دافعوا عن الإسلام !

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

الانقلاب العسكري الدموي الفاشي ضد الإسلام والحرية والديمقراطية . هذه حقيقة مؤكدة ، ويخطئ من يظن أن العسكر لاعلاقة لهم بقضية الإسلام والنهضة الإسلامية وتحرير الإرادة الوطنية من قبضة العبودية للطغاة والفراعين . العسكر منذ عام 1952 كان همهم الأساس تجريد مصر من إسلامها وقيمها وأخلاقها التي جاء بها الوحي ليفسدوا في الأرض ويمنحوا كيان الاحتلال اليهودي فرصة الحياة والنمو والتمدد في شتى الاتجاهات ، ولم يكونوا أبدا أصحاب قضية غير الجلوس على كرسي السلطة . ومن أجل هذا الكرسي ضيعوا الإسلام والسودان وسيناء وكل فلسطين بما فيها القدس والجولان ، ولم يبنوا جيشا يواجه القتلة اليهود ويعيدهم إلى حجمهم الطبيعي ، ولكنهم فتحوا لهم كل آفاق القوة والسيطرة والهيمنة ومنحوهم منافذ على البحر الأحمر والمرور في قناة السويس والتحكم في مياهنا الإقليمية لدرجة أنهم يستخرجون الغاز الطبيعي بالقرب من سواحلنا ويعرضون علينا – يا للعجب !- أن نستورد منهم الغاز الطبيعي بعد أن كانوا يشترونه منا .

العسكر انهزموا في ثلاث حروب قاتلة ما زالت آثارها تدمي القلب وتجرح الشعور ولم يخفف منها قليلا إلا معركة العبور التي صنعها  قادة عظام كان ولاؤهم لله وليس للشيطان ، وكانوا أكثر تعففا وترفعا عن أموال الشعب والأمة ، وانشغلوا بمهنة واحدة هي مهنة القتال ضد العدو الخارجي ، وليس القتال ضد الشعب والدين فكتبت أسماؤهم في سجل العظماء.

كان من أوائل التصريحات لقائد الانقلاب أن الرئيس الشرعي الأسير كان يسعى لإنشاء إمبراطورية إسلامية ! أي خلافة إسلامية ، ومع أن الرئيس الشرعي الأسير لم يسع ولم يتكلم عن الامبراطورية الإسلامية ، فإن الذين خططوا للانقلاب ويلقنون قائد الانقلاب ما يقول – ومنهم كاتب الناصرية الأوحد – يعلمون أن أوربة الاستعمارية صنعت خلافة صليبية قوية تفيد شعوبها وتسهل التنقل فيما بين دولها ، وتنعش اقتصادها وسياستها ، وتقوي بناءها العسكري ، وقد جاءت وزيرة خارجية الخلافة الأوربية السيدة آشتون إلى القاهرة أكثر من مرة لتنقذ الانقلاب والانقلابيين من غضبة الشعب المصري المسلم . الانقلاب مصر على شطب الإسلام من حياة مصروالمصريين بعد أن سماه الإرهاب ، وفقا لنظريته النازية المجرمة : نحن شعب وأنتم شعب . لنا رب ولكم رب !

الانقلاب العسكري جاء ليعتقل من يقولون لا إله إلا الله ويدخلهم السجون والمعتقلات بتهمة الانتماء إلى الإسلام ، ولم يعرف عنه أنه اعتقل لصا كبيرا أو صغيرا ، أو حاكما مرتشيا أو ناهبا لأراضي الدولة وأموالها أو متآمرا على سلامة الشعب وحريته واستقلاله ، أو عدوا للإسلام يحاربه ويتآمر عليه ، ولكن شغله الشاغل حتى الآن هو ملاحقة الإسلام والمسلمين ، والتفاهم مع قادة العدو الصهيوني .

الحرب على الإسلام كانت الهدف الأكبر للانقلاب وأعوانه من الناصريين والشيوعيين والليبراليين والطائفيين والمرتزقة، الذين حسموا أمرهم بالانحياز ضد الديمقراطية والحرية ولا أمل فيهم ، واتخذ لذلك خطوات عملية تمثلت في إغلاق قرابة ألف وخمسمائة مسجد ، والهجوم على أكبر المساجد: القائد إبراهيم والأزهر ومصطفى محمود ومنع الصلاة فيها . كما تم إحراق مسجدى رابعة العدوية والفتح وتعطيل إقامة الشعائر فيهما ، ثم منع آلاف الخطباء من إلقاء خطبهم بحجة أنهم ليسوا أزهريين ! أما الخطباء الأزهريون فقد حدد لهم زمن الخطبة بخمسة  عشر دقيقة !

