إنا من المجرمين منتقمون

خالد العمايرة

لا شك أن إطلاق وصف "مجرمين" على مؤيدي الانقلاب الدموي في مصر له ما يبرره بكل المقاييس. فعصابة السيسي ولغت في دماء المصريين كما لم تفعل إسرائيل في صراعها الطويل مع العرب والفلسطينيين والمستمر منذ عقود.

  نعم إسرائيل هي عدونا الأول وقد ارتكبت من الجرائم ما لا يعد ولا يحصى. لكنها  عدو ولا يمكن مقارنة ما يفعله العدو بما تفعله" الجيوش الوطنية" ضد شعوبها, تلك الجيوش  التي من المفترض أن تحمي مواطنيها  لا أن تقتلهم في الشوارع وتحرق جثثهم وتحشرهم مكدسين في سيارات فولاذية  محكمة الإغلاق في درجات حرارة تقارب درجة الغليان وبعد ذاك تقوم بقتلهم بصورة  بشعة  أثناء نقلهم إلى معسكرات الاعتقال إما برشهم بالرصاص او بالغاز الخانق أو بتركهم يلقون مصيرهم المحتوم اختناقا.

 إننا بالطبع نتحدث عن  مواطنين شرفاء  "جريمتهم" الوحيدة هي مشاركتهم في احتجاجات سلمية ضد انقلاب دموي مجرم اغتصب إرادة الأمة وسحقها تحت جنازير الدبابات.

هل ارتكبت إسرائيل مثل هذه الجرائم؟ ليس لدي أية  نية  لكيل المديح لإسرائيل فلطالما ولغت  إسرائيل  في دمائنا وما زالت تفعل ذلك كل يوم . لقد نال الإجرام الإسرائيلي من عائلتي بصورة مباشرة حين  أقدم جيش الاحتلال عام 1953 على إبادتها  بصورة شبه  كاملة  حيث قتلوا أعمامي  الثلاثة يوسف ومحمود وحسين في يوم واحد مما تسبب للعائلة- او ما تبقى منها- بكوارث ومصائب لا يعلمها إلا الله.

لكن ما فعلته وما تفعله إسرائيل يجب أن لا يعمي أبصارنا  أو  يحر ف انتباهنا عن الجرائم الهتلرية التي تقوم بها عصابة السيسي ضد أبناء الشعب المصري هذه الأيام.

لقد احتاج هتلر إلى عشر سنوات للبدء في حرق الآدميين  في معسكرات التصفية وهم  أحياء لكن السيسي بدأ يفعل ما فعله هتلر بعد أسبوعين فقط من انقلابه الدموي على الشرعية في مصر.

 جرائم عصابة السيسي لا يمكن إلا  أن نضعها في إطار الجرائم الكبيرة ضد الإنسانية مثل مجازر الغولاغ  في أوكرانيا في الثلاثينيات من القرض الماضي وجرائم النازية خلال الحرب العالمية الثانية وجرائم التطهير العرقي في البوسنة (مذبحة سيبرنيتسا- صيف عام   1996. 

 صحيح أن عدد القتلى في مصر لا يقارن بأعداد الضحايا في تلك المجازر الرهيبة. لكن العقلية الإجرامية واحدة في كلتا الحالتين, ولهذا السبب نرى أن  القرآن جعل جريمة قتل نفس بشرية واحدة تعادل في بعدها الأخلاقي والمعنوي قتل الناس جميعا. قال تعالى: مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا.

نازيون بامتياز

إن الأشخاص والدول والأحزاب والحركات  التي أيدت جرائم السيسي أو غضت  الطرف  عنها بسبب مصالح سياسية ضيقة أو حقد دفين على بعض الحركات الإسلامية مثل حماس والإخوان المسلمين – إن هذه الكيانات  لا يمكن أن يكون لها نصيب في الإسلام والإيمان و حتى في الإنسانية. قال تعالى ومن يتولهم منكم فإنه منهم. فنحن لا نتحدث عن فئتين من المسلمين اقتتلا بل كما  يفكر بعض الناس....بل نتحدث عن  فئة  مؤمنة وأخرى كافرة او منافقة على الأقل  تكره الإسلام  وأهله وترفض الدين وتسمي تطبيق شرع الله "أخونة".

