حكومتنا تبي تبني 150 مصنع كيماوي في الجهراء..

حكومتنا تبي تبني 150 مصنع كيماوي

في الجهراء..

عثمان أيت مهدي

استوقفتني هذه الكلمات الكاريكاتورية في جريدة "عالم اليوم" الكويتية، بتاريخ، الأحد 08 سبتمبر 2013، المعبرة عن حال الأمة العربية في ظل أنظمة فاسدة، طاغية، لا يردعها رادع إذا تعلق الأمر بالدفاع عن الدولة التي تعتقد أنها ملك لها.

(أمريكا تبي تضرب سوريا

بسبب الكيماوي، وحكومتنا تبي تبني 150 مصنع كيماوي في الجهراء..

ومنا إلى أوباما..)

قد تعجز مقالات كثيرة عن التعبير الجميل لفكرة لا تحتاج أكثر من بعض كلمات لتوصيل الرسالة إلى القارئ وتحمله بأحاسيسه وخياله إلى عوالم من الصور والمعاني التي تتدفق من الفكرة الأم. وهذا ما وقع لي وأنا أتصفح هذه الجريدة، متوقفا عند هذه العبارات المشحونة بكثير من الأحاسيس.

جاء في موقع ويكيبيديا أنّ لودفيج شقيق ألفرد نوبل مخترع الديناميت، توفي أثناء زيارته لمدينة كان، فقامت صحيفة فرنسية بنعي لألفرد نوبل عن طرق الخطأ، وجاء في كلمة النعي: "تاجر الموت ميّت" وأضافت الصحيفة الفرنسية: "الدكتور ألفرد نوبل، الذي أصبح غنيا من خلال إيجاد طرق لقتل المزيد من الناس، أسرع من أي وقت مضى، توفي بالأمس".

شعر نوبل بخيبة أمل مما قرأه وارتابه القلق بشأن ذكراه بعد موته وماذا سيقوله الناس عنه وعن اختراعه. في 27 نوفمبر 1895، وقّع نوبل وصيته الأخيرة لدى النادي السويدي النرويجي في باريس، مكرسا الجزء الأكبر من تركته لتأسيس جوائز نوبل التي تمنح سنويا دون تمييز لجنسية الفائز.

هذه قصة عن عالم ساهم بجهده وعلمه في تطور الحياة وازدهارها، بالرغم من أنّ الديناميت سلاح ذو حدين، يستعمل في الحروب لإبادة الناس وخراب العمران، كما يستعمل في السلم لشق الطرقات عبر الجبال الصعبة، وتفتيت الصخور وصيد الأسماك.. إلا أنّ عالمنا، تبرأة لذمته، ومحوا لكل تقويل وتشكيك في نواياه أسس جائزة علمية باسمه، تمنح لكل عالم ساهم بقسط من علمه من أجل خدمة الحياة والإنسانية.

قد يكون كذلك مخترعو الغازات السامة والقنبلة النووية والقنابل الفتاكة والمبيدة للبشرية، قد يكون اختراعهم دفاعا عن الأوطان، قد يكون إحلالا للسلم، كما فعلت الولايات المتحدة بنكازاكي وهيروشيما، قد يكون تأديبا لطاغية مستهتر بشعبه.. لكن، لا يتبادر إلا ذهني أبدا أنّ مخترع هذه القنابل كان يفكر في قتل شعبه أو أمته، أو صنعها إرضاء لرئيسه المستبد.

ورغم ذلك، فعلها صدام حسين ضد شعبه، وفعلها بشار الأسد ضد شعبه، ولا أتمنى أن يفعلها رئيس عربي آخر ضد شعبه، وإلا ستتألم أرواح هؤلاء العلماء جراء ما يقترفه هؤلاء المجانين، وتتحمل وزر ما اخترعته خدمة للبشرية.  

ثمّ ماذا لو وقعت القنبلة النووية في يد أحد رؤساء العرب؟ هل يفجرها على شعبه؟ أم يتخذها درعا واقيا من كلّ هجوم محتمل من دولة أخرى؟ وبذلك يتسنى له العبث بشعبه كما يشاء، ومتى يشاء، وكيفما يشاء.

ألد أعدائنا في الماضي والحاضر، هم اليهود، لم يفكروا يوما باستعمال أدواتهم الفتاكة لإبادتنا، ويفعلها ذوو القربى ممزوجة بحقد غريب؟ لمَ هذا الحقد الدفين من أنظمتنا البائسة، الضالة؟ لمَ هذا السلوك الجنوني اتجاه شعوبها؟ لم يفعلها ديكتاتوري في العالم من قبل. كان ستالين يملك ما يبيد به جزءا من العالم ولم يفعلها، أطلق جون بيدل بوكاسا على نفسه تسمية الإمبراطور على جمهورية إفريقيا الوسطى سنة 1976، ولم يفعلها عند سقوطه، وقام أوغستو بينوشي بانقلاب على سالفادور أليندي سنة 1973، ولم يفعلها بينوشي، وقائمة الديكتاتوريين في العالم طويلة، لكن، لم يجرؤ أحدهم على إبادة شعبه إلا الرؤساء العرب أصحاب الفخامة والزعامة والحكمة.

اللهمّ اضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين.