقلال الى تحقيق خطة الإله في التجربة الأمريكية أما ثورات دول العالم فهي ثورات قامت بفعل عوامل دنيوية مبنية على الجهل والمصالح الخاصة وقد لازم هذا الاعتقاد بضرورة الدين في النظام السياسي في التجربة الأمريكية الفكر السياسي حتى العصر الحديث وهذا جلي في خطب رؤساء الجمهورية بمناسبات تسلمهم منصبهم وقد كان هناك تذكير مستمر بضرورة الجمع بين الدين والسياسة في تجربتهم الوطنية الى أن اقتنع الأصوليون المسيحيون في النصف الأول من القرن التاسع عشر بأن دولتهم المثالية هي الموقع الذي ستنزل فيه مملكة الله لاسيما أن فكرة العلاقة التعاهدية مع الله كانت منذ تأسيس أريكا والهجرة المبكرة إليها

التجربة الأمريكية ومؤهلات أمريكا:

طوال تاريخ أمريكا نجد الكتابات والدلائل على الاعتقاد بتفرد التجربة الأمريكية وأن الاختيار الإلهي لموقع أريكا الجغرافي وسط قارات العالم يسمح للأمريكيين بالانتشار بسرعة وتبليغ رسالتهم ويظهر هذا منذ وثيقتي الإعلان عن الاستقلال والدستور في فيلاديلفيا وأن مأسسة مملكة المسيح رافقت التاريخ الأمريكي وان الأمريكيين إسرائيل الله

الفصل السادس

العبيد في أمريكا واسطورة أرض الميعاد

إن قصة اختطاف ملايين الأفارقة واستعبادهم فيما يعرف بالعالم الحديث هي أكثر الأحداث مأساوية في العالم والتاريخ فقد اقتاد الأوروبيون منذ اكتشاف العالم الجديد ملايين الأفارقة بالأغلال للعمل عبيدا لأسياد بيض في نظام استعباد لم تعرف البشرية بقسوته من قبل منذ تأسيس المستوطنات الأولى والنظر الى نظام العبودية أنه أمر طبيعي مسلم به عند الطهورين وقد لاقي الكثير من الأفارقة حتفهم خلال رحلتهم عبر الأطلسي الى أمريكا بسبب الظروف الصعبة غير الصحية في جوف السفن وهنا نذكر قصة الرحلة الوسطى الشهيرة التي ألقى فيها بحارة السفينة الانجليز حمولة السفينة من الأفارقة وعددهم 130 في عرض البحر لكي يحصل تجار العبيد على أموال التأمين دون تكليف أنفسهم عناء الإبحار لأمريكا لبيع الأفريقيين وبالنظر لهذا نجد التناقض بين مؤسسة العبودية الأمريكية وبين كل المبادئ والقيم التي نادى القادة السياسيون والدينيون والمفكرون الأمريكيون منذ تأسيس المستوطنات وقد استمرت هذه المؤسسة وازدهرت لمدة 3 قرون وكان نظام العبودية جزءا لا يتجزأ عن الحياة الأمريكية الأمر الذي يناقض كل الزهو والافتخار بالتجربة الأمريكية لأن هذه التجربة التي ادعت الحرية ارتكبت خيانة كبرى ضد الأفريقيين و سلبتهم أبسط حقوقهم وبقيت النزعة العرقية عاملا ثابتا في التاريخ الأمريكي الى الآن تمثلت في سلب الأفريقيين الذين تم بيعهم في أمريكا حقوقهم وثقافتهم وهويتهم وحياتهم العائلية والدينية واجبارهم على تبني   هوية وثقافة الأمريكيين بشكل كامل فغدا الأفريقي ملقا بين ثقافتين لا يستطيع ممارسة أي منهما بصورة كاملة وتم تثقيفهم بثقافة أن العبودية خلاص لهم من الجهالة والخطيئة وإقناعهم بأن الخلاص والرحمة هو وصول الشعب المختار الى أرض الميعاد وعندما اعتنق الأفريقيون المسيحية حرروا في الخطاب في الكنيسة الزنجية الدين مما كان أسيادهم البيض قد دنسوه بحرمانهم من الحرية وأصبح الإرث الثقافي الأفريقي في أمريكا مبنيا وفق خطط البيض وثقافتهم ومفهوم الحرية لد الأفريقيين هو ضمن الحدود التي رسمها الرجل الأبيض

الباب الثالث

الدين في أمريكا

الفصل الأول التراث اليهودي- المسيحي و11 أيلول

ظهر تأثير الثقافة اليهودية – المسيحية في الأنشطة العامة التي شاركت فيها قطاعات كثيرة متن الأمة الأمريكية وقد انتقل التعبير عن الأفكار والمعتقدات الى العلاقات و السياسة الخارجية فبعد احداث 11 أيلول 2001م أقيمت في الكاتدرائية الوطنية في واشنطن احتفالية ضمت الرئيس بوش وكلينتون وكارتر وقال الرئيس بوش مخاطبا الحشد:( أن مسؤوليتنا تجاه التاريخ أصبحت واضحة جداً: أن نرد على هذه الهجمات ونخلص العالم من الشر) وقد علق الصحفيون على ذلك (كان الرئيس يطرح مهمته ومهمة الأمة كلها ضمن الإطار العام لرؤيا خطة الله الكبرى للكون) وفي ختام الحفل أنشد الجميع ترتيلة معركة الجمهورية ( عيناي رأت مجيء الأب بجلاله ) وأن هذا كله مشتق من التراث الكتابي اليهودي المسيحي الذي ينبئ بنهاية الزمان ودور المؤمنين المخلصين في أحداث هذه النهاية وقد ازداد هذا التراث في القرن 19 والقرن 20 وظهر في الحركات الدينية المتطرفة ومازال يزداد الى الآن

الفصل الثاني

دور الدين في أمريكا

احتل الدين مكانة رئيسية في الحياة اليومية للأمة الأمريكية بكل طبقاتها واتجاهاتها على مر القرون وقد ساهم الدين في كثير من أوجه الحياة .وكانت مظاهره واضحة في سلوك الأمريكيين ساسة وأفراد عاديين في الحربين العالميتين والحرب الكورية وحرب فيتنام لكن اثر الدين كان أكثر ما يكون وضوحا في الأحداث التي سبقت أنشاء دولة إسرائيل وحسب مفكرين أمريكيين يعرضهم المؤلف:(اليمين المسيحي الأمريكي يتمتع بسلطة كبيرة على الشعب الأمريكي ويتضح لمن يدرس الحياة الدينية في أمريكا الشمالية أن البروتستانتية في أمريكا تختلف اختلافا عميقا عن البروتستانتية الأوروبية وكان المذهب البروتستانتي في بدايته تطورا فريدا عن البروتستانتية الأوروبية وخاصة فيما يتعلق بالمعتقدات القدرية وعلاقة أمريكا بالتدبير الإلهي وخطة الكون وقد عمل الدين ممن بداية المجتمع الأمريكي عمل كرباط ساعد على توحيد ذلك المجتمع والتغلب على النزعات الانفصالية والمصالح الإقليمية كما أن العامل الديني وحد أهداف زعماء الثورة الأمريكية وحرب الاستقلال وجعل هؤلاء يعتمدون عبارات ورموزا كتابية للشعار الوطني الأمريكي وهو العامل الذي أدخل في وثيقتي الاستقلال والدستور ويظهر دور العامل الديني خلال الحرب الأهلية الأمريكية في خطاب الرئيس أبرهام لينكولن في ميدان المعركة حين قال:(هذه الأمة في طاعة الله سوف تولد من جديد في جو من الحرية) ثم أصبحت هذه العبارة في القرن العشرين جزءا نشيد قسم الولاء الأمريكي وهذا ما وحد نظرة الأمريكيين متعددي الجنسيات والأقاليم تجاه مجتمعهم . أنهم يحملون ثقافة أنهم جميعا قد دعوا الى مهمة مقدسة منحهم الله إياها ضمن خطته للكون                    

-الدستور الأمريكي (وتعديلاته) يمنع اعتماد الدولة دينا معينا ويمنع تداخل صلاحيات وممارسات الكنيسة والدولة وهذا يجعل طلاب التاريخ الأمريكي يعتقدون أن أمريكا هي أمة علمانية بحتة لا يؤثر فيها الدين في سياسة الحكومة ولا تتدخل فيها الحكومة بالشؤون الدينية .كما أن تعدد المذاهب والكنائس في أمريكا إضافة الى وجود اعداد كبيرة من المسيحيين والملحدين واللا دينيين وغيرهم يجعل من الصعب التحدث عن دين أمريكي بالتحديد ولكن مع ذلك اتفق كثير من المؤرخين والمفكرين الأمريكيين على وجود ما سموه بالدين المدني الذي يجمع معظم الأمريكيين ضمن مظلة معتقدات واحدة لا تنتمي لي مذهب أو كنيسة بعينها ويبقى مفهوم(الله) في موقع مركزي في هذا الدين وهكذا فإن رؤساء الجمهورية الأمريكيين منذ واشنطن الى جورج بوش الابن حرصوا أن تشمل خطبهم وتصريحاتهم على هذا المفهوم رغم الاختلاف بالاسم الذي يستعملونه

