حماس: لقد وصلتم مُتَأخرين.. المُهِمّة أُنجِزَت

يدّعي جيش الاحتلال الصهيوني أن لديه خرائط مُفَصّلة للأنفاق التي بنتها المقاومة الفلسطينية في غزّة، ويُعد خططاً ملائمة لجعلها مقبرة لحماس، بينما تؤكد الحركة أن الأنفاق شهدت تطوراً تكنولوجيا عاليا سيصدم الكيان الصهيوني وجيشه الذي يدعي أنه لا يقهر، ويجعلها مصيدة ضخمة لجنوده.

بالنسبة لمجمع الشفاء الطبي بغزّة، والذي أصبح هدفا مركزيا للجيش الصهيوني، بحجة أنه يضم طابقا أرضيا لقيادة حماس، فالكيان نفسه يقيم مقر قيادته في قلب تل أبيب، قرب عمارات سكنية ومستشفى إيخيلوف، أحد أكبر مستشفيات الكيان الصهيوني.

لقد استغلت دولة الاحتلال مجمع الشفاء، منذ أن احتلت القطاع عام 1967 إذ استخدمت مرافقه مقرا لعمل الحاكم العسكري، وفي عام 1980، بنت دولة الاحتلال الطابق الأرضي ليكون مثل خندق وملجأ لقيادتها، وظلت تستخدمه حتى عام 1994.

وتقول شبكة "سي إن إن" الأمريكية إن "حرب الأنفاق" من أكثر الحروب صعوبة على مستوى التاريخ، حيث يمكن للطرف الذي أنشأ الأنفاق أن يختار المكان الذي ستبدأ فيه المعركة، وغالبا ما يحدد كيف ستنتهي، نظرا لخياراته الواسعة في نصب الكمائن.

دولة الكيان الصهيوني تواجه تحديا كبيرا لم تواجهه أي قوة عسكرية عانت من مشكلة الأنفاق وهو احتجاز حماس أكثر من 200 رهينة.

الرهينة الصهيونية يوشيفيد ليفشيتز التي أفرجت عنها حماس وصفت الأنفاق بشبكة العنكبوت.

نظرا للمساحة الضيقة لقطاع غزة وخلوه من التضاريس العسكرية كانت هذه الأنفاق هي المخبأ الأمثل لحماس ونقطة قوة للفصائل الفلسطينية.

أما مركز صوفان الأمريكي، فيرجح أن تكون العملية صعبة إن لم تكن مستحيلة لتطهير الأنفاق بسبب وجود الرهائن، حيث يعتمد الصهاينة على الروبوتات وغيرها من المعلومات الاستخبارية لرسم خريطة للأنفاق والفخاخ المحتملة، كما أن الجنود الصهاينة سيواجهون أجواء خانقة ومرعبة أثناء القتال بالأنفاق.

ومن المؤكد أن جيش الاحتلال الصهيوني سيفقد العديد من المزايا التكنولوجية التي يتمتع بها داخل الأنفاق مما يمنح مسلحي حماس التفوق.

الحرب قد تجبر دولة الاحتلال على الدخول في معارك نارية تتسبب في قتل رهائن عن طريق الخطأ، كما أنه قد يؤدي التدخل إلى انفجار الأفخاخ المنصوبة داخل الأنفاق، مما يؤدي إلى دفن الجنود والرهائن أحياء، في حين سيتمكن مقاتلو حماس

بالتنقل بين مختلف مواقع القتال بأمان وحرية بعيداً عن عيون جيش الاحتلال الصهيوني، وفتح جبهات حرب متعددة، كما أن هذه الأنفاق ستحدث توازنا في الحرب، لأنها تحيّد مزايا جيش الاحتلال التسليحية والتكنولوجية.

وهذا الحال سيجعل جيش الاحتلال يواجه مشاكل داخل المناطق المدنية فهو قتال سيكون متعددا، فهناك جهات تطلق النار من فوق أبراج سكنية وأخرى تطلق النار من تحت الأرض.

القوات البرية لجيش الاحتلال لن تكون في نزهة في غزّة لأن شبكة الأنفاق التي وُصفت بـ"العنكبوتية" مترامية الأطراف وتمتد مئات الكيلومترات، وهناك من يقدرها بأنها أكبر بعشرة أمثال من أنفاق الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام.

لقد حاولت دولة الاحتلال تدمير الأنفاق في مناسبات عديدة، لكنها لم تنجح، والفلسطينيون يرونها وسيلة ضرورية لكسر الحصار المفروض على غزّة.

روايات جيش الصهاينة بوجود أنفاق تحت المستشفيات هي لتبرير استهداف القطاع الطبي والنازحين لتهجيرهم من شمال غزّة إلى جنوبها.

لقد باتت الأنفاق التي حفرتها حركة حماس أسفل قطاع غزّة، والتي توصف بـ"مدينة كاملة تحت الأرض"، كابوسا أمام الاجتياح البري الذي ينفذه الجيش الصهيوني بالقطاع، مما يضطر جنود هذا الجيش المأزوم والمرعوب لخوض حرب مزدوجة، فوق وتحت الأرض، وهي تتمثل بحرب شوارع ومعارك بالأنفاق.

