بكل براءة: فلسطين تتحرر !

سهيل مناصر

[email protected]

من المسلمات أنه كوني جزائري الأصل و الجنسية، أنني حتما فلسطيني القلب والروح... ومع فلسطين ظالمة أو مظلومة.

كيف لا وقد رضعت فلسطين منذ نعومة أظافري.. ففلسطين القضية شيء من المبادئ الإنسانية المقدسة وهي أسمى من أن تكون قضية للمناصرة و المساندة بل هي قضية مبدأ شرف عظيم وجليل عظمة أقصانا وقدسنا الذين ابكيهما بين ثنايا كلماتي هذه.. ليس جبنا ولا خوفا إنما فرحة في أفق فجر قريب..

ألمحه ها هناك... ففلسطين هي الواجب العظيم الذي يؤديه كل كافة أحرار العالم عبر مر العصور و الحضارات.. وعلى مدى تعاقب الأجيال.

لست أحبذ الكثير من النثر ولكن في بعض الأحيان تغلبني العاطفة فينحرف قلمي ليرسم الكلمات...

ولكن دعوني أكتب فلست أحبذ الكثير من الرسم.

ففي الحياة علينا دائما أن نتبين لحظات الانتصار و الانكسار في مسيرتنا التاريخية، وجميل أيضا ألا نقف مطولا عند محطات انتصارنا فنضيع الوقت لإصلاح انكساراتنا.

فكم أنا سعيد أن فلسطين قد انتصرت يقبلوها عضوا مراقبا بمنظمة الأمم المتحدة وسعيد أيضا لحصلوها على العضوية الكاملة بمنظمة الأمم المتحدة للتربية و العلم و الثقافة "اليونسكو"، وسعيد أيضا لعديد الانتصارات الأخرى.. ولكن هل يكفي هذا؟

إن التخلف وعمق الحفر الظلماء التي تعيش فيها معظم الدول العربية ساهمت بشكل أو بآخر في خذلان القضية الفلسطينية، فهؤلاء العرب لم يستوعبوا بعد دروس التاريخ ولم يتمكنوا يوما من الخروج من تلك القرارات المملة والمألوفة التي كرست ثقافة الكلام بدل الفعل و العمل.

فهؤلاء العرب الذين لم يستطيعوا حتى الآن تشكيل قوة فعلية للضغط على القوى الكبرى لتكون في صف القضية الفلسطينية بدلا من دعمها لتلك الدولة الاستيطانية السخيفة التي سمعت أنها تسمى "إسرائيل".

وقبل أي شيء فإن اكبر جرح للقضية الفلسطينية هو ذاك الشرخ و الانقسام الذي يعرفه المشهد الفلسطيني أو بالأحرى الجسد الفلسطيني... فبين فتح وحماس والجبهة الشعبية... و غيرهم يبقى أن الفلسطيني وكافة أحرار العالم لا يعرفون ولا يؤمنون سوى بأن فلسطين القضية تسمو وتعلو فوق كل المشاكل والخلافات مهما بلغت في سلم مدى جوهرها.

وبكل براءة ففي الجزائر، حينما اختلف أسلافنا وبات الدوران في حلقة مفرغة أخذ الشباب مكانتهم وقرروا قول كلمتهم وقدموا للشعب الجزائري بيان الفاتح من نوفمبر مشروعا وطنيا يوضح أهداف الكفاح و يقدم التصور العام لمستقبل الدولة و الخطوط العريضة لها فالتئم حينها الشعب حول جبهة التحرير الوطني ممثلا شرعيا وحيدا لهم. فأما آن الأوان لفلسطين أن تعرف الخلاص من هذا الشرخ الذي يساهم فيه حتى الأشقاء العرب أنفسهم الذين عليهم أن يتفقوا حول شيء واحد... يعمل عليه الجميع. ولكن أخشى أن تكون مقولة: "اتفق العرب ألا يتفقوا" حقيقة يكرسها العرب.

وأمام كل هذا يبقى أنه من صالح تلك الدولة الوهمية.. التي انتصرت الجزائر لفلسطين بعدم اعترافها بتاتا بهذا الكيان.

وبعيدا عن كل دوغمائية، وبكل براءة، ففي بعض الأحيان يقدم المرء تنازلات  ليس لشيء غير المصلحة العامة والمشتركة... بحيث أن العرب قدموا مبادرة سلام على طبق من ذهب لـ "إسرائيل" هدفها إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليًا على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع إسرائيل،  ولكن وبكل تأكيد رفضت. كيف لا، وهي البنت الصغيرة المدللة.

وعديد المواضيع الأخرى لا يسعني المقام للحديث فيها ناهيك عن فلسطيني الشتات و المهجر وحق العودة الذي لا بديل عنه ولا تنازل عليه مهما كان إلى جانب الأسرى ومسألة تهويد الأقصى. ومن ناحية ما أرجو أن تتدارك يوما ما بريطانيا لتعتذر وتتصالح مع ضميرها من حماقة وعد بلفور المشئوم.

ويبقى فوق كل شيء ضرورة التحام الجسد الفلسطيني وصلابة ومتانة الموقف العربي وفعله بالمقابل.

وسوف لن يتوانى أي جزائري مهما كان في نصرة وأداء واجبه المشروع نحو القضية الفلسطينية، ويبقى أيضا، أن الشغل الشاغل لكل مسلم في القضية الفلسطينية هو "الأقصى المبارك" الذي هو لنا وسيبقى لنا أبد الآبدين وغصبا على المعتدين الآثمين. و اللهم لا علم لي إلا ما علمتني.