-إن مفهوم الدين المدني يتصف بأهمية كبيرة لكل من يريد التعمق في دراسة أثر المعتقدات الدينية الأمريكية في الصورة النمطية الذاتية التي يحملها الأمريكيون وفي الصورة النمطية للآخرين – بصورة خاصة العرب والمسلمين وفي المعتقدات الألفية التي تضع أمريكا في موقع مركزي في تحقيق خطة الله والتلاقي بين بعض مقولات هذا الدين والسياسة الأمريكية في مختلف المراحل ومنذ القرن التاسع عشر قال المفكرون الأمريكيون:( دين الكنائس الأمريكية هو مؤسسة سياسية تساهم بقوة في الحفاظ على مفهوم الجمهورية الديمقراطية في صفوف الأمريكيين على اختلافها)

ولقد ساعد على نشاط الدين المدني في أمريكا في حقل السياسة والمجال الاجتماعي والأخلاقي وكان من السمات التي اتصف بها الفكر الأمريكي منذ البداية أنه رغم استقلال الدين المدني عن الدين الروحاني فهما مع ذلك مرتبطان بعلاقات هامة كما اعتقد الأمريكيون أن ذلك يقع ضمن التدبير الإلهي للبشرية وقد كان من أسس هذا الدين المدني نماذج كتابية إسرائيلية مثل رموز الخروج والشعب المختار وأرض الميعاد والقدس الجديدة وملوك إسرائيل وغيرها من الرموز الألفية المتعلقة بآخر الزمان

إن ظهور الدين المدني ورموزه الكتابية أثناء الثورة والاستقلال   تطوره والعمل على تطويع هذا الدين لأهداف الأفكار السياسية و ‘دخاله في إطار التاريخ السياسي وبهذا أصبحت قضية الحرية الأمريكية هي قضية الله وقد صاحب الفكر الألفي أمر هام آخر هو تأسيس الدولة الحديثة بأن تتركز في وضع أمريكا كمنارة للحرية والديمقراطية يهتدي بها العالم أجمع الى مملكة المسيح الألفية السياسية. كان هدف الطهورين دينيا واصبح هدف أمريكا المستقلة نشر مبادئ الحرية والديمقراطية في العالم وقررت الأمة في القرن 19 أن "نجمة الشرق" قد أفلت بعد أداء مهمتها وأن دور " نجمة الغرب " قد حان لنشر نور الحرية في العالم هذه الأمة صارت نجمتها الغربية تعكس نور شمس عبرية تطورت معتقداتها لكي تصبح مذهبا جديدا يطلق عليه الأمريكيون اسم التراث اليهودي- المسيحي مع أنه في الحقيقة هو التمسك بالدين وتنفيذ الكتابات في العهد القديم والعمل لتحقيق وتعجيل القدوم الثاني وهذا ما نجده في خطاب جورج واشنطن عند استلامه رئاسة الجمهورية حين قال" لقد قررت السماء نفسها أن الحفاظ على نور الحرية المقدسة ونموذج الحكومة الجمهوري هو قدر الشعب الأمريكي الذي ائتمنه الله عليه هذا هو شعوري وشعوركم وشعور الشعب كله" وفي العقود الأخيرة صرّح الرؤساء منذ ايزنهاور الى الآن بدور الدين في حياتهم وحياة الأمة وباعتقادهم هذه كلها صفات وفضائل خص الله بها أمريكا دون غيرها من الأمم وهذا هو مصدر الاعتقاد بمكانة أمريكا الخاصة في خطة الاله

ويتبين لدارس التاريخ الأمريكي أن الدين المدني الذي يحمل النظرة الذاتية ( الشعب المختار) والشعور الذاتي بالفضيلة والتفوق في صور حديثة كثيرة قد تم الاستنجاد به في كثير من الحالات الخطيرة في تاريخ أمريكا منذ بداية الاستيطان وابادة السكان الأصليين الى استعباد الأفريقيين في أمريكا الى استعمال مفهوم " القدر البيّن" بالتوسع الاستيطاني الغربي وضم أراضي المناطق الغربية حربا وسلما ضمن المشاريع التبشيرية في حقل ( التغيير والهداية ) والأمريكيون الآن يستعملون هذه المبادئ وريطها بمفاهيم التدبير الإلهي والقدر البيّن وإسرائيل الأمريكية لاستمرار ذلك التفكير الذاتي لا بد من وجود خصم ( الشيوعية أحيانا . المعسكر الشرقي أ الشرق أحيانا أخرى ثم يصبح الخصم هو امبراطورية الشر أو محور الشر وتتحول بالمقابل أمريكا لوحده ومن يتبعها هم لتكون جيش الخير ومملكة الله

الفصل الثالث

الدين في الحياة السياسية

حدث تحول كبير في العلاقة بين المؤسسات والمنظمات الدينية وبين الدولة في العقود الأربعة الأخيرة من القرن 20 من ناحية الفصل التام بين الدين والدولة ولكن الأمر لم يتم وتحولت الكنائس أشبه بمراكز حملات للمرشحين الانتخابية وخاصة رئاسة الجمهورية وأصبحت استشارة رجال الدين من قبل الرؤساء أمرا عاديا على الساحة الأمريكية وأصبح من المقبول أن يصرّح المرشحون بانتمائهم المذهبي وأن يستغلوا الانتماء للحصول على الأصوات الانتخابية وأصبح اليمين المتطرف نتيجة لذلك قوة سياسية يطلب وده الساعين للمناصب السياسية وتمارس الكنائس وقادتها تأثيرا في أصوات الناخبين حيث يستهدف الجمهوريون المجتمع الديني الجنوبي الأبيض ويستهدف الديمقراطيون الكنائس السود بصورة خاصة وكانت كنائس البيض والسود تتحول الى مراكز تسجيل الأصوات لضمان اعطاء الأصوات للمرشحين وقد صرّحت بذلك وسائل الاعلام الأمريكية مرارا واعتبرت الامر مقبولا

الدين والسياسة وإسرائيل:

كان انتماء الأقلية اليهودية في أمريكا للحزب الديمقراطي بصورة عامة وكانت أصواتهم تعطى للديمقراطيين حتى 1984م حيث دعموا بأصواتهم ريغان الديني المتطرف في دعمه المطلق لليهود وعند قراءة سريعة للبرامج الانتخابي لكل من الحزبين نتعرف مدى التزام كل منهما العلني بالمحافظة على سلامة إسرائيل وتحقيق أهدافها في الشرق الأوسط والحزب الديمقراطي متفوق في ذلك على الجمهوري وهذا الدعم يحدث بمباركة اليمين المسيحي التامة ونخص هنا بعض الأنشطة التي ينفذها المرشحون بزيارة المنظمات اليهودية وأخذ الوعود بالدعم مقابل دعم إسرائيل دعما مطلقا مثل منظمة " بناي بريث" اليهودية والقاء الكلمات في مؤتمرها السنوي بدعم إسرائيل والوقوف أمام العلم اليهودي فيها بكل فخر وهذا كله يفسر المواقف المناصرة لإسرائيل وعلى سبيل الذكر

جورج بوش الابن:

ان ثقافته يمينية متطرفة ومن أقواله: إن أمن إسرائيل من مصلحة أمريكا الحيوية ولابد من الحفاظ عليها                  

بيل كلينتون:

ينتمي للحزب الديمقراطي واشتهر بسياسته الخارجية التي تطالب الشعب الفلسطيني بوقف " الأعمال الإرهابية" ويتمن المظاهرات الشعبية بالمقابل في يوغسلافية ويصف الشعب اليوغسلافي بالحر البطل لأنه يريد استعادة ووطنه في حين أنه خطب أمام الكنيست الإسرائيلي بعد توقيع اتفاقية وادي عربة مشيدا بدور إسرائيل في عملية السلام والجدير بالذكر أن كلينتون كلما وقع في فضيحة أخلاقية لجأ الى مظاهر دينية والتفاخر بمدى دعمه لإسرائيل

جورج بوش الأب:

كان على علاقة وثيقة مع القس بيلي غراهام رئيس مؤتمر المعمدانيين الجنوبي وكان دعمه من قبل القس الأصولي المسيحي المتطرف جيري فالويل هو العامل الرئيسي الذي مكنه من الحصول على ترشيح الحزب له وعشية بدء الحرب على العراق دعا أصدقائه من رجال الدين الأصوليين وطلب النصح فبارك القساوسة تلك الحرب (يروي ذلك باكيا)

جيمي كارتر:

هو معمداني جنوبي وعضو سابق في مجلس أمناء مؤتمر المعمدانيين الجنوبي وكان يذكر دوما أنه مسيحي مولود من جديد وقد دعمته كنائس البيض والسود الجنوبية والمتطرفون من اليمين المسيحي بصورة خاصة ولكنه تميز بنزعة إنسانية وقيم أخلاقية جعلته ينتقد بشدة العنف الإسرائيلي والقوانين الامريكية الجديدة " ضد الإرهاب"

رونالد ريغان:

