كل أنظمة العالم وعلى رأسها العربية والإسلامية مسؤولة مسؤولية مباشرة عن إبادة الكيان الصهيوني للشعب الفلسطيني

كل أنظمة العالم وعلى رأسها العربية والإسلامية مسؤولة مسؤولية مباشرة عن إبادة الكيان الصهيوني للشعب الفلسطيني في غزة وسيلحقها العار إلى الأبد

لا يستطيع إنسان عاقل وموضوعي ،فيه ذرة من إنسانية في كل المعمور أن ينكر الحقيقة التي سجلها التاريخ بخصوص قيام ما يسمى بدولة إسرائيل ، وهي عبارة عن كيان عنصري مكنه الاحتلال البريطاني من أرض ليست أرضه ، وسلحت عصاباته الإجرامية ، وساعدها على إبادة وتهجير شعب فلسطين من أرضه والاستيلاء عليها بالقوة . ومن زعم غير هذه الحقيقة ،فهو متورط في مظلمة الشعب الفلسطيني التي لا مثيل لها في التاريخ البشري .

وكل من في العالم يعلم علم اليقين أن هذا الكيان العنصري الدموي يصدر عن عقيدة عنصرية، تزعم أن العرق اليهودي فوق كل الأعراق البشرية  ، وأنه بذلك يستبيح كل القيم، والأعراف، والقوانين السماوية والوضعية . والمشكل أن البلاد الغربية التي احتلت في القرن التاسع عشر معظم بلاد العرب والمسلمين، تعرف جيدا الطبيعة العنصرية ، والعدوانية لهذا العرق الذي كان يعيش بين ظهرانيها ، ومع ذلك تآمرت على الشعب الفلسطيني الذي كانت أرضه تحت الاحتلال البريطاني البغيض ، وسلمتها مجانا للكيان العنصري بالقوة من أجل أن تتخلص من وجوده ورم خبيث  في قارتها الأوروبية تحت ذريعة تعرضه للمحرقة أو الهولوكست ، وكان الشعب الفلسطيني هو من دفع ثمن هذه المحرقة التي لا ناقة ولا جمل له فيها ، وحُمّل وزر النازية التي  لا يختلف عن نازيتها الكيان الصهيوني  العنصري.

ولقد مكنت القوى الغربية أوروبية وأمريكية شمالية ، وغيرها لهذا الكيان  في أرض فلسطين ، وأمدته بكل وسائل القوة العسكرية، والاقتصادية، والسياسية ،والإعلامية حتى صيّرته وحشا كاسرا فوق كل القوانين التي يزعم الغرب أنها دولية ، والحقيقة أنها غربية صرفة . ولقد عطل الفيتو الغربي لعقود كل  القرارات الدولية التي صدرت، وفيها إدانات متكررة لهذا الكيان ، وفيها إجراءات رادعة له، إلا أنه كان دائما يدوس عليها باستخفاف ،واستعلاء، وغطرسة ، بسبب ذلك الفيتو الغربي المحرض له على التمادي في ظلمه وعدوانه على الشعب الفلسطيني ، ومع ذلك يعتبره الغرب الكيان الديمقراطي الوحيد في منطقة الشرق العربي ، وفي العالم العربي والإسلامي أيضا ، وهذا منتهى العبث والسخرية بالعرب والمسلمين، وبالبشرية  قاطبة .

وفضلا عن تشجيع الفيتو الغربي للكيان الصهيوني ، ابتدع الغرب ما سماه معاداة السامية ، يعتبرها جريمة  كبرى ،الويل والثبور وعواقب الأمور لمن أدين بها في هذا العالم ، وصار تأثيرها أشد قوة  من الفيتو الغربي ،الشيء الذي جعل الكيان الصهيوني كيانا مارقا ، وناشزا في المعمور ، والوحيد الذي لا يدان ، ولا يقاضى ، ولا يحاسب ، بل يتصرف كأنه آلهة يونان أو فرعون مصر أو الطغاة الجبابرة في العصور البائدة . ويحدث هذا في زمن تبجح الغرب بالديمقراطية والعدالة ، والقيم الإنسانية ...وما لا نهاية له من الشعارات  الفارغة التي لا أثر لها في الواقع عندما يتعلق الأمر بهذا الكيان العنصري، والسادي، والدموي .

