طوفان الأقصى عبارة عن حقنة طبية كشفت عن الانتشار الخطير للورم السرطاني الصهيوني في جسم الأمة العربية والإسلامية

لا مراء في اعتبار طوفان الأقصى حدثا تاريخيا فارقا بالنسبة للأمة العربية والإسلامية ، لأنه أيقظها من غفلتها التي طال أمدها ، ونبهها كما تنبه الحقن  الكاشفة للأمراض أو ما يعرف بمواد التباين المستخدمة في الفحوص الطبية إلى أن الورم السرطاني الصهيوني الخبيث قد انتشر انتشارا واسعا في مجموع أطراف جسمها .

 ومن الأدلة الدامغة على هذا الانتشار الواسع والخطيرأن هذه الأمة الغافلة التي تغط في سباتها لمّا عقدت العزم على مقاطعة التعامل مع  كل الجهات من شركات، ومؤسسات ، وأسواق ....داعمة للكيان الصهيوني المغتصب لأرض الإسراء والمعراج بالقوة ، ومقاطعة كل المواد والمنتوجات التي تخصص أرصدة  معتبرة من أرباحها لتسليح هذا الكيان العدواني الشرس ، وجدت نفسها متورطة من أخمص القدم إلى قنة الرأس في  المشاركة ، والمساهمة الفعلية  مع الجهات الداعمة له . ويكفي أن تستعرض لوائح المنتوجات والسلع على اختلاف أنوعها التي تطالب جهاتُ مطلعة ، وخبيرة  بضرورة َمقاطعتها من أجل تجفيف منابع الإرهاب الصهيوني لنجد أنها فوق العد ، وأن الأمة بالإقبال عليها أصبحت رهينة لدى هذا الكيان ، وقد استحكمت قبضته الاقتصادية المتينة عليها ، كما أنها أصبحت الشريان الرئيس الذي يمده بعناصر الوجود ،والاستمرار والبقاء ، والتمادي  في التسلط والطغيان والعدوان   .

 وإذا كان عدد العرب يزيد عن أربعمائة مليون نسمة ، وعدد المسلمين في العالم قد جاوز المليار والنصف  بما في ذلك النسمة العربية ، فعلينا أن نتصور حجم ما يدره استهلاكها للسلع والمواد التي تقتطع من أرباحها أرصدة معتبرة ممولة لتقوية ولتسليح الكيان المحتل للأرض العربية ، وهو الذي لم يعد يخفي نواياه الخبيثة بالتوسع في قلب الوطن العربي ، الذي هو بمثابة القلب النابض للعالم الإسلامي .

ولقد أصبح أفراد الوطن العربي والعالم الإسلامي الذين لا زالت وشائج العروبة والإسلام تربطهم بأرض الإسراء والمعراج ومقدساتها الدينية حيارى يتساءلون كيف يمكنهم مقاطعة كل  ما يدعم الكيان الصهيوني ،والحالة أنه  فوق العد والإحصاء من مأكولات ، ومشروبات ، وملابس ، وأثاث ، وأدوية.... وحتى الوقود الذي  هو عصب الاقتصاد العالمي ، والذي ينبع في أرض العرب والمسلمين وفي أرباح الشركات التي تسوقه  عالميا جزية يحصلها الصهاينة ؟ أما الغافلون أو الفاتر إحساسهم بتلك الوشائج ، فلا حديث عنهم ، بل فيهم طوابير خامسة يسخرها الكيان الصهيوني  عن طريق عملائه ،وهي تفاخر بالتصهين مستخفة بالعروبة والإسلام ، كما أنها تدين كل من يتصدى  بشكل أو بآخر للخطر الصهيوني المحدقة بالأمة ، وهي  تتودد إليهم حتى بلغ الأمر بها حد اختراع ديانة  جديدة سميت الإبراهيمية  نسبة إلى خليل الله إبراهيم عليه السلام  كذبا على الله عز وجل، وإنكارا لقوله تعالى في الآية السابعة والستين من سورة آل عمران  : ((  ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين )) ، وقوله تعالى  في الآية الخامسة الستين من نفس السورة : (( يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون )) ، وإذا كان هذا الخطاب موجها إلى اليهود والنصارى ، فماذا عسى أن يقال لأصحاب البيت الإبراهيمي والديانة الإبراهيمية ؟ ودونهم قوله تعالى في الآية الواحدة والخمسين من سورة المائدة : (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين)).

