هيكل : البكاء منه والبكاء عليه !

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

يظل الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل رمزا للبوق الإعلامي الذي يخدم السلطة المستبدة في صورتها الدموية المتخلفة مهما أوتي من مفاتيح البلاغة المبهرة والصور التعبيرية المدهشة التي تظهر صاحبها في هيئة صاحب الرأي المستقل والإرادة الذاتية الخالصة . لقد ظل هيكل طوال ستين عاما على حجر السلطة العسكرية التي سطت على الحرية في مصر عام 1954 ومنحت الديمقراطية والكرامة الإنسانية إجازة مفتوحة ، وحين بدا للناس في مصر بعد ثورة يناير أنهم استعادوا الكرامة والحرية والديمقراطية باغتتهم السلطة العسكرية مرة أخرى بالانقلاب الدموي والترويع الأمني والإرهاب البوليسي وفقا لمشورة هيكل ألتي ألح عليها منذ مارس الماضي وحرك بها صبيانه في الصحافة والإعلام والندوات والمؤتمرات عندما تحدث إلى أم جميل على شاشة التلفزيون وطالب باستدعاء الجيش لضبط الحياة السياسية بصورة لا تبدو انقلابا عسكريا ، وهو ما نفذه قائد الانقلاب الدموي الذي لم يستطع أن يخافت بوقع البيادة العسكرية على رأس الدولة والمجتمع الدولي ، فقد كان وقع خطواتها صاخبا ومجلجلا ومريعا ، لقد ألقى إلى صفيحة الزبالة باختيار الشعب المصري في الاستفتاءات والانتخابات التي شكلت المجالس التشريعية واللجنة التأسيسية والدستور ورئاسة الجمهورية . تلا ذلك مذابح غير مسبوقة في تاريخ مصر .

يوم فقدت الولايات المتحدة عددا أقل من العدد الذي قتل واحترق أو طبخ في رابعة العدوية شنت حربين طويلتين انتقاما لقتلاها منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001  ولم تنتهيا عمليا حتى الآن ، وراح ضحيتهما ملايين القتلى والجرحى عدا ما تخلف من أرامل ويتامى ومعاقين . 

هيكل لم تصله فيما يبدو أصداء المجازر في الحرس الجمهوري والمنصة ورابعة العدوية والنهضة ورمسيس ومسجد الفتح والمنصورة وأماكن اخرى ولا حرق مقرات الإخوان وممتلكاتهم ومحلاتهم في أرجاء مصر المحروسة بمعرفة الطرف الثالث إياه، ولكنه كان مشغولا بهجاء الإخوان المسلمين وتحليل دمائهم وأموالهم وممتلكاتهم والإشادة بقائد الانقلاب الذي رآه أكثر شبابا مما كان يتوقع .

وحين قام بعض المسجلين بالهجوم على بيت هيكل في برقاش وأشعلوا فيه النار وأحرقوا مكتبته، تحرك صبيانه في كل الصحف وأجهزة الدعاية للحديث عن المكتبة التي أحرقها الإخوان الجهلاء أعداء العلم والفكر والثقافة، وفرشت إحدى تلميذاته التي بلغت أرذل العمرالملاية  للإخوان طيور الظلام أعداء الحياة الذين خططوا للقضاء على حصاد العمر الذي جمعه الأستاذ بالأموال الطائلة  ، ولم تزل عيناه في الغربة تذرف دمعا لا جفاف له ولا مهرب منه عندما نقل إليه نبأ المحرقة. حريق كتبه.. حرقة ضياع كنوزه.. حصيلة الأيام والسنين واللقاءات والاقتراب والارتحال.. أول كتاب وأحدث كتاب. الركن القصي الذي أودعه آخر المقتنيات التي يزمع قراءتها.. طريقة تصنيفه واختياراته في رفوف السياسة والتاريخ والأدب والشعر وخرائط الكون ومذكرات الخالدين, فالثقافة أحد مكونات عقله, وعلي صفحات ذاكرته من التراث الشعري العربي, دواوين ومعلقات توشي بأبياتها جفاف الرأي السياسي فتحوله بقدرة الشعر إنسانيا سمحا.. سطور في صفحات علم عليها لتأصيل شرحه وفهرسة نهجه وتشفير ناقده.. كلمات ليست كالكلمات.. أوراق ليست كمثلها أوراق.. كتب ليس لقيمتها ثمن... إلخ .

التلميذة الوفية لأستاذها بوق الاستبداد والعار والهزائم لم تلطم ولم تصرخ ولم تبك شهيدا بريئا في عمر أولادها ؛ سقط على أرض رابعة مضرجا بدمائه الزكية ولم يكتف المجرمون القتلة بذلك بل أحرقوا الموتي والأحياء ثم كسحوهم بالجرافات وألقوا بهم في حاويات الزبالة . الست الهانم التي تبكي وتولول على هيكل ومكتبته لم يهتز لها رمش او يختلج لها جفن وهي تشاهد على شاشات الفضائيات ما فعلة الانقلابيون القتلة ولكنها اهتزت وارتعشت ولطمت وصوتت عندما احترقت كتب هيكل المتهم بحرقها الإخوان الظالمون ؟! وتنتظر أن تحتفل بعيد ميلاده التسعين وترى أنه لابد أن يقول كل ما في جعبته الحرام قبل أن ينصرف !