وتنقلب المفاهيم لدى الكيانات الغربية التي يخترقها اللوبي الصهيوني اختراقا بسيطرته على  الاقتصاد ، وعلى رؤوس الأموال والإعلام  فيها ، وعلى كل شيء  فوق الأرض وتحتها ، فيصير بسبب ذلك وهو الإرهابي  الجلاد بكل المقاييس والاعتبارات  ضحية ، بينما يصير الشعب الفلسطيني الضحية الحقيقي بشهادة التاريخ إرهابيا تدينه كل المحافل الغربية ، وتفرض على كل دول العالم إدانته تحت طائلة التهديد بالعقوبات الاقتصادية، والسياسية ، وحتى بالتهديد العسكري  المباشر.

ولقد ظل العالم الغربي، ومعه  باقي العالم الفاقد للإرادة أمام إرادة الكيان الصهيوني المتسلطة يتفرج على حصار الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي الضفة الغربية ، و في باقي أرض فلسطين المحتلة ، ولما طال هذا الحصار ، وصار مصير القضية الفلسطينية  هو التجاهل والنسيان بعد مرور ما يزيد عن سبعة عقود، لم يجد الشعب الفلسطيني بدا من العودة إلى أسلوب الانتفاض على المحتل الصهيوني، ومقاومة ظلمه ، والذي  غرر ، وطوح بقيادته الفاشلة في متاهات ما سمي بمسلسلات السلام عبر العديد من المحطات ، وكلها أوهام تراهن على تراخي الزمن من أجل التمكين للكيان الصهيوني ليس في أرض فلسطين التي يحتلها فقط، بل في كل البلاد العربية والإسلامية  عن طريق مسلسل التطبيع الخبيث المستهدف للقضية الفلسطينية بشكل صارخ . وبالموازاة مع رهان الكيان الصهيوني على ورقة التطبيع الذي يمكنه من التغلغل في الكيانات العربية والإسلامية جهارا نهارا بعد ما كان تغلغله فيها سرا ، أطلق أيدي العنصريين من المتعصبين من عناصره  في المقدسات الإسلامية لتدنيسها وتهديدها بالزوال خصوصا المسجد الأقصى أولى  قبلتي المسلمين، وثالث الحرمين الشريفين ، الشيء الذي جعل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تنتفض هذه المرة  بقوة بسبب هذا الاستفزاز الصارخ الذي كان كل العالم يعاينه ، ولا يحرك ساكنا ، ولا يجرؤ على كف العدوان الصهيوني عنه . ولما تحركت  هذه المقاومة دفاعا عن مقدساتها ،اعتبرتها القوى الغربية معتدية وإرهابية دونما اعتبار لما كانت عناصر الكيان الصهيوني العنصربة تقوم به من استفزازات، ومن اعتداءات على أرواح وممتلكات الشعب الفلسطيني التي كانت تصورها وسائل الإعلام العالمية يوميا .

وتحرك العالم الغربي برمته للوقوف إلى جانب الكيان العنصري الدموي بالسلاح والمال والإعلام، بل بالانخراط الفعلي في الانتقام من المواطنين الفلسطينيين العزل الأبرياء أطفالا، ونساء، وشيوخا ، ومرضى ، وقد أبيد منهم الآلاف ، وشرد ما يزيد عن المليون ونصف المليون ، يطاردون بالقصف ليل نهار من شمال القطاع إلى وسطه إلى جنوبه ، وقد حشرهذا العدد  تحت خيام في العراء في فصل شتاء قارس. وأمام ضربات المقاومة التي أوجعت جيش الكيان الصهيون يزداد وحشية  ودموية ، ولا يمر يوم إلا بإبادته  العشرات من الضحايا قتلى وجرحى ، وصار مقابل سقوط  كل جندي  صهيوني معتد وغاز، يزهق  ما يزيد عن مئة روح فلسطينية ممن لا سلاح لهم .