رجل مسيحي يميني تشغله دوما معركة "مجيدو" ونهاية الزمان وعندما حذت الاحتياج الإسرائيلي للبنان غي عهده 1982م قال ببساطة" ربما كانت هذه معركة مجيدو " فقدم اليمين المتطرف دعمه لريغان دون حدود وقد دعم ريغان البرامج والمبادئ المسيحية علناً مثل إقامة الصلاة في المدارس الحكومية خلافا للدستور وفصل الدين والدولة

ليندن جونسون:

كان أحد العوامل الرئيسية للدعم الكبير الذي قدمه جونسون لإسرائيل هو الاعتقاد المسيحي المتطرف بمكانة اليهود في خطة الله وتدبيره للكون والبشرية وقد عبر عن هذا الاعتقاد مرارا

هاري ترومان:

برزت جهوده 1947م في إنشاء دولة إسرائيل فقد مارست إدارته ضغوطا كبيرة على دول العالم للتصويت الى جانب قرار التقسيم ما أكسبه شعبية كبيرة في المجتمع الأمريكي وقد وصفه الصحفيون مرارا أنه أفضل من عمل على إدارة البيت الأبيض ولأن لولاه لما وجدت إسرائيل

-في 1997م زار ال غور إسرائيل للاحتفال معهم بتحقيق نبوءة الألفية وقال عبارته الشهيرة" انصح العري ألا يلتفتوا الى الماضي وأن يتطلعوا الى المستقبل"

- أثناء الهجمات الإسرائيلية الوحشية على المدن الفلسطينية وهدم مخيم جنين وقتل مئات الفلسطينيين سارع جورج بوش الى ادانة العنف الفلسطيني ووصف أرييل شارون برجل السلام والكثير من الأمثلة التي تدعم إسرائيل لأسباب عقدية

الإدارة السياسية الحديثة والتطرف الديني:

قال جيمي كارتر في مقالة له تجاه الحرب في العراق:" كمسيحي ورئيس جمهورية سابق أعتقد أن حرب أمريكا على العراق ليست عادلة وهذا رأي معظم القادة الدينيين في كل أنحاء العالم فيما عدا بعض المتحدثين باسم مؤتمر المعمدانيين الجنوبي الذين يعتقدون بخيال إسرائيل وبعقائد الأيام الأخيرة" ورأى الكثير من المحللون الأمريكيون أن بوش في حربه على العراق يعمل على تنفيذ خطة الله لذا فإن سياسته العاتية في الشرق الأوسط لم تعتبر أي دور للأمم المتحدة وأي من دول العالم واعتبر بوش نفيه مكلفاً بمهمة من الله وها يلخص الحالة الأمريكية الراهنة والقوة السياسية التي يسيطر عليها عناصر مارقة تتميز بالقوة واليوم تقف أمريكا- القيم على مفاهيم الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان – على رأس جيش الخير في مواجهة محور الشر وقوى الإرهاب بقيادة الشيطان نفسه " كما يعتقدون وستتحمل أمريكا مسؤوليتها تحاه الله ومهامها حتى لو كانت الأكثرية الساحقة في العالم لا تدرك مقاصد الله

الفصل الرابع

اليمين المسيحي:

رغم أن اليمين المسيحي ظهر بشكل ملحوظ على مسرح الأحداث منذ القرن العشرين تقريبا إلا أن جذوره كانت موجودة من بدايات المجتمع الاستيطاني الأول وتنوعت الكنائس مع الوقت المنفصلة عن الكاثوليكية وحتى البروتستانتية وفي العقد الثاني من القرن 20 ظهرت موجات النشاط الديني اليميني في أمريكا ووصفوا أنفسهم بالأصوليين لأنهم يعودون الى أصول الدين واعتبروا ذلك ردة فعل على الليبيرالية التي تظهر في البروتستانتية المعتدلة والتي اعتبروها تشويها للدين الصحيح عند الأصوليين وتميزوا ب:

1- رفض النظريات العلمية الحديثة مثل نظرية النشوء والدارونية وفكرة كروية الأرض

2- رفض الحركات العمالية والطلابية ووصفهم بالخطر الأحمر وجيوش الشر المتأثرة بالشيطان .

3- دعم حدث إنشاء إسرائيل في فلسطين رسميا وشعبيا ودعم سياستها التوسعية منذ ذلك الوقت الى الآن.

4- تصنيف العرب والمسلمين بأنهم حلف الشيطان وجيوش الشر لأنهم يعادون إسرائيل التي هي شعب الله المختار.

وتتلخص المبادئ الأساسية التي يؤمن بها اليمين المسيحي كما يلي:

1- عصمة الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد  

2- القراءة الحرفية للكتاب المقدس ودقة النبوءات المقدسة بكل تفاصيلها                                                     3- تحقيق جميع النبوءات على الأرض                                                                                                          4- حتمية الصراع بين قوى الخير ( جيش المسيح) وقوى الشر ( جيش الشيطان) وانتصار الخير في معركة مجيدو.

5- اعطى الله اسم إسرائيل لشعبه المختار وللأراضي في الكتاب المقدس التي أعطاها الله لهذا الشعب أن إسرائيل السياسية هي إسرائيل الكتاب المقدس دون أدنى شك ووجودها تحقيق لخطة الله للكون.

6- مبدأ العهد المزدوج وينص أن اليهود يتمتعون بعلاقة خاصة مع الله نتيجة العهد الذي أعطاه الله لإبراهيم ولا يحتاجون المسيح مخلصا لهم بل سيدخلون مملكة الله بفضل علاقتهم بإبراهيم وداوود وموسى ووصف مؤرخو المسيحية ذلك ب (الصهيونية المسيحية)، وهم المسيحيون الذين يدعمون عودة اليهود الى أرض الميعاد دون قيد أو شرط وتأسيس إسرائيل

ويرفض الدعاة اليمينيون فكرة السلام لأنها تتطلب تنازل إسرائيل عن حقها بأرضها ولأن برنامج السلام يتعارض مع خطة الله   التي تدعو الى العد التنازلي نحو الكوارث والحروب الكونية ويتم مناقشة ذلك في الاجتماعات الدينية والتي يحضرها قادة الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ والنواب وينشرون ثقافة التعاطف مع الشعب الفلسطيني إلا أن مقاصد الله لابد أن تتحقق وقد يسبب ذلك أحياناً الألم والمعاناة وهكذا خرج اليهود ومناصريهم بفكرة قدسية اليهود وأثر هذه القدسية على مصير الإنسانية .

اليمين المسيحي ودعم إسرائيل:

منذ تأسست دولة إسرائيل السياسية في الأراضي المقدسة وعلى الأخص بعد احتلال إسرائيل القدس الشرقية دخل اليمين المسيحي المتطرف حلبة السياسة الخارجية ومارس ضغطا مستمرا على الإدارات الأمريكية المتعاقبة لدعم الدولة اليهودية ومخططاتها وجميع المتنافسين من مرشحين متفقون على دعم إسرائيل المطلق ودما قضية إسرائيل هي قضية أمريكا وبالإضافة الى اعتقادهم بأن لأمريكا مصالح حيوية واستراتيجية في دعم إسرائيل يؤمنون بأن إسرائيل جزء أساسي من خطة الله للكون وأن أمريكا موكلة بمهمة مقدسة لدعم إسرائيل وتحقيق نبوءات آخر الزمان

اليمين المسيحي والإسلام:

ان العداء العنيف للإسلام يميز اليمين المسيحي المتطرف والهجمات المحمومة على الإسلام والمسلمين من الحروب الصليبية الى الحملات الاستكشافية في القرن 16 الى استيطان العالم الجديد ثم حملات التبشير في العالم الإسلامي ودعم إسرائيل اللامحدود في كل من هذه النشاطات يصرحون أن هدفهم القضاء على الإسلام وجذور هذا العداء مغروسة في مركز العقيدة القدرية التبشيرية التي تؤمن بها جماعات اليمين المسيحي المتطرف وتعمل بموجبها وهو جزء هام من أجزاء تحقيق خطة الله للكون فقد خلق الله الإسلام حسب ما تعتقد هذه الجماعات في هذا العالم ليكون عاملا حاسما في تنفيذ خطته وتطورها نحو غايتها

والقضاء على الإسلام في عقيدة الألفيين الساعين الى نهاية الزمان هو خطوة لا بد منها لتحقيق هدفهم الأسمى وهو التعجيل بالمجيء الثاني ودخول مملكة المسيح الأرضية .من أجل ذلك كان لا بد لهذه الفئات اليمينية من وضع الإسلام والمسلمين في جيش الشيطان كما عمدت هذه الفئات الى ربط الإسلام والمسلمين بالإرهاب والأسلوب المفضل لدى هذه الفئات في هجومها على الإسلام هو اتهام الإسلام بأنه يعيق تطور الحضارة ويبقى أتباعه في جهل وتأخر دائمين