هيكل اتهم الإخوان رسميا في بلاغ للنيابةعن طريق محاميه بحرق مكتبته والتخطيط لذلك في اعتصام رابعة ، وكرر الاتهام في حواره مع أم جميل على شاشة التلفزيون قائلا : " إن أمر الهجوم ( يقصد الحريق ) صدر من ميدان رابعة في نفس اليوم الذي تم فيه فض الاعتصام. وأضاف: هناك مكتبتان تعرضتا للحريق الكامل إحداهما تحمل في طياتها أمورا مهمة، منها كتاب وصف مصر في عام 1807-1808 وقد طبع منه فقط 800 نسخة وكنت حريصاً جداً عليه وواحد تحت رقم 25 يحمل خرائط وجميعها يحمل صوراً، الى جانب عدد هائل من الوثائق التاريخية التي تعود الى عهود الخديوي والى مصطفى كامل وجمال عبد الناصر، بالاضافة الى عدد كبير جدا من اللوحات الفنية النادرة" .بيد أن الأهرام صبيحة حديثه التلفزيوني نشرت أنه تم القبض على من أحرق المكتبة الهيكلية ولم يكن إخوانيا لحسن الحظ . قالت الأهرام في 14/9/2013  :

 " تمكنت أجهزة الأمن بالجيزة من القبض علي مرتكبي واقعة إشعال النيران بفيلا الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل والاستيلاء منها علي عدد من الوثائق التاريخية وحرقها وحرق نقطة شرطة المنصورية خلال الأحداث التي شهدتها البلاد عقب أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة.... وأمام العميد مصطفي عصام رئيس مجموعة الأمن العام بالجيزة اعترف المتهم عبدالرازق جمال23 سنة ـ قهوجي بأنه قرر بالاشتراك مع آخرين إضرام النيران بنقطة شرطة المنصورية وسرقة محتوياتها كما قام المتهم وآخرون بسرقة محتويات الفيلا ملك الكاتب محمد حسنين هيكل وعثر بحوزة المتهم علي شارتين عسكريتين برتبة نقيب وعلبتي سيجار خشبيتين ومطواة وتبين من التحريات ان المتهم محكوم عليه وهارب من5 قضاياواعترف المتهم تفصيليا بالاشتراك مع المدعو محمد عبدالفتاح عبدالمحسن أحمد بسرقة الفيلا ويكثف رجال الأمن تحقيقاتهم لضبط الوثائق التاريخية والمقتنيات الاثرية التي استوليا عليها من مكتبة الكاتب الصحفي وتمت إحالتهما إلي النيابة التي تولت التحقيق ".

بالطبع لن يعتذر هيكل وصبيانه للإخوان المسلمين ، كما أنهم لن يعتذروا للشعب المصري الذي حرضوا على قتل أكثر من خمسة آلاف من أبنائه وإصابة أكثر من عشرة آلاف بعضهم إصابته خطره ، وإذا كان صبيانه يبكون عليه ويلطمون من أجله ، فإن الشعب يبكي منه ومن جرائمه ، وأظن أنه لن يتوقف عن البكاء أقصد بكاء الأمهات والثكالى الذين فقدوا فلذات الأكباد حتى يقف هيكل أمام محكمة عادلة تحاسبه على جرائمه منذ عام 1954 حتى الآن حيث برر وسوغ وحض على جرائم لا تسقط بالتقادم في مقدمتها اغتيال الحرية وتدمير الوطن وقتل الأبناء !!!

ضرب سورية مستبعد.. والوطن العربي يتساقط

هيكل: الاخوان انتحروا باللجوء الى العنف والاستقواء بالخارج بعد صدمتهم من الثورة

SEPTEMBER 12, 2013

لندن ـ ‘القدس العربي’:قال الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل ان جماعة الاخوان شعروا بالصدمة من حجم الثورة في الثلاثين من يونيو، وفوجئوا بالدعم الامريكي بشكل عام لهم، ما دفعهم الى الاستقواء بالخارج واللجوء الى العنف في مواجهة النظام الجديد متناسين قوة الارادة الشعبية التي تقف وراءه.

واشار الى ان الاخوان يعمدون الى عمل انتحاري، رغم انه كان يمكن لهم ان يقبلوا باستفتاء رئاسي مبكر مقابل ضمان بان يدخلوا الانتخابات الرئاسية مجددا، لكنهم رفضوا لانهم كانوا يعرفون مسبقا انهم سيهزمون فيها. لكنه اعتبر ان ركون الاخوان حاليا الى العنف يعد تطورا فكريا طبيعيا، بعد تولي المدرسة القطبية (متمثلة في المرشد محمد بديع) القيادة وهي مدرسة تكفيرية حسب تعبيره.

واشار هيكل الى ان الوطن العربي يتساقط تباعا، ويجب على الناس ان تتنبه الى ما يحدث في سورية، الا انه استبعد ان تحدث ضربة امريكية لسورية بسبب ان المخاطر كبيرة للغاية، خاصة ما سيجري بعد سقوط النظام.