وإذا كان السرطان الصهوني الخبيث  منتشرا في جسم الأمة العربية والإسلامية اقتصاديا ، وهو أخطر انتشار، فإن انتشاره في مجالات أخرى عديدة  لا يقل خطورة أيضا ذلك أنه لا يكاد  يحدث شيء في الوطن العربي والإسلامي من  تظاهرات أو أنشطة مختلفة في شتى المجالات إلا وفيها بصمات صهيونية واضحة المعالم  تسوق تحت شعارات مختلفة لم تعد خافية على الأمة العربية والإسلامية .

نعود إلى القول بأن طوفان الأقصى كان بالفعل هو مادة التباين التي كشفت عن الورم الصهيوني السرطاني الخبيث الذي ينخر جسم الأمة العربية والإسلامية . أما وقد عرفت علتها ، وما يتهددها على المدى القريب، والمتوسط ،والبعيد ،فليس أمامها من خيار سوى البحث الجاد عن لقاح تقوية مناعتها  لمواجهة  هذا الورم الخبيث  السريع الانتشار ، ولن يتأتى لها ذلك سوى بالتحرر مما يلي :

ـ  أولا عقدة الاستسلام ، والخنوع، والخضوع لليأس ، والشعور بأن استعادة مناعتها صارت في حكم المحال ، وأن الورم الخبيث في انتشار متزايد ، وأنه قد بلع درجة لا طائل معها  من التعلق بأمل التعافي منه  .

ـ  ثانيا الانخراط في شن حرب اقتصادية  لا هوادة فيها على العدو الصهيوني عن طريق مقاطعة  فعالة ، وشاملة  لكل ما يدر عليه الأموال الطائلة ، وذلك من أجل تجفيف موارده التي يستقوي بها على الشعب الفلسطيني  أولا، وعلى كل الشعوب العربية والإسلامية ، وهو الذي صار يصرح جهارا نهارا  بأنه سيهجر ما بقي من الشعب الفلسطيني  إلى خارج أرضه المحتلة،  تمهيدا لتهويدها جملة وتفصيلا.

 ـ  ثالثا شن حرب سياسية ، وفكريا ، و ثقافية عليه من أجل تقوية  مناعتها ، والمحافظة على رصيد وعيها بحقيقة هويتها التي قوامها  التشبث بدين الإسلام والعض عليه بالنواجذ ، والتنبه إلى الحرب الشرسة التي تشن عليه من طرف طوابير التصهين الخامسة التي تمول جهات لم تعد خافية ، وذلك  لتمديد هذه الحرب عليه دون هوادة حتى يتم الإجهاز كليا على الهوية الإسلامية لأتباعه ، وبذلك يخلو الجو للصهاينة كي يحققوا أحلامهم المستقاة من الأوهام والأساطير التلمودية التي صنعت منهم نموذجا بشريا في منتهى الوحشية، والفاشية، والنازية في التاريخ المعاصر ، كما تشهد بذلك جرائم الإبادة الجماعية في القطاع والضفة على حد سواء .  

وأخيرا نتساءل هل ستتمكن الأمة العربية والإسلامية من الاهتداء إلى التطعيم الصحيح والمناسب لتقوية مناعتها أم أنها ستستسلم لفتك الورم الصهيوني  السرطاني الخبيث بها ؟؟؟

وسوم: العدد 1127