غدًا عَدُّا وعَدَدًا

مصطفى منيغ

المعدن الأصيل لن يخذلَكَ إن احتجتَ لمردوديته يوما ، مهما اعتلاه الغبار وطواه النسيان لن يفقد بريقه إن مَدَدْتَ له يدك مبديا نحوه اهتماما ، يُعَانِدُ الزمانَ مُسْعِفا مَنْ صَرَفَ عليه مُدَّخراته تحسبا لصُرُوفِ الدهر المجهول أوانها تماما. أما المزوِّرُ فاقرأ عليه سلاما ، فما قاوم المُقَلِّدُ المغشوشُ حرارةَ التقييمِ الحقيقي النزيه  ولا عن ذوبانه لخصاص معروف في مقوماته كان مُدَانا مُلاما . الأصيل يبقى كالأصل ، عن حرمته لا يتنصل ، وعن تركيباته الطبيعية ما انفصل ، غالي الثمن عالي الحظوة شامخ السمو في السفح أو على قمة جبل ، أن تُغَيِّرَ ما حولك هشا  فهذا جائز أما أن تفكر في الأصيل من هكذا زاوية فأنت تمازح أمرا يسمى المحال ، فالأفضل بقاؤك على نفس الحال ، تاركا التقدم للأمام ، المُجْدي لمن فكروا عكسك في خير مآل،  مفعم بالكرامة والإجابة برجولة وشرف عن كل سؤال : أكان بشار الأسد مرغما على دك سوريا بالمنجنيق المسموم مدعيا أنها ليست كذلك ولا بالصواريخ المحملة بالرؤوس المحرمة ، بل مجرد نبال ، ليتمسك بالحكم على شعب عاشق للحرية مع تعاقب الأجيال ؟.

 بشار الأسد هَرَّب عياله لمكان ما في إيران، وروسيا تهجر المنتسبين إليها قانونا صوب وطنهم الحقيقي، وما بقي في"ّدمشق" المنكوبة يتزاحم للحصول على الخبز وباقي المؤن ، ممن صدقوا خزعبلات أنه لا زال قادرا على صد أي هجوم عليه مهما كان مصدره الجن ، بل والخروج منتصرا انتصار العصر ، وأنه الرئيس الذي عجز الشرق والغرب تكسير كلامه بالأحرى إيقاف أفعاله المعادية للإنسانية جمعاء وليس السوريين وحدهم ، قد تكون تصريحات رئيس الحكومة البريطانية وهو يخاطب مجلس العموم البريطاني الذي صوت ضد مشروع الهجوم على النظام السوري بفارق أصوات لا تصل إلى عشرة ، شكل الحزب العمالي المعارض لحكومة كامرون الأغلبية فيها لأسباب سياسية ؟، أو يكون قد عمل بتقرير ممثله في الأمم المتحدة بشار الجعفري الملخص الأمور وهي سائرة كما أرادت سوريا النظام أن تسير ، أو آخذاً بسطحية جمل بعينيها فاه بها الرئيس أوباها لوسائل الإعلام الأمريكية ، بأن جميع الاختيارات متاحة أمامه وإن كان يفضل الحلول السياسية ، أو تمعن حسب عقله المتوسط الفهم فيما خاطب به الرئيس الفرنسي رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض ؟؟؟، قد تكون تلك الأشياء حمست "بشار" لينتفخ انتفاخ "الطاؤوس" جلبا لشعور الغير ببريق ألوان مناوراته ، لكن الواقع واقع بما وقع وقع كتوطئة لما سيقع . فعلى "بشار" أن يدرك إن كانت في مخه بقية ما يستعين بها على الإدراك ، أن الرئيس "بوتين" مشغول بالنكبة الطبيعية التي أصابت أقصى شرق روسيا حيث غمرت المياه دور مواطنيه الذين أصبح حالهم يستدعي جلب كل أشكال المساعدة ، والأكثر من ذلك (من حيث الأهمية) الإنهاء المفاجئ للجنة الأمم المتحدة المكلفة بالتحقيق في المجزرة التي ذهب ضحيتها مئات الأطفال والنساء من السوريين الأبرياء بسبب تعرضهم لسلاح كيماوي خطير ومحرم دوليا لتُنسب الجريمة لمرتكبيها الحقيقيين ، ومجرد الوقوف على الحدث والتعرف على مقاطعة الأمين العام للأمم المتحدة سفره والعودة باستعجال إلى نيويورك ، يتوصل أي محلل متتبع القضية عن قرب أن أمرا من أمرين حصل ، أحدهما الحصول على ما يكفي من أدلة لإدانة مرتكبي تلك الجريمة النكراء وملاحقتهم قانونا ، أما الأمر الثاني فمتعلق بإبعاد أفراد تلك اللجنة من مخاطر الضربة الموجهة للنظام السوري الوشيكة الوقوع المقررة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائهم دون الرجوع لما قد تسفر عليه تحقيقات اللجنة المذكورة . لذا الأمر محسوم في كلا الحالتين أن بشار الأسد (و جنده أو ما تبقى منهم على وجه التحديد) قد انتهى ، وتبقى سوريا حرة أبية كريمة موحدة ، يقودها شعبها المجاهد الطيب الأصيل بما يريد من أبنائه البررة ، إن شاء العلي القدير الحي القيوم ذو الجلال والإكرام.