واعتبر هيكل في حديث لقناة سي بي سي المصرية امس ان قائد الجيش الفريق عبد الفتاح السيسي حاول اعطاء فرصة كاملة لمحمد مرسي، حتى انه تعرض لاتهامات في وقت ما بالتآمر مع الاخوان، وانه قد اضطر لطلب التفويض الشعبي لاحقا لاستعادة الامن بعد الفشل الاخواني الكامل في الحكم، ولجوئهم للعنف.

واشار الى ان الرئيس المعزول محمد مرسي كانت لديه شكوك كبيرة في اعضاء مكتب ارشاد جماعة الاخوان، حتى انه ذكرهم علنا بانه القائد الاعلى للجيش، بعد ان اصر على حضور السيسي وقيادات الجيش لخطابه الشهير في قاعة المؤتمرات، ليبين لهم انه يسيطر على السلطة بشكل كامل.

وقال هيكل انه اجتمع مع الدكتور محمد البرادعي في اول يوليو الماضي، واقترح ان يجري استفتاء شعبي مبكر على الرئاسة، الا ان الاخير اخبره انه لا يستطيع ان يخبر الجماهير بهذا الاقتراح، فرد عليه بانهم ‘ليسوا جماهيرك اصلا ولست مضطرا الى اخبارهم اي شيء’.

واكد ان البرادعي وافق على الخطة الاصلية للحكم المتمثلة في خريطة المستقبل، ما يعني تأييده لخطة فض الاعتصام التي تم تنفيذها بعد فترة من التأخير بسبب الرغبة في التفاوض مع الاخوان حتى اتضح انه لا طائل من ورائه.

وقال: البرادعي تسرع في الاستقالة، وكان عليه ان يدرك ان بقاء الاعتصام في رابعة امر في منتهى الخطورة، ، وان بعض القوى الدولية اراد ان تنقسم مصر الى فريقين مثل سورية، وكان من الخطأ اننا سمحنا لهم بالتدخل في شؤوننا.

واعتبر ان سيناء ما زالت رهينة ومكشوفة مع تدفق كميات كبيرة من الاسلحة من الحدود الليبية، ووجود عدد كبير من المسلحين يتراوح بين 18 و 24 الف مسلح سواء من الداخل او الخارج.

وحول شخصية الفريق السيسي، قال هيكل انه التقاه اول مرة في مارس 2011 حينما كان ما زال يحمل رتبة اللواء، واخبره انه قرأ كل ماكتبه. واكد انه عرف ان السيسي كان من طرح لاول مرة ان الجيش لا يمكن ان يوجه سلاحه ضد الشعب تحت اي ظرف.

وقال ‘وجدته اكثر شبابا وحيوية مما توقعته، وهو يعرف ما يحدث في العالم بسبب دراسته في الولايات االمتحدة، وعنده رغبة في الاصغاء والفهم. وقارئ جيد للتاريخ المصري الحديث’.

واعتبر هيكل انه لا بد من وضع دستور جديد حيث انه من غير الممكن بناء عهد جديد على تعديل دستور صدر في عهد تم الغاؤه.

واشار الى ان مصر في مأزق كبير، لكنها تعودت وتعلمت كيف تتغلب على كل الازمات، وهو ما سيحدث في النهاية، معتبرا ان الناس يصبرون لانهم يدركون الصعاب التي تمر بها البلاد.

وبالنسبة الى الهجوم الذي ادى الى حرق مكتبته التاريخية، قال ان امر الهجوم صدر من ميدان رابعة في نفس اليوم الذي تم فيه فض الاعتصام. واضاف: هناك مكتبتان تعرضتا للحريق الكامل إحداهما تحمل في طياتها أمورا مهمة، منها كتاب وصف مصر في عام 1807-1808 وقد طبع منه فقط 800 نسخة وكنت حريصاً جداً عليه.

وواحد تحت رقم 25 يحمل خرائط وجميعها يحمل صوراً، الى جانب عدد هائل من الوثائق التاريخية التي تعود الى عهود الخديوي والى مصطفى كامل وجمال عبد الناصر، بالاضافة الى عدد كبير جدا من اللوحات الفنية النادرة

واراءالأستاذ هيكل‏..‏ بردا وسلاما

سناء البيسى141356طباعة المقال

قلبي عليك يا خي من حرق قولة آي‏..‏ أعلم أدرك أعي أشعر أحس ألمس أقدر‏..‏ أتفهم بحور ألمك‏..‏ أتوحد معك في حزنك‏..‏ أتفاعل إلي آخر المدي لما جري لك‏.

