الإخوان الإخوان… والدراما الدراما… والمذيع الذي يثير الفتنة الطائفية!

هذا عنوان على منوال العنوان البديع لرواية العقيد معمر القذافي قائد الثورة الليبية؛ «القرية القرية..الأرض الأرض.. وانتحار رائد الفضاء». ولنبدأ بالمقطع الأول؛ «الإخوان الإخوان» فنقول: متى ينتهي هذا المولد، وتعلن السلطة في مصر طي صفحة الإخوان المسلمين، ويتوقف الاستهداف الإعلامي لهم، باعتبارهم صاروا ذكرى؟!

فلا يعقل ونحن على مشارف الذكرى الحادية عشرة للانقلاب العسكري، وبعد سنوات من الاعتقالات والبطش، والإبادة الإعلامية، أن يستمر الإخوان موضوعاً في السياسة المصرية، ويتم تصويرهم على أنهم لم يفقدوا سيطرتهم وهيمنتهم على مجرى الأحداث، لدرجة أن يكونوا في أسبوع واحد موضوعا لبرنامجين تلفزيونيين، أحدهما استضاف رئيس جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق اللواء عبد الحميد خيرت، والثاني كان الهجوم عليهم عبر حليفهم السابق إبراهيم عيسى، هذا إلى جانب برنامج «مراجعات» على قناة «العربية» ، الذي دفع السلطة المصرية لمخالفة مبدأ تضارب المصالح، وسمحت لرئيس هيئة الاستعلامات، أن يعمل موظفاً لدى جهة أجنبية، بتقديمه للبرنامج، من أجل العمل العربي المشترك، وهو مواجهة الإخوان!

بينما أنا أتأمل ضعف مستوى اللواء خيرت على قناة «صدى البلد»، تذكرت شخصية كان الإخوان موضوعها الأثير بحكم التخصص الأمني، وأصدر كتاباً عن تجربته، وهو اللواء فؤاد علام، نائب رئيس جهاز مباحث أمن الدولة، فلماذا حلت عليه لعنة الآلهة ولم تعد البرامج تستضيفه، وهو الذي كان زبوناً دائماً عليها؟!

دور «حماس» في اغتيال النائب العام المصري

لقد استضاف أحمد موسى اللواء عبد الحميد خيرت، ليتحدث عن خطة الإخوان لإعادة بناء أنفسهم في السابق، ويبدو أنه يتحدث عن مرحلة قديمة، وحسناً أنه لم يبدأ المقرر الدراسي من البداية، عن اغتيال النقراشي باشا، والقاضي الخازندار، وقد شاهدت مقطعاً لهيكل في سلسلة حواراته مع لميس الحديدي، يتحدث عن الخازندار، كما لو كان قاضياً وطنياً اغتاله الإخوان، ورغم أنه صدر بعد اغتياله بيان حسن البنا «ليسوا اخواناً وليسوا مسلمين»، يقصد الجناة. إلا أنه لا يُذكر أبداً أنه كان قاضياً يدافع عن الاحتلال الأجنبي لمصر، ويرى الغزاة قوات حليفة، وليس هذا موضوعنا!

اللواء خيرت، انتقل من الماضي إلى الحاضر، بالقول إن الإخوان الإرهابيين وحماس سعوا لتوريط الأردن في الصدام مع إسرائيل، ومنها قال ما لم يقله أحد من قبل، وهو أن حركة حماس كان لها دور في اغتيال النائب العام!

وأسوأ شيء يمكن أن يحدث لحملة إعلامية، ألا يتعامل الناس معها بجدية، وأن ينظروا لكلام كبير (بحكم رتبته وموقعه الحساس السابق) بأنه كلام للتسلية، لا يبعث على الدهشة، فقضية اغتيال النائب العام هشام بركات تم التحقيق فيها، ولم يوجه الاتهام فيها لحماس، فمن في حماس فعلها، وقيادات الحركة يزورون القاهرة، ويلتقون بالمسؤولين فيها قبل الأكل وبعده؟!