الفصل الخامس

بعض قادة اليمين المسيحي في أمريكا والتراث اليهودي- المسيحي

هناك عدد من الزعماء الدينيين اليمينيين الأمريكيين الذين يتمتعون بشعبية كبيرة والذين أمضوا عقودا كثيرة وهم يروجون للنبوءات المقدسة ضمن التراث اليهودي-المسيحي وقد لجؤوا الى وسائل متنوعة للتأثير في الرأي الغام وفي السياسة الأمريكية الداخلية والخارجية بهدف رئيسي واحد وهو ضمان الدعن التام لإسرائيل وخططها المستقبلية في المنطقة العربية ويروجون لخطة الله للكون ويعملون على تحقيقها ويشنون حملة عنيفة على الإسلام والمسلمين بهدف تشويه الإسلام وتقديمه للجمهور على أنه عدو لله وحليف الشيطان ومن ثم إعطاء شرعية دينية لشن حرب على المسلمين وهم يتمتعون بالمهارة الكبيرة والواعية في استخدام وسائل الاعلام كما أن هؤلاء القادة الدينيون ترأسون منظمات ومؤسسات دينية وثقافية وسياسية واجتماعية ويتصرفون بثروات وموارد مالية لا حدود لها وجميع هؤلاء القادة الدينيين يمتلكون أو يتحكمون بمحطات إذاعية وتلفازية ودور نشر ومواقع الكترونية على الشبكة العالمية

جيري فالويل:

القس جيري فالويل يراس امبراطورية أصولية تكاد تكون بثروتها ونفو1ها من أكبر الإمبراطوريات الفردية سيطرة وقوة في العالم و آراؤه واقواله تشهر عداء صارخا للعرب والإسلام إضافة الى الدعم اللامحدود الذي يعطيه لإسرائيل ونفوذه العقائدي في أوساط المسيحيين اليمينيين في أمريكا وتشمل العقيدة الأصولية التي يؤمن بها فالويل ثلاثة عناصر رئيسية يشترك بها معظم الدعاة والوعاظ الأصوليون والايفانجليين في أمريكا، وهي:                                                           1- الدعم اللامحدود لإسرائيل والايمان الراسخ بأنها تحقيق للنبوءات المقدسة                                                          2- التركيز بصورة رئيسية على العهد القديم من الكتاب المقدس وبصورة خاصة على قصص بني إسرائيل وعهد الله لإبراهيم                                                                                                                                  3- العداء السافر للإسلام والمسلمين وكراهية حاقدة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم .

هذه الأفكار تتلاقى وتترابط لتصبح جزءا من التفكير اليهودي- المسيحي في أمريكا فقد صرّح مرارا أن النبي العربي محمد هو إرهابي بل هو زعيم الإرهابيين وأنه يعتقد أن المسلمين في أكثريتهم طيبين ولا يتبعون تعليمات محمد وعمل بجد على ربط الإرهاب بالإسلام في أذهان العامة بصورة تلقائية ولاشعورية وله كتاب في معتقداته وتوجهاته الفكرية بعنوان فالويل واليهود ويعمل بجد على مساواة يهو\ اليوم وإسرائيل -الدولة السياسية- بيهود وإسرائيل العهد القديم ومنذ سنوات شاهدت القس فالويل يلقي موعظة على قناة تلفازية أمريكية قومية فقال:" إن كل من يشير بأصبعه -مجرد إشارة- الى اليهودي فكأنما يضع إصبعه في عين الله لأن اليهودي هو بؤبؤ عين الله " نستغفر الله تعالى عما يصفون وهنا يقصد العرب والمسلمين كما يفاخر فالويل بجهوده وجهود منظماته لدعم إسرائيل وبجهوده وجهود الدعاة أمثاله أصبح في أمريكا بإحصائية من سنوات قريبة70 مليون مسيحي ايفانحيلي أصولي وبما أن إسرائيل شعب الله المختار فإن فالويل يخرج للناس بنتيجتين :1- الشيطان يكره إسرائيل لأن الشيطان عدو الله .

-2- لا نستطيع أن نحكم على إسرائيل وتصرفاتها بمعايير بشرية وأن نخضعها لأحكام أخلاقية يخضع لها سائر البشر   وهكذا فعند الحديث عن المجازر التي ترتكبها إسرائيل لا يجد فالويل ما يأخذه عليها .لأن كل ما تفعله إسرائيل هو مشتق من مشيئة الله وأرادته و لا يمكن أن نحكم عليها بمعايير بشرية ( نستغفر الله تعالى مما يصفون) .                                              وعندما يتطرق فالويل الى الصراع العربي-الإسرائيلي يصر على أنه ليس هناك في سلوك الحكومات الإسرائيلية -العمالية أو الليكود بقيادة بيغن – ما يجعل المرء يعتقد بأن إسرائيل تتصرف بعدم مسؤولية وكل حروبها كانت بحكم الضرورة .المر الذي يجب أن تتذكره دوما عند الحديث عن الصراع العربي الإسرائيلي هو دوما أن العرب قالوا بأنهم مصممون على تحطيم اليهود وليس العكس وهو يكرر في كل مناسبة اعتقاده الراسخ بأن إسرائيل هي خط الدفاع الأول لأمريكا في الشرق الأوسط أما فيما يتعلق بالأراضي المقدسة فالواضح أن أهميتها لا تأتي من أنها نهد المسيح فقط بل الأهم من ذلك هو وعد الله لليهود بهذه الأرض وهو يعتقد أن شعب إسرائيل لا يملك حقا دينيا فقط في هذه الأرض بل يملك حقا قانونيا وتاريخيا ويضيف فالويل إلى ذلك أن أنه تاريخيا كانت إسرائيل بقيادة موسى تضم الضفة الشرقية من الأردن التي تحكمها الآن المملكة الهاشمية وحتى لو وافقت إسرائيل عن التخلي عن بعض أراضيها لجيرانها فأنا لا أوافق على هذه السياسة ولاشك لدي أبدا أن يهودا والسامرة يجب أن يكون جزءا يجب أن تكونا جزءا من إسرائيل كما اعتقد أن مرتفعات الجولان يجب أن تكون جزءا لا يتجزأ من دولة إسرائيل وهو يراسل الرؤساء الأمريكيين يشكل دائم ويوضح الأسباب الموجبة لدعم إسرائيل بقوله:" أن كل من يؤمن ايمانا صحيحا بالكتاب المقدس يرى المسيحية وإسرائيل متصلين بعروة لا انفصام لها" ويصرح بقوة:" أن دولة إسرائيل على صغرها تبقى مركز التاريخ وكل الأنظار تتجه نحوها .لا تستطيع أي قوة بما في ذلك الاتحاد السوفييتي أو مليار عربي منع شعب إسرائيل من استعادة أرضه وميراثه

أما فيم يتعلق بالروابط التي تجمع أمريكا وإسرائيل فإن فالويل يكرر الأفكار والمعتقدات التي آمن بها الأمريكيون الأوائل و ملخصها أن الله منذ بداية الخليقة قدّر لأمريكا أن تلعب دورا مركزيا في تنفيذ خطته للبشرية                                     والغرب(العالم الحر) أخذ اتجاهه الديمقراطي السياسي من الكتاب المقدس اليهودي لذلك فإسرائيل والولايات المتحدة تلتزمان بمبادئ الحرية والعدالة و المحافظة على القيم الديمقراطية فإسرائيل هي بالتأكيد جزء من العالم الحر .في المستقبل يجب علينا أن ندعو الى ( لائحة حقوق يهودية مسيحية)؛ لأنني أعتقد أن هذه الأمة (أمريكا) نشأت على أسس الخلاق اليهودية-المسيحية.

ويتحدث عن الأمة العربية-الإسلامية فيقول مراراً: لا أرى كيف يمكننا أن نشترك بمصير واحد مع أمم تحاول عمليا أن تسيطر على شعوب أخرى وتتبع عقائد تشجع على التوسع الجغرافي باسم الدين

أما بالنسبة لمسألة اللاجئين الفلسطينيين فهو يقول بشكل عام ليس هناك مشكلة لاجئين فلسطينيين وهذا اختراع الحكومات العربية اذ كان يجب على العالم العربي امتصاص اللاجئين الفلسطينيين منذ مدة طويلة لكن العرب لا يسمحون للاجئين أن ينتموا الى الدول التي يعيشون فيها ولا يمكن أن نلوم إسرائيل لأنها لم تبدأ هذه المشكلة بل العرب هم الذيم شنوا هذه الحروب واقتلعوا أبناء جلدتهم من فلسطين وعليهم الآن أن يوجدوا وطنا لهم داخل حدودهم والأهم من ذلك على الفلسطينيين الموجودين في أرض إسرائيل أن يرحلوا عنها .                                                                                 وفوق كل شيء يقول فالويل : إن الأيديولوجية الإسلامية من حيث الأساس سوف تبقي الدول العربية في صدام مع الغرب .ولهذا لا يمكن أن يكون هناك تعايش مسيحي – إسلامي مثل التعايش المسيحي – اليهودي

بيلي غراهام:

