تشنيف الآذان من رياض الإيمان

د. محمد الزحيلي

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، المبعوث رحمة العالمين، وصاحب اللسان العربي القويم، وعلى آله وأصحابه الغر الميامين، الذين كانوا خير جيل عرفه التاريخ، وبعد:

فإن الشعر ديوان العرب، وموطن العبر والحكم، ووسيلة البيان والفصاحة، وأسلوب الخطاب والتعبير، ولكنه سلاح ذو حدين، فإنه يستعمل للخير والشر، والصلاح والفساد، والمنافع والأضرار، والعواطف النبيلة أو الهابطة.

فإن كان قائله ملتزماً وصاحب رسالة، ومتربياً على القيم والفضائل، فإنه ينثر الدر، ويعطي الجواهر، ولذلك قيل في الأثر " إنَ من الشعر لحكمة" وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرب لسماع الشعر الصادق النبيل، ويحث شاعر الإسلام حسان بن ثابت رضي الله عنه على قرض الشعر، قائلاً: " قل وروح القدس معك" وكان شعر حسان رضي الله عنه لا يقل عن سيف خالد بن الوليد رضي الله عنه في المعركة، وتهيئة عوامل النصر، ونشر الدعوة، ورفع الروح المعنوية، والحث على القتال والاستبسال والاستشهاد.

وأخونا الحبيب الأستاذ الأديب الأريب أبو محمد، عبد الباقي عبد الباقي من هذا الصنف فقد عرفته منذ أكثر من نصف قرن، ورأيت فيه الشمائل الكريمة، والفضائل الجمة، والالتزام الكامل، والخلق الرفيع، والدماثة الدائمة، والمعاملة السامية، وأنه يحمل هم الأمة، وتخرج من الثانوية الشرعية ليحمل رسالة الإسلام، ويدعو إليها قولاً في حديثه وشعره، وفعلاً في سلوكه ومعاملته.

ولذلك يسعدني ويشرفني أن أقدم لديوانه العاطر " من رياض الإيمان"  الذي جاء تعبيراً صادقاً عن الشمائل السابقة التي كتبها في ديوانه، وتحدث عنها، لتكون الدليل الساطع والرهان الأكيد على صدقة وحسن خلقه، وتدل على مشاعره النبيلة، وأحاسيسه الرقيقة، وعواطفه الصادقة التي يكنها.

-          فهو شاعر الأخوة الصادقة لكل من يعرفه ويتعامل معه في جميع مجالات الحياة.

-          وهو شاعر الصفاء والنقاء الذي ينبع شعره من قلب مخلص وروح عالية.

-          وهو شاعر الأدب الإسلامي  في فكره ومشاعره وطموحه وآلامه وآماله.

-          وهو شاعر الحكمة في عباراته، وجمله، وأطيافه، وخبرته في الحياة.

-          وهو شاعر الوفاء والإخلاص لأهله ومعارفه وزملائه وأصدقائه.

-          وهو شاعر  الأخلاق الفاضلة  التي يدعو إليها، ليكون مذكراً، وناصحاً وداعياً.

-    وهو شاعر  الوطنية، لغرامه بحب الوطن، وخاصة الحب والوفاء لبلدته ديرعطية التي تغنى بها، وغنى لها، وذكر أمجادها، وكتب تاريخها، وأشاد بمآثرها وعلمائها وأعلامها ومثقفيها ورجالاتها، ومدارسها، ومعاهدها، وجلائل أعمالها، وقدم لها خدمات جلى.

-          وهو شاعر الحب لرسول الله عليه السلام، وأهل بيته وآله وأصحابه.

-    وهو شاعر الصبر على الابتلاء والمرض الذي لم يزده إلا إيماناً وعزيمة، ومضاء ومثابرة وتفاؤلاً وابتسامة، وإصراراً على قول الحق ولو كان مراً، دون أن تأخذه في الله لومة لائم.

بارك الله في الأخ الأستاذ عبد الباقي، ونفع الله به، وأمدَّ في عمره، وزاده إيماناً وتقوى وثباتاً، وعبادة واستقامة وصحة وعافية.

ونفع الله القراء الكرام بهذا الديوان الهادف، والسفير الماجد، والمعاني الرقيقة، والعبارات السهلة التي تخاطب الوجدان، وتسري إلى الفؤاد بدون استئذان.

ونسأل الله التوفيق والسداد، والثبات على الإيمان، وحسن الختام.

والحمد لله رب العالمين.