وها هو اليوم، وبعد الإبادة الجماعية في شمال، ووسط القطاع و بعض جنوبه ، يريد أن يقتحم خيام المليون ونصف المليون من المهجرين قسريا تحت ضغط القصف  الجوي ليجر فهم بجرافاته ودباباته كما فعل في شمال القطاع، وذلك  لتحقيق أحد هدفين:  إما طردهم خارج أرضهم أو استكمال إبادته الجماعية لهم ، والعالم  يتفرج ، ولا يحرك ساكنا ، والفيتو الأمريكي والغربي يمتنع عن إصدار قرار الوقف الفوري للحرب على غزة ، ومحكمة العدل الدولية تنتظر انتهاء مهلة الشهر الذي أمهلت الكيان العنصري الساخر منها كي  يمدها بتقرير عن الإبادة الجماعية  وما هو بفاعل ، وقضاتها على علم ويقين تامين  بها ، إلا أنهم  وتحت تأثير القوى الغربية  الضالعة في هذه الإبادة ، قد تحاشوا إدانة هذا الكيان ، كما تحاشوا إصدار قرار الوقف الفوري  للحرب وللإبادة ، الشيء الذي زاد الكيان الإجرامي تعنتا  وإصرارا على مواصلتها  بكل ضراوة ووحشية ،وهو يريد خلال الأسبوعين القادمين إبادة مليون ونصف مليون من المحاصرين تحت الخيام في رقعة ضيقة من الأرض في رفح، لا تزيد عن ستين كلومتر مربع ، وهي أكبر كثافة سكانية في كل المعمور .

و كل ما تقوم به القوى الغربية اليوم أمام هذا التهديد الخطير والوشيك  بتوسيع نطاق الإبادة الجماعية، هو الاستمرار في أسلوب النفاق الذي اعتاد عليه ذرا للرماد في عيون شعوبها وشعوب العالم ، وذلك من خلال التعبير الكاذب عن قلقها ، وهي الوحيدة  القادرة في كل لحظة على وقف فوري لهذه الحرب القدرة التي هي متورطة فيها بشكل مباشر ، وتتحمل مسؤولية الإبادة الجماعية لو أنه يوجد في  هذا العالم من يقاضيها  ، ويحاسبها غير محكمة العدل الدولية العبثية .

والمطلوب من كل أنظمة العالم سواء المتورطة في هذه الإبادة المخزية أو تلك المتفرجة عليها أن تستجيب لإرادة شعوبها التي تخرج كل يوم إلى الشوارع تطالب بوقف الإبادة فورا . وعلى الأنظمة العربية والإسلامية المرتبطة بالكيان الصهيوني عن طريق معاهدات سلام  هزلية عبثية أو عن طريق التطبيع  المخزي أن تبادر بوضع حد فوري لذلك ، وأن تسحب اعترافها بهذا الكيان المحتل الغاصب الدموي والعنصري، وإلا فعليها أن تتحمل مسؤولية إبادة الشعب الفلسطيني ، وضياع وطنه ، وأن تنتظر مجيء يوم ستحاسبها شعوبها حسابا عسيرا، لأن هذه الشعوب لن يدوم سباتها  ، ولا تنويمها ، ولا ترهيبها إلى الأبد . ولئن تقاعس هذا الجيل عن محاسبتها ، فسوف يأتي الله تعالى بجيل  يضطلع بهذا المهمة ، وهو  أمر حاصل لا محالة ، وقد بدأت بوادره تبشر بما لا تحمد عقاباه بالنسبة لتلك لأنظمة التي لم يصل خذلانها للقضية الفلسطينية ولشعبها ما وصله اليوم .وعما قريب سيمتد طوفان الأقصى إلى أقصى ما يمكن أن يبلغه ، ولن ينفع النادمين ندمهم ، ولات حين مندم .

وسوم: العدد 1069