أشاركك الأسي في عمق فاجعتك التي تطير الرشد, وتشتت العقل, وتدك هامات الرجال الجبال.. أستاذي.. سألتك يوما عن دموعك فقلت لي إنك بكيت مرتين.. الأولي يوم جنازة عبدالناصر لأنه كان صديقا قريبا جدا مني وسيبقي اعتقادي بأنه ليس فقط إنسانا عظيما وإنما تاريخ عظيم, والمرة الثانية: عند علمي بوفاة السادات في ليمان طرة وذلك في اليوم التالي لمقتله لأننا كنا معزولين داخل الأسوار عزلا كـاملا عما يجري خارجها, وعندما صدرت التعليمات بإمكانية نقل الخبر إلينا أتانا مأمور السجن لينقل لنا نبأ الوفاة علي أنها نتيجة لأزمة قلبية فوجدتني لا أستطيع التحكم في دموعي.. ولابد أنها المرة الثالثة التي أبكتك الآن ولم تزل عيناك في الغربة تذرف دمعا لا جفاف له ولا مهرب منه عندما نقل إليك نبأ المحرقة. حريق كتبك.. حرقة ضياع كنوزك.. حصيلة الأيام والسنين واللقاءات والاقتراب والارتحال.. أول كتاب وأحدث كتاب. الركن القصي الذي أودعته آخر المقتنيات التي تزمع قراءتها.. طريقة تصنيفك واختياراتك في رفوف السياسة والتاريخ والأدب والشعر وخرائط الكون ومذكرات الخالدين, فالثقافة أحد مكونات عقلك, وعلي صفحات ذاكرتك من التراث الشعري العربي, دواوين ومعلقات توشي بأبياتها جفاف الرأي السياسي فتحوله بقدرة الشعر إنسانيا سمحا.. سطور في صفحات علمت عليها لتأصيل شرحك وفهرسة نهجك وتشفير ناقدك.. كلمات ليست كالكلمات.. أوراق ليست كمثلها أوراق.. كتب ليس لقيمتها ثمن.. مراجع وأصول ومذكرات ورسوم ووثائق وبيانات رسمت خريطة عقل بشري من نوع خاص استقاها من عصير ثمانية عشر ألف كتاب سكنت بتضاريسها وسهولها وجبالها وأوديتها وبحارها وتاريخها وناسها وتراثها خلايا فكر لا يهدأ.. جميعها احترقت.. حرقها الإخوان حقدا منك وكيدا فيك.. التوت جميع الأوراق بفعل النار, وتفحمت أطرافها ورءوسها وأنت قلوبها, وتداعت أغطيتها, وتهاوت عناوينها, وأصبح المشهد رمادا ماتت فيه سطور العقل فوق مذبحة الجهل.. أكلت ألسنة النار أصول ومراجع ووثائق كل من كتاب فلسفة الثورة لجمال عبدالناصر الذي كتبته له عام 1953, وكتاب العقد النفسية التي تحكم الشرق الأوسط في 1958, وكتاب مذكرات إيدن السويس في 1960, وكتاب أزمة المثقفين عام1961 , وكتاب ما الذي جري في سوريا عام 1962, وكتاب يا صاحب الجلالة عام 1963, وكتاب خبايا السويس عام 1966, وكتاب الاستعمار لعبته الملك عام 1967, وكتاب نحن وأمريكا عام 1968, ووثائق وعشرات الكتب التي ترجمت إلي لغات الأرض ومنها خريف الغضب وحرب أكتوبر, ملفات السويس, سنوات الغليان, الانفجار, الزلزال السوفيتي, حرب الخليج, حدث في قرطاج... و..لقد أتي الحريق علي جميع الوثائق والجسور وويله من حريق!!.. هذا.. وقد أسفرت المعاينة التي أجراها محمد الشريف وكيل أول نيابة كرداسة لمكان حادث اقتحام مقر فيللا الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل في قرية برقاش عن وجود آثار لتحطيم الفيللا بالكامل وسرقة محتوياتها ووجود آثار حريق مدمر بالمكتبة الخاصة بالكاتب وإتلاف ما فيها, وتبين من المعاينة حرق 18 ألف كتاب ومخطوطة ووثيقة نادرة, وحسبما ذكرت المصادر أن واقعة الحريق أتت يوم الأربعاء 14 أغسطس عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة بساعتين علي خلفية اجتماع نواب سابقين في لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشوري المنحل الثلاثاء في إحدي قاعات مسجد رابعة العدوية, حيث مقر اعتصام الجماعة ومؤيدي المعزول, والذين أعلنوا فيه ما سموه قائمة سوداء بأسماء الكتاب الذين دعموا الفض وضمت اسم الكاتب الكبير!

