كاورلي..مدينة همنغواي عبر النهر نحو الأشجار

كاظم فنجان الحمامي

وبندقية صغيرة في البحر الأدرياتيكي

بدل رفو المزوري

[email protected]

إيطاليا\كاورلي

كاورلي...قرية الصيادين عبر التاريخ ومدينة السحر والرومانسية الصغيرة في إقليم(فينيسيا)الإيطالي، بالرغم من أن عدد ساكنة المدينة لا يتجاوز 13 ألف نسمة إلا أنها تعد أكثر شهرة عند الأوربيين حيث تكثر فيها النشاطات والفعاليات الفنية والثقافية والترفيهية وتقع على مساحة قدرها 151 كيلومترا مربعا وتعد أكبر مدينة صغيرة سياحية في منطقة الشمال الإيطالي تقع على نهر(ليفينسا)الذي يصب في البحر الأدرياتيكي مباشرة.

مدينة كاورلي كانت قرية صغيرة للصيادين عبر تاريخها الرومانسي الجميل وواحدة من أجمل المنتجعات على ساحل البحر الأدرياتيكي، وقد تمكنت من الحفاظ على سحرها وألقها وجمالها عبر التاريخ كما حافظت الكاتدرائية والميناء القديم على أصالتهم ولم يتعرضا للتغير جراء الحروب والزمن، والصورة الجميلة القديمة للميناء وقوارب الصيد وشبكات الصيادين وعلامات التعب والإرهاق مازالت تغزو وجوه الصيادين وكأنهم من العصور المنصرمة .

تتميز المدينة القديمة بالأزقة الضيقة المتعرجة والتي تشبه إلى حد كبير أزقة الجبل الأسود وصقلية وقد كانت تسمى بقوة بالبندقية الصغيرة لما كان للبندقية من تأثير كبير عليها من حيث الفن الفينسياوي، من أجراس الأبراج أما الألوان الزاهية للدور فلها مواصفات طابع جزيرة (بورانو) التي انعكست على جمالية الدور.

كنيسة (مادونا دون أنجيلو) تقع على شاطئ البحر الممتلئ بالزوار، أما كاتدرائية المدينة فقد شيدت قبل قرن من الزمن ولها بصمة في فن العمارة والتقنية الفنية .

شواطئ الأدرياتيكي لها مكانة كبيرة عند السواح لأنها نظيفة والاعتناء بها لا يتوقف، وعلى هذه الشواطئ تقع المدينة الرومانسية كاورلي التي كتب فيها الروائي الإنساني الكبير (أرنست همنغواي) روايته الشهيرة(عبر النهر نحو الاشجار) وهو يرصد فيها الوجع الإنساني بواقعيته وقد طبعت الرواية عام 1982 من ترجمة الأستاذ منير بعلبكي. همنغواي كان يترك بصمة في كل مدينة وجزيرة عاش فيها وسبق أن زرت مقاه في البندقية وكرواتيا كان يتردد عليها ويكتب أعماله فيها واتضح لي بان داره في كاورلي غير مأهولة، لقد وجد همنغواي سعادته وإلهامه ووجعه النفسي في هذه المدينة وعلى شواطئ بحرها الهادئ.

كاورلي كانت حاضرة بقوة في أعمال سينمائية كثيرة وبالأخص في السينما الألمانية لأنها تتخذ من المدن الجميلة والجزر مكانا لأعمالها.

سياحة جميلة في المدينة القديمة والمشهورة جدا بالخبز المحلى بالسكر وكما نسميه بالكردية(بالولكا شه كرى) وسحر الألوان يسيل من جدرانها الملونة وأبوابها ورومانسيتها الجارفة من نوافذها، تتراكم الهوايات والمشاعر والتمتع وأحاسيس الحياة وعاطفة بين اسوار المدينة القديمة التي تستقبل زوارا يفوق عددهم بكثير عدد ساكنتها على طول أيام السنة .

في هذه المدينة كثرت المسابقات الغريبة ومن عجائب المسابقات كانت عام 2009 مسابقة الشواء على النار في الهواء الطلق ووقتها اشتركت 80 دولة في مسابقات الشواء للحصول على لقب أفضل وأحسن طباخ في الشواء وحضر المسابقة أكثر من 30 ألف متفرج والمنافسة كانت بين 130 منافساً للفوز بلقب افضل طباخ في العالم.

في السنوات الأخيرة ونتيجة تزايد أفواج السواح عليها تم تشييد مجمعات سكنية للزوار القادمين من اوربا والعالم وبمواصفات سكنية راقية نظراً لعدم سعة الفنادق المتوجدة في المدينة واما الشواطئ لها جمالية ورومانسية وقد تم بناء أماكن ترفيهية للاطفال .

لقد كانت المدينة مشهورة بإقامة المهرجانات الموسيقية والاحتفالات والكرنفالات وكان يقام الكرنفال الشهير ولكنه انقطع وبعد مرور 25 عاما يعاد ثانية بحلة جديدة عام 2008 ويضم مجاميعا موسيقية راقصة وفرقاً إيطالية ويكون للمتطوعين المكانة الكبرى في اقامة الكرنفال.

سياحة في كاورلي تعد سياحة رائعة واستثنائية بين الحاضر والقديم، بين الحداثة والكلاسيك، بين أزقة ضيقة متعرجة وساحات كبيرة، كاتدرائية قديمة وشواطئ رومانسية، بين حرارة الشمس ورمال البحر والتاريخ والثقافة والتقاليد.

علامة فارقة متميزة في المدينة وهي البرج المائل للكاتدرائية وكأنه برج بيزا الشهير وحتى الصخور المتراكمة على شواطئ البحر غدت تماثيلا بيد النحاتين وإبداعاتهم وهناك يجعلون الصخر ناطقا من خلال الوجوه الجميلة للمنحوتات...من الصخور تنبثق الحياة ومن المكان الروح ومن كاورلي رومانسية البحر للشعراء والأدباء والفنانين وكان همنغواي على حق حين ابدع في عمله الإنساني عبر النهر نحو الأشجار واقولها عبر كاورلي نحو الانسجام مع الروح والتاريخ والجمال.

الصور بعدسة الكاتب