المكالمات الهاتفية للدكتور حسين الخالدي مع المفتي في القاهرة ومع فريد بك في حيفا

د. الياس عفيف سليمان

المكالمات الهاتفية للدكتور حسين الخالدي

مع المفتي في القاهرة ومع فريد بك في حيفا

1948

د. الياس عفيف سليمان

باحث ومتخصص في تاريخ الشرق الاوسط

والطالب كلود الياس سليمان من كلية العلوم السياسية.

المصدر:  يوميات دافيد بن غوريون، حرب الاستقلال 1948 – 1949، وزارة الدفاع.

الترجمة حرفية، ما بين هلالين غير وارد في اليوميات المعتمدة وقد جاء للتوضيح.

(رصدت وحدة التنصت في جهاز المخابرات) عدة مكالمات للدكتور الخالدي (الطبيب حسين فخري بن الحاج راغب الخالدي من مواليد القدس 1895- 1966 ، اخر رئيس عربي منتخب لبلدية القدس 1935- 1938 ، فيما بعد زعيم حزب الاصلاح وعضو اللجنة العربية العليا) مع امين الحسيني عندما كان في القاهرة (المفتي الحاج امين الحسيني من مواليد القدس 1895- 1974 ، مفتي القدس، رئيس المجلس السلامي الاعلى ورئيس اللجنة العربية العليا). ومع فريد بك في حيفا (فريد بك سعد، من وجهاء حيفا، من مدراء البنك العربي وعضوا في لجنة الطوارئ العربية).

"في الاول من يناير 1948 اتصل من القاهرة المفتي وسأل خالدي في القدس: ما هو الوضع؟ اجاب خالدي: زفت. سيشرح لكم اميل كل شيء (اميل الغوري من مواليد القدس 1907- 1948، من رواد النهضة الفكرية والصحفية، من ابرز المساهمين في الحركة العربية الفلسطينية والحركة العربية الارثوذوكسية). سيدي، يجب عدم استمرار الوضع بهذا الشكل. حالة من الحيرة والحرج والفوضى هنا. اذا لم تصلحوا الوضع، والله فإنني غير قادر على عمل أي شيء. – الوضع خطر – مدينة مثل القدس لا يوجد بها نظام. يجب ان يعود كل واحد منكم من الكبير وحتى الصغير. سنغادر كلنا المدينة اذا بقى الوضع كما هو عليه.

في يوم 2 يناير 1948 اتصل الدكتور خالدي الى القاهرة الى المفتي وقال: الوضع في القدس سيء جدا، هجوم من كل المحاور، حتى الان تدور المعركة في منطقة الشيخ جراح. السكان غاضبون. جاءوا حتى بيوتنا،  يجدفون ويهاجموننا  من كل ناحية. يجب عدم السكوت على هذا الوضع. الذخيرة التي ترسلونها غير مفيدة. لا نستطيع ان نفعل شيء. الوضع متوتر- جرحانا في كل مكان، المستشفيات مليئة. لا توجد اكفان. في الليل قصف اليهود القطمون، في هذا الصباح قصفوا الشيخ جراح. تم الاعتداء على بناية الوقف في الليل. فوضى تعم المدينة.

سأل المفتي: الجيش البريطاني موجود؟

اجاب خالدي: ينزع الجيش السلاح من العرب. لا توجد امدادات الى البلدة القديمة. لا نستطيع ان نسيطر على الوضع. خيبة امل ويأس في كل المجالات. لا استطيع ان اقول لك ما سيحدث. كل الموجودين عندك يجب ان يعودوا الى البلاد. ممنوع ان يبقى شخص واحد في خارج البلاد. 

في صباح يوم 8 يناير 1948 اتصل الدكتور خالدي من القدس الى فريد بك في حيفا وقال: الوضع صعب عندنا في القدس. حي القطمون فارغ من السكان. سكان الشيخ جراح ذهبوا، نصف سكان المصرارة غادروا. لا يرسلون لا الرجال ولا المال – اشعر كأننا نجلس وننتظر الاخلاء. قرابة الشهر وانا اتصل واتصل الى المفتي في مصر . اكاد افقد صوابي.

وقال فريد بك لخالدي: لا تسطيع القدس وحيفا الا ان تدافع. الوضع صعب. لا استطيع ان اشرح لك الوضع في الخارج.

اجاب خالدي: وهم يجلسون ويشكلون حكومة ( القصد عن الحاج امين الحسيني في مصر).

رد فريد: والذين هنا يموتون كل يوم، هكذا الحال عندنا، عندكم وفي يافا.

اضاف خالدي: في يافا الحال اسوأ. السكان يتركون.

في يوم 19 يناير 1948 وفي الساعة السادسة مساء اتصل خالدي بالمفتي......خلال الحديث يشكو ويتذمر خالدي ويقول: عندنا مشكلة مع ابو موسى (عبد القادر الحسيني 1910 – 1948 قائد القوات العربية في القدس). لا يوجد بيننا أي تنسيق واي اتصال. يقوم بالتجوال وبمضايقة اللجان القومية. لا توجد لدينا ادنى فكرة عن برامجه او عملياته. لقد توجه الى اللجان القومية في رام الله، نابلس وجنين، قال لهم انهم لجان مدنية وغير مخولة للتعامل بالشؤون العسكرية. كل المناطق تتذمر منه، ونحن لا نعرف ما العمل.

سأل المفتي: هل اعلمكم عن عملياته؟

خالدي: لا، ابدا. منذ ان قدم الى هنا لم يتوجه الينا البته، اللجان تضغط علينا وتسألنا اذا كان يجب ان يستمعوا اليه ام لا. الوضع الراهن سيء. اظن اننا نخلط بين صلاحياتنا. هذه الحالة تؤدي الى الفوضى ومن الصعب السيطرة عليها.

المفتي: ربما يجب عليك محاولة السفر الى مصر اولا؟.

خالدي: غير ممكن، مسألة المواد الغذائية والاحتياجات سيئة جدا، الفوضى سائدة في السوق، التقسيم غير منطقي، يوجد الكثير من الجياع".