احترقت جميع الأوراق يا سيدي وكنت الذي تنصحنا بألا نلقي ورقة ولا نزدري سطرا, وتذكر عندما دخلت غرفة العمليات العسكرية بعد توقف العدوان الثلاثي فوجدتها مكدسة بالأوراق والبرقيات الهامة بعضها واقع علي الأرض عندما خرجت القيادة وتركتها, فجلست بملابسك علي الأرض تجمعها بعناية فائقة ليسألك عبدالناصر: ماذا تفعل بتلك القصاصات؟ فأجبته: سيأتي اليوم الذي أستشهد بها عند الكتابة عن هذه المرحلة.. وبالفعل كانت معلومات كتابك عن عدوان 1956 مستندا إلي وثائق وخرائط ومعلومات بعضها كان ملقي علي الأرض لجمعه في القمامة.. وسألتك عن أهمية التوثيق في كتبك وعلاقته بقولك ما أضيع الحقيقة في هذا البلد فأجبتني: هناك مثل عربي يقول (وما آفة الأخبار إلا رواتها).. نحن أمة رواة أحاديث, وفي تراثنا المقامات والسير والطبقات, وجميعها حكايات ناس مأخوذة بالسماع والرواية, ومع الوقت يختلط السرد ويحذف منه ويضاف إليه الكثير.. وعلي سبيل المثال أقول فيما يتعلق بعبدالناصر إنني عشت مرحلته من الداخل والخارج, وكذلك السنوات الأربع الأول من حكم السادات فقد كنت خلالها أقرب رجل وإنسان إليه, وهذا طبقا لأقواله, وهنا نجد البعض الذين يحكون عن أدوارهم في تلك الفترات, بينما الحقيقة أنهم لم يحضروا شيئا ولم يشاهدوا أمرا.. مع مضي الوقت تموت ناس ليأتي من يستبيح التاريخ ليحكي أي حاجة لا علاقة لها بالحقيقة, وهنا تضيع حقائق الأمور.. بالنسبة لي من الممكن أن أروي الحقائق لأنني كنت موجودا وشاهدا, وسيؤخذ كـلامي بمصداقية, لكنني بلغة التوثيق أقول: كنت موجودا وهذا هو الدليل من خلال الوثائق المرفقة التي أنفق عليها الكثير, فكتابي القادم ـ لم يقل لي الأستاذ وقتها عنوانه ـ دفعت لوثائقه أكثر من أربعين ألف دولار, وتكلفت وثائق كتابي (سنوات الغليان) و(الانفجار) مبالغ طائلة.. لقد قرأت للبعض, الذين أثق أنهم لم يقابلوا عبدالناصر في حياتهم مرة واحدة, حوارات طويلة أجروها معه!! والأمر هنا ليس متعلقا بعبدالناصر فقط, ولكن من خلال الوثائق علينا التدقيق في وقائع خاصة بتاريخ مصر, وهنا يأتي دوري لقول كلمتي التي تختلف عن كل هؤلاء بذكر ما حدث, ومعي الدليل علي أنه حدث.. وها هو يا أستاذي قد حدث أن أحرق الإخوان ما كان لديك من وثائق قيل يوما إنها لا تقل عن 30 ألف وثيقة مهمة.. و..سألته يومها عن أهم وثائقه فتركني الأستاذ هيكل وذهب إلي مكتبته الضخمة لينحني إلي درجها الأخير ويعود بالكنز الذي لا يخرج عن دوسيه عادي يضم بعض الأوراق ليطلعني بحرص بالغ علي فحواها قائلا: الأوراق هوايتي, وهذه مجموعة خطابات بخط (اللورد كرومر) وقت أن كان حاكما مطلقا في مصر كتبها لصديقه (مون كريف) وآخرين.. ميزتها أنها بخط يده, كتبها في قصر الدوبارة, لقد كان من الشخصيات المهمة للغاية في تاريخ مصر. عندما أجد مثل هذه الأوراق لا أستطيع الوقوف أمامها مكتوف اليدين لتذهب إلي أيد أخري لا تمثل لها أهمية مثلما تمثل لنا. أتقدم لشرائها مادامت لدي إمكانية الشراء.. أذكر أن والدي كان يقول عن أوجه صرف النقود بين أولاده إن أختي الكبري حريصة علي تحويش الفلوس, أما محمد فكل ما عنده يشتري به أوراقا, وكانت في وقته مجلات وكتبا.. رأيت أوراقا كثيرة وصورتها, ولدي الكثير من الأصول لها.. تتساءلين ماذا سأفعل بها؟!.. لم أصل إلي قرار بعد.. خطابات اللورد كرومر مثلا اشتريتها في زيارة أخيرة للندن ورغم أن كاتبها انجليزي لكني حرصت علي اقتنائها لأن صاحبها هام كشخصية أقامت في مصر وأنا مهتم جدا بكل ما يتعلق بمصر بلدي.. وفي مجال اقتناء الأوراق وأصولها لست مؤرخا ولا أريد أن أكون, وإنما أنا صحفي وهذا ما أردته وأريده باستمرار, وما يعنيني في الأوراق أن هناك أشياء محفوظة متعلقة بالفترة التي عشتها سواء علي الساحة السياسية, وبعيدا عنها, وذلك لأنني أولا مازلت أكتب وأدلي بالأحاديث وبالتالي فما أقتنيه من وثائق تهمني مباشرة لعملي ولأن من خلالها المستقبل يتشكل.. ولأنني أسير علي درب أستاذي وجدت من بين أوراقي خطابا ممهورا بإمضائه أرسله لي لأبعثه بدوري للكاتب الصحفي الصديق مفيد فوزي الذي كان قد قام بعمل حوار مطول معه في برقاش علي مدي خمسة أعداد من مجلة نصف الدنيا التي كنت أرأس تحريرها في ذلك الوقت عام..2000 يقول الخطاب:

عزيزي مفيد..

أنت تعرف تقديري لك صديقا وصحفيا, ونجما من ألمع نجوم الحوار. ولأني حريص علي ما بيننا من علاقة.. فإني أرجوك أن تجنبها غربة الخطابات المفتوحة يوجهها أحدنا إلي الآخر كأنها دعوة إلي ملاكمة أو مصارعة, وذلك نوع من الحفلات عالية الصخب تكرر كثيرا وزاد في حياتنا السياسية والصحفية, والأدبية والفكرية, ثم إنه في ميادينه وعلي حلبات هذه الميادين تشابكت وتضاربت الحكايات والروايات بين العصور والدهور سابقة ولاحقة, وجري ذلك في غيبة مشروعية من أي نوع, وفي غيبة حكم مؤتمن علي قواعد هذه المشروعية!