والحرب بالأكاذيب سمة المرحلة، وقد قال الحليف السابق للإخوان إبراهيم عيسى إن الحكومة المصرية توقفت عن تعيين خريجي كليات التربية لأنها اكتشفت أن الكليات يسيطر عليها الإخوان، وهو أمر كذب لأن توقف سياسة التعيين (التكليف) بدأت قبل هذه الفترة، ليس لأن كليات التربية تتبع تنظيم الإخوان، ولكن للأزمة المالية على أيام حكومة كمال الجنزوري الأولى!

وإذ شهدت مصر زخماً عبر منصات التواصل عن اغتصاب تلميذ في مدرسة تابعة للكنيسة، على يد أحد العاملين بها، وانتهت بالحكم القضائي بالمؤبد، فإن إبراهيم عيسى مذيع قناة «القاهرة والناس» المملوكة لطارق نور الرئيس المسؤول في الشركة المتحدة، قال: إن هذه القضية يقف خلفها الإخوان!

وإذا سلمنا بذلك، فالأمر يعد اعترافاً بفشل السلطة القائمة، وأن الإخوان لا يزالون رقماً صحيحاً في مصر، ولديهم قدرة خارقة على الهيمنة والسيطرة والتوجيه وبسط النفوذ على القضاء نفسه، الذي أصدر حكمه القاسي على المتهم، وذلك رغم حملة الاستئصال الأمني، وحملة الإبادة الإعلامية، ففي أي شيء فلحت السلطة وأبواقها الإعلامية؟!

شهادة معاملة أطفال

لا يحمل القائمون على برامج المواجهة للإخوان، شهادة معاملة أطفال، وبما أن الاعتراف سيد الأدلة، وهم يعترفون بقوة الإخوان، حتى في التلفيق لهم، فأليس هذا يصب في خدمة الإخوان؟!

إن نقطة ضعف الإخوان عند ناخبيهم، وعند شبابهم، أنهم جماعة ضعيفة تبدى ضعفها وقلة حيلتها، في مواجهة الانقلاب، وهو الضعف الذي أفرز في السابق «جماعة التكفير والهجرة» ، وكان زعيمها شكري مصطفى يكفر الجميع بمن في ذلك الإخوان، ويقول إنهم يقولون إن الموت في سبيل الله أسمى أمانينا ومع ذلك تمكن عبد الناصر من إلقاء القبض عليهم وكأنهم دجاج في «عشة فراخ»!

وهذه المعالجة الإعلامية، تمثل دعاية للإخوان في هذا الجانب، والحقيقة لا أجد معالجة إعلامية في مستوى الفشل الذي منيت به المواجهة مع الإخوان!

حالياً، نحن أمام مواجهة هواة لا محترفين، لكن في الأزمة الأولى كانت المواجهة الإعلامية يقوم بها محترفون، ويستضيفون أشخاصا من السجن ينتمون للإخوان، فيقولون المطلوب منهم في الهجوم على الجماعة، لكن بموت عبد الناصر، انتهى تأثير الدعاية، ليكون الإخوان رقماً صحيحاً فلا أحد يتذكر من تمت استضافتهم، أو ماذا قالوا؟ وبعد سنوات اعتذر حمدي قنديل، مقدم هذه البرامج لأن يحاور سجناء قيد الأسر!

والاضطهاد هو كلمة السر في بقاء جماعة الإخوان، ولن يتحلل التنظيم، ويسري عليه ما يسري على الأمم، والامبراطوريات، والجماعات، من قوة، ونهاية، إلا بالحرية، لكن الحرية لن تمكن هؤلاء من السيطرة على الحكم، أو الاستيلاء على المنابر الإعلامية وترويج الأكاذيب!

إنها أزمة أصحاب المصالح، ولو لم تكن هناك جماعة الإخوان لاخترعوها!

وسوم: العدد 1125