وعلى مدار الأيام الماضية، تبث حركة حماس مقاطع فيديو لمهاجمة مقاتليها القوات البرية المتوغلة من تحت الأرض، أو استهداف جنود صهاينة وإنزالهم إلى عمق الأنفاق، ووفق تقديرات صحفية، هناك نحو 242 رهينة في تلك الأنفاق.

ووسط نفي حركة حماس، تزعم تل أبيب أن الحركة الفلسطينية شيدت الأنفاق، أسفل مجمع الشفاء الطبي، الذي استهدفت بوابته بضربة جوية، كما عاودت قصف طابقه العلوي ونظام الألواح الشمسية بالمبنى، الذي يضم مئات الجرحى والنازحين والكوادر الطبية.

تقول وكالة "أسوشيتد برس" إن شبكة الأنفاق التي بنتها حماس أسفل غزّة تمثل "التهديد الأكبر" على قوات الاحتلال المتوغلة بالقطاع المحاصر، إذ تشمل أنفاق متعددة للهجوم والتهريب والتخزين والعمليات.

ووصفت تلك الأنفاق بـ"متاهة واسعة" تمتد عبر أحياء مكتظة بمدينة غزة، تهدف لإخفاء عناصر حماس وترسانتهم الصاروخية، مشيرة إلى أن القتال تحت الأرض من شأنه أن يجرد الجنود الصهاينة من المزايا التكنولوجية، بينما يعطي ميزة لحماس فوق الأرض وتحتها.

لقد انشغلت دولة الاحتلال خلال السنوات العشر الماضية، في متابعة الأنفاق من قطاع غزّة إلى داخل الحدود المغتصبة من فلسطين، وعندما بنت الجدار الواقي اطمأنت إلى أنها تمكنت من تدمير هذه الفكرة، فقد هدمت هذه الأنفاق وملأتها بمادة سائلة تنفخ حال إطلاقها وتسد كل منطقة فراغ فيها، ومن شدة الاطمئنان، سحبت الأسلحة من أيدي سكان غلاف غزّة وخفضت عدد أبراج المراقبة.

لقد كشفت كتائب القسام حقيقة إعلان الاحتلال الصهيوني اكتشافه نفقا كبيرا لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، ونشرت مقطع فيديو بهذا الشأن بعنوان "وصلتم متأخرين.. المهمة أنجزت"

وتوضح القسام في الفيديو أن هذا النفق الضخم استخدمته مرة واحدة لتنفيذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 الماضي فقط.

وقالت القسام إن هذا الأمر "يؤكد الفشل المضاعف للاحتلال في هجمات 7 أكتوبر المجيدة".

وفي هذا الإطار؛ فإن جيش الاحتلال يحاول منذ فترة أن يقدم إنجازات أو صورة إنجازات في مقابل ما يبثه الإعلام العسكري لكتائب القسام من إنجازات ومن استهداف لقوات الاحتلال، ولكن يبدو أنه في كل مرة يحاول أن يبث مثل هذه الرسائل الإعلامية -سواء لطمأنة جمهوره أو لظهوره بمظهر من يحقق الإنجاز أمام الإعلام العالمي- يُمنى بالإخفاق والفشل.

لقد حاول جيش الاحتلال أن يقدم صورة لتحرير أسراه ففشل، وحاول أن يقدم صورة عندما اقتحم المستشفيات ولكنه فشل، وهذه المرة حاول أن يقدم صورة اعتبر أنها كبيرة لاكتشاف نفق كبير عند معبر إيريز الذي يفصل بين قطاع غزة وإسرائيل، واعتبر أن هذا الاكتشاف نوعي ضد المقاومة الفلسطينية، ولكنه مُني بالفشل عندما كشفت المقاومة عن أن هذا النفق استخدم مرة واحدة فقط لاقتحام حاجز إيريز أثناء هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبالتالي فإن كتائب القسام لم تدع لهذا الاحتلال أن يفرح بهذا الإنجاز إلا ساعات قليلة.

وإن هذا الادعاء يدل على أن جيش الاحتلال أخفق حتى الآن في تقديم صورة نصر لجمهوره أو حتى للإعلام العالمي، ويدل أيضا على نجاح المقاومة الفلسطينية في الإعلام بإظهار تفوقها وتقدمها في مواجهة الاحتلال الغازي، وهذا يؤكد أن هناك فشلا مزدوجا للاحتلال في توقع هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفي اكتشاف ما تم إعداده لتنفيذ هذه الهجمات.

وأن الفشل هنا يأتي من أن هذا النفق الذي اكتشف هو واحد من عشرات الأنفاق التي تم إعدادها لتنفيذ هذه الهجمات، مما يعني أن المقاومة استخدمت أنفاقا محددة ومعدة فقط لتنفيذ هذه الهجمات، وأن هذه الأنفاق لم تعد لها حاجة بعد "طوفان الأقصى"، لأن هناك مئات بل آلاف الأنفاق الموجودة تحت الأرض، والتي يمكن أن تنفذ منها المقاومة الفلسطينية عمليات ضد جيش الاحتلال الصهيوني.

المصدر

 

*الجزيرة- 18/12/2023

*عربي نيوز- 13 /10/2023

*سكاي نيوز-8/11/2023  

وسوم: العدد 1063