إنني عدت من سفر غبت فيه عن الوطن ثلاثة أسابيع, ثم وجدت في انتظاري خطابا مفتوحا تفضلت ووجهته إلي. وبإذنك فإنني سوف أستبقي هذا الخطاب مطويا حتي نتقابل مرة ثانية, ثم نفتحه وقتها حوارا بين طرفين مهتمين بالسياسة.. رجلين وراء كل منهما في الماضي تجربته, ومع كل منهما في الحاضر موقفه, وأمام كل منهما في المستقبل رؤيته..

نتذكر في الحوار الأخير ـ الذي نشرت وقائعه ـ أنك أنت الذي اخترت له أن يكون حوارا إنسانيا قبل أن يكون حوارا سياسيا, وكان من هنا عنوانك لكل الحلقات مؤكدا ومصرا علي أنه ليس الجانب السياسي وإنما هو الجانب الآخر.

إنني واحد من الذين يعرفون بيقين ـ بداية ونهاية ـ أن الإنسان هو شغل وشاغل السياسة, وأن السياسة لا فعل ولا قيمة لها إلا إذا انشغلت واشتغلت بالإنسان, ومع ذلك فإن هناك درجات ومعايير توزن وتقاس بها المقادير والنسب.

ولعلنا وقد طال الحوار الإنساني السابق بيننا بأكثر مما توقعت, ولكي لا يزداد إلحاحنا علي هذه المجلة الكريمة وقرائها الصابرين ومعهم رئيسة تحريرها الغالية.. أن نفكر ونتطلع إلي حوار سياسي جديد أترك لك بمهاراتك التي نشهد بها جميعا أن تضع القاعدة الحاكمة لطبيعته ولسياقه, وعلي نحو يضمن له أن لا يكون مزيدا من سهام منطلقة بكل قوة ذاهبة إلي فراغ بلا نهاية.. ومع كل الود..

محمد حسنين هيكل

ولأنها الأيام التي يرتفع فيها صوت المؤامرة أشتم في حريقك بالذات رائحة المؤامرة ودسيسة موتور يحسدك في الخفاء, ويضع علي وجهه قناع القناعة والتعقل والاكتفاء بينما هو بالنسبة لإخوانه المرشد الخفي الكامن في بيته الذي لم يكن يتردد علي المقطم.. الذي يعرفك عن قرب, وقد أمنت له ليطوف ويشوف ويتجول بين كنوزك يستطلع عظمتها وندرتها, فينصح من ليسوا بأهل للخلق والإبداع, ولا تعنيهم كتب ووثائق العلمانيين والماركسيين والناصريين نتاج الستينيات, وما أدراك ما الستينيات!!.. يدلهم علي طريق الثأر المثالي منك الذي يضربك في مقتل, بعدما كشفت عريهم وتنبأت بزوالهم وتهكمت علي رئيسهم فحق عليك الحريق.. يبصرهم بسكة برقاش ليشعلوا الحريق في أعز ما تملك.. في مكتبتك.. وكي لا تشير إليه أصبع اتهام, أو يلعب الفأر في العب, أو يضيق الخناق من حوله يحادثك ذلك المحرض بعد الحادث مباشرة ليبدي لك مدي لهفته وتأثره وأسفه بمفهوم يقتل القتيل ويمشي في جنازته!!.. و..بئس المحرض والجاني!!

و..أذكر سؤالي يوما للأستاذ عن مدي حبه لمصر وهو المشغول بمصر وأحوالها وأبطالها وجيرانها واحتياطي نقدها ومائها وقمحها وسولارها, الغائص في بحور لآلئها, القارئ لحروبها الأربعة فيجيبني: لا يحتاج أي إنسان أن يتحدث عن حبه لوطنه, فهو جزء من كيانه, من وجوده, ويمكن أن أقول: إنني لست متحمسا لنوع الوطنية المسطحة في حب مصر والوفاء لمصر إلي آخره.. حب الوطن ليس بالكـلام واللافتات ولكن بالعمل لناس هذا الوطن, الشعب هو التجسيد الحي للوطن. للأرض, للتراث. للتاريخ.. معيار أن يحب أي إنسان وطنه أن يلتزم بقضايا ناسه وبحياتهم ومستقبلهم.. الوطنية ليست حفل زار أو حلقة ذكر.. إنها العمل والعمل والعمل من أجل الوطن..

