المواقف تتخذ لله الذي يأمر بالعدل.. ثم تعبيرا عن الإنسانية والأخلاق.. والمصلحة الوطنية..
يريبك كما يريبني بلا شك، أن فئاما من السوريين وغيرهم، يتذامرون ويتزامرون- الأولى بمعنى يدفع بعضهم بعضا، والثانية بمعنى يشكلون زمرا- مطالبين باستدامة العقوبات التي فرضت على نظام السارين والكلور والبراميل وتدمر وصيدنايا، لتبقى مفروضة على السوريين المدنفين الخارجين من المحنة المسنتة!!
وهذا الموقف ليس موقفا سياسيا أبدا، بل هو موقف إنساني أخلاقي وفقط…يعبر عن إنسانية وأخلاقية متخذيه.. يا حيف…
ومعنى يا حيف.."يا للحيف" أي يا أسف.. وياله من شطط وظلم وبغي
وأعجبني خلال متابعتي للأخبار، منذ مدة، أن فريقا من اليهود السوريين الأمريكيين، الأصلاء في سوريتهم، والذين غادروا سورية منذ نصف قرن تقريبا، شكلوا وفدا منذ نحو شهر، وزاروا الكونغرس، والتقوا ببعض أعضائه؛ وطالبوا برفع العقوبات عن وطنهم الأصلي سورية..!!
وأصف موقفهم هذا أيضا بأنه موقف إنساني أخلاقي ووطني.. وأحيبهم بوصفهم مواطنين سوريين لا هانت عليهم العشرة، ولا هان عليهم موال:
هيهات يابو الزلف عيني يا مولية
محلا الوما بالوما ومحلا الوطنية
ورحت انا لعندكن قبل العشا بنتفي
ولقيتكن نايمين وسراجكن مطفي..
كنت أحب أن أكمل الموال بس بخاف… أنا بخاف..
ويجب أن أؤكد أنهم اتخذوا قرارهم هذا بعيدا عن قرار الإيباك، المنظمة اليهودية التي تعبر عن رأي اليهود الأمريكيين… والتي ظلت عاكفة وراء رغبة نتنياهو وفريقه من السوريين الذين ما زالوا يطالبون باستدامة العقوبات!!
ولأنني قلت إن الموقف من قانون العقوبات هو موقف إنساني وأخلاقي يعبر عن طينة صاحبه..
يجب أن نذكّر أننا منذ أيام المخلوع وزبانيته، كنا نستنكر كل أثر للعقوبات يضيق على حيوات السوريين الجماعية والفردية.. وكنا نظل نردد: لا… للتضييق على الأبرياء… متحفظين على قانون العقوبات المذكور. كنا نقول إن أي طبق لن ينقص على مائدة بشار الأسد وزبانيته، ولكن رغيف الخبز قد يصبح صعب المنال على موائد المستضعفين السوريين!!
ستبقى إنسانيتنا وأخلاقنا دائما على المحك، وليس فقط وطنيتنا التي حولها بعض أصحاب المآرب إلى جلدة مطاطة، يمدها ويقلصها حسب ما تقتضي مصالحه..
أمر آخر
كيف تستقيم حياة مجتمعية، وطنية.. إذا كان بعض الفرقاء تحت القبة الوطنية العامة، يظل يردد للذي بحاذيه ويعاطيه أنا أخاف منك، ويجعل هذا الخوف ذريعة لبسط الأذى والاستئثار بالمقدرات..
وإذا تحدثنا عن قرن مضى بكل مآسيه فأي الفرقاء السوريين أحق بالخوف؟؟ وأي الفرقاء السوريين، ولا سواء، نزل البلاء بساحتهم أكثر؟؟
ومع ذلك يجب أن نعتبر جميعا ما نزل بساحتنا، على هوله، سحابة صيف، وقد تقشعت بحمد الله ، ويجب أن نعيد نسج حياتنا الوطنية على قاعدة (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ)
وأن وصية الله بيننا البر والقسط.
وسوم: العدد 1126