هو أكثر القادة المسيحيين اليمينين شعبية وتأثيرا على الاطلاق فهو يتزعم منظمة " مؤتمر المعمدانيين الجنوبي " الذي يضم في عضويته ما يقارب 16 مليون شخص وقد عمل غراهام منذ عهد ايزنهاور مستشارا دينيا وعرّابا غير رسمي للبيت الأبيض وصلى في جميع الرؤساء والقادة السياسيين في رئاسة الجمهورية منذ ذلك الوقت وهو الأب الروحي لجورج بوش الابن وإن ابنه فرانكلين هو صديق جورج بوش الابن المقرّب ويتمتع غراهام بشخصية أخلاقية و ايمان وتقوى لا حدود لهما ويدعو الى الفضائل والقيم الأخلاقية والدينية باستمرار وهو في مصاف عشرة الأشخاص الأكثر شعبية في العالم أكثر من مرة وقد تم منحه أوسمة وميداليات من الكونغرس الأمريكي ورئاسة الجمهورية ومنظمات دينية وإعلامية ومؤسسات علمية كثيرة كما أن منظمة "بناي بريث" المناهضة للاسامية و"المؤتمر المسيحي -اليهودي الوطني" كرمه أكثر من مرة وبعد تأسيس دولة إسرائيل بسنوات أصدر فيلما وثائقيا سمّاه" أرض الله" يعرض فيه مشاهد من فلسطين كلها أخذت من الطائرة ويرافق ذلك صوت غراهام وهو يسرد قصص تلك الأرض التوراتية وعلاقتها بإسرائيل الدولة السياسية كما أن غراهام يمنح راحة لضمير المسيحيين الذين قد تكون مأساة الملايين من الفلسطينيين قد أزعجتهم بتفسير ديني يعتمد على النبوءات المقدسة التي قدّرها الله بل تحقيق لما يجب أن يسعى له كل مؤمن بكلام الله ويركز دوما على فكرة الملكية الجغرافية التي تعتمد على صك الهي مقدس يتجاوز مبادئ الجغرافية السياسية وحقوق الملكية الوطنية الى ما هو أسمى من ذلك بكثير-وعد الله بأرض الميعاد للشعب المختار- وقد أصدر كتابا وفيلما عام 1984م بعنوان " الطريق الى معركة مجيدو" بيت قوى الخير وقوى الشر (أعداء إسرائيل ) في الشرق الأوسط ويرى أن اليهود بما في ذلك إسرائيل وشعب إسرائيل ليسوا بحاجة الى قبول المسيح مخلصا أو حتى الايمان ب عيس وغراهام وغيره من الأصوليين واليمنيين يقولون أن اليهود حصلوا على الخلاص قبل المسيح وبفضل العهد الذي أعطاه الله لهم.

وفي رد على تساؤل الرئيس نيكسون عن أن معظم الذين يتعاملون بتجارة ترويج الجنس هم من اليهود ؟ سارع غراهام الى الاعتذار والتأكيد على الغلاقة الخاصة التي تربط اليهود بالله كما أكد أنه لم يفكر أبدا بأن شعباً اختاره الله قد يرتكب عملا لا أخلاقيا " ونضيف أن صانعي القرار السياسي يؤمنون بحكمته ويسعون وراء نصائحه  

بات روبرتسون:

هو زعيم ديني يميني له شهرة كبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية وفي الخارج وهو أيضاً رجل أعمال وسياسي نشيط يتربع على رأس مؤسسة دينية ومالية كبيرة. ويعمل بنشاط في حقل الدعوة والتبشير على مستوى العالم منذ أكثر من خمسين عاما وقد أنشأ عدة مؤسسات إعلامية أكبرها " الشبكة التلفازية -الإذاعة المسيحية" وهي أكبر المؤسسات التبشيرية كما أنشا جامعة دينية اسمها " جامعة ريجنت" تقدم المساعدات إنسانية في أنحاء العالم وهو أكثر القادة اليمينيين تأثيرا في السياسة العامة والسياسة الخارجية خاصة انفق روبرتسون 1985م 50مليون دولار معظمها صرف للفئة الانفصالية في جنوب لبنان ولإسرائيل ويدعي أنه يبني الجسور بين جميع المسيحيين وهو يؤمن بمذهب " المجسدين للروح القدس" الذي يقول باستطاعة بعض البشر أن يحصلوا على موهبة وقدرة الروح القدس ( نستغفر الله) وذلك كله بوحي مباشر من الله كما يكرر في معظم مواعظه أنه " صهيوني مسيحي" وأن ايمانه بمملكة إسرائيل القادمة حسب النبوءات هو ايمان راسخ وقوي بل صرّح بأن ولاءه لإسرائيل حاء قبل ولائه لأمريكا نفسها وهو الذي طرح نفسه مرشحا عن الحزب الجمهوري لرئاسة الجمهورية 1988كما يدعم إسرائيل دعما لا محدودا ويزورها بشكل مستمر ويقول دوماً أن إسرائيل هي تحقيق للنبوءات المقدسة وأن هذه الدولة السياسية "هي التي ستمجد " في مملكة الألف علم القادمة وقد رافق الجيش الإسرائيلي في غزو لبنان 1982م وقال تلك الحرب هي تحقيق لإرادة الله مستشهدا ببعض النصوص             كما قاد مسيرات ضخمة لدعم دولة إسرائيل وأكّد حق إسرائيل التاريخي الذي لا نقاش فيه بالسيطرة التامة على القدس وعلى الأراضي المحيطة بدولة إسرائيل فيقول" كانت هذه الأرض ذات أهمية قبل أن يسمع أحد بمحمد أو جماعته .يوجد الملايين منا .نحن الأمريكيين الأصوليين وسنقف في صف إسرائيل بغض النظر عما ستقرره الأمم المتحدة" ك ما قال "إن أي اقتراح بإنشاء دولة فلسطينية -التي وافق عليها الرئيس بوش- سيكون مرفوضا من قبل الائتلاف المسيحي لأنه تحديا للقدر الذي قرره الكتاب المقدس حيث سيحكمها اليهود وحدهم " ويدّعي بأن الشيطان يتحدث غليه في ساعات تأمله ويحاول أن يغويه كما كان يحاول أن يغوي المسيح و روبرتسون يلجأ الى الكذب الفاضح بأن المسلمين يقتلون ملايين المسيحيين في المذابح التي يرتكبونها في أنحاء العالم

جون هاجي:

داعية ديني مسيحي متظرف ومن زعماء الأصوليين في أمريكا وقد اكتسب شعبية كبيرة لدى الملايين من المسيحيين المتطرفين في أمريكا بفضل برنامج تلفازي يومي يلقي فيه موعظة دينية وبفضل كنيسته "الدين العالمي" التي يتزعمها كان من نتيجة دعم هاجي اللامحدود لإسرائيل وسياساتها ولما يسميه بحقوق اليهود أن منحته منظمات يهودية جوائز عديدة والقاباً فخرية تقديراً لجهوده من أجل إسرائيل ولاشك أن كل فضائح جون هاجي الشخصية من مالية واخلاقية تغتفر له لأنه يرسل الأموال لإسرائيل ويقدم لها دعما لا حدود له وهو من اكثر الناس سخاء في مساعدته المادية لإسرائيل فهو يحث أتباعه المسيحيين المتطرفين على التبرع لإسرائيل لأن هذا التبرع هو جزء لا يتجزأ من الايمان ثم طلع هاجي وعدد من الوعاظ في الآونة الأخيرة بمفهوم جديد لفكرة (الخلاص) المسيحية خلاصته أن اليهود يتمتعون فعلاً بعلاقة خاصة مع الله نتيجة العهد الذي أعطاهم إياه وهم بذلك قد حصلوا مسبقا على (الخلاص) والرحمة ولو لم يؤمنوا بالمسيح ويصدقوا به وقد حصلوا على الخلاص بفضل صلتهم بإبراهيم و(عهد) الله معه .                                                        إن هذا القول بوجود عهدين مع الله واحد لمن يتبع المسيح ويؤمن به وواحد مع اليهود يسمى عند المسيحيين المتطرفين العهد المزدوج                                                                                                                           وكتب هاجي في كتابه ( المعركة من أجل القدس) : أن الصراع العنيف عليها هو جزء من مخطط الله للبشرية ويشغل منصب المدير التنفيذي لمنظمة ( شبكة تلفاز الايفانجليين العالمية ) ويستمر في نشاطه التبشيري بنبوءات قيام الساعة ويشرح ضمن كتابه (الكتاب المقدس حول الأيام الأخيرة) الصلة الوثيقة بين الإرهاب في أمريكا والصراع من أجل القدس ويؤكد أن جميع المسيحيين يجب أن يهتموا بالمعركة القائمة حاليا بين إسرائيل والعرب حتى النهاية تنفيذاً لنبوءات الكتاب المقدس

تيم لاهاي:

هو من أوائل من اهتموا بالتفسير الحرفي للكتاب المقدس والنبوءات في 1985م كان رئيساً لمنظمة( الائتلاف الأمريكي من أجل القيم التقليدية ) كما كان من المقربين من الرئيس رونالد ريغن كما أنشأت زوجته بيفرلي لاهاي منظمة ( النساء القلقات في أمريكا) وهي أكبر منظمة نسائية نشيطة في مجال السياسة وفي الدفاع عن قيم الأسرة في أمريكا وقد رفعت دعوى على جامعة ولاية نورث كارولينا بسبب تكليف طلبتها بقراءة كتاب عن القرآن وقد ألف لاهاي وزوجته عشر كتب للدفاع عن إسرائيل وموقعها المركزي في خطة الله للكون                                                  

هال ليندزي:

هو أكثر العاملين في مجال تجارة النبوءات وآخر الزمان إثارة وشهرة في التاريخ المعاصر أصدر كتابه( كوكب الأرض العظيم المنقرض ) الذي يبين فيه علامات واضحة في الطريق الى آخر الزمان مثل تأسيس دولة إسرائيل 1948م و(استعادة9 مدينة القدس عاصمة لها 1967م ويسرد قصة النبوءات في ضوء تحالف روسيا مع العرب أعداء إسرائيل واهتمام العراق بإعادة بناء بابل ويتبا بالأحداث المستقبلية وأهمها أعادة بناء الهيكل في القدس وهجوم روسيا وحلفائها على إسرائيل من الشمال ثم حدوث معركة (مجيدو) وهو يدعى الى للتحدث أمام المخططين العسكريين الأمريكيين في كلية الحرب الجوية وفي البنتاغون كما دعي للتحدث للقادة والزعماء المتطرفين دينيا في دولة جامايكا إضافة الى علاقته الوثيقة بإسرائيل ودعمه لها دعما تاما ومازال رجلا نشيطا في مجال الدعوة الى تحقيق النبوءات حتى الآن وقد أضاف صوته مع القادة اليمينين المتطرفين في الهجوم الشرس على الإسلام والمسلمين

الباب الرابع

أمريكا وتوقعات آخر الزمان

الفصل الأول

الأفكار والتوقعات الألفية

هناك الملايين من الأمريكيين الذين يعتقدون بصورة جازمة أن المسيح الدجال سيظهر عما قريب ويهيئ الكون للمعركة الأخيرة وإن (الحمى الألفية) زادت نتيجة لظروف معاصرة لها علاقة بالشؤون السياسية أو الدينية أو الاقتصادية لكن أكثر الأمور أهمية هو وضع اليهود في مركزها                                                                                         إن الأشخاص الثلاثة الذين كان لهم الأثر الأكبر في الاتجاه الذي اتخذته الأفكار الألفية في رواجها خاصة في أمريكا هم

  • ويليم بلاك ستون: نشر اشهر كتبه ( المسيح آت) وكان بلاك ستون أول شخص في العصر الحديث يقول بعدم التبشير بين اليهود أو هدايتهم لأنهم سوف يأتون الة مملكة المسيح تلقائيا وقد حصلوا على الخلاص بواسطة عهد الله لإبراهيم وقد دعا السياسيين ورؤساء الجمهورية الأمريكية للمباشرة بجهود دولية لإنشاء دولة يهودية في فلسطين وقد منحه اليهود المتطرفون فيما بعد لقب ( أبو الصهيونية)
  • سايروس سكوفيلد: كان يعتقد بالأفكار الألفية والمجيء الثاني للمسيح في المستقبل القريب وتأسيس مملكة إسرائيل في أرض الميعاد تمهيداً لمجيء المملكة الألفية
  • جون نيلسون درابي: هو أكثر الناس تأثيراً في الترويج للحركات النبوئية الحديثة خاصة فيما يتعلق بمفهوم إعادة تأسيس إسرائيل ودعوة الشعب اليهودي الى أرض الميعاد وقد أسس حركة(اخوان بليموث) الشعبية وأصر على أن (الكنيسة) لم تحل محل إسرائيل في خطة الله للكون بل دعا الى المبدأ التدبيري القائل بأن الشعب اليهودي الحديث هو إسرائيل الكتاب المقدس وموضوع نبوءاته وأصر على أن القدس هي مدينة داوود حيث يجب أن تقام مملكة داوود                                                                                              

وهكذا فإن الحركات الشعبية التي قادها هؤلاء الشخاص الثلاثة وأتباعهم روّجت لهذه الأفكار في العصر الحديث وجعلت من قراءة الكتاب المقدس الحرفية أمراً لا مفر منه ثم عندما احتلت إسرائيل القدس القديمة انتشرت بين أوساط اليمين المسيحي وتوقعات نهاية الزمان بشكل لم يسبق له مثيل

وتعتمد الأفكار الألفية على الايمان بالعقيدة التدبيرية والتي تقوم على أساس بأن تعامل الله مع الكون مبني على تعامل الله مع إسرائيل بموجب العهود التي أعطاها لإبراهيم وموسى وداوود فإسرائيل تتمتع بمكانة شعب الله المختار وفي التدبير الإلهي سيعود المسيح ليحكم العالم على عرش داوود ملك إسرائيل والمسيح بالنسبة لبعض الايفانجليين هو ابن داوود ووريث عرشه

الفصل الثاني

النبوءات الألفية

الرواج والشعبية

مع اقتراب نهاية الألفية الثانية اجتاحت أمريكا موجة من التوقعات والنبوءات التي تشير الى اقتراب نهاية العالم ونزول مملكة الله وجاءت أساليب الاعلام والنشر الحديثة فاستفاد منها اليمين المسيحي فائدة كبيرة وسخرها للوصول الى الملايين من القرّاء والمشاهدين والمستمعين وكان من أهم الأحداث العالمية على الإطلاق التي استعملها المشتغلون في تجارة آخر الزمان وهو تأسيس دولة إسرائيل ثم تاريخ هذه الدولة السياسية المليء بالنزعات العقائدية والدموية ولكي ندرك مدى انتشار الألفية في صفوف الأمريكيين خاصة اليمينيين منهم .لا بأس من استعراض بعض العمليات استطلاع الرأي التي أجرتها مؤسسات مرموقة متخصصة بدراسة الرأي العام ففي نيسان 1993م تمت دراسة لشبكة CNN أظهرت أن : 20% من الأمريكيين يعتقدون أن المجيء الثاني سيحدث بحلول عام 2000م وغيرها من الدراسات أظهرت أن نسبة كبيرة من الأمريكيين اليمينيين مهتمون جداً بأمور آخر الزمان وكان لتأسيس دولة إسرائيل وحروبها ضد العرب والمسلمين وتوسعها فيما يعرف بأرض الميعاد أثر كبير في قبول الكثير من المسيحيين الأمريكيين للقراءة الحرفية لنبوءات المقدسة وقاد التطرف في تحديد مواعيد معينة لهذا الحدث الكثيرين ممن يؤمنون بالألفية يخشون من أن هذه الظاهرة قد تفقد النبوءات مصداقيتها لسببين: 1- أن التوقعات والتخمينات حول آخر الزمان تحط من قدر الرسالة الأبدية للكتاب المقدس وتجد الكنيسة نفسها مضطرة للتحديد من اضرارها بشكل مستمر كلما أخفقت واحدة من هذه النبوءات           2- تسبب هذه الظاهرة إرباكاً للمؤمنين الأبرياء الذين يعملون جاهدين لأت يكونوا من أتباع المسيح المخلصين وتضلل الأتقياء عن طريق الصواب )

إن تصور أمريكا كعامل مركزي في الأسطورة الألفية كان وما يزال تصوراً شائعاً في صفوف الأمريكيين وخاصة المسيحيين اليمينيين منهم ووفق مختصين:" إن الأمريكيين يميلون ل دراسة التاريخ الأمريكي وكأن أمريكا هي المكان الوحيد في العالم ويقول آخرون" أن عوامل هامة ساعدت على ترسيخ هذه الأفكار الألفية .أنه توجد من الناحية التاريخية عوامل عديدة لهذه العلاقة الحاصلة بين أمريكا ونهاية الزمان أهمها:

1-الاعتقاد بأن أمريكا أمة فضلتها العناية الإلهية وخصتها بمهمة مقدسة منذ بدء الاستيطان الأوروبي                                   2- الادعاءات الأمريكية المستمرة بأن لأمريكا مهمة مقدسة أخرى وهي نشر الديمقراطية والحرية والعلوم والنزعة الإنسانية في كل أنحاء العالم -3- انتشر نتيجة لهذه المعتقدات والأفكار الحماس التبشيري بشكل أسرع وأوسع في أمريكا منه في أوروبا وساعد بدوره على قبول الأفكار الألفية واقتراب نهاية الزمان

جاء الفصل بين الكنيسة والدولة والتركيز على حرية ممارسة المعتقدات الدينية ففسح المجال لانتشار المذاهب الألفية دون قيود وهكذا فحينما يكون الكتاب المقدس أوسع انتشارا يكون الاحتمال :بر بظهور الأفكار الألفية ونظريات نهاية الزمان .

ويؤكد مختصون أن الأمريكيين على مر القرون اعتبروا أنفسهم أصحاب مهمة مقدسة في سياق خلاص العالم واعتقدوا أن الله هيأهم منذ بدء الخليقة للاشتراك في تنفيذ خطته للبشرية .أن هذا التصور في الواقع هو جزء من النسيج الثقافي الأمريكي وهنا نشير الى ما شرحه ريتشارد نيبور في كتابه ( مملكة الله في أمريكا) الصورة الذاتية الأمريكية ودورها المقدس في خطة الله فيقول: من مملكة الله في أمريكا اعتقد الأمريكيون بصورة لا تقبل الشك أنهم مكلفون بمهمة مقدسة وهي نشر نور المسيحية والديمقراطية والأمريكية

الفصل الثالث

الجدال حول القراءة الحرفية

كان هدف الأصوليين من المسيحيين واليهود التوصل الى صيغة لوصف اليهود الموجودين في انحاء متفرقة من العالم على أنهم أمة ذات صبغة قومية أضافة الى كونهم أتباع مذهب واحد بهذا يستطيع الأصوليون ليس فقط أن يفسروا النبوءات التي تقول بعودة اليهود الى أرض الميعاد التي وهدهم الله بل أن يبرروا أيضا تأسيس دولة سياسية في هذه الأرض يتفرد بالمواطنة فيها قوم يتميزون وبفضيل الهي ودور رئيسي في خطة الإله للبشرية والكون وهكذا فقد دعمت الأصولية المسيحية المتطرفين اليهود في كل ما قاموا به من أعمال وحشية للاستيلاء على فلسطين مما أثار قلق بعض اليهود الذين راوا في هذه الأعمال أمورا منافية للشرائع والحقوق الإنسانية واستغلال النصوص المقدسة لخدمة السياسة هو أمر اتقنه الأصوليون المسيحيون في أمريكا وهم يصرون بقوة على أن إسرائيل السياسية هي مركز النبوءات المقدسة ولما كان الأصوليون يعتمدون في مصداقية مهبهم المتطرف على تفسير النصوص المقدسة فهم لا يتورعون أبداً عن استعمال الظروف والأحداث السياسية لتحقيق أهدافهم فهي تخطط للعالم باسم الله والكتب السماوية .وخاصة عندما تتفق معها أطراف سياسية تشارك في صنع القرارات المصيرية لذلك فاليمينيون المتطرفون في أمريكا يستعملون الكتاب المقدس بتبرير عمليات مأساوية أخفق الجميع في إيجاد مبرر سياسي أو أخلاقي لها بالاستناد الى تنفيذ الإرادة الإلهية وتحقيق عهد قطعه الله على نفسه وبذلك تصبح الاعتبارات السياسية والإنسانية غير مهمة بل غير واردة أمام ‘رادة الله وتبرير المذابح والتهجير والمآسي بحق شعب فلسطين إذ عندما يزور نائب رئيس الجمهورية الامريكية إسرائيل ويصرح بأنه جاء يحتفل بتحقيق معجزة عمرها 3000عام دون ذكر النتائج المأساوية لمعاناة الآخرين وتجريد الجانب الإنساني والعاطفي من القضية لأنه ينظر الى القضية من منظور تعاليم الكتاب المقدس وبالتالي فإن المتطرفين لا يقرؤون النصوص المقدسة من منظار التاريخ بل هم يكتبون التاريخ حسب قراءتهم للنصوص المقدسة وهذا نوع من اختلاق التاريخ لدعم قضايا سياسية معاصرة باستعمال النصوص المقدسة مرجعا وهذا ما وجده كيث ويلام رئيس قسم الدراسات الدينية في اسكتلندا بخصوص تاريخ فلسطين حيث أنهم يتجاهلون التاريخ الحقيقي لفلسطين ويكتبون فيها تاريخا وفق قراءاتهم للكتاب المقدس وذلك في كتابه( اختراع إسرائيل القديمة واسكات التاريخ الفلسطيني)

وكذلك علق روجيه جارودي على أقوال اليمين المتطرف فيقول:(أردت فضح التبرير اللاهوتي المزعوم للعدوان لذلك قمت بقراءة كاملة للنصوص التي حولت الخرافات الى تاريخ نتيجة خضوع إبراهيم لله لقد حولت هذه الخديعة مباركة الله لكل الشعوب الى معنى معاكس فصارت الأرض المعزوة أرضا موعودة) وقد رد مسيحيو الشرق الأوسط على مقولة يهود اليوم شعب الله المختار بالقول ( إن يهود اليوم ليسوا شعب الله المختار حالياً وإلا فماذا عن بقية الشعوب كل هذه تعابير غير موجودة في المسيحية) وقالوا أيضاً ( لا يوجد شيء في المسيحية عن عودة اليهود الى بيت المقدس)

الفصل الرابع

خطة الله للدهر

يأخذ النبوئيون مجموعة من النصوص من أسفار وكتب العهدين القديم والجديد ويشكلون منها صورة عامة للأحداث التي سوف تقع عند اقتراب آخر الزمان ويقرأ القدريون التدبريون مثلا في نصوص الكتاب المقدس وخاصة سفر دانيال أن الله وضع خطته للكون على أسس من علاقته مع اسرائيل فإسرائيل بسبب خطاياهم ستخضع لتسلط 4 أمم الواحدة تلو الأخرى وعندما تكتمل أيام الأمميين سيصدر أحد ملوكهم قرارا بإعادة اعمار القدس ويمكن تلخيص الخطوط العريضة لهذه الأحداث الأخيرة كما يلي : 1- الحدث الرئيسي الأول : هو الرقي أو الارتقاء أو النشوة حيث يظهر المسيح في الغيوم فيؤخذ المؤمنون أليه في السماء بدءا من الموات ثم الحياء                                                                          2- الحدث الرئيسي الثاني هو المحنة الكبرى وهي فترة (سبع سنوات ) يحكم أثناءها المسيح الدجال العالم من الهيكل في القدس وتحدث آلام ومعاناة و مآسي رهيبة في العالم وفي نهاية المحنة الكبرى يأتي المسيح ويقود جيوش القديسين و المؤمنين ويهزم جيوش الشيطان 0 جيوش الشر والمسيح الدجال) في معركة مجيدو قرب حيفا وتبدأ الفترة الألفية وهي فترة ألف عام يحكم أثناءها المسيح العالم من الهيكل في القدس ويسود العالم السلام والعدل والسعادة

خريطة الكتاب المقدس:

تشمل خريطة الكتاب المقدس تصور خطة الله للدهر منذ الأزل حتى الأبد حيث سجلها بطرس وتمت إضافات عليها ممن تلاها ( بيتس و يوحنا وغيرهم) وهنا يعرض المؤلف الخريطة وهي مكونة من وجهين وفق سبعة عصور حيث يكون في العصر السابع انشاء دولة إسرائيل التي يحكمها المسيح من القدس كما يعرض الكاتب خطة القس ليون مع خطة الله للدهر باسم خطة المحنة ويعرض أليات نشر هذه الخطة في العالم منذ أنشاء دولة إسرائيل بوضعها على قوارير ترمى في البحر لتبين لمن يجدها قرب عودة المسيح

وهكذا فإسرائيل الدولة السياسية الحديثة هي في نظرهم امتداد للعصور السابقة في خطة الله وهي تحقيق عملي معاصر للنبوءات المقدسة ولا يخفى على المراقب ما حدث من تكثيف للقراءات الحرفية للنبوءات في الأوساط الدينية اليمينية المتطرفة في الغرب في القرن العشرين منذ برزت فكرة أعادة تأسيس في أرض الميعاد وحتى الآن وقد تم انشاء مواقع مختصة على الشبكة لشرح مراحل نهاية الزمان والتلويح بالكتاب المقدس لتبرير الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية في الشرق الأوسط وفي كل الحالات التي يربط فيها اليمينيون النبوءات المقدسة بإسرائيل والأحداث المعاصرة يلوحون بالكتاب المقدس ونصوصه في وجه جماهيرهم واتباعهم مما يضفي على مواعظهم وكتاباتهم صفة القدسية في أذهان هؤلاء الأتباع ويجعلها غير قابلة للمناقشة أو الشك

ثم تصبح هذه المخططات والتفسيرات ثقافة أمريكية وهنا نعرض ما قاله ريغان 1971م الذي أصبح فيما بعد رئسا للبلاد الذي يحمل هذه الثقافة حاله حال كل الرؤساء من قبله وبعده حيث قالك ( لأول مرة التاريخ يصبح كل شيء مهيأ لمعركة مجيدو ومجيء المسيح الثاني ويقول سفر حزقيال أن النار والكبريت سوف تنهمر على أعداء الله لا شك أن لك يعني أنهم سوف يدمرون بالأسلحة النووية)

وفي هذه الأوقات الصعبة حيث تنتهك الحرمات وتنتشر المآسي والحداث الخطيرة في منطقة الشرق الأوسط والأراضي المقدسة بصورة خاصة تصبح القراءة الحرفية للنبوءات أكثر من موضوع اكاديمي .سيما وأن إدارة الدولة العظمى لا تتوقف عن استعمال الخطاب الكتابي في وصفها 0( لقوى الخير وقوى الشر) و ( إمبراطورية الشر) و( محور الشر) وغيرها