وعدت أسأله عن العمل في منصب وزير الإعلام إلي جانب وزير الخارجية في غياب وزيرها محمود رياض في عام 1970 فأجابني: فهمت لماذا تتسابق الناس علي منصب الوزير, لأن هناك مراسم وطقوسا سلطانية, حيث قال لي أحد وكـلاء الوزارة إن هناك أربع سيارات مخصصة للوزير, وهناك موتوسيكل مخصص, ولم أكن أفهم لماذا أربع سيارات, وقلت لهم إن معي سيارة من الأهرام ولا أريد شيئا من سيارات الوزارة, ولكن أول ما دخلت بسيارة الأهرام الوزارة وجدت هناك بابا خاصا للوزير, وأسانسير خاصا للوزير, وحراسا ينبهون إلي مجيئ كحدث خطير, ووجدت أن المكتب كبير والقاعة كبيرة فقررت الجلوس علي الكنبة طيلة وجودي بالوزارة, وحددت اجتماعا يوميا للوزارة يحضره جميع الوكـلاء ورؤساء المؤسسات والمستشارين مع الوزير لنناقش جميع الموضوعات ونبت في كل القضايا ونحن موجودون في حضور جميع الناس, لأنه بهذه الطريقة من الممكن أن تكون السياسة تتابعا, وليس بأن يأتي كل وكيل وزارة بورقة وحده لتتشعب الحلول ويفتقد الترابط في القضايا المطروحة.. وبعد الانتهاء من الاجتماع دخل أحد وكـلاء الوزارة يقول إن هناك مسائل شخصية يريد محادثتي فيها مثل موضوع السيارات التي رفضتها, فقال لي عن راتب الوزير والبدلات فقلت له إنني لن أحصل علي الراتب لأن هناك راتب الأهرام ولا أستطيع الجمع بين راتبين حتي وإن كان القانون الصادر يقول بالجمع, فقال إذا فهناك ما يسمي بالمصاريف السرية, وهي خزانة موجودة بحمام الوزير يتصرف فيها كما يشاء دون حسابات, وأنه استعدادا لحضوري قام أحد وكـلاء الوزارة بالذهاب لمجلس الشعب وحصل علي اعتماد إضافي بـ150 ألف جنيه وضعت في الخزانة وهي موجودة بالحمام وشكلها بالخارج يشبه الثلاجة تماما حتي لا يكتشفها الدخلاء.. وعلي أي حال لقد وافقت علي منصب الوزير ولدي تحفظات, فأنا أعرف أنه لقب فارسي ووظيفته مساعدة كسري وحمل الأثقال عنه, وتحمل عقاب الظروف إذا ما فشل ويمكن الاستغناء عنه فورا بوزير آخر إذا لم يستطع تحمل سوءات الحكم!.

ولا أترك فرصة ألقي فيها أستاذي دون أن أسأله عن حال الصحافة.. فيبدي دهشته لتعاقب رؤساء التحرير في فترات وجيزة: أنا شخصيا مكثت 18 سنة.. الجرنال بالدرجة الأولي مثل الأوركسترا الذي يضم عدة عازفين, لو عزف كل واحد منهم منفردا تبقي فوضي لا تسمع, لهذا ولابد من وجود المايسترو الدائم إلي حد ما.. هناك نوع من الزواج الكاثوليكي لابد وأن يكون بين رئيس التحرير وجرناله, وبين المايسترو والعازفين. في الجرائد الكبيرة مثل (الواشنطن بوست) ليس هناك حاجة اسمها رئيس تحرير يقعد سنة وسنتين ويطلع لأسباب غير منطقية.. هناك معيار واحد لرئيس التحرير هو معدل توزيع جرناله, ومستوي أداء هذا الجرنال..

أستاذي.. سيد الكاريزما من لا يستجدي الأضواء وإنما تختزنه الأضواء.. منين ما يمشي ساحب الضوء وراه, وطول ما هو موجود في المجال يشع دوائر جذب تزداد اتساعا كلما نطق بحرف, وبدون ما يشير لك أحد عليه تعرف أنه في المكان من دوران الرءوس للقطب هناك.. الأستاذ.. طالت غيبتك أو هكذا شعرنا هذه المرة التي افتقدناك فيها بعيدا عن حواراتك مع البارعة لميس الحديدي.. نحن في انتظار عودتك للاحتفال بيوم مولدك بيننا لنطفئ شمعته في 23 سبتمبر القادم علي عجل للجميع من بعد الخمسين.. ورجائي عندما تأتي إلينا أن نؤجل النكد معا. ألا تستحضر برقاش في ذهنك وكأن موعدها معك مؤجل إلي أجل غير مسمي, أو كأنه في الغد وليس اليوم, والغد محجوز للقاء لاجتماع لبرنامج لموعد. للجلوس إلي رفيقة العمر الحنون, لسماع ترانيم الأحفاد هدايت ومحمد وتيمور ونادية ومنصور ورشيد وعلي.. استعوض اللـه خيرا فيما ذهب وتأسي بما فقدته مصرنا الأم من خيرة أبنائها الشهداء, وبحقنا عليك.. بحق كل من يتلمس كلمتك ورأيك وعلمك وثقافاتك ودوائر اطلاعك إنس. تناسي. امسح من فوق شاشة الذكري ما يقلب الأوجاع.. غير مقصدك حتي لا تفتقد مشاهد الطريق إليها.. لا تأت علي ذكرها.. اغلق نافذتها.. أوصد باب صهدها.. ارجع إلينا بغيرها فلم يئن الأوان للفارس أن يترجل من فوق حصانه, وما لألسنة النار أن تعترض سبيله.. احجز علي الفور مقعدك علي طائرة العودة فلم يقل التاريخ سطوره الأخيرة في العديد من قضايانا المفتوحة, والتاريخ قد أعطاك مفتاحه واستأذن في الانصراف موقنا أن في الجعبة حارسا فذا.. لم تطو ألسنة التساؤل في حقائب الوداع بعد, ولم تبرأ ساحة الشك بعد, ولم يفرج عن ساحة الحق بعد, ولا ذكرت بعد محاسن موتانا, ولا كتب دستورنا ولا انتخب رئيسنا ولا أغلق صندوقنا, ولا دكت في سيناء جميع المعابر, ولا سلسلت جميع الشياطين, ولا قلنا كلمتنا الأخيرة في سد النهضة, ولا سيرت القطارات, ولا استقرت مقاليد الصحافة, ولا ذهبت الجامعة لأبنائها بقوة القانون, ولا نفذنا مشروع القناة خاليا من الأردان, ولا أقصي الإخوان من وظائف الاحتلال, ولا مشي السائح في كرداسة, ولا كفت أقلام الوقيعة عن التنكر, ولا سكت الذين ينادون بالمصالحة مع من دججوا الخصام بالمولوتوف والعربات المفخخة والقنابل الموقوتة, ولا نفذت الأحكام, ولا حلت جماعة الإخوان, ولم تكن مذكرات البعض إلا استشهادا بساكني القبور.. لا يا سيدي ليس إقلاقا لراحتك أن نطلب منك ألا ترتاح حتي ولو أردت راحة.. لا.. لا.. بالفم المليان فإن في الليلة الظلماء يفتقد البدر.. لا.. لست كأي واحد فينا يستسلم للحزن فيتركنا ويروح لحاله.. لا.. لست نجما علي المسرح أنهيت دورك وأسدل الستار, فأنت النجم الدائم علي مسرح حياتنا, والجالس إلي جوارنا في اللوج والبلكون والصالة والترسو.. أنت ثروة قومية ندعو اللـه ألا يؤثر علي عدستها الحريق.. أنت تنطق وتمنطق تاريخ مصر وصفحاته القادمة يا سيدي يتم كتابتها اليوم وغدا.. نريد سماع رأيك.. قدرك أن تكون حاضرا جميع قضايانا المصيرية حتي ولو نالتك النار. مصرنا في حاجة إليك لأنك الأكثر فهما لألغاز الألوان في قوس قزح الواقع المصري والعربي والشرق أوسطي والأوبامي والأردوغلي.. الأوراق لم توقع بعد حول ثورة مصر التاريخية وجيش مصر الباسل ومعاركه الضارية.. هيكل المعارف ينضو عنه ثوب الاستسلام.. حسنين البريق موقعه قارئا وكاتبا ومحللا.. محمد الحضور المكثف عطره الحبر ودماؤه نبض الكلمات.. الجرنالجي قدرته وضع جميع النقاط علي الحروف.. الأستاذ بصيرته تنفذ إلي ما وراء الجدار.. العملاق مصطلحاته أجرومية جديدة في اللغة.. نجم الحوار مهاراته سد جميع ثغرات الحوار.. السياسي المخضرم يستقرئ الأبعاد في الأرض والبحر والجو.. صديق الملك والرئيس والزعيم والصحفي تحت التمرين والجنايني والسائق.. المتذوق فنا وأدبا وشعرا.. ضيف الافتتاح وليس الختام..

