لنتعلم من عنترة..!!

هنادي نصر الله

[email protected]

عندما لا يروق لأبي أن يسمعَ موقفي، يسخرُ مني ويقولُ لأخوتي مازحًا" شوفوا عنترة"...

يتهمني أبي دومًا بأنني أقول كلامًا أكبر مني، اتهامُ أبي أحبه ؛ فهو يراني " صغيرة" لكنني في الواقع" كبيرة" وإن كانت ملامحي طفولية، أو بالأحرى أنتمي إلى الفئة" القصيرة" في طولها...

شكرًا أبي.. لأنني" عنترة" اتهامٌ جميلٌ فعنترة قاوم الجاهلية وكان من أشد المتمردين على الظلم، كان يكره كل التعامل الفوقي والقبلي والطبقي معه، عنترة كان سيد قومه، فهو من ردّ كيد الأعداء عنهم، وهو من عفَ عن استلام غنيمته، فعند تقسيم الغنائم كان ينشد متباهيًا" وأعفُ عند المغنم"...

كم أتمنى يا أبي أن يكون كل رجال قومي مثل عنترة، يملكون الشهامةَ ويبذلون أنفسهم لأجلِ إرضاءِ محبيهم؛ لا يخونوهم، ولا يخذلوهم..

أكادُ أغبط " عبلة" على عنترة؛ فقد كان مخلصًا لها؛ رغم تلاعبها في مشاعره كثيرًا، وعشقها لتغزله فيها عبر شعره ، حتى وقت الحروب اشتداد معاركه مع أعداءِ قومها كان يذكرها، ألم يقل لها معترفًا" ولقد ذكرتك والسيوف نواهل، ورماح الهند تقطر من دمي؛ فوددتُ تقبيل السيوف لأنها لمعتْ كبارق ثغرك المتبسم"...

حتى عندما تركتْ ديارها في عبس، ورحلتْ مع قومها، جاء عنترة يرثي ديارها  ويقول لها" يا دار عبلة بالجواء تكلمي، وعمي صباحًا دار عبلة واسلمي، حييتِ من طلل تقادم عهده، أقوى وأقفر بعد أم الهيثم، كيف المزار وقد تربع أهلها بعنزتين وأهلنا بالغليم"...

يقولون بأن شخصية " عنترة" الساحرة في نظري؛ ستبقى روايةً نتلذذ بسماعها؛ لكنني أقول بثقةٍ جميلة وعالية؛ بأن كل رجلٍ مرشح لأن يكون " عنترة المتمرد" وفي ذات الوقت الحنون والطيب؛ معادلةٌ إنسانيةٌ تقتضي من الرجال أن يتعلموا كيف يجمعون بمهنيةٍ وصدقٍ بين الرجولة وما تقتضيه من خشونة، وبين الإنسانية وما تقتضيه من شاعرية..

ذلك لا يعني أن يُجيدوا " التلاعب" في عقول الفتيات من حولهم، بل أن يعيشوا في حدود الحلال ووفق تعاليم الشريعة السمحاء، التي كفلتْ لهم الغزل العفيف والصريح الذي يجب آلا يتجاوز الحدود، وإلا وقعوا في المحظور..

سأبقى أقول" أحبُ عنترة وشخصيته وأسلوبه الحازم واللين في التعامل مع قومه ومحبوبته"...