وعلى اقل تقدير فإن فئة السيسي هي فئة ظالمة مجرمة قاتلة  تقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وتكذب مثلما تتنفس.

نعم هناك من أيد ويؤيد عصابة السيسي  جهلا منه بالدين  أو بسبب التربية  الإنسانية المنحطة التي  تلقوها أو بسبب تأثرهم المفرط  بوسائل إعلام  تمتهن الكذب وتقوم بشيطنة وتشويه كل من  يقول "لا إله إلا الله." ولكن في المقابل هناك كثير من مؤيدي الانقلاب ممن يسري الإجرام في عروقهم سريان الدم وهم لن يتورعوا عن مناصرة الظالمين المجرمين حتى لو وصل عدد ضحاياهم الملايين.

إن الذي يناصر أو يغض الطرف عن الإجرام المنظم الذي يحدث في مصر أمام أعيننا,  سواء كانوا أفرادا أم دولا أم أحزابا سياسية,  إنما هم يجردون أنفسهم في واقع الأمر من الأخلاق والإنسانية. إنهم باختصار نازيون بامتياز لأن كل من  يفكر مثل النازيين ويؤمن بما آمن به النازيون ويفعل أفعال النازيين هو نازي حقيقي حتى لو تسمى بأسماء العروبة والإسلام وصلى وصام وزعم انه مسلم.

 لقد كان المنافقون أيام الرسول يصلون ويصومون ويزعمون الإسلام لكن الله وصفهم بالكفر في قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تكون كالذين كفروا وقال لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو  كانوا غزا لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا...إلى آخر الأية في سورة آل عمران.

فالذي يوالي الحكام   المجرمين الذين يسفكون دماء شعوبهم  هو منافق او كافر بامتياز إذ يستحيل اجتماع الكفر والإيمان في قلب رجل واحد.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من  أعان على ( سفك)  دم امرئ مسلم ولو بشطر كلمة كتب بين عينيه يوم القيامة : آيس من رحمة الله, فكيف بمن  يدفع بلايين الدولارات لتمويل أعمال القتل في بلاد الكنانة وكيف بمن يقوم على تلكم الماكبنات الدعائية الضخمة التي تقلب الحق باطلا وتقلب الباطل حقا و والأسود ابيضا والأبيض اسودا. ألا لعنة الله على الكاذبين المجرمين.

لقد كشفت أحداث مصر عن معادن الناس فأظهرت أهل المبادئ على حقيقتهم وأظهرت أهل النفاق والضلال على حقيقتهم تماما كما فضحت سورة التوبة المنافقين أيام النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

تعم لقد فضحت أحداث مصر بعض الممالك والبلدان التي  تدعي الإسلام لكنها غارقة في النفاق والرياء  والعداء للإسلام إلى أذانها  وإلا فما معنى أن تقف دولة مثل المملكة السعودية في خندق واحد مع  الحاقدين من أعداء الإسلام الذين ينادون  في الفضائيات والساحات جهارا نهارا   أن مصر علمانية وليست إسلامية؟ وكيف تقف دولة تدعي الإسلام وتدعي تطبيق الشريعة مع من يحرقون المساجد ويقتلون الأبرياء بالآلاف ويهتفون في الميادين "لا إسلام بعد اليوم"؟ كيف لدولة تدعي الإسلام  أن تقف في خندق واحد مع سلطة  انقلاب دموي خائنة لله والرسول والإسلام- سلطة  أنها ستسمح فقط  للأحزاب السياسية القائمة على الماركسية البينينية بالعمل بينما ستقوم بتجريم أية أحزاب تستلهم مبادئ الإسلام؟

لا جرم أن مثل هذه الممالك منافقة بامتياز  لأن  أفعالها القبيحة تخالف أقوالها.

إن حكومات السعودية والإمارات والكويت تنفق أموالها لتصد عن سبيل الله  انتصارا  للعلمانيين الحاقدين على الإسلام وأهله الذين يكرهون الإسلام بل ويشاركون في أفعال الإبادة الجماعية  ضد المتظاهرين السلميين  في شوارع وميادين مصر.  إننا نسأل حكام تلك البلدان وشيوخها وأمراءها: هل منحكم الله هذه الثورات وتلك الإمكانيات  للصد عن سبيل الله ومحاربة الإسلام والمسلمين؟

قال تعالى:  

 إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون.  ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون .