قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ..

وأقول وبالله التوفيق.

لسنا - نحن الدعاة إلى الله في صفوف جماعة الإخوان المسلمين- ناقمين ولا متربصين، ولا متطلعين..

وقد تعلمنا منذ أيامنا الأول، في عهدنا مع نبينا، أن أحدنا إذا كان في الساقة كان في الساقة، وإن دُفع إلى مقدمة كان في المقدمة وأنشد.

إن على حامل اللواء حقا .. أن يخضب الصعدة أو تندقا..

ولم يكن مشروعنا الدعوي الإسلامي المفتوح، بآفاقه وأبعاده، في أي يوم، مشروعَ حظوة ولا مشروع سلطة، ولا مشروع كرسي وموقع..ولم نكن في أي يوم حزب سياسيا، ولا طلاب سياسة، ولا مراهنين على موقع.

وحين خلت الديار في شامنا الحبيب يوما، حُمّلنا فتحملنا، وامتُحنا فصبرنا، بفضل الله علينا، ما وسعنا الصبر والجهد. وكنا في كل موقع نبحث عن تكثير سواد العاملين..ولم نضق يوما بنسبة خير لأهله..ولا فضل لصاحبه، قاربنا أو باعدنا..

ولقد كنا وسنظل دائما نعلن: ناصحون.. ناصحون.. ناصحون..

وكنا وسنظل دائما، نؤكد: مشروعنا مشروع دعوة ترتسم أولياته في حدود الواقع الذي تعيش أوطاننا فيه..ونعيش فيه، نسعى إلى الإصلاح ما استطعنا، ونعين عليه ما وسعنا الجهد، أو استعان مستعين بنا. والأمر في قوله تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) في فقهنا، للوجوب، والنهي للالتزام، وعهد الله علينا أن لا يدعو داع الى خطة رشد إلا كنا له على دعوته أعوانا..

أولوياتنا الدعوية يحددها واقعنا وطننا ومجتمعنا العام. ومن الجهل والقصور وسوء التقدير، أن يقاس على موقفنا من الأسدين، وأولوياتنا في عهدهم، على كل عهد وزمان ومكان..

ونحن، في الواقع الوطني في سورية الحرة هذه الأيام، فرحون بنصر الله وفتحه، ومغتبطون ومؤيدون بما تحقق وأنجز، لا نبغض، ولا نحسد، ولا نكيد، ولا نتربص ولا نماري..

نحن عَيبة النصح، وقاعدة الحفاظ، ونحن الحصن والدرع، ندافع عن وطن لكل أبنائه..وعن القائمين عن الأمر فيه، بما وسعنا الجهد، لئلا يكيدهم صاحب كيد، ولا يمكر بهم صاحب مكر، ولا يستزلهم مريب صاحب غاية.

هم لنا الفئة. ونحن لهم العون والسند ما أرادوا، وندعو الله لهم أن يغنيهم ويعينهم ويقيهم السيئات ويدفع عنهم مكر الماكرين، وكيد الكائدين، ويلهمهم رشدهم.

وقد أخذ علينا العهد الأول أن نسمع ونطيع في غير مأثم..وأن نسمع ونطيع في كل دعوة إلى البر والرشد…

ونرى بعض الناس يسقطون القضايا على ما في نفوسهم، ويقرؤون المواقف بلحن أبجدية ابتدعوها، ما أنزل الله بها من سلطان..ولا تهجينا يوما حرفا من حروفها.

وأرجو أن يشمل حديثي هنا كلَّ سوري حر، فهذه الثورة ثورتنا جميعا، وهذا الفريق القائم على الأمر، هم من سوادنا وأهل خاصتنا الوطنية المفتوحة. ولكن الذين لا يرتقون إلى أفق الانتماء الوطني المفتوح لا يفقهون لا كثيرا ولا قليلا مما نقول..

نحن سواد السواد الوطني العام في وطننا الحبيب، لا نفكر بعقل حزبي، ولا بعقل فئوي، ولا بعقل طائفي. ربنا (رَبُّ الْعَالَمِينَ)، ورسالتنا (رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ). ومشروعنا (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) وأفقنا الأقرب قسط وبر، وطاعة بالمعروف، ونصح بالحق، ودفاع عنه، ونحن الذين نكثر إذا كان فزع، ونتوارى إذا كان طمع..!!

ونقول لإخواننا الذين استرعاهم الله أمر هذا الوطن، وأمر هذا الشعب، في هذه الظروف الأكثر صعوبة: وفقكم الله لكل خير، وأجراه على أيديكم، وسدد خطاكم، ونفع بكم، وهيأ لكم البطانة الصالحة.، تنصح بالخير وتعين عليه..

ونحن ندرك معكم بدون طويل شرح ولا تفصيل، طبيعةَ الظرف وأبعاده ومدخلاته ومخرجاته، ومهما تقلبت بالصادقين منا ومنكم الأيام والأحوال والظروف والمدخلات والمخرجات؛ فاذكروا أننا وإياكم على كلمة الله التي تجمعنا، وعهده الذي يسعنا، لا نُكث ولا غدر، وإنما وفاء وبر…

اللهم ألزمنا جميعا كلمة التقوى واجعلنا جميعا الأحق بها وأهلها...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1126