هل يستطيع الانقلاب أن يغلق كنيسة أو يمنع قسيسا من ممارسة مهمته أو يحدد له زمنا يلقي فيه موعظته ؟

الانقلاب العسكري جاء ليقضي على الهوية الإسلامية ، فسخر مجموعة من الشيوعيين والعلمانيين والطائفيين المعادين للإسلام ليكتبوا دستورا ممسوخا منبت الصلة بالإسلام وهوية الأمة ، حتى المواد الشكلية التي تتحدث عن دين الأمة يسعى لحذفها بحجة إقامة دولة مدنية بينما يقيم العسكردولة عسكرية ، وفي الوقت نفسه أبقى على المادة الثالثة التي تجعل لليهود والنصارى حق الاحتكام الى تعاليم الكتاب المقدس !

فأي نكبة أصابت الإسلام والمسلمين في مصرعلى يد العسكر الذين يريدون التفرغ للسياسة وحكم مصر بدون الإسلام ويتركون مهمة قتال العدو الخارجي لمجلس الأمن الدولي ؟!

الانقلاب العسكري الدموي الفاشي يصر على حل الجمعيات الإسلامية وفي مقدمتها جمعية الإخوان المسلمين ومصادرة أموالها وممتلكاتها ، وإلغاء الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية التي أثبتت أن لها ثقلا شعبيا قويا ، وفي الوقت نفسه لا يستطيع الاقتراب من الجمعيات الطائفية التي يغدق عليها الغرب والشرق أموالا بلا حساب ويتم توظيفها للتنصير وتمويل الحرب ضد الإسلام ، كما لا يستطيع أن يقترب من الأحزاب الموالية للكنيسة أو تلك التي ينفق عليها الملياردير الطائفي المتعصب المعروف والمتفرغ لتجنيد المتظاهرين والصحفيين والإعلاميين لمحاربة الإسلام والحرية والديمقراطية .

كانت هناك مشورة لبعض مخططي الانقلاب كما يقول الدكتور محمد الجوادي لإعدام الرئيس المنتخب ومرشد الإخوان  وأبرز القادة الإسلاميين بمحاكمات عسكرية سريعة للتخلص من عناصر النهضة الإسلامية واستتباب الأمر للانقلابيين ؛ مثلما فعل عبد الناصر حين  أعدم عبد القادر عودة وإخوانه وسيد قطب وإخوانه وآخرين قتلهم بالتعذيب أو الموت البطيء في السجون حيث حقق من وجهة نظر كاتب الناصرية الأوحد نتائج قمعية أوقفت المد الإسلامي وعطلته فترة طويلة من الزمان ، وهو ما جعل الولايات المتحدة تنظر إلى عبد الناصر بوصفه رجل دولة ولو أطال لسانه عليها وعلى أتباعها !

  إن العسكرلا يقبلون بالديمقراطية ولا الحرية لأن صناديق الانتخابات تأتي بمن يجعلون ولاءهم للشعب وليس للعسكر الذين تقوم فلسفتهم على أنهم دولة فوق الدولة وسلطة فوق السلطة وأن مهمتهم حكم البلاد والهيمنة على العباد .

لقد انحاز العسكر للأقليات السياسية والطائفية المعادية للإسلام ، ونسفوا أول تجربة ديمقراطيةعرفتها مصر، وشجعوا الأقليات العلمانية الموالية للغرب أن تعطل الديمقراطية في تونس وليبيا واليمن ، وتمارس المزيد من القمع والذبح في سورية .

 الثورة المضادة التي انتهت إلى الانقلاب العسكري الدموي استهدفت الإسلام والديمقراطية ، وقد نجحت إلى حد كبير في قتل الألوف وإصابة الألوف ، واعتقال الألوف ، وملاحقة الألوف ، وترويع الشعب كله ، ولكن الشعب لن يستكين ، لأنه سيدافع عن دينه وحريته وعن الديمقراطية التي تأتي بمن يريده الشعب وليس العسكر!