أستاذي.. لقد جاء علي لسانك يوما قولك: لا أريد حجة تمنعني أو تعطلني عن أداء واجبي تجاه الكلمة.. اليوم نحن نعيد كلماتك علي مسامعك.. لا نريد لألسنة النار انعكاسا علي بحور عطائك, ولتذهب النار إلي الجحيم, ولتبق لنا جذوة شعلتك منارة الاستنارة.. ولتكن حرائق برقاش بردا وسلاما علي محمد بن حسنين..

الاهرام 14/9/2013

تمكنت اجهزة الأمن بالجيزة من القبض علي مرتكبي واقعة اشعال النيران بفيلا الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل والاستيلاء منها علي عدد من الوثائق التاريخية وحرقها وحرق نقطة شرطة المنصورية خلال الاحداث التي شهدتها البلاد عقب احداث فض اعتصامي رابعة والنهضة وامر اللواء كمال الدالي مساعد وزير الداخلية لقطاع أمن الجيزة بإحالتهما إلي النيابة‏.‏

وكان اللواء محمد الشرقاوي مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة قد شكل فريق بحث لسرعة القبض علي المتهمين بالتعدي علي فيلا الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل ونقطة شرطة المريوطية عقب احداث فض الاعتصامات حيث تمكن رجال الأمن بإشراف اللواء محمد فاروق نائب مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة من تحديد المتهمين ومن خلال عدد من الاكمنة التي اشرف عليها اللواء مجدي عبدالعال مدير المباحث الجنائية تم القبض عليهما وذلك بعد تبادل اطلاق الرصاص مع رجال الأمن وامام العميد مصطفي عصام رئيس مجموعة الأمن العام بالجيزة.

اعترف المتهم عبدالرازق جمال23 سنة ـ قهوجي بأنه قرر بالاشتراك مع آخرين اضرام النيران بنقطة شرطة المنصورية وسرقة محتوياتها كما قام المتهم وآخرون بسرقة محتويات الفيلا ملك الكاتب محمد حسنين هيكل وعثر بحوزة المتهم علي شارتين عسكريتين برتبة نقيب وعلبتي سيجار خشبيتين ومطواة وتبين من التحريات ان المتهم محكوم عليه وهارب من5 قضايا.

واعترف المتهم تفصيليا بالاشتراك مع المدعو محمد عبدالفتاح عبدالمحسن احمد بسرقة الفيلا ويكثف رجال الأمن تحقيقاتهم لضبط الوثائق التاريخية والمقتنيات الاثرية التي استوليا عليها من مكتبة الكاتب الصحفي وتمت احالتهما إلي النيابة التي تولت التحقيق.