الفصل الخامس

الحمى الألفية – الكتب والمطبوعات

تطلع دور النشر والشبكة العالمية على جمهور القرّاء كل يوم بعشرات العناوين لكتب ومقالات وأفلام وتسجيلات تعالج موضوع نهاية الزمان والنبوءات ومعظم هذه الأعمال تحلل الأحداث المعاصرة في إطار القراءات الحرفية للنصوص المقدسة خاصة مع نهاية اللفية الثانية وبداية اللفية الثالثة ونورد هنا بعض الأمثلة عن عناوين ومؤلفي الكتب : -المعركة من أجل القدس 2001 بقلم جون هاجي – هيكل الأيام الأخيرة – خمس وعشرون آية في إسرائيل اليوم وفيلم بالعنوان نفسه – القدس في النبوءات : خشبة المسرح الإلهية المسرحية الأخيرة- إسرائيل والإسلام ومعركة مجيدو- الحرب غير المقدسة : أمريكا وإسرائيل والإسلام المتطرف -الحرب الأخيرة ك إخفاق عملية السلام والمعركة القادمة من أجل القدس- إسرائيل – غيوم عاصفة في الأفق : النبوءات الكتابية في الشرق الأوسط – هيكل اليام الأخيرة القادم- الوعد والشعب ك اثبات كتابي لوعود الله – هيكل المسيح القادم – وحش الشرق- البتراء اليوم -ثمن إسرائيل في ظل معركة مجيدو – آخر العمالقة: رفع الستار عن الإسلام – نبوءات الظلام القادم – موقع أمريكا في النبوءات الكتابية- أمريكا عند تقاطع الطرق – الإرهاب ضد أمريكا- في نظر النبي – إنذار الله الأخير لأمريكا – العد التنازلي لمعركة مجيدو – قصر من أجل المسيح الدجال : حملة صدام حسين لإعادة بناء بابل وامكاناتها في نبوءات الكتاب المقدس( وفي هذا الكتاب يتم الربط بين الحداث السياسية المعاصرة وبين نبوءات النصوص المقدسة كما يركز على دور الرئيس العراقي وحرب الخليج في نبوءة إعادة بناء بابل التي تمهد لقدوم المسيح الدجال ومعركة مجيدو – الشيطان حي ونشيط على كوكب الأرض- ثمة عالم جديد قادم – العقيدة المحاربة – كوكب الأرض :الفصل الأخير

والجدير بالذكر ثمة مئات الوعاظ والدعاة المسيحيون المتطرفون يشاركون بصورة مستمرة في أنشطة (نهاية الزمان) والحمى الألفية سواء أكان ذلك في كتاباتهم أم في مواعظهم أم في ظهورهم الدائم على شاشات التلفزة وقد اشترك هؤلاء الدعاة والوعاظ بأمور هي:

  • ربط النبوءات حرفيا وتفصيليا بما يجري من أحداث عالمية وبصورة خاصة ما يجري في المنطقة العربية
  • وضع إسرائيل الدولة السياسية في بؤرة هذه الأحداث على انها موضوع النبوءات الرئيسي والدعوة لدعمها سياسيا وماديا وعسكريا لأن ذلك نصرة لقدوم المسيح ونصرته وتحقيق علامة من علامات الساعة
  • العداء الرهيب للعالم الإسلامي والدعوة لإبادة الإسلام كشرط من شروط تحقيق النبوءات
  • اشتراكهم جميعا بالنشاط التبشيري المحموم وخاصة في العالم الإسلامي لأن ذلك يعجل تحقيق النبوءات.      

تبين الإحصاءات التي تصدرها دور النشر والجهات الاكاديمية أن مبيعات هذه الكتب تبلغ مئات الملايين من النسخ خاصة في العقود الربعة الأخيرة بعد تأسيس دولة إسرائيل وسقوط القدس ونهاية الألفية الثانية كما أن الشبكة العالمية قد ساعدت كثيرا على الترويج لهذه الكتب نتيجة سهولة الاطلاع عليها وعلى محتوياتها وتجدر الملاحظة هنا أيضاً أن سيل هذه الكتب لم ينقطع أبدا

أن أحداث الهجوم على مركز التجارة العالمي في نيويورك وقيادة الأركان الأمريكية قرب واشنطن العاصمة هو تدبير أمريكي يميني حقيقي قامت به المخابرات الأمريكية بتو جبهات من محترفي تجارة ’خر الزمان لوضع الإسلام والمسلمين في صف الشيطان وامريكا وإسرائيل في جيش المسيح في مجابهات احداث الساعة وتجييش العالم لمجابهة الإسلام والمسلمين ويظهر ذلك في كتابات وعظات الدعاة المسيحيين وتحديد مكانة أمريكا في المسرحية الكونية وخاصة علامات الساعة وهذا ما ظهر في كتاب : الإرهاب : الحرب الجديدة على الحرية وفهم الجهاد الإسلامي الذي تحول الى ( فيلم فيديو) والترويج لعنوانه ضمن مفهومين : : 1- الحرب على الحرية: إذ أن الهجوم على أمريكا يصور على أنه هجوم على الحرية والديمقراطية .

2- الإرهاب والجهاد الإسلامي: ثم إن العنوان يضع مفهوم الجهاد الإسلامي في مجابهة واضحة مع الحرية والديمقراطية

ويخلص الكاتب من هذه الكتب والأفلام والكثير غيرها الى القناعة بالعلاقة الأكيدة بين أمريكا ومقاصد الله وبدور أمريكا في تحقيق النبوءات وفي المساعدة على إعادة بناء الهيكل في القدس بأي طريقة لأن ذلك شرط لمجيء المسيح والمملكة الألفية .وتؤكد هذه الأعمال اليقين لدى المسيحيين المتطرفين في أمريكا بأهمية دورهم في الحرب بين الخير والشر ويؤكد القساوسة أن الإسلام هو جيش الشر وأن القضاء عليه مهمة مقدسة وشرط لدخول مملكة الله وبهذا تساهم هذه المطبوعات في الحملة التي يشترك فيها الدعاة من الصهاينة المسيحيين والمبشرين وبعض السياسيين لدعم إسرائيل بأي ثمن.

الفصل السادس

الحمى الألفية -الشبكة العالمية والنبوءات

أصبح لوسائل الاعلام على مختلف أنواعها من محطات إذاعية وتلفازية ومن مواد مطبوعة منذ عدة عقود أثر كبير في دعم نشاطات اليمين المسيحي ودعاته وقادته الدينيين ثم جاءت الشبكة العالمية (الانترنت) فوفرت لجميع هذه الفئات وسيلة ساعدت على نشر أفكارهم على مستوى عالمي وبسرعة مذهلة كما عملت على توحيد بعض المواقف والآراء النبوئية وقد بدأ أساتذة الفكر الديني والمؤرخون له في أمريكا بإدراك قوة هذه الوسيلة الجديدة وأثرها في الثقافة الدينية الجماهيرية

فقد أضافت مواقع الانترنت الى حدة الحمى الألفية بما تنشره من أخبار وأحداث وتوقعات مثيرة ومستمرة فقال عنها أحد المتخصصين (إن الشبكة العالمية تردد طبولها اهتزازات النبوءات الألفية وصداها)

فمن مواقع الانترنت ما ينشر مقاييس لدرجة اقتراب المحنة بناء على الأحداث المعاصرة السياسية منها والاجتماعية مثل موقع (ميزان ارتقاء) وموقع (ميزان يأجوج) وموقع (على عتبة منتصف الليل) وموقع (نبوءات الكتاب المقدس) وغيرها الكثير الكثير

وهنا يعرض الكاتب مواقع ومحتويات يطول ذكرها

تتابع المواقع الدينية الأحداث العالمية وبخاصة الأحداث المتعلقة بالنزاع العربي-الإسرائيلي وتقدمها للقراء كعلامات على اقتراب الساعة الأخيرة وعند تحليل الأحداث في العالم العربي عبر موقع يأجوج مثلا يخلص الى نشر ما يلي كنتيجة يحذر الموقع منها:

1- الدول العربية لا تريد السلام مع إسرائيل .بل هي ترغب بتدمير إسرائيل بأية وسيلة بما فيها هجوم مباغت

-2- روسيا في محاولة الاستعادة نفوذها العالمي .سوف تساعدا لشعوب العربية في تحالفها ضد إسرائيل.

3- ستكون القدس القضية المركزية التي ستبدأ المعركة من أجلها -4-وأخيرا ستوقع اتفاقية سلام تمهيدا لتقديم الأضحية على الهيكل ثم لظهور المسيح الدجال -5- تحتل القدس والهيكل مركز الصدارة في نبوءات المواقع الألفية على الشبكة .

و تنتشر عناوين :(اسم إسرائيل يظهر دوما في سياق ’خر الزمان )

(دمشق لن تبقى مدينة بعد الآن)

كما تنتشر بعض نبوءات الكتاب المقدس حول اقتراب نهاية الزمان مثل:

  • أن أوروبا ستتوحد على يد المسيح الدجال الذي يضلل المؤمنين بأنه المسيح المنتظر
  • أن أوروبا ستكون لها عملة واحدة وهذا الأمر أصبح حقيقة واقعة
  • إن القدس ستكون نقطة نزاع عنيف
  • إن الصين ستغزو الأراضي المقدسة من الشرق بجيش قوامه مئتا مليون جندي   وغير ذلك من النبوءات

الباب الخامس

الملاحق

  • الملحق الأول: ويتضمن شرح لبعض التعابير المستعملة
  • الملحق الثاني النبوءات والكتاب المقدس
  • الملحق الثالث ك الألفية والنبوءات سرد تاريخي

تم بفضل الله تعالى

وسوم: العدد 1058